مقالات ودراسات

الناقد البحريني يوسف الحمدان يكتب: محمد الأفخم .. حلم مسرحنا العربي ومشعله الدولي


المسرح نيوز ـ القاهرة| بقلم: يوسف الحمدان

ـ

عندما نطرق أبواب المهندس محمد الأفخم ، سنكون حتما في مهب الطموح والحلم والإنجاز والإبداع ، فهو فسح واسع يتداخل في عوالمه المتقاطعة والمتشابكة ، كل ما من شأنه الإسهام في خلق وعي ثقافي وفني متميز ومغاير ، لا يقف عند حدود إمارة الفجيرة أو الإمارات العربية المتحدة كلها مجتمعة فحسب ، إنما يتمثلها ويتجاوزها إلى ما هو أبعد وأكثر تواشجا مع المنجز الثقافي والإبداعي في خارطتنا الكونية ،

وذلك لكونه أحد أهم من أسهم في نقل الفضاء المسرحي المونودرامي الدولي الأول الذي أقيم في إمارة الفجيرة ، والذي يعتبر هو وصديقه وقرين همه وحلمه في بواكير التجربة الفنان والشاعر محمد سعيد الظنحاني ، إلى أفضية مسرحية عالمية ، لم نكن يوما نتوقع بأن فضاء الممثل الواحد فيها سينال هذا الاهتمام الكبير واللافت من لدن المسرحيين بشكل عام في مختلف الأقطار ، ولم نكن ندرك حينها بأن الفجيرة الشماء ستكون الحضن المسرحي الأول لهذا النوع من فنون المسرح .

إذن هو التحدي الذي جبل عليه المهندس الخلاق محمد الأفخم ، الذي قرأ بحس فطن وبوعي حاذق وبرؤية ثاقبة ، أن المنجز البلدي ، وهو اختصاصه الرئيس ، لا يمكن أن تكتمل أعمدته وتتضح مواقع خارطته المعمارية والجمالية ، دون الفن والثقافة والإبداع ، هذه الضرورات الحيوية التي أصبحت لها مكانة خاصة ومميزة وأثيرة في قرى وبنى الفجيرة التراثية والأثرية ، وفي مسارحها وساحاتها العامة وفي مختلف مرافقها وشواطئها الخلابة ، والتي بسببها استضاءت الحياة في الفجيرة واكتسبت هندستها الروحية الدائبة ، هذه الضرورات أصبحت مشعلا يبزغ من قلب جبالها الشماء ، ويستقطب الداني والقاصي من مختلف بقاع العالم للمشاركة في بهاء ضوئه ونوره .

ويتسامق هذا الحلم في أبهى تجلياته ، عندما أدركت الهيئة الدولية للمسرح ( iti ) أهمية الدور الثقافي الباذخ الذي يضطلع به الأفخم على الصعيد المسرحي الدولي في مجال المونودراما ، فاختارته رئيسا لمجلس إدارتها ، لتتسع معه مساحات التواشج المسرحي العربي الدولي ، ولتصبح الفجيرة بذلك مركزا دوليا مشعا يحتضن كل طموحات وأحلام المسرحيين العرب والأجانب ، ولتتسع معه رقعة المسابقات الدولية للعروض المسرحية وللتأليف المسرحي في مجال المونودراما ، ولتصبح الفجيرة بيئة حيوية للورش المسرحية الدولية ، وداعما رئيسا لكل فعاليات المونودراما في العالم ، ولكل منتج ثقافي مسرحي يعنى بالمونودراما ، سواء كان كتابا أو مشروعا أو ترجمة ، هذا إلى جانب كونها المركز الدولي الذي يتم من خلاله تكريم أهم المبدعين من الممثلين والمخرجين في العالم .

ومنذ تولى الأفخم هذا المنصب الدولي الذي يستحقه بجدارة ، تمكن من أن يصبح حقا سيد المهندسين للثقافة المسرحية الدولية ، إذ ما أكثر الإتفاقيات والمشروعات الدولية التي برزت بشكل جلي ملحوظ إبان توليه رئاسة هذه الهيئة ، وما أكثر اللقاءات والاجتماعات التي تقام في دول عدة في العالم التي يسعى الأفخم من خلالها إلى تدشين رؤى جديدة ومغايرة في حقل فنون الدراما والاحتفالات الفنية والاستعراضية العربية والدولية المصاحبة لها ، وكم يكبر بنا الفخر كخليجيين عندما نرى الأفخم وهو يكرم مجموعة من رؤساء سابقين ومدراء لمراكز الهيئة ؟

إنه فارس زمنه وعصره ، فمنذ أن عرفته في أول مهرجان للمونودراما يقام بالفجيرة ، وهو مسكونا بهم تطويره ونقل تجربته إلى دول أخرى ، كالكويت وتونس وغيرها ، إلى درجة تشعر وكما لو أن الأفخم ، ينام ويصحو على حلم ، أو كما لو أن عينيه لا تعرفان النوم إلا لتستيقظ على حلم يتبناه أهل المسرح والثقافة في حينه .

والأفخم بجانب كونه رئيسا للهيئة الدولية للمسرح ، فهو أيضا رئيسا لرابطة المونودراما (الممثل الواحد) الدولية المنبثقة من منظمة اليونسكو ، وهي عريقة التأسيس والمنشأ والتكوين ، إذ بزغ فجرها إبان الحرب العالمية الثانية عندما وجد الفنانون المسرحيون ضالتهم فيها كهمزة وصل حيوية بينهم وبين الشعوب ضد الحروب والكوارث ، فهو إذن يمسك زمام شأنين مهمين وشائكين ، الشأن الأول إداري والآخر نقابي ذا رسالة إنسانية ، وهما مهمتان لا تمنحان إلا لمن استحقها بكفاءته التي يجمع عليها الكل ، والأفخم هو حقا أهلا لذلك الاستحقاق ، ومنجزاته خير شاهد على ما نذهب إليه .

إن الجهود الكبيرة التي يضطلع بها المهندس الأفخم في مجال المونودراما والثقافة والفنون الدولية ، تجعلنا أكثر حرصا وتمسكا به ، كما تقترح على هيئة الفجيرة للثقافة فارسا أسهم في تعبيد مضمارها الثقافي والفني على الصعيد الدولي ، منذ بزوغ فجر مهرجان المونودراما الدولي فيها ، معضدا برعاية ودعم كريمين من لدن حاكم إمارة الفجيرة عضو المجلس الأعلى بدولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو الشيخ حمد الشرقي حفظه الله ورعاه ..

لذا لنا أن نفخر ونعتز ونتباهى بفارس مثله ، لأنه راسم صوتنا العربي في فضاء المحافل الدولية بامتياز .. فبوركت كل جهوده وخطاه ..


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock