حصريا.. الكاتب الجزائري الكبير عبد الكريم غريبي لـ “المسرح نيوز” نحن في معركة الصراع من أجل الوجود أو الزوال مسرحيا!

المسرح نيوز ـ الجزائر | حاوره :ريان اسماعيل عزيز
ـ
يعتبر الباحث والناقد بكلية الفنون والآداب قسم الفنون بجامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم الأستاذ عبد الكريم غريبي ، من بين اكثر المتتبعين للشأن المسرحي في الجزائر بحيث انه يحاول اكثر من مرة ان يبرهن ان الجزائر موجودة مسرحيا الى ان عدم وجود حراك دائم يجعله يعيش بعض الركود لفترات ، من أهم أعماله التي تم تقديمها على المسرح مسرحية الطريق والكلمة ، لقاء مع ، الحب المفقود
وإلى نص الحوار:
ـ هل ترى اننا وصلنا في الجزائر إلى تكوين مسرح حقيقي ؟
* إن مسألة التكوين المسرحي في الجزائر عرف مرجلتين المرحلة الأولى سنة 1964 ببرج الكيفان وكان تكوينا تأهيليا استعجاليا في إطار منظومة سياسية وثقافية مؤسسة على بيان 1963.
وقد تكفلت به نخبة من العرب والغرب وقدم جيلا من الممثلين والمخرجين صنعوا ربيع المسرح الجزائري وكذلك نخبة من المنشطين الثقافيين الذين قاموا بالإشراف والتسيير للشأن الثقافي والمسرحي. المرحلة الثانية تحول معهد برج الكيفان إلى نوع أخر من التكوين تكفلت به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في إطار اتفاقية مع وزارة الثقافة على أسس بيداغوجية و تعليمية تضمن الحصول على شهادة جامعية .
وعليه عرف المعهد تقلبات وعدم وضوح الرؤية الاستشرافية التي ترتبط بالجانب المهني والجانب النظري وما يتطلبه من الوسائل المادية والبشرية ولتأطيريه وتحديد مجلات الاختصاص مسرح سينما كوريغرافيا….إلخ كما انفتحت الجامعية على الدراسات المسرحية في وهران سنة 1986 وتبعتها العديد من كليات الفنون التي ارتبطت أغلبها بالأدب واللغة دون مراعات للخصوصية الفنية التطبيقية للمسرح وبقيت الدراسة نظرية صرفة من أجل الحصول على الشهادة وليس التكوين من أجل التأهيل المهني لغياب التأطير الخاص.
لذا  يجب إعادة النطر الجذري في مسألة التنوين والفصل بين التكوين النطري والتطبيقي والاعتماد على الخبرات الأجنبية عبر استراتيجية تكوينية وتأهيلية صارمة مع ضبط مستويات التكوين المنفتح على كل الحرف المسرحية الفنية والتقنية حسب المستويات الثلاث: المستوى الأول ليسانس.- المستوى الثاني ماستر.- المستوى الثالث دكتورا.
ـ المسرح الجزائري بين الانتعاش والخمول كيف تراه من وجهة نظرك ككاتب ؟
*عرف المسرح فترة قوية متنوعة الأشكال والمضامين ساهمت فيه نخبة من المثقفين والمسرحيين في إطار منظومة ثقافية شاملة رافقتها الدولة وانخراط النخبة المثقفة بكل مشاربها الإعلامية والإيديولوجية والاجتماعية.
وقد مثل الرعيل الأول من أمثال كاكي ومصطفى كاتب كاتب ياسين وسلمان بن عيسى وبن قطاف وكذلك مسرح الهواة المدرسة الحقيقية لجيل الثمانينات مثل الطيب دهيمي عمر فطموش حسن بوبريوا عثماني مختار والعديد من تجارب نخب مسرح الهواة …غير التسعينات عرفت هزات عنيفة على كل المستويات .
ففي المستوى الثقافي عرفت هذه الفترة ومازالت شرخا وانقطاعا بين هذه الأجيال من ناحية وغياب منظومة شاملة للِشأن الثقافي والمسرحي وغياب التكوين وعدم انخراط النخبة في الفعل الثقافي ، بالإضافة إلى تقهقر التربية والتعليم في كل مستوياته ولقد حاولت الدولة باستدراك الأمر وملآ الفراغ بخلق أليات الإنتاج المسرحي من خلال الدعم والتأسيس والهيكلة وفتح الأبواب للمساهمين حيث عرفت فترة 2000 كما هائلا من الإنتاج المسرحي بمساهمة جيل جديد متعطش لإبراز مواهبه وأفكاره ، بعفوية وفي كثير من الأحيان باندفاع والحاجة إلى الاستفادة من الدعم المادي أوشكل من أشكال التشغيل غير أن التجربة هذه عرفت من ناحية أخرى عشوائية في التسيير تحتاج إلى منظومة مؤطرة ومقاييس واستراتيجية وتقييم وإعادة نظر في آليات التكوين والإنتاج والتوزيع والدعم والنقد والأرشفة والإعلام والنشر والتوزيع وإعادة النظر في القوانين التأسيسية
ـ هل ترى ان اتجاه بعض الكتاب الى الاقتباس امر يخدم المسرح؟
* الاقتباس شكل من أشكال الإبداع له مهاراته ومضامينه وأهدافه يحتاج إلى مؤهلات معرفية وفنية وهو كذلك شكل من أشكال المثاقفة والحوار وتلاقح الأفكار والتجارب القومية والعالمية تتطلب الموهبة والتكوين النظري والتطبيقي لآن في حقيقة الأمر لا يجود إبداع أدبي ومسرحي ينطلق من فراغ بل هو تراكم للأفكار وأشكال ومضامين سابقة فالمسرح الأوربي على سبيل المثال ازدهر وتطور عبر المضامين والأشكال الإغريقية والشكسبيرية والروسية بالخصوص وكذلك تأثير الفلسفة وعلم النفس والأنثروبولوجيا لذلك ونظرا للأسباب التي أشرنا إليها والعوامل السسيوثقافية والأخلاقية والمعرفية أثرت كثيرا في قلب المفاهيم وأصبح المسرح بدون مضامين حقيقية تعبر عن وعي وفهم ومعاني ودلالات فكرية ودراماتورجية في تشكيل الأفكار عبر مستويات التشفير الشامل والنسيج الجمالي في الخطاب المسرحي الشامل وكذلك غياب النقد المتخصص وغياب قنوات التواصل من مجلات و دعم طبع الكتب وغياب الترجمة التي هي من مهام الدولة بالدرجة الأولى
ـ في رايك هل تقليص والغاء بعض المهرجانات المسرحية في الجزائر امر ليس في صالح المسرحيين في الجزائر؟
* بناء على ما أشرنا إليه سابقا ، تعتبر ظاهرة المهرجانات العديدة في سياق ملأ الفراع الذي تركته العشرية الدموية ، ومن ناحية أخرى عملية سياسية تعيد للبلاد الحركية الداخلية الاجتماعية والثقافية ورسالة للخارج عن وضعية الاستقرار والأمن ، وبما أن لكل سياسة وسائلها فأن الدولة سخرت كل الوسائل والتمويل من أجل هذه الأهداف. ولكن اليوم يجب إعادة النظر الجذري في هذه السياسة وتغير أنماط التسيير ، وعليه يجب أن تخضع هذه السياسة الجديدة إلى استحداث منظومة عقلانية بمقاييس ثقافية واقتصادية ناجعة يشارك فيها وزارات ونخب ومقاييس تسيير صارمة ذات أبعاد مرحلية
ـ  هل فعلا.. المسرح الجزائري يعيش فترات ركود بالنسبة للمسارح في الوطن العربي؟
*المسرح نشاط ثقافي سياسي واجتماعي يتأثر بكل الارتدادات وهو نشاط تنعكس عليه و فيه وبه كل التقلبات الحاصلة صعودا ونزولا على مستوى الأفراد والمجتمع والعرب اليوم ونحن منهم في معركة الصراع من أجل الوجود أو الزوال لذلك لايجب أن يكون عسكريا فقط ولكن كذلك سياسيا واقتصاديا وثقافيا.
ومصيبة هذه الأمة في نخبها التي تعيش على هامش المجتمع وبسبب انعدام الديمقراطية والحرية وتهميش العقل المبدع والتأسيس للجهل عبر التخلف السياسي الفاسد وللشعوذة الفكرية والإعلام الإشهاري والسطحية والرؤية القاصرة للعالم والمجتمع….وعليه فإن المسرح يبقى فعل ارتدادي لهذه المنظومة ويتلون بألوانها وأشكالها وهي إشكالية تتطلب البحث والدرس خاصة في العلاقة الغامضة بين المثقف والسلطة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock