د.إبراهيم الهنائي: “كتاب مخرجون وتجارب في المسرح المغربي المعاصر”.. رصد لمسارات ابداعية مغربية جديرة بالتوثيق

المسرح نيوز ـ المغرب| عزيز ريان

ـ

خلال اللقاء المتميز والغني بمضمونه وغايته. لقاء تقديم وتوقيع كتاب “مخرجون وتجارب في المسرح المغربي المعاصر” للمخرج عبد الجبار خمران. أمس الاربعاء 20 فبراير 2019 بالمقهى الادبي دار الشريفة. الحضور الكريم مساء الخير وألف شكر لحضورك شكرا للصديق الدكتور محمد زهير الذي تفضل بمقاربة لتجربتي المتواضعة التي ما أمكن لها أن تنتعش في غياب مبدعين وباحثين من عياره .

شكرا للمبدعين والباحثين الذين ساهموا كل واحد من زاويته في هذه اللبنة المتميزة الطموحة والهادفة لتوثيق بعض المسارات الإبداعية المغربية. هذه اللبنة التي كان الفضل في بلورتها للفنان عبد الجبار خمران الذي بدأ الاشتغال عليها ما يقارب ثلاث سنوات. من هذا المنطلق لابد من الإشادة بالجهد الذي يبذله الفريق “الدوزتمسرحي” قصد انخراطه في مسار المسرح المغربي والعربي في أمس الحاجة إليه :

توثيق التجارب والمسارات الإبداعية المسرحية لكي لا يطويها النسيان. اختيار يأخذ مشروعيته لامن اختيار مؤسساتي مناسباتي بقدر ما يلتمس مشروعيته منضرورة ملحة تتلخص في كون المسرح كائن يحضر ليغيب…كائن حاضر/غائب…يحضر أمامنا الآن/هنا كالطيف الجميل. نداعبه لحظة لقاء بين الدقات الثلاث التي تعلن عن ميلاده والتصفيقات التي تعزف سمفونية موته. كما لو أن ميلاده إعلان عن موت مؤجل. كما لو أنكينونتهفرجة حية وقدره النسيان .

كيف سنقول “لا” للنسيان الذي يترقب الإبداعات الركحية بمجرد انسدال الستار ؟ مما لا شك فيه أنه باستثناء النصوص لا بد أن نسجل أن المكتبة المسرحية العربية والمغربية تفتقر إلى الشهادات والبحوث التي تجعل المسرح أيضا ذاكرة. ذاكرة حية لا ذاكرة متحفية تفوح منها رائحة التلاشي. التوثيق الفعلي هو لبنة في صرح الذاكرة المستقبلية…أثر شاهد على أن هذا الكائن الزائل فينيقي الهوية. طائر عنقاء يموت ليبعث من رماده. يموت مع انسدال الستار ليبعث عبر الشهادات والبحوث وكذا الصور. صحيح أنه ليس من رأى وسمع كمن شاهد. لكن لا أحد يمكن أن يتابع كل الفرجات المسرحية التي كانت ولا تزال تؤثث خشبات هذا العالم.

من هنا يبرز الوعي المتزايد بضرورة توثيق التجارب المسرحية. توثيق مكلف على جميع المستويات وعلى رأسها كفاءة من أخذ على عاتقه عبء التوثيق. توثيق يتطلب متابعة على مراحل ثلاث: قبل العرض وخلال العرض وبعده…على سبيل المثال لا الحصر هناك التجربة الرائدة في فرنسا وهى مجلدات : مسارات الإبداع المسرحي والتي ربما تقارب الآن ثلاثين جزءا. أغلب المجلدات مخصصة لمخرج مسرحي بينما البعض القليل موضوعاتي يتناول إشكالات المسرح الراهنة كتكوين الممثل في والمدينة في المسرح ….متابعة بعيدة كل البعد عن المقالات الانطباعية والتي بعض أصحابها لا يشاهدوا العمل الذي يتحدثون عنه لكنهم يتجرؤوا لكتابة مقالات سرعان ما تنفجر وتتلاشى كالفقاعات الجوفاء.

المتابعة الفعلية هي التي توثق التداريب على العرض بالصور كما تتناول شهادات لنقاد حول العمل وكذا استجوابات مع المخرج والسينوغراف وبعض الممثلين الذين اشتغلوا في ذلك العمل. مشروع جبار ينخرط في إطار الحفاظ على الذاكرة المسرحية.

فلولا هذه المجلدات لما عرفنا الكثير عن طريقة اشتغال مايرهولد وبروك وستانيسلافسكي وكانطور و شتريلير وليوبيموف وشيرو ولانغوف وغيرهم. نتمنى يوما أن تمنح الإمكانات المادية وغير المادية لمشاريع مثل مشروع دوز تمسرح لكي لا تبقى الذاكرة المسرحية متحفية تكتفي بالملصقات وسيلفيهات المعجبين مع الممثلين قصد التباهي وصور بعض المبدعين التي تزين مداخل المسارح وممراتها. أجمل من صورة للمثل مؤلف أو دراسة تتناول طريقة اشتغاله وشهاداته حول الأعمال التي يشارك فيها وكذا رؤيته للشأن المسرحي.

لا أنفي أن للصور والملصقات والتسجيل بالفيديو أهميتها ولك الأساسي هو الدراسات وميكانيزمات الاشتغال والشهادات الحية. من هنا يمكن اعتبار المولود “الدوزتمسرحي” لبنة مهمة في بناء خارطة توثيق فعلية لمسارات بعض المبدعين المغاربة. لبنة أكيد ستساهم في رجوع الجمهور للمسرح.

لكي يدوز المتفرج ليتمسرح بدل أن يكتفي بمشاهدة لقطات عرض اقتنصها بعضهم عبر هاتفه النقال. أصبحنا نتحدث عن المسرح أكثر مما نشاهده. نتقاسم الفيديوهات بينما أغلب كراسي قاعات المسرح فارغة. نوثق بطريقة فاستفودية لعروض لا نشاهدها.

نتمضمض مسرحيا قبل أن نطرح الماء أرضا ونتناساه. التوثيق الفعلي يبدأ عندما نحضر لمشاهدة العروض المسرحية قصد إنعاش ذاكرتنا الفنية المشهدية إذ لا سعادة تعادل سعادة الممثل عندما يحس بالجمهور يتابع أدنى تنقلاته ويصغي إلى تلوينات صوته وأدائه. بعد انتهاء عرض من عروضه المسرحية, صرح الممثل والمخرج الفرنسي لوي جوفي متحدثا عن تلقي الجمهور للعرض : كان الجمهور موهوبا هذه الليلة.

من حضور هذا الجمهور الموهوب يبدأ التوثيق الحي للمسرح. فبدل أن نلعن الظلام ماذا لو أشعل كل واحد شمعة…كثيرا ما نسمع بعض المحسوبين على المسرحيتباكون ويلوكون نفس الأسطوانة حول موت المسرح وعن ضرورة توثيقه بينما يرتشفون نفس القهوة السوداء في نفس الكراسي ونفس المقاهي دون أن يبرحوا أماكنهم لمشاهة عرض مسرحي يعرض في قاعةتبعد بضعة أمتار من مقاهيهم المعتادة. يكتفون بأن يذرفوا دموع التماسيح على مسرح يدفنونه دون أن يتكلفوا حتى المشي في جنازته .

بينما المسرح متوهج قدر المستطاع بعيدا عن المقاهي والفناجين السوداء. وأنا أشكر الأستاذ المبدع سي عبد الجبار خمران وكل من ساهم في هذه البادرة من طاقم دوز تمسرح ومبدعين ونقاد متتبعين , أتمنى أن لا يتبوأ هاتف السامسونغ مكان العرض وأن يدوز الناس ليتمسرحوا حيث لا زال فوق الخشبة مسرح يستحق الانتباه. .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock