مقالات ودراسات

أول مونودراما مزدوجة تعتمد على موهبة الممثل.. سأموت في المنفى للمسرحي الفلسطيني ”غنام غنام”..


المسرج نيوز ـ اليمن | هايل الميذابي*

*مسرحي يمني

ـ

المونودراما هي لفظة لاتينية مركبة من شقين الأول مونو و الآخر دراما و مونو تعني شخص واحد و الدراما تعني المسرحية و المحصلة من الشقين تعني ” المسرحية التي يؤديها شخص واحد ” أو بلغة العصر “ون مان شو”..

ظهرت في أوروبا في القرن الثامن عشر محاولات لتطوير هذا الفن من خلال الاعتماد على موهبة الممثل و ليس بإقحام شخصية أخرى في المسرحية و ظلت هذه النظرية التي تعتمد على الممثل و موهبته حبيسة الكتب بمعنى أنها لم تُستوعب في الأعمال الفنية و يتم تجسيدها على الخشبة.

عربيا قدمت أعمال كثيرة و سجلت بأسماء أصحابها لدى مؤسسات و هيئات عربية و دولية لكن أغلبها كان احتياليا على المصطلح و لم تعتمد على موهبة الممثل كما أسلفت. و كان بالإمكان الاستعانة بالعلوم الأخرى و موروثات الشعوب لإحداث إضافة حقيقية لهذا الفن لكن لم يتم استيعابها بهذه الطريقة و تم اللجوء أحيانا إضافة شخصيات أخرى أو تغيير في الديكور ليظهر ثنائية العرض.

مثلا يقسم علم الشخصية الإنسان إلى ثلاث شخصيات: تلك التي هو عليها و الأخرى تلك التي لا يعرف عنها شيئا و الثالثة التي يظن أنها هو و هذا يناسب تقديم ثلاثية مونودرامية من خلال ممثل واحد و لكن بشرط تحقق موهبته.

و هناك أيضا مصطلح القرين الذي يمكن تجسيده على الخشبة من خلال موهبة الممثل و إمكانياته.. و هناك في علم النفس نظرية العالم يونج التي تقول أن الإنسان ثنائي الجنسية و في كل رجل ذكر و أنثى و في كل أنثى مثله و هو ما سمي بالأنيما و الأنيموس الحس الذكوري و الحس الأنثوي و هذا كان أيضا يمكنه تقديم ثنائية مزدوجة تعتمد على موهبة الممثل نفسه الذي يجسد نفسه..

و لعل أهم الأعمال التي ظهرت مؤخرا عمل الفنان المسرحي الفلسطيني غنام غنام و يحمل عنوان “سأموت في المنفى” ليقدم أهم مونودراما مزدوجة بقدرة الممثل و إمكانياته فهو يتحدث بلسان ما كان يفترض به أن يكونه و لسان ما انبثق من تلك الشخصية و سماها شخصية “البدل فاقد” لكنه قدم الشخصيتين بانسيابية لم يكن فيها تكلف و جاءت بالطبيعة كلياً و استطاع غنام بذلك أن يحقق المعادلة في المونودراما المزدوجة التي تعتمد على الممثل و إمكانياته و موهبته.

غنام غنام في رائعته “سأموت في المنفى” حقق معادلة المونودراما المزدوجة معتمدا في ذلك على موهبته أولاً في الأداء الحركي و الأداء اللغوي فظل من خلال اللغة و قواعدها يتنقل بين شخصية افترضها و شخصية أخرى أسماها كما أسلفت “بدل فاقد” و كل هذا جاء طوعاً ليخدم القضية التي يتحدث عنها العرض المونودرامي و هي “القضية الفلسطينية”، و بنفس الكيفية التي كان غنام فيها هو المؤلف للنص و المؤدي للعرض و المخرج، إنه يستخدم كل ما تعلمه طيلة حياته ليخلق عرضا مسرحيا يشبه أن يكون خلاصة التجربة أو هكذا جاء ضمنياً.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock