الفنان علي عليان يكتب عن.. الباحث وجدلية التعاطي مع الفن!

المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

 علي عليان*

ممثل وخرج أردني 

 

 

 

يقول مايرخولد …. ويقول بيتر بروك … ويقول بريخت ….

 

عبارات كلها توصيفية تسمعها من منتدين في مهرجانات مسرحية محترفة يكون لها وقع التلميذ حين يكون على مقاعد الدرس لكن القاعة مليئة بزملاء المنتدي والمتحدث الى حين يجيء دورهم اي حديث الذات الى الذات ونقل المعرفة المعروفة من الورق الى ورق آخر فمن المستفيد ؟

 

مهرجان محترف فاين الجمهور ” جمهور الندوة ” ؟ الممثلون محترفون وبعضهم يظن انه تجاوز مايرخولد بتجاربه المتعددة فلم تعد تعنيه ما يقوله هذا الماير !!! البعض الاخر يعتبر الندوات مضيعة للوقت ” ولصفط الحكي ” اذن ما الجدوى من اقامتها ؟ احيانا ترى أن الندوة مهم اقامتها لاعتبارات فكرية مصاحبة لكن من المهم جدا عدم التكرار في المواضيع وخصوصا في مصطلح ( ما بعد المسرح .. او ما بعد الدراما … او ما بعد…….) وأبعاد كل الابعد كونها اصبحت مجالا للتندر وعرت الواقع وكشفت المستور عن الفراغ الفكري سواء في المحتوى أو في ضحالة صاحب البحث ، في حين ان الاصل والجدوى من تقديم جانب عملي فكري مصاحب لفعل المهرجان هو ضرورة تمكن إثراء العقل وتغذي حالة التبادل المعرفي بعيدا عن الجدال البيزنطي والاختلاف في الرأي بين المنتدين احدهما متعصب لبروك والاخر لستانسلافسكي ويمر وقت الندوة دون تحقيق النتيجة من اقامتها لأن المنتدين مختلفون ،

 

وقد يقول قائل بأن الاختلاف ضرورة !! نعم هو ضرورة ان كان اختلاف فكري وليس اختلاف على جملة قالها مسرحي واضبحت مقولاته مقدسة وتابوهات لا يمكن البحث فيها او الاقتراب منها ؟؟ لم لا تكسر هذه التابوهات بحداثة الفعل الناتج عن حداثة فعل الحياة ذاته ، فالحياة بحد ذاتها مزيج بين العبث والسريالية والواقعية والتجريبية والتكعيبية وواقع العالم الان تجاوز كل التصنيفات الفكرية والسيكلوجية ووضع الفرد في رحلة تأمل ذاتي عن واقع هذا العالم والى اين سيؤدي في النهاية ، وبما اننا الان في هذه المرحلة من التأمل فاذن حالة نبش الذاكرة تؤكد اننا نعيش هذا الواقع مسبقا ولكن تابوهات الورق ثبتت الافكار وابقتها جامدة بلا محرك عملي لاجراء التغيير والتحديث وبالتالي احداث التنوير المطلوب من جدوى أي ملتقى بحثي .

 

 

حركة الممثل وكيفية تناوله للشخصية ومدى ادراكه لتكوينات الشخصية ومدى تأثيرها السيكولوجي على الشخصيات الاخرى وبالتالي قوة تأثيرها في خيال المشاهد كيف لهذه التفصيلات العملية الدقيقة سيدركها باحث يقوم بابحاث نظرية على الورق ولم يمارسها بشكل يومي ؟ وهذه تفصيلة جزئية من عرض مسرحي كانموذج على الحالة ، وربما يكون هنا الباحث متعمق في مدرسة معينة ومتعلق بها ولا يؤمن بمدارس فنية اخرى فهنا كيف سيتعاطى مع هذا الفعل ؟ هل سيدرك اهمية ما قدمه هذا الممثل من مزج وخلط جاء في مكانه وتجاوز كل التصنيفات ويتم التعاطي معه على انه فعل حداثوي رفيع المستوى ام سيجهض جهد هذا الممثل لأن الباحث متزمت بمدرسته التي يؤمن بها ويكاد يلغي الاعتراف بأي مدرسة فنية أخرى ، اذن في هذه الحالة وفي مثل هذا النموذج من الباحثين لم يكون محكما مسرحيا او سينمائيا ؟ لم يوضع من الاساس عضو في لجنة تحكيم تحاكي فعلا عمليا على المنصة او الشاشة سينما أو تلفزيون ؟

 

ألم يكن الانفع لكل الجمع الفني أن يبقى الباحث باحثا بين كتبه ومراجعه ويستمر في الاستقصاء عن ارث تاريخي من اليونان الى الرومان وصولا الى الآن ؟

 

الباحث مهمته البحث عن المستحيل ليحوله من مخفي الى معلوم باكتشاف ، هو محقق قي قضايا الفكر والمعرفة وهذا شيء عظيم ومبدع وخلاق وهام جدا في صناعة وتطوير الفن ، لكن ان يكون هذا الباحث محكما على جهد عملي على الخشبة او الشاشة فهو ناقص لفعل التجربة العملية ومعرفة تفاصيلها بدئا من قرائة النص وتحليله والطريقة التي يتعاطى معها المخرج لتقديم شكل العرض تكون هناك كذبة كبيرة يتم تكريسها يظلم فيها صاحب الفعل المسرحي لعدم ايمان الباحث بطريقة التناول ولا يؤمن بالتعاطي مع يقوله الاخر على غير افكاره ولم يأخذ مبدأ التحليل والتحكيم حسب فكر صاحب التجربة العملية . في السياق العام لما افردت لا يجوز مبدأ التعميم وإنما هو تأشير على خلل نراه يمارس في حين أن هناك باحثين في عالم الفن في عالمنا العربي مليئة ادمغتهم بمقدرة تحليلية تجعلك تتوقف عند كل كلمة تقال وابحاث بنتائج مفعمة بالتنوع والايمان بالآخر ويقدمون ابحاثا ذات صفة قابلة لكل مشتغل ممارس للعملية الفنية ومهما بلغت درجة خبرته ،

 

وهذا النموذج المخضرم من الباحثين قل ما تراه حاضرا عبر المنصات المهرجانية او المؤتمرات المختصة لأنه لا يمتلك اسلوب العلاقات العامة وترويج الذات كمن يتسيدون الحالة ويبقون على تلك المنصات رغم ضحالة فكرهم ومحدودية الافق الذي يتمتعون به بل يتناول موضوعاته بجدية عالية ويبدع بها في منابره سواء كان مدرسا جامعيا او استاذا في اكاديميات والنعاهد الفنية ونرى مخرجاته من التلاميذ ونرى ونقيس مدى ابداعهم بتوازن بين الرغبة والهواية وتلقي العلم على اصوله . علي عليان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock