الكاتب المسرحي والروائي الليبي “معتز بن حميد”: النص يولد واسمه معه مثل الرضيع تماما!

المسرح نيوز ـ ليبيا |حاورته: ريم العبدلي

ـ

(مسيرة إبداعية أدبية متميزة بأفكار  مشوقة، يسعى إلى تحقيق حلمه؛ بترك بصمة ثقافية “أدبية وفنية” حقيقية في مشهدنا الحالي.. لا يسمح للوقت ان يمر  دون أن يصنع من الحرف فكرة لتكتمل من خلالها صورة نصوصه ورواياته؛ فانظم اسمه إلى قائمة الكُتّاب العرب… ولنتعرف إليه كان لنا معه هذا الحوار ، بعد أن عرجنا على سيرته الذاتية التي تقول:

  • معتز سعد بن حميد– كاتب مسرحي وروائي.
  • مواليد 1983مدينة بنغازي – ليبيا.
  • صدرت له (رواية رسائل الفردوس) و(كتاب سمفونية صوفية – مجموعة قصصية)، و(مسرحية المُرّان)، و(مسرحية أستاذ مُحاضر) و(مسرحية أحجار الجنة).
  • درس بكلية خاركوف للثقافة والفنون – أوكرانيا.
  • يدرس الآن بكلية القانون – الجامعة الليبية المفتوحة.
  • كتب مقالات عديدة في مجال النقد الفني والأدبي بصحف ومجلات عربية كثيرة.
  • تحصلت مسرحيته (المُرّان) على جائزة التنويه في مسابقة الشارقة للإبداع العربي 2017، وترشحت أيضاً للقائمة القصيرة ضمن مسابقة الهيئة العربية للتأليف المسرحي 2017.
  • ترشحت مسرحية (أحجار الجنة) ضمن القائمة القصيرة في مسابقة الهيئة العربية للمسرح للتأليف المسرحي 2018.
  • لديه هواية الفن التشكيلي وقد تخصص في رسم البورتريه ونالت العديد من لوحاته جوائز بالتراتيب الأولى داخل ليبيا.
  • يعمل الآن بمكتب الثقافة بنغازي التابع لوزارة الثقافة الليبية.
  • تُرجمت له بعض القصص القصيرة للإنجليزية والإسبانية ونُشرت في واقع إلكترونية ثقافية تُعنى بالأدب العربي.

__________________________________________________

*حدثني عن أول ما كتبت ونشر إليك ليمهد لك الطريق إلى إبداعك اليوم؟

تجربتي الأولى في عالم الكتابة كانت أثناء دراستي الجامعية. كتبت قصة قصيرة وشاركت بها في مسابقة على مستوى الجامعات العربية.. ورغم حصولي على الترتيب الأول؛ إلا أنني لم أواصل الكتابة الإبداعية بعدها إلا بفترة طويلة جداً!!. ربما سبب دخولي إلى عالم الصحافة قد أرهق قلمي الأدبي عن مزاولة كتابة القصة والرواية وغيرها من نصوص.

أولى الروايات بعد ذلك بفترة زمنية هي (رسائل الفردوس)؛ تتناول هذه الرواية في قالبها العام مسألة الحرب والسلام.. وخلالها حاولت البحث عن  جواب السؤال الجدلي والأزلي الذي يرهق إنسانيتنا: “لماذا الإنسان رغم هذا التطور الحضاري الذي وصل إليه، لا يزال يسيطر  على أخيه الإنسان بفكرة إلغاؤه من الوجود؟!”… قضية الحرب، وما يؤول إليه حال الأرض والبشر الذين يتعرضوا لها.

باختصار، تحكي رسائل الفردوس عن قصة كاتب صحفي يرغب في تدوين أحداث الحرب التي مضى عليها عشرات السنين، فاختار عقيداً متقاعداً ليسرد له خبايا الحرب.. وهذا العسكري كان متواجد في مستشفى الأمراض النفسية منذ فترة الحرب؛ بسبب رغبته في إخراج فضائح الحرب آنذاك.. يتعرف الصحفي على هذا الأخير ويقنعه بأن يكون شخصية كتابه الرئيسية… وبعد موافقته يطلب منه العقيد أن يساعده في إيصال رسائل منه إلى ابنه الذي تطوع في الحرب سابقاً وتخلى عن أبيه. تجري الأحداث الرواية وتنتهي بنهاية صادمة؛ لا أود هنا التصريح بها كي لا أخرب على القارئ متعة قراءتها.

تعد هذه الرواية نقلة مهمة بالنسبة إلىّ؛ فقد كتبتها أواخر عام 2011 بعد الأحداث العظيمة التي أصابت بلادنا جراء الحرب.. لم ترّ النور أو أعلن عن كتابتها حتى عام 2017.. فقد أرسلتها للمشاركة بمسابقة نشر تقيمها المكتبة العربية للنشر والتوزيع، وخلال أيام قليلة فقط أرسل إليّ صاحب الدار الكاتب المصري جمال عبدالرحيم وأبلغني بتأهل الرواية وفوزها ضمن باقة أخرى من الكتابات وفورا تم توقيع عقد النشر…

بالطبع يعد نشر هذه الرواية حافزا مهما مهد الطريق لقلمي أن يستمر في عالم الكتابة الإبداعية.

*التجربة الحياتية الشخصية لكاتب ما هل يمكنها أن تلعب دورا حماسيا في تقديم نص إبداعي؟

انعكاسحوادث ومواقف الحياةفي القصة تماما كما في الحلم…

وكما أن الأحلام هي ترجمة (مرمزة أو مباشرة) لرغبتنا في كل الأشياء التي تغلفها الرقابة الأخلاقية والدينية والاجتماعية وغيرها.. فإن التعبير بالكتابة هو أيضا كذلك.

تجاربنا الشخصية وما يعترضها من موانع رقابية أو رغبات مكبوتة أو أحداث إنسانية ذاتية، واجتماعية، وسياسية، واقتصادية؛ كلها تلعب دورا أساسيا في بناء وجدان الكاتب.

المبدع بشكل عام هو من يطوّع الواقع ويعكسه في قالبه الخيالي.

*عند كتابتك لأي رواية كيف يتماختيارك لعنوان الرواية؟

لدينا مثل يقول: (المولود يأتي واسمه معه).. فعنوان النص الأدبي لديّ تماما ينطبق عليه هذا المثل؛ (النص يولد واسمه معه).

*ما يميز هذا الجيل بأنه يثبت أقدامه في كتابة الرواية دون تقيد فهل هذا له علاقة بطقوس الكتابة لديكم؟

يقول الروائي الكبير صاحب جائزة نوبل عام 1998 جوزيه سارماغو: “لو اتوقف عن التمرد سأموت”.

التغلب على القيود والتمرد هو أساس صناعة الاختلاف في النص؛ وليس التمرد على المعايير… وما ذكرته في أحيان كثيرة يضع الجيل الجديد في مأزق الانحطاط الفكري بغية الوصول إلى الابتكار.

أخالفك – نوعا ما – في يبتكره بعض كُتابنا الجدد (إذ لم يكن كثيرا منهم)؛ فهناك تدني واضح في المواضيع المطروحة..!!.. وهذا مردّه أساسا هو تدنى منظومة التعليم منذ الطفولة في بلداننا العربية؛ وهذا بالطبع بدوره لم يرسخ قواعد سليمة لدى القارئ العربي..

الآن تلاحظ حتى طلبة الكليات المتخصصة في الآداب لدى الجامعات العربية، أغلبهم  في عزلة عن المشهد الأدبي العالمي، فما بالك الكاتب الناشئ والقارئ أيضا.

*معتز كتبت الرواية والنص المسرحي؛ فما وجه الاختلاف بينهم؟

كلاهما مرتبط بالآخر من ناحية موضوعة النص.. الاختلاف يكون في القالب الفني، وصعوبة كتابة المسرحية عن الجنس الأدبي الآخر، هي أنك مطالب أن تصل إلى القارئ أو المتفرج فكرة النص عن طريق الحوار فقط..

تحيزي يكون إلى المسرح أكثر، لأنني عشت في عوالمه وعملت فترة قريبا من الركح.. لذا تذوقت من لذته.

حتى الآن أنا كتبت أربعة نصوص مسرحية و فقط (رواية واحدة ومجموعة قصصية واحدة).. ولازالت منهمك هذه الأيام في إكمال عمل مسرحي جديد.

*ما مدى علاقتك بما تكتب؟

أنا اكتب عندما أجد نفسي راغبا في التعبير عن هموم قضية إنسانية تشغلني.

لا أنكر  أنني – مثل أي كاتب متأثر بمحيطه – قد تأثرت بالأحداث العظيمة المؤسفة التي تعرضت لها بلادنا، فقد كانت روايتي الأولى (رسائل الفردوس) حالة انفعال مع هول ما تغيّر في وطننا. كتبتها أواخر عام 2011  ولم أتطرق إلى قضية الحرب التي تبعت ثورة 17 فبراير بشكل مباشر؛ بل أخذت أحداثا حقيقية وطوعتها داخل قالب درامي للحبكة الخيالية التي تدور داخلها شخوص وصراعات الرواية. وصنعت منها عمل أدبي يهتم بقضية إنسانية كبرى.

وفي مسرحية (المُرّان) كتبتها عن مأساة الهجرة غير الشرعية التي نعيش بالقرب فاجعتها كل لحظة… وغيرها من نصوص تعكس جُلّها قضايا عظيمة.

*معتز بن حميد الكاتب النشط المعتمد على نفسه كثيرا لوضع بصمة ثقافية في عالم الثقافة شاركت أيضا بإصداراتك في معرض الكتاب كما أيضا تم ترشح كتاباتك في مسابقات عربية هامة.. حدثني عن ذلك؟

دخلت إلى المشهد الأدبي العربي، أولا عن طريق مساهماتي في كتابة مقالات أدبية وفنية نقدية في العديد من المجلات والصحف الثقافية (في دول: الكويت والمغرب والأمارات)، ثم في عالم النشر عن طريق جمهورية مصر  العربية نشرت خلال عامين أربعة كتب وساهمت في كتاب لمجموعة من الكتّاب العرب “مبادرة حلم الوصول”.. وقد شاركت في معرض القاهرة الدولي للكتاب للعام 2018.

أقامت لي مؤسسة الحراك الثقافي ندوة لمناقشة مسرحية المران بمقر الهيئة العامة للكتاب عام 2018 في القاهرة.. وندوة أخرى في نفس العام وأيضا في القاهرة بساقية الصاوي تم خلالها طرح أعمالي التي أصدرتها المكتبة العربية للنشر والتوزيع… ثم لحقتهما ندوة مشتركة أخرى بالإسكندرية باستضافة مركز طرح البحر  الثقافي.

ومطلع هذا العام 2019 أقامت دار نشر المثقفون العرب ندوة لمناقشة كتابي المسرحي (أحجار الجنة) بدار الأوبرا المصرية، بالقاهرة.

وأخيرا كانت مشاركتي الثانية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2019 بأربعة إصدارات.

*حدثنا عن كتاباتك المسرحية ؟

(المُرّان) هو نص مسرحي يتناول قضية إنسانية هامة تمس الآن كل قارات الأرض؛ وهي (الهجرة غير الشرعية).. رغم أنني أملك وجهة نظر فلسفية حول هذه التسمية؛ فأنا أسمي هذا النوع من الهجرة بـــ (هجرة المواطنة)، حيث أنني مع فكرة أن الإنسان مواطن عالمي. الله سبحانه خلق الأرض والسماء والبحر ملك للإنسان، وهذا الأخير بصراعات وغرائزه الحمقاء امتلك فضاء الأرض والبحر والسماء!.

مسرحية المُرّان تبحث تساؤلات حول جغرافيا الإنسان وتماهيها مع إنسانية الجغرافيا.

القصة تحكي عن مجموعة مهاجرين تم عزلهم في مخيم بأحد السواحل الأوروبية في بقعة وعرة وكأن بالطبيعة هي من تحتجزهم..

وقد اخترت اسم (المران) وهي شجرة تنمو في سهول أوروبا كرمز لطموح هؤلاء المهاجرين وأحلامهم للوصول إلى عيش الإنسانية والكرامة التي افتقدوها في بلادهم، فهم يحاولون اقتلاع الشجرة والعبور بجذعها ذلك الوادي الجارف الذي يحيط بمخيمهم.. والمفارقة في العنوان كانت باعتبار أن الشجرة كائن جغرافي على خلافهم هم كائنات غير جغرافية حرة يمكنها التنقل… لقد حاولوا أثناء فعلتهم هذه أن يتحدوا الطبيعة ويطوعوها تحت سيطرتهم.

(أحجارالجنة).. هذه المسرحية تجريأحداثهافيمنطقةآثريةعلىبُعدمسافةليستبقريبةعنمدينةلإحدىالدولالعربيةالتيتتعرض – فيزمنالربيعالعربي – لانتهاكاتلعنةالحروب؛وماأكثرهاتلكالبقاعالمغتصبةجغرافيًّاوإنسانيًّا..! حيثيضطرزوجين (وهمالشخوصالوحيدةفيالنص) إلىالاختباءفيمبنىأثريقديمهربامنالجماعاتالتكفيريةالإرهابيةالتياستولتعلىمدينتهم.. وقددمرهؤلاءقبلذهابهمللمدينةكلملامحالآثارالتيترسمانعكاساتالحضارةالإنسانيةهناك.

تتمادىالصراعاتبينالزوجوالزوجة؛حيثيصرالأولعلىالبقاءوالصمودفيهذاالمكان،معتبراترابطهمبالأرضهوانتصارعلىهذهالجماعات.. بخلافزوجتهالتيترىأنعليهمالهجرةكييتسنىلهمحمايةابنائهم (الذينلميولدوابعد) ومنحهمحياةكريمةمستقبلا.

*مشاريعك القادمة في الكتابة؟

الآن.. وقريبا جداً، بصدد الانتهاء من كتابة عمل مسرحي.. وأيضا كتابة روايتي الثانية.. وسأعلن عن موعد نشرهما بعد الاتفاق مع الناشر.

*كلمة من الكاتب نختتم بها حوارنا هذا؟

ربما تكون كلمتي في الختام تشاؤمية نسبيا؛ لكنها حقيقة نتعايش معها اليوم…

إن ما يظهر من مشهدنا الأدبي والفني الليبي إلى السطح العربي والعالمي – أغلبه – ليس بناءً على معايير مدروسة؛ بل لمسألة المحاباة والوساطة الساذجتين.. وهذا بالطبع تتحمل عبأه مؤسساتنا الثقافية، فهي تدعم الشخصيات غير المناسبة، وليس هناك نية صريحة منها لإحياء ثقافتنا التي كُتب عليها الوأد منذ عهد الحكم الذي ظلّ قرابة الأربعة عقود الماضية، وحتى يومنا هذا.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock