حوارات

الكاتب والشاعرالأردني الكبير “محمد جمال عمرو” في حوار شامل عن ابداعته المتعددة يعترف: لمسرح الطّفل حيّز جميل في ذاكرتي


المسرح نيوز ـ القاهرة | خوار: عبدالله لالي*

صحفي بجريدة الشعب الجزائرية

ـ

محظوظ ذلك الطفل حين تهتم به قامة أدبية كبيرة ومفكرة كقامة الكاتب والشاعر والمسرحي الأردني الكبير محمد جمال عمرو، الذي صنع بينه وبين الطفولة وشائج محبة بل عشق امتدت فروعها كالشجرة الطيبة لتنغرس أصولها في الأرض وترتفع إلى السماء. عالم الطفولة التي لا يستطيع أيا من كان التفكير في الاقتراب منه إلا إن كان صادقا مرهفا حساسا.

وحرصا منا على أن يتابع القراء مسيرة هذه الشخصية الفريدة نعيد نشر الحوار الذي أجراه محرر جريدة الشعب الجزائرية مع الكاتب والشاعر الأردني الكبير محمد جمال عمرو.

إلى نص الحوار

 *معروف أن محمّد جمال عمرو كاتب للأطفال محترف ، ما قصّتك مع أدب الطّفولة؟

قصتي مع أدب الطّفولة ابتدأت بحلم وأمنية، كنت في الصفّ الثّالث الابتدائيّ أقرأ القصائد المنشورة في كتاب اللغة العربيّة، وأتساءل: هل يأتي يوم يقرأ فيه تلاميذ الجيل القادم قصائدي في كتبهم؟ وكنت حينها أبالغ في حلمي وأتمنّى أن يتحقّق، ثمّ لا ألبث أن أعود إلى رشدي وأقنع نفسي باستحالة تحقيق هذا الحلم وتلك الأمنية، فما أنا إلا تلميذ في سنِيّ تعليمه الأولى.

لكنّني كنت عنيدًا في صغري- هكذا أخبرتني أمّي رحمها الله- فدفعني عنادي إلى التمسّك بحلمي والعمل على تحقيق أمنيتي، ورحت أقبل على المكتبة المدرسيّة كلّما سنحت لي سانحة، وتسلّلت يدي الصّغيرة إلى ديوان عنترة بن شدّاد، فتعلّق فؤادي به، وحفظت عددًا من قصائده، وتعلّمت منه المفردات الجزلة، واكتسبت القوافي، ودرّبت أذني على الشّعر الموزون السّليم، فتوهّمت حينها أنّني صرت شاعرًا، وتجرّأت فكتبت أبياتاً في الغزل أذكر منها:

تزوّجت يومًا من السّمراءْ .. وأسكنتها بأعلى بناءْ

هناك مُطلٌّ على الصّحراءْ .. حيث النّخيل وحيث الماءْ

إلى آخر القصيدة التي حملتها إلى مدرس اللغة العربيّة فرحًا، وقدّمتها إليه لينظر فيها، فظنّ أنّني نقلتها من كتاب، وأكّدت عليه أنّها من نظمي ومن بنات أفكاري، فقال لي كلمتين كانتا – بعد عون الله تعالى- شارة انطلاقي في مسيرة أدب الطّفولة، وكانتا إلى جانب عوامل أخرى بذرة أنبتت لي حتّى الآن أكثر من مئتي كتاب مطبوع بين الشّعر والقصّة والمسرح.

وحتّى أتقن أدوات الكتابة للطّفل، كان لا بدّ لي من الاطّلاع على المراجع التي تتحدّث عن أدب الأطفال من جوانبه كلّها، وعلى تجارب روّاد أدب الطّفل العربيّ من أمثال: كامل كيلاني في قصصه، وأحمد شوقي في ديوانه للأطفال، وسواهما،.. وكان من مخرجات هذا الاطّلاع أن أعددت كتابًا بعنوان ” المدخل إلى أدب الأطفال”، اعتمدته حينها كليّات عدّة منهجًا ومرجعًا لتدريس مادّة أدب الطّفل فيها، ثمّ تحقّق حلمي بأن نشرت قصائدي في كتب اللغة العربيّة في: الأردنّ، والجزائر، ودولة الإمارات العربيّة، وغيرها.

*شاع في الوسط الأدبي أنّ الكتابة للطّفل من أصعب أنواع الكتابة، ما رأيك في ذلك أستاذ؟ وكيف تعيش حالة الكتابة للطّفل؟

أتفق مع هذ الرّأي إلى حدّ كبير، وأرى أنّ الذي يريد الكتابة في أدب الكبار مثلاً ما عليه إلا أن يكون مبدعًا مالكًا لأدوات الكتابة في الجنس الأدبيّ الذي ينوي الكتابة فيه، أمّا من يريد الكتابة للأطفال فعليه أن يكون مثل كاتب أدب الكبار إبداعًا وامتلاكًا للأدوات، وفوق ذلك عليه أن يحسن الارتقاء إلى مستوى الطّفل، ولا أقول النّـزول، فالطّفل عالم راقٍ متّسع الآفاق، وطفل اليوم ليس كطفل الأمس، بما تيسّر له من وسائل التّقانة، وبما أغرقته به ثورة المعلومات والاتّصالات، فعلى الكاتب – حتّى ينجح في أداء مهمّته- أن يدخل هذا العالم ويواكب تطوّراته، وعليه أن يلمّ بمراحل الطّفولة وخصائصها المختلفة، كذلك يلزمه معرفة وسائط أدب الطّفل وثقافته، وخصائص كلّ وسيط، وأن يكون واسع الاطّلاع في الموضوع الذي يكتب للطّفل فيه، وعليه أن يستوفي شروط أديب الأطفال.

*قرأت في سيرتك الذاتيّة حصيلة ثقيلة ودسمة من المؤلّفات الموجّهة للطّفل ما بين شعر وقصّة ومسرح ، قد يُحيلنا هذا الأمر إلى طرح السّؤال مرّة أخرى بصيغة مغايرة: ما هذا الشّغف بأدب الطّفل؟، وكيف استطعت الكتابة في المجالات الثّلاثة: ( شعر، قصّة، مسرح؟ ).

أدب الأطفال روض نضر، والأجناس الأدبيّة فيه ثمرات تغري النّاظر بقطفها، تماما كما تغري الغارس بغرسها، وقد كتبت في مختلف الأجناس الأدبيّة أعمالا مطبوعة ومسموعة ومرئيّة، كتبت القصّة والرّواية، والمسرحيّة، والأشعار، وأغنيات الأطفال، وبرامج الإذاعة والتّلفاز، وبرامج الحاسوب، وأفخر أنّني شاركت بكتابة السّيناريو والأشعار لأوّل فيلم كرتونيّ عربيّ بالمواصفات العالميّة، هو فيلم فتح القسطنطينيّة – محمّد الفاتح، وهو أوّل عمل كرتونيّ يترجم ترجمة عكسيّة من العربيّة إلى الإنجليزيّة، إذ ترجم من قبل شركة أميركيّة.

إنّ إقبالي على الكتابة في مختلف الأجناس الأدبيّة كان مدفوعًا بالعناد والإصرار حينًا، وأحيانًا بتلبية حاجة مجلات الأطفال التي كنت رئيس تحريرها أو محرّرًا فيها، أو بناء على طلب دور النّشر التي كلّفتني بكيابة أعمال للأطفال. وفي ظنّي أنّ منْ يكتبُ الشّعر تنصاعُ لهُ – في الغالب- الأجناس الأدبيّة الأخرى من قصّة ومسرحيّة وسواهما،..

ولعلّ شاهدي على ذكاء محاوري في هذا اللقاء الزّميل الأستاذ عبدالله لالي، وسؤاله لي حول كتابتي في المجالات الثّلاثة، أنّني فزت بجائزة الملك عبدالله الثّاني للإبداع/الدّورة السّابعة، 2014 عن مجمل إنتاجي للأطفال( شعر، قصّة، مسرح، ..) في حقل الإبداع الأدبيّ، الأمر الذي يعني أنّني أوليت هذه الأصناف الأدبيّة عنايتي واهتمامي وكتبت للأطفال فيها، ولم تكن كتابتي فيها ترفًا.

*كتبتَ للطّفل في شتّى الموضوعات، فما هو المجال الأكثر إرضاء لقلمك وتلبية لشغفك العارم في الكتابة للطّفل ..؟

شعر الأطفال هو مدخلي إلى عالم الطّفولة وأدبها وثقافتها، وهو أحبّ أجناس الأدب إلى نفسي وقلمي، وفي ميدانه حصلت على عدّة جوائز عربيّة عن دواوين شعريّة لي، فكانت جوائز أنجال الشّيخ هزّاع بن زايد في دورتها السّادسة سنة 2001 عن ديواني: ( نُسيمات الطّفولة)، وجائزة عبدالحميد شومان سنة 2007 في حقل الشّعر عن ديواني ( همس البلابل)، والجائزتين الذّهبيّة والفضيّة في مهرجان الأردن الثّاني للإعلام العربيّ سنة 2015 في حقل أغاني الأطفال الإذاعيّة عن أغنيتين لي هما: ( في مِخبري الصّغير- ذهبيّة)، و(إنترنت- فضيّة).

إنّني حين أكتب قصّة للأطفال كثيرًا ما أضمّنها قصيدة أو أبياتًا من الشّعر، وحين أكتب مسرحيّة أكتب الأغنيات اللازمة لها، أمّا سيناريو الفيلم الكرتونيّ فتح القسطنطينيّة فلم أكتف بقصيدة الشّارة، بل ضمّنته قصائد عدّة، ذلك أنّه طويل (110 دقائق)، وموضوعه تاريخيّ ثقيل على الطّفل المتلقّي، فكانت الأغنيات بمثابة استراحات في ثنايا الفيلم. وتلا ذلك الفيلم الكرتونيّ أفلام أخرى كتبت فيها السّيناريو وكلمات الأغنيات منها: (رحلة الخلود) ومدّته 85 دقيقة، وفيلم ( مسرور في جزيرة اللؤلؤ) ومدّته 65 دقيقة.

والشّعرُ رفيقي، إذ حتّى في الأعمال الإذاعيّة جعلت أغنية في ختام كلّ حلقة تدور حول موضوعها، وعليه فأرى أنّ شعر الأطفال هو ما أحبّ أن أعرَف به ويُعرَف بي.

*في عصرنا هذا ( العصر الرّقميّ ) وعصر الصّوت والصّورة ذات الأبعاد الثلاثيّة، والأجهزة الإلكترونيّة التي تختزل العالم في شاشة عرض صغيرة ؛ هل تُراه الكتاب يصمد للمنافسة؟

يخطىء من يظنّ أنّ الكتاب إلى زوال، فهو عصيٌّ على الهزيمة، صامد ما شاء الله له أن يصمد، قد يخطف بريق التّقانة ومخرجاتها الأبصار برهة، لكنّ البقاء للكتاب، والزّوال لهذه الألواح والشّاشات التي قد يأتي ما يحلّ محلّها في أيّ وقت وأيّ حين، وقد نعى النّاعي الكتاب حين ظهرت الحواسيب الأولى، إلا أنّ الكتاب ظلّ مرموق المكانة، محلّ الاهتمام، بينما نجد في عالم التّقانة ما يلغي جديده القديم ويحلّ محلّه، أمّا الكتاب فيظلّ “في اللهب ولا يحترق”، وتمرّ به الأجهزة بمختلف أنواعها فيودّعها ويظلّ مقيماً.

إنّ متعة تصفّح الكتاب الورقيّ، والحميميّة التي تنشأ بين العين والحرف، تدفعنا إلى الاطمئنان على مستقبل الكتاب الورقيّ.

*هل حظي الطّفل في العالم العربيّ بمكانته التي يستحقّها من جانب الكُتّاب والمؤلّفين ، أمّ أنّ الكتابة للطّفل ما تزال محتشمة وتقتصر على مبادرات شخصيّة تعاني التّهميش والإقصاء .. ؟

أدب الطّفل العربي لم يتمّ الاعتراف به فعليًّا إلا في السّبعينيّات من القرن الماضي، حين بدأت الدّول العربيّة تؤسّس له المؤسّسات، وتعقد له المؤتمرات والنّدوات، وعليه فقد تأخّر اشتغال الكُتّاب بكتابة أدب للطّفل العربيّ، واقتصرت البدايات على مؤلّفات مدرسيّة ومجلات للتّلاميذ، وربّما وجد بعض الكُتّاب – في بدايات اشتغالهم بهذا الأدب- حرجاً في أنفسهم من مخاطبة الصّغار ، اقتداء بما فعل الفرنسيّ تشارلز بيرو حين كتب حكايات أمّي الإوزة ووضع اسم ابنه مؤلّفاً لها، فلمّا رأى رواجها وسرعة انتشارها، أعاد طبعها باسمه هو.

وكاتب أدب الطّفل في عالمنا العربي لا بواكي له، فلا المؤسّسات العامّة تعنى بدعمه، ولا دور النّشر – في أغلبها- تنصفه وتنظر إليه على أنّه شريك مهمّ في معادلة نشر كتب الأطفال، ولا الأهل والمربّون يؤمنون بأهميّة الكتب وما يكتب الكتّاب فيقدمون على دعمهم بشراء إنتاجهم، وعليه فقد اتّجه عدد من كتّاب/كاتبات أدب الطّفل إلى تأسيس دور نشر لترويج أعمالهم.

*في العالم العربيّ كُتّاب كثيرون يقدّمون للطّفل عصارة أفكارهم ورحيق قلوبهم، مَن أثار انتباهَك منهم، وما هي أشهر المؤلّفات الموجَّهة للطّفل التي تنصح أطفالنا بالإقبال عليها والنّهل منها؟

في عالمنا أسماء نجلّها ونحترمها، آمنت برسالة أدب الطّفل العربيّ، وشقّت درب أدب الأطفال في صخور صلدة، ويسّرت للجيل الجديد من كتّابنا الطّرق والمسالك، وقدّمت كثيرًا مما يبقى وينفع أطفالنا، ومن هؤلاء من غادرنا ونسأل الله أن ينفعه بما قدّم، ومنهم من ندعو الله أن يمدّ في عمره، فما أحوجنا إلى المخلصين الجادّين الذين بهم يرتقي أدب الطّفل العربيّ إلى مصافّ آداب الشعوب الأخرى التي سبقتنا في هذا المضمار.

لكنّ ما يعكّر صفو هذا اللون من الأدب، ويتطلب من الأهل والمربين الوعي والحذر، ويفرض عليهم مزيدًا من الوعي عند اختيار الكتب لأطفالهم، هذا الكمّ الهائل الغثّ الذي ازدحمت به أرفف مكتباتنا، والذي اقترفته زمرة من أدعياء أدب الطّفل، وزيّنوا أغلفته ولمّعوا ألوانه، وتسلّلوا به إلى منصّة كتّاب أدب الطّفلِ زورًا وبُهتانًا، ولم يكتفوا بخداع طفل متعطّش لكتاب يطالعه وحسب، بل خدعوا محكّمين في جوائز مرموقة، لم يكتشفوا زيف ما يكتب هؤلاء، لوم يكشفوا كذلك أن عملهم مسروق منقول من لغات أخرى.

إنّ من عوائق تقدّم أدب الطّفل العربيّ، غياب المؤسسات والتّشريعات الرّادعة التي تضبط الملكيّة الفكريّة وما اتّصل بها، وتنظم عمل أدباء الطّفل العربيّ وتنظم علاقاتهم، وتسعى إلى الارتقاء بهذا الفنّ الذي يسهم في تنمية الطّفل كما يسهم الغذاء في نموّه.

* كنت رئيسا لتحرير مجلّة ( وسام ) للأطفال، التي تصدر عن وزارة الثّقافة الأردنيّة، ولك تجربة غنيّة مع صحافة الطّفل، كيف تنظر إلى هذه التّجربة؟ وما هو تقييمك لها؟

مسيرتي الاحترافيّة في صحافة الطّفل بدأت سنة 1983 حين أصدرنا في الأردنّ مجلّة (أروى)، التي صدرت بترخيص من فرنسا، لصعوبة الحصول على ترخيص لإصدار الصّحف والمجلات في ذلك الحين، وكنت مسؤول التّحرير فيها، فكانت تجربة عربيّة مبكّرة لاقت إقبالاً لافتًا من الأطفال المتعطّشين في الشّرق والغرب، وتيسّرت لها سبل النّجاح، وطبعت بواقع 45000 نسخة حتّى توقّفت سنة 1987.

ثمّ كانت مجلّة (فراس)، التي صدرت سنة 1991 بترخيص بريطانيّ للسّبب ذاته، ومن الطّبيعيّ أن تكون أكثر نجاحًا من سابقتها، وقد تزامن صدورها مع أزمة العراق التي دفعت بعدد كبير جدًّا من الزّملاء الكتّاب والرّسّامين إلى الاستقرار في الأردنّ، واستعنت بهم، ووظّفت إبداعاتهم في الكتابة والرّسم للمجلّة، إلى جانب كتّاب ورسّامين من مختلف الدّول العربيّة، وكانت تطبع في برشلونة ثمّ بيروت وبواقع 25000 نسخة.

أمّا مجلّة (براعم عمّان) فكانت تصدر عن أمانة عمّان الكبرى، وكنت مدير تحريرها منذ سنة 2000 ، وكانت تعنى بالشّأن المحلّي إلى جانب الموضوعات العامّة التي تهمّ الطّفل.

وممّا أسهمت به في مجال صحافة الطّفل العربيّ، تأسيس مجلّة (فرسان) التي صدرت في أبو ظبي، ومجلّة ( القمر الصّغير) التي صدرت في سوريّا، ومجلّة (أدهم) التي صدرت عن جمعيّة رعاية الحيوان في الأردن، واقتصر دوري في هذه المجلات على التّأسيس ليتولّى زملاء آخرون مواصلة العمل فيها.

أمّا المحطّة الحاليّة في مسيرتي في صحافة الطّفل، فهيَ تسلّمي مهام رئاسة تحرير مجلّة (وسام)، التي تصدر عن وزارة الثّقافة في الأردنّ، وممَّا سعينا إليه أنا وزملائي حال تسلّمنا المهام هو فتح القنوات مع الزّملاء الكتّاب والرسّامين العرب، وتخصيص زاوية ثابتة في كلّ عدد (حكاية من بلد عربي)، تتناول الحكايات الشعبيّة العربيّة، ويكتب كلّ قصّة كاتب من البلد ذاته، وأولينا إبداعات الأطفال وكتاباتهم نصيبًا وافرًا من صفحات المجلّة، وعملنا على تعزيز مواهبهم من خلال زاوية فارس العدد التي ننشر فيها في كل عدد مقابلة مع طفل مبدع، كما أولينا المسرح اهتمامنا فخصّصنا له زاوية ثابتة، وخصّصنا للعلم زاوية ننشر فيها أحدث ما توصّل إليه العلم، ونسعى لتطوير الأبواب باستمرار سعيًا منّا لشدّ اهتمام قرّاء المجلة، وتقديم مادّة تليق بهم وتلبّي احتياجاتهم.

*للأستاذ محمّد جمال تجربة أخرى لا تقلّ ثراء وأهميّة، في مجال آخر، وهي العمل مع فرقة (زها المسرحيّة)، والمشاركة بها في مختلف التّظاهرات والنّشاطات الثّقافيّة، ماذا أضافت لك هذه التجربة؟ وهل نعدّها انتقالاً من التّنظير والإبداع إلى التّطبيق والممارسة؟

لمسرح الطّفل حيّز جميل في ذاكرتي يمتدّ إلى مرحلة الدّراسة الإعداديّة، حين تدرّبنا على مسرحيّة باللغة الإنجليزيّة (أوليفر تويست- لتشارلز دكنـز)، وفرض عليّ أداء دور (نانسي) الفتاة التي تهتمّ بـ” أوليفر”، نزيل ملجأ الأيتام، وتنقذه من العصابة الشرّيرة، ذلك أنّ وزارة التّربية حينها رفضت وجود تلميذة من المدرسة المجاورة بين التّلاميذ تؤدّي هذا الدّور، ثمّ توالت الأعمال المسرحيّة التي شاركت فيها بين: التّمثيل، والإخراج، وكتابة كلمات الأغنيات، وغيرها، إلى أن طلب إليّ أنا وزميلي أ.يوسف بري تأسيس فرقة مسرحيّة للأطفال في مركز زها الثّقافيّ، فأسّسناها وتبادلنا الأدوار معًا بين التّأليف والإخراج، وأنجزنا عددًا من مسرحيّات الأطفال التي عرضت في المهرجانات المحليّة مثل: مهرجان جرش، والعربيّة مثل: مهرجان أسوان لمسرح الطّفل، ومهرجان الشّارقة القرائيّ، كما عرضت في المراكز الثّقافيّة الأردنيّة، وعلى خشبة مسرح مركز زها الثّقافيّ.

ومؤخرًا قمنا بتأسيس الفرقة الأردنيّة لمسرح الطّفل التي أتشرف برئاستها، ونخطّط من خلالها لإقامة مهرجان مسرحيّ، وتنفيذ ورشات عمل ودورات في مجال مسرح الطّفل ومسرح الدّمى.

*كان لك في مهرجان الشّارقة القرائيّ 2017 صولات وجولات عديدة، ما هي رؤيتك لهذا المهرجان؟ وماذا قدّم للطّفل العربيّ برأيك؟

مهرجان الشّارقة القرائيّ – في نظري- أهمّ مهرجان ثقافيّ عربيّ للأطفال، يمتاز بحسن التّنظيم، والتنوّع في أنشطته وفعاليّاته، وأهميّة المحاور المتجدّدة التي يطرحها في كلّ عام من خلال ندواته ولقاءاته، والذي لا يقلّ أهميّة عن ذلك كلّه هو تواجد المعنيّين بثقافة الطّفل من العرب والأجانب، الأمر الذي يعدّ فرصة للتّواصل لا تتحقّق في مهرجان آخر، ولعلّ كتّاب أدب الطّفل في الوطن العربيّ ودون استثناء يتطلّعون إلى هذا المهرجان، ويترقّبون فرصة المشاركة فيه كلّما تيسّرت لهم ظروف المشاركة.

وللحقّ أقول: إنّ كرم الضّيافة وحفاوة القائمين على المهرجان بالضّيوف والمشاركين تضفي على المهرجان نكهة مميّزة لاتتوفّر في مهرجان آخر، وأجدها فرصة لأتوجّه بالشّكر والتّقدير والاحترام إلى حكومة الشّارقة، وهيئة الشّارقة للكتاب، والقائمين على المهرجان كافّة.

*كلمة تقولها لكُتَّاب ومبدعي أدب الطّفل، وأخرى للأطفال .. من أعماق القلب؟

لزميلاتي وزملائي كاتبات أدب الطّفل وكتّابه ومبدعيه أقول: لقد خصّكم الله عزّ وجلّ بموهبة إبداعيّة، وحمّلكم أمانة عظيمة هي أمانة الكلمة، فاحرصوا على أدائها على الوجه الأكمل، طوّروا أساليبكم وأدواتكم، واحرصوا على الاطّلاع على ما يصدر في العالم من حولنا للأطفال، وازرعوا في جمهوركم من الأطفال حبّ المعرفة والعلم والتقدّم، مع المحافظة على الأصالة والاعتداد بالأمّة وتاريخها وحضارتها.

أمّا الأطفال فأتمنّى لهم حياة سعيدة، وأغبطهم على العصر الذي يعيشون فيه، والذي يجدون فيه وسائل الرّاحة ووسائط العلم والمعرفة والتّرفيه والتّسلية، لكنّني وسط ذلك كله أوصيهم بالوعي والحذر، وأقول لهم: أنتم أبناء أمّة عظيمة سادت الدّنيا بالرّحمة والأخلاق والعلم، أجدادكم كان منهم العلماء والعظماء والحكماء، وكتبهم ومؤلّفاتهم ترجمها الغربيّون وظلّوا يدرّسونها في جامعاتهم، ولتعلموا أنّ شمس أمجادكم سوف تسطع على الكون من جديد، شريطة أن تتمسكوا بالعلم والأخلاق وسعة الاطّلاع.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock