حوارات

المخرج الجزائري “محمد شرشال”: أخيرا.. وبعد أربعة عقود من المسرح.. أنصفني التاريخ والجمهور!


المسرح نيوز ـ الجزائر| حاوره: محمد علال 

ـ

 

في المشهد الثقافي بالجزائر، هناك أنواع مختلفة من البشر،،، هناك من نحبهم و يحبوننا،، من نختلف معهم فيكرهوننا … هنا المبدع و أشباه المبدعين … في المشهد الثقافي هناك كل شئ هناك الدعارة الثقافية و التجارة الشريفة …هناك من يحقد و يكره و يتكبر و هناك من يحب و يخجل و يتواضع .. بالنسبة لي فالمخرج محمد شرشال الذي أعرفه منذ سنوات هو محطة للجمال و الحب و الإختلاف في الأراء دون حقد و لا كره ..لهذا أنا سعيد بما يحققه من نجاح و سعيد جدا لأنه احتفل بالعام الجديد بفرحتين، الأولى تتويج عمله”ما بقات هدرة” بجائزة أحسن عرض متكامل، ضمن فعاليات الدورة الثانية عشر للمهرجان الوطني للمسرح المحترف،

والفرحة الثانية سفره الأسبوع القادم إلى تونس لتمثيل الجزائر ضمن مسابقة المهرجان العربي للمسرح بالمسرحية نفسها، لقد جاء التتويج في الوقت المناسب، بالنسبة للمخرج محمد شرشال، بعد حوالي أربعة عقود من العمل والمثابرة، وقد عرف في السنوات الأخيرة كيف يرسم خطا ذهبيا بينه وبين الجمهور، عبر الرهان على الفرجة، فبعد أن قدم قبل سنتين مسرحية “الهايشة”،عاد بمسرحية “ما بقات هدرة” ليحاور الصمت وأصوات الطفولة ويغازل أحلام الجمهور.

 

في حواري معه قال أن “التاريخ والجمهور أنصفاني بعد 35 سنة من حب المسرح”..ياااااااه 35 سنة و لم يتعب الرجل في عشق الفن الرابع في هذه الفترة كان المسرح الجزائري محطة لعدة أخبار محزنة،،، اغتيال علولة و مجوبي و الشاب حسني و طاهر جاووت و عشرات المثقفين ..كان الفن تهمة بالنسبة لأعداء الحياة و كان المثقف كالقابض على جمرة من نار ….و رغم ذلك لم ينقطع حب شرشال و غيره من المثقفين لأبو الفنون .. لهذا ألف تحية لهذا الجيل الجميل، الذي نتعلم منه الكثير كل يوم .

نص الحوار كاملا:

كيف تصف تتويجك بجائزة المهرجان الوطني للمسرح المحترف؟

 

فرحتي لا توصف، أظن أن الوقت والتاريخ والجمهور أنصفوني بعد سنوات من العمل والمثابرة والتعب، وحب المسرح، بعد خمسة وثلاثون عاما من الكد والاجتهاد، لا أقول أنني وصلت إلى القمة، ولكن هذا محفز لمواصلة تجربتي المسرحية، وإمتاع الجمهور وهو النوع المسرحي الذي اخترته لبقية حياتي، لأول مرة يحدث هناك إجماع في المهرجان على عرض واحد، طيلة أيام المهرجان، ومع احترامي الشديد لكل لجان التحكيم السابقة، إلا أنني اعتبر هذه اللجنة مميزة لما تتمتع به من مصداقية كبيرة في الوسط الجزائري، وسعيد لأنهم اعترفوا بالمجهودات الكبيرة التي بذلتها في العرض.

راهنت على الفرجة وهو خيار غير سهل؟

 

أود التنويه إلى أنني أهديت التتويج إلى كل المخرجين الذين يؤمنون بمسرح الفرجة، وأخص بالذكر فوزي بن براهيم، أحمد رزاق، احمد بن عيسى، وكل المخرجين الأصدقاء الذين شاركوا في المهرجان والذين أكن لهم كل التقدير والاحترام، ومن منطق المحبة الدائمة أقول هذا الكلام، لأنني من دونكم أنا لا شيء، والمسرح الوطني يحتاج إلى تضافر الجهود ونحتاج إلى المحبة بيننا والعمل معا من أجل تقديم الأفضل، فالربيع المسرحي يصنعوه المبدعون جميعا ولا يصنعه شخص واحد فقط.

 

الرهان عليها (الفرجة) كان أمرا ضروريا، لأنني أعتبر أن المسرح خلق أصلا للمتعة، لدي شركاء في نجاح العمل ولست وحدي من يصنع العرض، ويجب أن تصل المسرحية بكل ما فيها إلى الجمهور، وهذه طريقتي في التعامل مع خشبة المسرح، صحيح كانت بدايتي مختلفة حيث عملت على مسرح الخطابة والجوال وعدة أنماط، والجمهور يبحث عن المتعة في نهاية الأمر، يجب أن يكون العرض ممتعا، المتعة اللفظية والسمعية والمرئية، كل حواس الجمهور الجالس أمام العرض يجب أن نهتم بها ولا يجب أن نخاطب حاسة واحدة فقط، لأننا كمخرجين مسرحيين كأشجار الأحلام، يجب أن أعطي المتفرج حلما جميلا، بغض النظر عن الظروف التي صمم فيها العرض.

 

في رأيك أين تكمن قوة مسرحية “ما بقات هدرة”؟

 

الهدف هو الإبهار وأن نقول ما لا يستطيع المتفرج القيام به، نخاطب أحلامهم ونحاورها بالنيابة، فالفنان المبدع يستطيع إنجاز ما لا يستطيع الإنسان العادي إنجازه في محاورته للأفكار والأحلام، وهذا ما يتطلب الكفاءة، والمسرح فن جماعي وليس فردي. لهذا لا أستطيع أن انسب النجاح لي وحدي فقط، هناك فريق كامل من ممثلين فوق الخشبة وهم في حقيقة الأمر روح العرض المسرحي، وبالنسبة لي الممثل مبدع وليس آلة أحركها كما أشاء، الهدف هو التعامل مع الممثل كفاعل أساسي وفق الوحدة العضوية للعرض، التي تتشكل مع السينغرافيا والموسيقى وحتى العمال، حيث يحتاج الأمر الإتقان في الأداء بشكل متناغم، وفي مسرحية “ما بقات هدرة ” اعتمدت على الكفاءات الكبيرة منهم السينوغرافي عبد المالك يحيى ومصمم الموسيقى حسان لعمامرة وممثلين أكفاء كان كل واحد منهم نجما فوق الخشبة.

 

متى نشأت فكرة المسرحية وماذا تعني؟

 

مسرحية “ما بقات هدرة ” هي رحلة البحث عن أصواتنا التي ضاعت، فقد أصبح كل واحد لا يستمع إلى لصوته الخاص، لهذا أنزع الكلام من شخوصي، بعد أن توقف الزمن وتوقفت معه الفصول، وطال الصيف الحارق الجاف وعم قحطه على المكان، لقد جعل المهرجون يلتقون عند المنبع ليحصلوا على قطرة الماء مرة كل أربعة وعشرين ساعة، محاولين إيجاد حل يعيدون به فصل الشتاء، وذلك المشكلة أنهم لا يسمعون لبعضهم البعض ويتكلمون في وقت واحد. هذا التصرف جعل الشرطي يلجأ إلى حل متطرف وحرمانهم من الكلام، وهكذا يجد المهرجون أنفسهم أمام مشكلة جديدة إضافية، عدم القدرة على الكلام، فيقرروا الذهاب في رحلة البحث عن أصواتهم. رحلة تبدأ حين يحطون الرحال بمدينة الأصوات الداخلية، إنها مسرحية من نوع مسرح العبث التي يعطي المخرج حرية كبيرة في الخيال، من خلال النص وما بعد النص، البحث يكون عن أصوات الحقيقة المطلقة، يصلون إلى مصدر الحالة وطفولتهم، فالابن هو أب البالغ في النهاية، أصواتنا الحالية هي قادمة من طفولتنا.

كيف تنظر إلى مستقبل المهرجان الوطني للمسرح في ظل ضغط الميزانية؟

 

أتمنى أن تزول مرحلة التقشف، وصراحة أقول أنني ألاحظ أن المهرجان يعرف تطورا من ناحية مستوى العروض، فما يقدم اليوم يتحسن والمبدعين حذرون جدا فيما يقدمون من اقتراحات نوعية العروض إلى أكثر تميز، ونحن بحاجة إلى الدعم المالي بلا شك، خصوصا لإنجاز مسرح الفرجة، من الممكن إنجاز مسرحية بميزانية متواضعة وقد شاهدنا عروضا أنجزت بصفر دينار مثل عرض مسرح سيدي بلعباس، والأدوات التي استخدمها مسرح مستغانم، ولكن أتمنى أن تنتهي مرحلة التقشف ويتم توفير ما يمكن توفيره لإنجاز عروض كبيرة.

 

كنت قريب من الوزير بعد تتويجك، هل نقلت له هذه الانشغالات؟

 

الوزير قبل أن يكون مسؤول فهو صديق، وعلاقتي به لا تحتاج لاقتناص فرصة المهرجان، فهو دائما يفتح قلبه وأبواب الوزارة، وقد سبق وأن نقلت له انشغالات ويعرف جيدا أفكاري حول تطوير المسرح، وقد أبلغته بها قبل هذا الموعد، ولكن موعد المهرجان كان بالنسبة لي للفرح، كنت جد سعيد فوق الخشبة بالتتويج وكنت أعيش لحظة هامة في حياتي.

هل تكمن أهمية التتويج أيضا لأنه يأتي قبل أسبوع من سفرك إلى تونس لعرض المسرحية وتمثيل الجزائر في مسابقة المهرجان العربي للمسرح؟

 

لقد وقع الاختيار على مسرحية “ما بقات هدرة” لتمثيل الجزائر من بين 13 مسرحية، وقد جاء هذا الاختيار قبل فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف، وهذه مسؤولية جديدة، كما تعلم فإن المهرجان العربي لا يمنح إلا جائزة واحدة وهي ” جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي” لأفضل عرض مسرحي عربي”، وطبعا أتمنى أن أفوز بها، ولكن المهم في هذه التجربة هو أنني سأسافر لأول مرة مع العرض، حيث سبق وأن تم اختيار مسرحيتي “بيت النار” عام 1993 للمشاركة في القاهرة وذهبت المسرحية، ولم أستطع السفر معها، والشيء نفسه عام 1996، حيث رشحت مسرحتي لمهرجان قرطاج، ولم أتمكن من الذهاب لأسباب خاصة، وهذه المرة الأولى التي سأسافر فيها مع مسرحتي إلى الخارج، أتمنى أن أكون سفيرا جيدا للجزائر وأعود بالجائزة، ولكن المهم بالنسبة لمساري أيضا هو لقاء كبار صناع المسرح العربي، هذا محفل عربي هام ومسرحية “ما بقات هدرة”، ستعرض مرتين يوم 11 جانفي بالمسرح البلدي بتونس العاصمة.

الخبر الجزائية


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock