المسرحي حيدر عبد الله الشطري يكتب: آليات الخطاب المخصوص والمحمول في عرض مسرحية “دعبول والمارد الأكول”

المسرح نيوز ـ العراق| حيدر عبد الله الشطري
ـ
يتشكل الخطاب المسرحي في مسرح الطفل من خلال طابعه الخاص وهويته التي تتسم بها وكذلك نوعية الوظائف التربوية والتعليمية والترفيهية التي يؤديها والتي بالتالي تحدد الهدف الأساس له والغاية التي يسعى اليها العاملين فيه. انطلاقا من ذلك دأب العاملون على عرض مسرحية ( دعبول والمارد الاكول ) ان يكون خطابهم الجمالي والتربوي معتمدا على هذه الركائز المهمة لاقتراح عرض درامي مسرحي موجه للأطفال. النص :- فقد اعتمد كاتب النص الكاتب عدي المختار على لغة بسيطة مستقاة من الكشكول المعجمي للغة الطفل ولم يكن يحتاج الى لغة قاموسية لا يفهمها الطفل واعتمد على مفردات يومية متداولة منحوتة بشكل تثير هواجس الطفولة نحو البحث والاكتشاف الذي يكون في متناول اليد وليس صعب المنال . فهي لغة وصفية اشارية تحدد المعنى بصورة واضحة وجلية استهدفت الفئة العمرية (8-15)سنة.
اقترح النص موضوعته التي اثارها مراعيا أيضا الفئة العمرية المذكورة بعرض موضوع خيالي أساسه السفر الى عالم اخر عبر وسيلة نقل معتمدة لذلك .فاتسمت حبكة النص بالركون نحو بالبساطة والابتعاد عن التعقيد فالسبب والنتيجة واضحان ويتضحان بصورة جلية وليست مضمرة. يبدأ النص بعرض موضوعته علي سعي دعبول وصديقه نحو البحث والاستقصاء حول ما يمنعه الجد من اطلاعهم عليه وما يترتب على ذلك من نتائج غير مأمونة والتي سيطرحها النص لاحقا باعتبارها أساسا لصراع ما بين مشيئتين كل منهما تبحث عن الحقيقة وان اختلفت زاوية النظر .
وقد تأسس هذا الخطاب على فعل ربما لا يقبله الطرح التربوي المخصوص لنص مسرحي موجه للطفل وهذا الفعل هو السرقة التي يقوم بها دعبول وصديقه لجهاز الحاسوب العائد للجد مفتاح والتي ظهرت في خيال الظل في بداية العرض , وقد كنا ننتظر ان يتأسس خطاب هذا النص على سلوك إيجابي فاعل وكذلك فعل تبريري مقنع يوضح أسباب إخفاء الحاسوب من قبل الجد عن احفاده باعتباره جهازا من الممكن الإفادة منه في توعية وتعليم الأطفال فيما لو تعرفوا على اسراره وخباياه وكذلك كونه الجهاز الدال على المفتاح الذي يفتح مغاليق الحقيقة الغائبة . اشتمل النص على الكثير من الإشارات الكوميدية التي طرزته من خلال الملفوظ الحواري الذي يركز على المفردة التي يكتمل معناها ودلالتها الكوميدية باكتمال فعل التلقي بين الباث والمستقبِل وكذلك في الإشارات الحركية التي تشير الى ذلك. ولكي تتماهى رسالة النص وتتسق مع شعار المهرجان المعلن والذي يدعو لبناء جيل ينهل من منهل الشهادة والثورة الحسينية في معانيها السامية انسحب النص باتجاه تأكيد هذه الرسالة عبر عملية تفسير الحلم التي قسرت من اجل ان تتطابق مع ذلك. وهكذا يتجه النص نحو تأكيد ثيمته الرئيسية التربوية في توجيه الطفل نحو اهداف نبيلة يسعى اليها خطاب مسرح الطفل دائما.
نص العرض : اجتهد مخرج العرض في فهم اليات المعالجات الاخراجية المعمول بها في هكذا نوع من المسرح وذلك بتسليط الضوء على التشكيلات البصرية لفضاء العرض على حساب غيرها من الاليات التي تؤسس لخطاب العرض. فسعى بذلك الى تأسيس وتأثيث مكان العرض عبر لوحات صورية ثابتة بمساعدة الإضاءة للبيت وكذلك لقصر الملك والتي رُسمت معالمه من خلال الداتا شو دون اللجوء الى تجسيد ذلك عبر ديكور مسرحي مباشر يعبر عن ذلك . واقتصد صانعوا العرض في طريقة تقديم عناصره وابتعدوا عن تحشيد الفضاء بما يراكم مكوناته بشكل زخرفي وادخروا كل ما يحتاجونه لذلك في اللحظة الدرامية المتحفزة لتعزيزها فلم تستخدم سوى الدراجة والكرسي والبالونات التي انتقل عبرها الممثلون الى الزمان والمكان الاخر .
حاول مخرج العرض الفنان عبد الحسن نوري ان يعمل على ان يكون عمل الممثل متسقا مع السمات البدنية والنفسية والعمرية للشخصية , فنجد ان شخصية دعبول وصديقه حسن والتي تتسمان بخفة الحركة والظل واللذان كانت حركتهما بالتوافق مع ذلك , وأيضا شخصية المارد السمين التي تجنح نحو الكوميديا غالبا في أدائها الحركي والشكلي والتي وفق المخرج في اختيار زيها بما يوحي من دلالات تشير الى أدوات التواصل الاجتماعي الالكترونية والتي تسيطر على العلاقات الإنسانية حالي ( فيس بوك ,تويتر, وغيرها ) والتي أشار اليها المخرج اكثر من مرة باعتبارها أدوات تواصلية وتفاعلية بين الناس في الانتقال عبر (غوغول ) الى اقاصي بعيدة .
وكذلك لم يدخر المخرج من جهد في تطويع ادواته في الاستفادة من إمكانيات الخشبة بكل مكوناتها في رسم معالم عرضه بصورة جيدة لكنه لم يستطع ان يقدم مشاهدا متعددة وفق الانتقالات المتعددة للشخصيات بطريقة سلسة ومنظمة وبإيقاع منضبط وفاعل وانما وقع في فخ التراتبية في عرض المشاهد المتعددة بفعل عدم توفر الإمكانيات الفنية لذلك مرة ,وأخرى بسبب غياب الفعل الاخراجي الذي يجب ان يعمل على سد الفراغات وتلوين البياضات المتشكلة في بنية العرض. وهكذا استطاع كادر مسرحية دعبول والمارد الاكول ان يقدوا لنا وجبة مسرحية اشتملت على الكثير من اشتراطات العرض المسرحي للطفل بجهود استثنائية من الجميع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock