مسرح طفل

“المهرج وبائع الحصر”.. نص مسرحي للأطفال تأليف: منتجب صقر


المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص

ـ

 

 

مسرحية للأطفال

 

 

منتجب صقر

 

يدخل ثلاثة جنود يلبسون لباساً أسوداً إلى منتصف الخشبة وهم يحملون سيوف خشبية. يقوم الجندي الأول بقرع طبل قرعاً مدوياً بينما يأخذ الثاني بمراقبة المكان وتجميع المارة (من ثلاثة إلى خمسة أشخاص) أما الثالث فيخرج من جعبته ورقة طويلة ويبدأ الكلام بصوت عال ٍ:

 

“يا أهل القلعة.. اسمعوا هذا الأمر الجديد.. والحاضر يعلم الغائب..

هيا اسمعوا واعووا ما سأقوله لكم..

 

قرر الحاكم الجديد أن يأخذ جميع الأطفال من فوق سن العاشرة. من لديه طفل عليه أن يسلمه لنا ليحضرونه إلى قصر الحاكم.. سيتلقى الأولاد تربية عسكرية وستقوم الفتيات بخدمة زوجة الحاكم. هذا قرار حاكم القلعة المعظم ومن سيخالفه سيلقى حتفه”.

 

تركض امرأة وهي تدفع طفلها أمامها وترتبك ذعراً. يبدأ الجنود (بلباسهم الأسود) بتفتيش القلعة بحثاً عن الأطفال وهنا نراهم يوقفون المارة ويسألونهم ثم يتركوهم. يسمع قرع الطبول قوي بحيث يثير حالة من الفوضى على المسرح. في نفس الوقت يدخل بعض الرجال والنسوة محاولين تفادي نظرات الجنود والهروب بأطفالهم بعيداً.

يخرج الجنود ويدخلون إلى الخشبة على أصوات قرع الطبول.

 

يدخل بائع الحصر وهو رجل مسن في الستين من عمره. يبدو عليه التعب فهو يمشي ببطء ويحمل رزمة حصر على كتفه منادياً بصوت حنون:

– بائع الحصر:

حصر.. حصر.. قماش من أفخر الأنواع.. هندي.. عجمي.. ما أحلاك يا قماش.. هيا يا أهل القلعة تعالوا وانظروا إلى هذا القماش الجميل.. يا الله يا حصر.. حصر جميلة ورخيصة.. هيا أيها الناس.. تعالوا واشتروا هذه الحصر الناعمة وهذا القماش ذو الألوان الجميلة.. رخصة وفرصة..

يحاول بائع الحصر إيقاف رجل يحمل ابنه ويسير متستراً نحو عمق الخشبة كي لا يلاحظه الجنود.

 

– بائع الحصر:

مهلاً أيها الرجل. قل لي ماذا يحصل في القلعة ؟ لماذا يركض الناس بخوف ؟

الرجل بصوت خائف:

ليس لدي وقت أيها الرجل الطيب.. يجب أن أهرب.. اعذرني..

ثم يخرج الرجل بسرعة.

يجلس بائع الحصر على الطرف الأيمن لخشبة المسرح، يستند على الحائط ويضع حصره بجانبه ثم يتنهد قائلاً :

– بائع الحصر:

يا إلهي، ما الذي يحل بهذه القلعة الجميلة ؟

كم كنت أسعد بالتجول فيها. في الماضي كنت أبيع القماش والحصر للناس وأتحدث معهم. لقد كانوا سعداء يمضون إلى عملهم دون خوف.. أكاد لا أعرف هذه الشوارع وهذه الأسوار. أمر غريب يحصل.. ربما أن طبول الحرب تقرع..

 

يمر جندي ومعه فتى يافع وهو يبكي. تلحقه أم الطفل وتتوسل إليه ليعيده إليها دون جدوى.

– المرأة:

أرجوك أيها الجندي الطيب.. أعد لي طفلي الوحيد.. أرجوك.. أتوسل إليك..

– الجندي:

اغربي عن وجهي أيتها المرأة.. ليس لدي وقت لأضيعه.. هيا..

تخرج المرأة صرة من المال وتظهرها للجندي.

– المرأة:

خذ هذا المال وأعد إليّ طفلي.. أرجوك افعل ذلك..

– الجندي:

تقولين مال ؟ أرني ذلك..

يأخذ الجندي المال دون أن يعيد الطفل.

– الجندي:

اغربي عن وجهي أيتها المرأة.. ليس في اليد حيلة.. أنا أنفذ الأوامر فقط..

– المرأة تتوسل إليه:

ولكنك أخذت المال.. أعد لي طفلي إذاً..

– الجندي:

هه.. لن أعيد لك لا المال ولا الطفل.. اغربي عن وجهي وإلا اعتقلتك..

 

يدفعها بقوة ويمضي وهو يضحك بسخرية.

تخرج المرأة باكية.

 

– بائع الحصر:

يا لقسوة ذلك الجندي الظالم.. لم يعد هناك حياء ولا نخوة.. حسبي الله ونعم الوكيل.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

ما هذا الجنون الذي يصيب المدينة..

يقترب من المرأة الباكية ويخاطبها بصوت حنون:

– بائع الحصر:

ما الذي يجري في هذه المدينة أيتها المرأة ؟

تبكي المرأة وتلتقط حاجياتها ثم تقول بصوت متهدج:

– المرأة:

سيأخذون الأطفال جميعاً. كم هم ظالمون..

ثم تخرج وهي تبكي.

– بائع الحصر:

كم هو مؤثر هذا الموقف.. يا لهذه المرأة المسكينة.. أخذ الجندي طفلها منها عنوة.. كم هو شرير وغبي..

يستمر دخول وخروج بعض الرجال والنساء. يدخل الأشخاص نفسهم ويخرجون أحياناً يرافقهم طفل أو اثنان..

صمت طويل.

يتحسر بائع الحصر ويتنهد ثم يجلس مستنداً على حائط في عمق الخشبة. يرافق هذه الحالة موسيقى حزينة. تنتهي بظهور المهرج على الخشبة وهو يحمل بالوناً. ينفخه ثم يعقده ويلهو به كأنه كرة. المهرج قصير ونحيف، وجهه طفولي ويبدو كأنه طفل صغير لا يكف عن الحركة. يلبس بنطالاً أحمراً وقميصاً ذو ألوان مختلفة.

يقول موجهاً كلامه للأطفال في الصالة:

– المهرج:

صباح الخير أيها الأطفال.. كيف حالكم اليوم.. أنا المهرج السعيد.. ألعب وألهو دائماً.. يسمونني المهرج لأنني أضحك الجميع.. الصغار والكبار.. الكل يحبني في هذه المدينة..

يلعب بالبالون

كل ما في العالم يشبه هذا البالون.. ما إن تعبئه بالهواء حتى ستغير شكله ويسقط كأنه يريد الهرب.. يا لطيف هذه الأشياء تثير ضحكي.. ربما أن للبالون عقل وروح.. من يدري.. أنا لا أدري شيئاً.. أحب اللهو.. هذا أهم شيء في حياتي.. سوف أدعه يتكلم:

مخاطباً البالون:

مرحباً أيها البالون..

يضعه عند أذنه

– المهرج : ماذا؟ تريد أن تطير؟ حسناً سوف أدعك تطير..

يرميه في الهواء ويدفعه نحو الأعلى كي لا يسقط ثم يلتقطه بقوة فينفجر بين يديه.

ثم يبكي كطفل صغير ويحزن على بالونه ويقول.

– المهرج: أوه.. لقد انفجر بالوني.. وأنا أيضاً أريد أن أنفجر..

ينتبه لوجود بائع الحصر فيلتف حوله ويراقبة لبرهة ثم يقول له:

– المهرج: مرحباً أيها الرجل العجوز.. ما أجمل هذه الحصر التي بحوزتك.. لديك كل هذه الحصر وتجلس على الأرض؟ يا إلهي.. لماذا تفعل ذلك.. هل ستبيعها؟

يضحك ويومئ بعض الحركات المضحكة علّه يثير انتباهه ويفرج عن كربه.

– المهرج:

مرحباً.. أيها الرجل الطيب..

أيها الرجل العجوز..

أيها الرجل الطيب العجوز..

أيها الرجل العجوز الطيب..

لا تريد أن تتكلم معي ؟

حسناً سأستعين بأصدقائي الأطفال :

ينظر إلى الأطفال الجالسين في الصالة ويطلب منهم المساعدة:

ألا يجب الرد على التحية يا أصدقائي الأطفال ؟

هيا أيها الأطفال ساعدوني.. دعوا هذا الرجل الطيب يرد علي.. نادوا معي :

يردد الأطفال جمل “أيها الرجل الطيب”، “أيها الرجل العجوز”، “أيها الرجل العجوز الطيب”.. يستمر المهرج بالتوجه للأطفال لبرهة ثم يلتفت نحو بائع الحصر ويقول له:

حسناً سوف أفتح رزمة من هذه الحصر واجلس عليها إذا لم تجبني..

 

يتنهد بائع الحصر ويستند من جديد على الحائط ثم يقول بصوت متقطع:

– بائع الحصر:

أهلاً أيها الشاب.

يضحك المهرج بقوة وينظر إلى الأطفال في الصالة ويقول:

– المهرج:

يناديني بالشاب.. يا لسعادتي.. أنا شاب قوي..

يقوم بحركات تظهر قوته ثم يلتفت إلى بائع الحصر ويقول له :

– المهرج:

عندك الكثير من الحصر وتجلس على الأرض ؟ هذا أمر مضحك.. مضحكٌ جداً..

– بائع الحصر:

لا أستطيع الجلوس على هذه الحصر فأنا أبيعها وأكسب قوتي من ذلك البيع.. هل فهمت يا بني ؟

يضحك المهرج ويلتفت نحو الأطفال قائلاً لهم :

– المهرج:

يقول لي يا بني.. يا لسعادتي أنا ابنه.. مرحباً بابا!!

ثم يلتفت نحو بائع الحصر:

– المهرج:

أنا مهرج المدينة أيها الرجل الطيب.. ألا يبدو عليّ ذلك ؟ انظر إلي، بإمكاني القيام بحركات بهلوانية مسلية.. هكذا..

يؤدي حركات بهلوانية ثم يلتفت للأطفال في الصالة ويقول :

– المهرج:

هل تحبون حركاتي البهلوانية أيها الأصدقاء ؟

يردد الأطفال بأصوات متقطعة : نعم..

يضحك بائع الحصر ويقول له :

– بائع الحصر:

حسناً كما تشاء.. كيف حالك أيها المهرج الطيب ؟

– المهرج:

هذا هو اسمي.. المهرج.. أنا أضحك الناس جميعاً.. ترالا لا.. .. ترالا لا..

ولكن لماذا تجلس على الأرض ؟ أليس لك بيت مثل باقي الناس ؟

– بائع الحصر:

أنا بائع متجول، أتيت من مكان بعيد ولا أنوي أن أستقر في هذه المدينة ولا في القلعة. سأبقى فيها بضعة أيام. في النهار أبيع الحصر وفي المساء أنام في الخان..

– المهرج:

آه.. أجل.. الخان.. أنا أعرف الخان جيداً.. فيه مهرجون كثر.. إنهم أصدقائي.. أجل.. في الخان يتناول المسافرون العشاء سوية ً.. أذكر ذلك.. هذا شيء جميل..

 

يعدل بائع الحصر جلسته ويسأل المهرج باهتمام:

– بائع الحصر:

قل لي أيها المهرج الطيب، ماذا يحصل في هذه القلعة ؟ لقد رأيت الناس يهربون خوفاً من الجنود الذين يرتدون اللباس الأسود ولم يجبني أحد على سؤالي..

– المهرج:

لم يعد شيء على حاله في هذه القلعة.. لقد تغير كل شيء.. دخل حاكم جائر هو وجنوده عنوةً إليها واحتلوها بأكملها بعد أن عزلوها عن المدينة.. يقال أنهم دخلوا من المجارير في الليل كالجرذان.. وفي الصباح فوجئ الناس بهم في كل مكان.. ثم أصدر الحاكم الجائر أمراً بمصادرة الأطفال جميعاً.. يريد أن يلبسهم ثياباً سوداء مثل ثياب رجاله ويدربهم على الحرب استعداداً لاقتحام المدينة.. أما الفتيات فسيعملن كوصيفات في خدمة امرأته ونسائها..

الناس خائفون على مصير أولادهم ومنهم من أخفى أطفاله في الأقبية حتى يسلم من شر هذا الحاكم..

– بائع الحصر:

ماذا تقول ؟ يا لهذا الحاكم الجائر.. ولكن كيف السبيل للوصول إلى الحاكم العادل وجنوده.. ذلك الحاكم الذي يحبه الناس والذي حكم الناس بالعدل.. أين هو ؟ وأين جنوده؟ ألم يحاول الدفاع  عن القلعة؟

– المهرج:

بلى إنه في المدينة يترقب الوضع.. نشر جنوده حول أسوار القلعة يحاصروها استعداداً لتحريرها لكنه يخشى أن تؤذي الحرب الناس وتقضي عليهم.. فالحاكم الجائر جبان هو ورجاله لأنهم يحتمون بالناس ويعرفون أنها نقطة ضعف الحاكم العادل..

 

يؤدي المهرج حركات بهلوانية يقلد فيها الحاكم الجائر فيمشي بغرور يميناً ويساراً..

– بائع الحصر:

الآن فهمت لماذا لم يكن يجبني أحد.. لكن كان منظر الناس مثيراً للشفقة..

– المهرج:

هذه أيام عصيبة على الجميع.. الجميع خائفون على حياتهم و حياة أولادهم.. في الماضي كان الناس يتجمع حولي في الساحات فألعب مع الأطفال وأضحِكُهم لوقت طويل.. واليوم لم يعد يهتم بي أحد.. لقد تبدلت الأحوال.. والآتي أعظم..

– بائع الحصر:

ولكن قل لي أيها المهرج الطيب، أليس بمقدور أحد إنقاذ القلعة ؟ إلا يجرؤ أحد على فعل ذلك ؟

 

– المهرج يرتعد ويتحرك في كل الاتجاهات بخوف وبحذر بحركات بهلوانية:

يجب أن يدخل الحاكم العادل وجنوده المدينة فهم الوحيدون الذين يمكنهم إنقاذها.. لكن ذلك مستحيل فجنود الحاكم الجائر يحاصرون المدينة ولا يسمحون لنملة صغيرة من الخروج دون إذنهم..

لا أحد يجرؤ على تحدي الحاكم الجائر.. إنه يبطش بالصغير قبل الكبير.. أنا لا أخاف منه.. أجل لا أخاف.. وإذا اقترب مني جندي من جنوده السود فسوف ألقنه درساً قاسياً.. هكذا.. وهكذا..

 

يقوم ببعض الحركات التي تظهر قوته وعندما يسمع صوت جنديين يلزم الصمت ويختبئ خاف بائع الحصر. يمضي الجنديان عند مقدمة الخشبة دون أن يلمحا بائع الحصر والمهرج.

 

– بائع الحصر:

عد إلى مكانك أيها المهرج الطيب.. لقد مضيا..

– المهرج مهدداً:

هه… لو اقتربا مني لطرحتهم أرضاً وأوسعتهم ضرباً.. أجل.. لن أشفق على أولئك الأشرار أبداً.. أبداً..

– بائع الحصر:

لا تقلق أيها المهرج، ربما أنهما لن يعودا..

قل لي، أين مختار المدينة ؟ هل مازال يعيش في القلعة ؟

– المهرج:

المختار.. أجل المختار.. أنه يعيش في المدينة لكنه لا يعمل شيئاً.. لقد عزله الحاكم الجائر وأخذ أولاده عنوة كي يضمهم إلى رجاله.. إنه في حالة يرثى لها..

– بائع الحصر:

أذكر أنه كان رجلاً طيباً..

– المهرج:

أجل.. إنه رجل طيب.. طيب جداً.. ولكن منذ أن أخذوا أولاده منه ظل يجلس أمام بيته ولا يستمع لأحد ناظراً إلى السماء.. باكياً.. صامتاً.. منتظراً عودتهم.. يكاد الناس لا يعرفونه على الإطلاق.. إنه شديد الحزن.. ويبدو محتاراً طوال الوقت..

المختار محتار.. هذه من عجائب الأيام..

– بائع الحصر:

قل لي أيها المهرج، هل تعرف بيت المختار ؟

 

المهرج يمشي بثقة ويلتفت نحو الأطفال في الصالة:

– المهرج:

أنا أعرف كل بيوت المدينة.. هل تصدقوني يا أصدقاء ؟

يردد الأطفال “نعم” فيشعر المهرج بثقة أكبر ويلتفت نحو بائع الحصر:

– المهرج:

نعم أيها الرجل الطيب، أنا أعرف بيت المختار.. ليس بعيداً من هنا..

– بائع الحصر:

هل بإمكانك أن تدلني عليه ؟

– المهرج:

أجل.. سآخذك إليه.. وإذا ما صادفنا جنود الحاكم الجائر فإنني سألقنهم درساً قاسياً.. هكذا وهكذا..

يقوم ببعض الحركات التي تظهر قوته.

 

يلتفت نحو الأطفال في الصالة ويقول لهم:

ألست قوياً يا أصدقائي ؟ سوف ترون كم أنا قوي عندما أصادف هؤلاء الجنود الأغبياء.. سوف يرتعدون خوفاً مني ويلبسون لباساً أبيضاً بدلاً من لباسهم الأسود البشع.. ههه

يضحك

 

– بائع الحصر: ينهض ويحمل رزمة الحصر

هيا بنا الآن، أريد التحدث مع المختار.. ليس لدينا وقت نضيعه، فلنسرع..

– المهرج:

أجل فلنسرع.. فلنسرع.. فلنسرع.. أنا سريع.. رشيق.. أطير كالفراشة.. هيا بنا إلى عند المختار المحتار.. المختار محتار.. ليس لديه أسرار.. المختار محتار.. ليس لديه أسرار.. المختار محتار لا يحب الأشرار..

 

يمضي بائع الحصر برفقة المهرج الذي يسير ويتابع حركاته البهلوانية.

 

دون تغيير كبير في الديكور. ينتقل المهرج وبائع الحصر إلى يسار الخشبة حيث يظهر المختار وهو يجلس على كرسي أمام بيته.

المختار رجل مسن غارق في التفكير. ينتبه لقدوم المهرج وبائع الحصر فيقف :

– المهرج:

ها هو المختار.. مرحباً يا مختار..

يتجه نحو الأطفال في الصالة ويقول لهم :

– المهرج:

هيا يا أطفال قولوا صباح الخير للمختار.. هيا سلموا عليه..

يردد الأطفال صباح الخير في الصالة.

– المختار:

أهلاً بالمهرج. كيف حالك.

– المهرج يؤدي حركات بهلوانية:

بخير.. بخير أنا بخير.. يوبي.. هولا..

معي ضيف يا مختار.. إنه بائع الحصر..

– بائع الحصر:

مرحباً أيها المختار.

– المختار:

أهلاً بكما. تفضلا..

 

يخرج المختار كرسيين من داره ويضعهما بجانب كرسيه. يجلس بائع الحصر ويضع حصره بجانبه بينما يتابع المهرج حركاته البهلوانية.

 

يعود المختار لصمته كأنه يفكر بطريقة ما لإنقاذ القلعة من الحاكم الجائر. في هذه الأثناء يقوم المهرج بتقليده فيضع يده على خده مثله.

يتنهد بائع الحصر بحسرة ثم يقول :

– بائع الحصر:

كم أنا حزين لما وصلت إليه الحال في هذه القلعة الجميلة.. لطفك يا الله..

– المختار:

علينا أن نجد الطريقة المناسبة لإدخال الحاكم العادل وجنوده إلى قلعتنا.. فهم أولاد البلد وأعتقد أنهم يستعرون غضباً بعد أن تسلل الحاكم الجائر وجنوده إلى القلعة. لقد خرجوا من بين المجارير كالجزذان المتوحشة.. احتلوها ليلاً كالخفاقيش والوطاويط..

 

في هذه اللحظة، يقلد المهرج صوت وحركات الخفاش والوطواط.

 

– المختار:

علينا أن نجد حلاً مناسباً.. ليس الأمر سهلاً لكن يجب أن نحاول..

 

بينما يتحدث الاثنان يقوم المهرج باللعب بالحصر ويلف نفسه بإحدى الحصر حيث لا يظهر منه إلا رأسه ويبدو شكله مضحكاً. عندما ينهي المختار كلامه يلتف إليه ويتعجب لحاله بينما يقترب بائع الحصر منه محاولاً إخراجه من تلك الحصيرة.

 

يقول المهرج بمرح:

– المهرج:

والآن كيف تروني ؟ ألست بهلوانياً؟

يوجه حديثه للأطفال

وأنتم أيها الأطفال ؟ كيف ترونني ؟ هل رأيتم ماذا يمكنني أن أفعل ؟ يمكنني الاختباء في رزمة الحصر هذه.. يا لها من لعبة رائعة.. سوف أتسلى كثيراً اليوم.. حسناً سأخرج وسأعاود الكرّة..

 

يخرج من رزمة الحصر ثم يلف نفسه برزمة أخرى. ينظر إليه بائع الحصر بذهول ثم يضحك بقوة مثيراً فضول المختار الذي يقترب من الاثنين.

– بائع الحصر:

هذه هي الطريقة.. لقد وجدتها.. أنت رائع أيها المهرج الطيب.. رائع وذكي.. سوف تنقذ القلعة بذكائك وخفة دمك ورشاقة حركاتك..

– المهرج و هو يخرج من رزمة الحصر، يتكلم ويتعلثم

ماذا؟ وجدت الطريقة ؟ بذكائاتي وخفة دماتي ورشاقاتي؟

ماذا وجدت؟ أنا لم أجد شيئاً في هذه الحصيرة..

حقاً أنا ذكي.. هذا لطف منك أيها الرجل الطيب..

– المختار:

تقول وجدت الطريقة ؟ كيف ؟ أخبرنا!

 

ينتبه الاثنان لكلام بائع الحصر الذي يقف بينهما

 

– بائع الحصر:

يمكنني أن أخرج من القلعة وأخبر جنود الحاكم الجائر أنني ذاهب في تجارة نحو مدينة أخرى.. وعند عودتي سأحضر معي هذه المرة عربة كبيرة جداً فيها حصر كثيرة وقماش من أفخر الأنواع وفي كل حصيرة سوف ألف جندياً من جنود الحاكم العادل. وهكذا سأدخل عدداً لا بأس به من هؤلاء الجنود الذين سيتمكنون من تحرير القلعة من الحاكم الجائر وجنوده السود. ما رأيكم؟

 

– المختار:

يا لها من فكرة عظيمة.. حقاً إنك حاذق أيها الرجل الطيب..

– بائع الحصر:

الفضل يعود إلى هذا المهرج الطيب.. لقد جعلني أجد هذا الحل عندما لف نفسه بتلك الحصيرة.. أجل..

– المختار:

شكراً لك أيها المهرج الطيب.. أنت ذكي حقاً..

– المهرج بفخر:

ها ها.. الآن سيعرف الجميع أهميتي في هذه القلعة.. سيعرفون أنني أصنع المعجزات حتى عندما ألهو.. أنا ذكي ولدي قدرات خاصة..

 

يرقص في كل الاتجاهات ثم يتوجه للأطفال.

– المهرج:

وأنتم يا أصدقائي الأطفال ؟ ماذا تقولون ؟ ألست ذكياً ؟ اسمعوني صوتكم..

يرقص

أنا ذكي أنا ذكي

أجد الحلول  فأنا فنان

أنا ذكي أنا ذكي

أنا إنسان وعندي برهان..

 

يصفق له الأطفال في الصالة.

 

– المختار:

حسناً أيها الرجل الطيب يجب أن نكسب الوقت..

يجب أن تطلب من جنود الحاكم العادل الاختباء جيداً داخل الحصر كي لا يلاحظهم جنود الحاكم الجائر السود. فإن رأوهم سيكون هلاكك وهلاكهم لا محال..

– بائع الحصر:

لا تقلق لقد فكرت في حيلة عظيمة!

– المختار:

ما هي ؟ قل ؟

– بائع الحصر:

عندما سنعود سأقول لجنود الحاكم الجائر أنني أتيت لأقدم هدية لحاكمهم، أقصد الأقمشة الفاخرة، وأنها عرفان له على السماح لي بالدخول والخروج من القلعة. وفي نفس الوقت سوف أقدم لهؤلاء الجنود هدايا تلهيهم عن تفتيش العربة.

– المختار:

كم أنت ذكي أيها الرجل الطيب.. سيكون خلاص القلعة على يديك..

– بائع الحصر:

فلنأمل خيراً ولكن قبل ذلك فلنعمل كثيراً..

– المختار:

أجل أيها البائع الطيب.. لا خيار أمامنا فنحن محكومون بالعمل..

في هذه الأثناء يقوم المهرج بحركات بهلوانية ويتوجه للأطفال:

– المهرج:

هل تحبون الهدايا يا أصدقائي الأطفال ؟

يجيب الأطفال في الصالة بنعم ثم يجيب المهرج

– المهرج:

حسناً اذاً كم هدية ستحضرون لي ؟

يقترب من مقدمة الخشبة ويستمع لهم ثم يقول:

ماذا ؟ الكثير..بالون.. بالونات جميلة.. يا سلام يا سلام..

ثياب جديدة.. يا سلام يا سلام..

حلوى لذيذة.. يا سلام يا سلام..

أنتم رائعون حقاً..

– المختار:

حسناً أنا على يقين أن الحاكم الفاضل سيعجب بفكرتك عن إدخال جنوده بالعربة إلى القلعة..

– بائع الحصر:

شريطة أن نخبئهم جيداً في رزم الحصر..

يشير بائع الحصر إلى المهرج بيده كي يساعده على لف رزمة الحصر. يتوقف المهرج عن اللهو ويساعد بائع الحصر على إخفاء الرسالة. يقول بائع الحصر:

– بائع الحصر:

ساعدني أيها المهرج الطيب.. يجب أن أسرع فليس عندي وقت لأضيعه..

– المختار:

هيا أيها الرجل الطيب.. نحن ننتظرك جميعاً.. عليك أن تخرج أولاً وتمضي إلى عند الحاكم الفاضل.. سوف يساعدك في إعداد العربة وتحضير الهدايا التي تكلمت عنها..

– بائع الحصر: يحمل رزمة الحصر

إلى اللقاء..

– المهرج بلهفة:

يا بائع الحصر.. يا بائع الحصر.. انتظر لحظة أرجوك.. هل يمكنك اصطحابي معك ؟ سوف أساعدك في حمل الحصر وفي الخروج من القلعة..

– بائع الحصر:

تساعدني ؟ كيف ؟

– المهرج باعتزاز:

حسناً.. انظر أنا قوي..

يأخذ رزمة الحصر منه ويرفعها على ظهره ثم يسقط.. يكرر تلك الحركة عدة مرات ويقع في كل محاولة..

– بائع الحصر:

حسناً أيها المهرج الطيب.. أنا لا أمانع في اصطحابك معي لكن هل ستتحمل مشقة السفر ؟

– المهرج بقوة:

أجل أيها الرجل الطيب.. سوف أسبقك على الطريق فأنا سريع كالأرنب ورشيق كالغزال.. لا أتعب ولا أكلُّ ولا أملّ.. وعندما نصل إلى عند الحاكم الفاضل سوف أشرح له بالتفصيل ما حل بقلعتنا الجميلة..

– بائع الحصر:

حسناً أنا لا مانع لدي ويسعدني اصطحابك معي.. ما رأيك يا مختار ؟

– المختار مبتسماً:

لا بأس في ذلك.. سوف يساعدك ولن تمل الطريق فهو مسلٍ جداً..

– المهرج بسعادة عارمة

هذا هو المختار الذي أعرف.. إنسان فهمان عرفان.. مختار محتار.. لا لا مختار غير محتار.. مختار صاحب قرار..

– بائع الحصر:

هيا، هيا أيها المهرج الطيب.. علينا أن نشد الرحال فليس لدينا وقت لنضيعه.. هيا بنا..

يخرج المختار.

ينتقل بائع الحصر والمهرج إلى الجهة الأخرى من الخشبة وفي نفس الوقت تتغير الإضاءة قليلاً فيظهر جنديان يلبسان لباساً أسوداً يحرسان باب عند أسوار القلعة. يضع بائع الحصر رزمه أمامهما في حين يتكئ المهرج على رزمة الحصر ويقوم بحركات بهلوانية مضحكة تدل على التعب الشديد.

– الجندي الأول:

إلى أين أنت ذاهب أيها العجوز، ؟ وأنت أيها الولد ؟

– الجندي الثاني:

ألا تدريان أن الخروج من المدينة ممنوع ؟

– المهرج يكلم نفسه ثم يتجه إلى الأطفال في الصالة:

أنا لست ولداً أيها الأبله.. يا لهذين الجنديان الأحمقان إنها ثخينين كبرميلين من الوقود.. يا لبشاعتهما.. لولا خوفي من ضياع الوقت لأوسعتهما ضرباً.. حقاً لكنت سحقتهما سحقاً.. لكن البائع الطيب قال ليس لدينا وقت لنضيعه..

– بائع الحصر:

بلى أيها الجنديان الطيبان أعلم ذلك، لكنني بائع حصرٍ متجول أجوب البلدان بحثاً عن قوتي وقد دخلت إلى هذه القلعة منذ أيام لأبيع بعض الحصر والآن أنا ذاهب إلى مدينة أخرى.. هكذا أعيش منذ سنين. ألا تتذكران؟

– الجندي الثاني:

وأنت أيها الأبله؟ إلى أين تذهب ؟

– المهرج:

أنا أعمل مع بائع الحصر… لقد فقدت عملي ولم تعد حركاتي البهلوانية تعجب أحداً.. لولا أن هذا البائع الطيب قبل أن أعمل معه لكنت الآن أنام في الطريق كالمتسول..

– الجندي الأول:

حسناً، حسناً، وماذا يوجد في رزم الحصر تلك ؟

– الجندي الثاني:

هيا افتحها أمامنا الآن..

– بائع الحصر:

أيها الجنديان الطيبان ليس معي شيء سوى الحصر وإن فتحت هذه الرزم سيصعب علي ربطها من جديد فأنا عجوز كما تريان وأمامي سفر طويل إلى المدينة الأخرى. أرجوكما دعوني أمضي في حال سبيلي فأنا لا أحمل سوى هذه الحصر. أقسم لكما.

– الجندي الأول:

هل تخبئ أطفالاً في تلك الرزم ؟

– الجندي الثاني:

إن في ذلك عقوبة قاسية..

– بائع الحصر يضحك و يرفع يديه عاليا في حركة دهشة ويتكلم بثقة:

أطفال ؟ تقولان أطفال ؟ كيف لعجوز مثلي أن يخبئ أطفالاً.. لا يمكن تخبئة أطفل في رزمة الحصر هذه فلو كان بداخلها طفل لاختنق من الحر.. هيا تعالا وفتشاني كما يحلو لكما بإمكانكما التأكد من ذلك..

– المهرج:

ليس معنا لا أطفال ولا عجائز ولا نساء ولا رجال.. نحن نبيع الحصر ونعيش من ترحالنا.. صدقوني.. صدقوني..

– الجندي الأول:

حسناً أيها المهرج افتح لي رزمة الحصر هذه. يشير إلى أحد الرزم التي بجانبه.

علينا أن نفتش الجميع.. هذه أوامر الحاكم..

– المهرج:

أوامر الحاكم على رأسي وعيني.. حسناً ها هي الرزمة..

يفتحها ويفرد الحصر. ينظر الجنديان بتمعن إليها ولا يجدان شيئاً.

– الجندي الأول:

حسناً.. لا يوجد شيء..

– بائع الحصر:

هل رأيت أيها الجندي الطيب نحن لا نخبئ شيء في هذه الرزم..

يقدم بعضاً من القماش للجنديين اللذين تلمع عينيهما وينفرد وجهيهما عند رؤية القماش..

– الجندي الثاني: يشعر بالغبطة

حسناً يبدو أنكما لا تحملان شيئاً سوى هذه الحصر.. بإمكانكما الانصراف.. هيا امضيا..

– بائع الحصر:

شكراً أيها الجنديان الطيبان.. أتمنى لكما نهاراً سعيداً..

– المهرج يضحك:

كما قال بائع الحصر الطيب.. أنتما لطيفان وقويان مثل أسوار المدينة هذه.. حقاً.. وجهكما يشبهان أسوار المدينة..

– الجندي الأول:

ماذا تقول أيها الأبله ؟

– بائع الحصر:

سامحه أيها الجندي.. إنه مهرج يقضي وقته بالمرح والضحك.. ولا يعرف مقامكما الكريمان..

– الجندي الثاني:

حسناً.. امضيا في سبيلكما.. هيا.. سوف نغلق الأبواب..

 

يختفي الجنديان في الظلام.

 

يحمل المهرج رزمة حصر ويمضي مع بائع الحصر وهو يقول

– المهرج:

سوف نخرج وستغلق الأبواب وسنرى القلعة من الخارج..

لا بد أن يكون منظرها جميلاً..

لا بد أين يكون هناك الكثير من الفراشات في الحقول البعيدة..

كم سأتسلى على الطريق..

وعندما سأقطع النهر سأرى الأسماك وهي تضحك لي..

– بائع الحصر يقاطعه:

هيا أيها المهرج.. عن أي نهر وأي أسماك تتحدث.. هيا بسرعة.. ليس لدينا وقت لنضيعه.. قصر الحاكم العادل قريب جداً.. هل نسيته!

 

– المهرج: يحث الخطى

هيا، هيا.. يوبي.. هوب لا.. يوبي.. هوب لا..

 

يستدير نحو الصالة موجها كلامه للأطفال:

وأنتم يا أصدقائي الأعزاء.. تابعوا معنا.. سوف أرافق بائع الحصر الطيب إلى عند الحاكم الفاضل وأساعده في كل شيء.. يا سلام.. كم أنا سعيد بهذه الرحلة..

 

يقوم بحركة وداع للأطفال في الصالة.

 

ينتقل بائع الحصر والمهرج إلى الجهة الأخرى من الخشبة. وهنا يخطوان خطوات بطيئة بحيث تتبدل إضاءة الخشبة بين النور والظلمة كدلالة على النهار والليل. يقوم الاثنان بالذهاب إلى طرف الخشبة والعودة إلى نفس المكان في مشهد إيمائي صامت يقوم فيه المهرج بحركات بهلوانية تدل على تعبه بحيث يضحك الأطفال في الصالة. مرة يسقط فتسقط معه رزمة الحصر التي يحملها، ومرة يحاول جر هذه الرزمة بدلاً من حملها. بعد برهة يتوقف بائع الحصر عند باب كبير وسور شاهق. يمكن أن يضاء الديكور ذاته في المشهد السابق.

 

يدخل بائع الحصر والمهرج بحيث ينتقلان إلى الجهة المقابلة من الخشبة.

 

ثم يظهر جنديان قويا البنية أمام باب القصر يمكن أن يكونا الجنديين اللذين ظهر في المشهد السابق مع تغيير لباسهما. قبل أن يمثل بائع الحصر أمامهما يتجه نحو المهرج ويقول له:

– بائع الحصر:

هيا أيها المهرج الطيب…. لقد وصلنا إلى قصر الحاكم العادل.. ها نحن نقف عند أسواره.. هيا تحلى بالشجاعة.. لقد وعدتني بذلك..

– المهرج بصوت منهك:

أجل.. شجااااااعة.. أناااا.. ش..ج..ا..ع.. شج..ا..ععععععععع..

يلفظ هذه الكلمة ثم يسقط على رزمة الحصر. يقترب بائع الحصر من الجنديين ويقول:

– بائع الحصر:

مرحباً أيها الجنديان، نريد مقابلة الحاكم الفاضل. لقد خرجنا من القلعة. هلا تسمحان لنا بذلك ؟

– الجندي الأول:

ماذا؟ تقول من خرجتما من القلعة ؟

– بائع الحصر:

أجل.. لقد سمح لي جنود الحاكم الجائر بالخروج منها لأنني بائع متجول.. أبيع الحصر بين المدن والقرى.. أتجول في كل مكان وأقضي حياتي في الحل والترحال.. لقد دخلت إلى القلعة وخرجنا منها عدة مرات.. وهذه المرة اصطحبت معي المهرج الطيب..

– الجندي الثاني:

حسناً.. وماذا تحملان في هذه الرزم ؟

– المهرج بصوت منهك:

حص.. صصصص.. ررر.. حصررررررر.. وقماااااش… ششششش.. نحن نبيع الحصر.. نحمل رزم الحصر ونسير على الطرقات.. ونصرخ بأعلى صوتنا “حصر يا حصر”.. “يالله يا حصر”.. ثم يتجمّع الناس حولنا ويشترون الحصر..

يفتش الجنديان الحصر بدقة.

– الجندي الأول:

حسناً.. هيا اتبعاني. سوف أقودكما إلى عند الحاكم العادل..

عليكما الانتظار بعض الوقت.

يتجه الجنديان في عمق الخشبة ويختفيان في حين يجلس بائع الحصر والمهرج على كرسيين. يستعيد المهرج نشاطه ويقول:

– المهرج:

كل شيء يسير على ما يرام.. كم نحن محظوظان.. حقاً.. لقد تعبنا كثيراً كي نأتي إلى هنا..

– بائع الحصر:

لا شيء يأتي من دون تعب يا بني.. هكذا هي الحياة.. ونحن الآن لدينا مهمة كبيرة.. لابد أن الحاكم الفاضل سيُسر عند معرفته لخطتي حول تحرير القلعة.

– المهرج:

سوف يسر كثيراً ولن يهدأ باله قبل أن يحرر القلعة ويدحر الحاكم الجائر وجنوده.

حسناً أسمع صوت الحاكم يقترب..

 

تضاء الخشبة من العمق ويظهر الحاكم العادل وهو يقترب من منتصف الخشبة يرافقه رئيس الجند وجنديان على يمينه ويساره. يضع رئيس الجند كرسي الحاكم الفاضل كي يجلس عليها. في نفس الوقت تعزف موسيقى تعلن قدومه وصوت من الخارج يقول ثلاثة مرات:”الحاكم العادل “. يجلس الحاكم على كرسيه ويأخذ كل من الجنديان مكانه بجانبه. يقف بائع الحصر والمهرج احتراماً للحاكم العادل الذي يشير لهما بالجلوس. يقوم المهرج بحركات بهلوانية ترحيباً به.

– الحاكم العادل:

أهلاً بكما. ما الذي جاء بكما إليّ ؟

– بائع الحصر:

يا عالي المقام، تعلمون ما الذي حصل للبلاد وكيف احتل الحالكم الجائر القلة.. إنه يأخذ الشباب ليضمهم إلى جيشه ويأخذ البنات لخدمة ملكته.

– الحاكم العادل:

أعلم جيداً ولديّ عيونٌ في كل مكان حتى داخل القلعة.. ولكني إن بدأت باقتحامها أخشى هلاك الناس في داخلها، فالحاكم الجائر جبان لا يأبه بحياتهم وهو يحتمي بهم.. وإلا فإن جيشي سيهزمه هو وجنوده شر هزيمة..

– بائع الحصر:

لقد خطرت على بالي فكرة عظيمة ستنقذ البلاد من ظلم الحاكم الجائر..

عند خروجي، أخبرت حراس القلعة أنني ذاهب في تجارة نحو مدينة أخرى.. وعند عودتي أفكر بإدخال عربة كبيرة جداً فيها حصر كثيرة وفي كل حصيرة يمكننا أن نلف جندياً من جنودكم أيها الحاكم العادل. وهكذا سيدخل عدداً لا بأس به من هؤلاء الجنود الذين سيتمكنون من تحرير القلعة من الحاكم الجائر وجنوده السود. ما رأيكم؟

 

يقف الحاكم العادل ويذرع الخشبة جيئةً وذهاباً. ثم يبتسم ويقول:

– الحاكم العادل:

يا لها من فكرة ذكية.. ولكن ماذا لو كشف أمر الجنود عند مدخل المدينة؟ ربما تتسبب تلك المغامرة في هلاكهم جميعاً؟

– بائع الحصر:

يمكننا إغراء الحراس بالهدايا وسيغفلون عن أمر العربة.. وإن أصروا على تفتيشها فيمكن للجنود أن يخرجوا في الحال ويقتحمون القلعة..

– الحاكم العادل:

وسيكون جيشي في انتظارهم جانب أسوار القلعة لنؤازرهم في الوقت المناسب.

– المهرج:

جنود الحاكم الجائر نفوسهم دنيئة وستفرح قلوبهم لأقل هدية صغيرة..

يضحك رئيس الجند والجنديان اللذان يرافقان الحاكم العادل.

– الحاكم الفاضل: يوجه كلامه لرئيس الجند

يا رئيس الجند.. حضر يحضّر جيشاً عظيماً منذ الليلة.. يجب علينا تحرير المدينة.. هيا.. سننطلق غداً.. سوف أجعل ذاك الحاكم الجائر يندم على أفعاله النكراء تلك.. جهزوا عربة كبيرة وضعوا فيها حصراً كثيرة وليوضع فيها الجنود أيضاً. احرصوا على أن يخبئوا جيداً كي يلمحهم أحد.. جهزوا الهدايا النفيسة التي يريدها بائع الحصر..

– رئيس الجند: أمراً وطاعةً يا سيدي.

ينصرف رئيس الجند. يوجه الحاكم الفاضل كلامه إلى بائع الحصر والمهرج:

– الحاكم الفاضل:

وأنتما أيها الضيفان العزيزان.. ابقيا في القصر حتى الغد، سوف يرافقكما رئيس الجند إلى مدخل القلعة.. لن يستغرق تحريرها وقتاً طويلاً.. فجيشي ذو بأس شديد.. ستريان ذلك..

– بائع الحصر:

شكراً لك أيها الحاكم الفاضل.. سوف تنقذ شعباً كاملاً من بطش الحالكم الجائر وظلمه.. يا له من عمل عظيم لن ننساه لك ما حيينا..

 

– المهرج بحركات بهلوانية:

أجل.. لن ننسى ذلك.. أجل.. يوبي..

سوف تتحرر المدينة.. كم أنا سعيد..

سوف تعود الحياة للمدينة.. يوبي.. يا هو… يوبي.. يا هو..

يرقص من الفرح فيضحك الحاكم الفاضل وبائع الحصر.

تطفئ الأضواء.

 

تنار الخشبة من جديد ويظهر بائع الحصر مع المهرج وهما أمام أسوار القلعة. تظهر بعض رزم الحصر على يمين الخشبة (لصعوبة إظهار العربة كاملاً). ويظهر أمامهما جنديان يلبسان لباساً أسوداً ويطلبان منهما التوقف.

 

– الجندي الأول:

ماذا يوجد في هذه العربة؟

– بائع الحصر:

أيها الجنديان الطيبان. ألا تتذكرا بائع الحصر والمهرج؟ نحن نتاجر بين المدن ونجلب البضائع النفيسة. وفي هذه العربة أفخم أنواع الحصر والقماش. سأقدم قسماً منها هدية لحاكم القلعة الطيب.

وهاهي هديتكما.

يتناول بائع الحصر بعضاً من الأقمشة الفاخرة ويعطيها للجنديين اللذان يشعران بالفرح وتعلو البسمات وجهيهما.

– الجندي الثاني:

تقول رزم من الحصر وقماش.. هدية لحاكمنا الطيب!

يفتش جزءاً من الحصر دون أن يفتحها وهو يحتفظ بهديته ثم يقول لبائع الحصر.

حسناً أريد أيضاً هذه الرزمة الصغيرة..

– بائع الحصر:

أنت تأمر يا حضرة الجندي.. إنها لك، تفضل.
– الجندي الأول:

وأنا أيضاً أريد واحدة مثلها..

– بائع الحصر:

سمعاً وطاعة يا حضرة الجندي.. إنها لك، تفضل.

يناوله القماش الفاخر، ينتشي الجندي فرحاً.

– الجندي الأول: مخاطباً الجندي الثاني

سوف تفرح زوجتي بهذا القماش الفاخر.

– الجندي الثاني:

وزوجتي ستطير فرحاً بها.. كم أنا محظوظ اليوم..

– الجندي الأول موجهاً كلامه للجندي الثاني

لندعهما يمران، سيفرح حاكمنا بهذه الهدايا النفيسة.

– المهرج: موجهاً حديثه للأطفال.

أترون يا أصدقائي الأطفال.. ما أغبى هذا الجندي.. يقول أنه محظوظ ولا يدري ما تخبئه له رزم الحصر هذه.

قال محظوظ قال..

سترى ماذا سيجلب الحظ لك أيها المغفل!

– الجندي الثاني:

هل قلت شيئاً أيها المهرج؟

– المهرج:

قلت أنكما أقوى وأشجع جنديين رأيتهما في حياتي..

– الجندي الثاني:

لطف منك أيها المهرج.. حسناً يبدو أنكما لا تحملان شيئاً في هذه الحصر.. بإمكانكما الدخول إلى القلعة..

– بائع الحصر:

شكراً أيها الجندي الطيب.. حسناً.. سوف نستريح في أقرب خان فقد كان دربنا طويلاً اليوم..

– الجندي الأول:

هناك خانٌ قريبٌ من هنا عند أول مدخل في القلعة..

– بائع الحصر:

شكرا لكما.. سأحدث الحاكم الطيب عن حسن استقبالكما لنا..

– الجندي الثاني: بفرح

حسناً تفعل يا بائع الحصر.. هيا امضيا في سبيلكما..

يختفي الجنديان في الظلام.

– المهرج:

هيا أيها الجنود. اخرجوا من رزم الحصر..

يتجه بائع الحصر والمهرج نحو الحصر ويفكانها كي يخرج منها الجنود المختبئين في داخلها.

يخرج الجنود (خمسة أو ستة جنود) من رزم الحصر ويتسللون إلى داخل القلعة.. ينتظمون ضمن مجموعة ثم يظهر رئيس الجند ويقوم ببعض الحركات التي تشرح لهما كيفية الهجوم على مركز القلعة. يركض الجنود على الخشبة ويقتحمون ساحاتها ثم يعودون من الجهة الأخرى. وفي نفس الوقت تضاء الخشبة بأضواء قوية حمراء، خضراء وزرقاء، كما يسمع قرع الطبول القوي الذي يترافق بهروب جنود الحاكم الجائر الذين يلبسون الأسود ويبدون في حالة ذعر وهلع . ترش القصاصات الورقية من فوق لتغطي الخشبة بالكامل في إشارة إلى النصر على جنود الحاكم الجائر.

موسيقى احتفالية تظهر الناس في حالة فرح كبيرة.. يعود الأطفال لأمهاتهم و لآبائهم.. يدخل بائع الحصر والمهرج ويسلمان على المختار الذي تجمع مع الناس. يظهر بعض الأطفال والأهالي وقد القتوا من جديد. يبتهج الناس لرؤية الحاكم العادل الذي يقف في منتصف الخشبة ويرافقه جنديان.

يقف رئيس الجند في منتصف الخشبة ويقول بفخر واعتزاز:

– رئيس الجند:

لقد تحررت القلعة.. حررها جنودنا الأبطال.. لقد سقط الحاكم الجائر في الوادي العميق من الجهة الثانية للقلعة عندما كان يهرب مع حراسه..

يصفق الجميع ويلتفون حول الحاكم العادل وبائع الحصر والمختار.. الفرح ظاهر على وجوه الجميع.

– بائع الحصر: يوجه كلامه لهؤلاء الأطفال

أيها الأطفال أنتم الآن أحرار.. لن يأخذكم أحد من أهلكم بعد اليوم..

– المختار:

شكراً لك أيها الحاكم العادل..

– الحاكم العادل:

يا لسعادتي.. ما أجمل أن نعيش أحراراً..

العدل أساس الحكم..

ستعيشون بأمان جميعاً ولن ترون ظلماً بعد اليوم..

– المهرج:

وأنا أيها الحاكم العادل.. هل يمكنني أن أعمل في قصرك.. يمكنني تسليتك متى شئت.. نعم أنا المهرج الظريف وأستطيع إضحاك الناس جميعاً..

يقفز بين الناس ويلعب مع الأطفال ثم يعود ليقف أمام الحاكم العادل.

– الحاكم العادل:

حسناً أيها المهرج الطيب.. ستصبح كبير المهرجين في قصري..

– المهرج:

كبير المهرجين.. يوبي.. ياهوووو..

كبير.. كبير..

المهرجين.. المهرجين..

أنا سعيد.. سعيد..

يتجه نحو الأطفال في الصالة ويقول لهم:

وأنتم أيها الأطفال الأعزاء لا تنسوا حكايتنا الجميلة.. ما أجمل أن يعيش المرء بسلام.. أليس كذلك يا أصدقائي ؟ وعلى المرء أيضاً أن يفكر ويجد حلاً لمشكلاته..

هكذا..

يجب التحرك فوراً..

مثلي أنا هكذا..

يلعب ويقفز..

هيا أيها الأطفال تعالوا وشاركونا فرحتنا..

ينزل إلى الصالة ويتنقل بين الأطفال ثم يدعوهم إلى خشبة المسرح..

تستمر الموسيقى الاحتفالية.

تضاء الصالة.

 

نهاية

 

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock