انطلاق الدورة الأولى من المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني بتنظيم من وزارة الثقافة الموريتانية.. و شراكة الهيئة العربية للمسرح

بمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي

المسرح نيوز ـ نواكشوط| محمدو لحبيب

ـ

انطلقت في العاصمة الموريتانية نواكشوط مساء أمس الأول الدورة الأولى من المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني، ويأتي هذا المهرجان الذي تنظمه  وزارة الثقافة الموريتانية، بالشراكة مع الهيئة العربية للمسرح  تجسيدا لمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بدعم إطلاق مهرجانات للمسرح في كل الدول العربية التي لا توجد فيها.

حضر الانطلاقة كل من وزير الثقافة والصناعات التقليدية والعلاقة مع البرلمان الموريتاني الدكتور محمد الأمين ولد الشيخ، ووزير التهذيب الوطني إسلمُ ولد سيد المختار ولد لحبيب، والأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله، ومسؤول الإدارة والتنظيم في الهيئة الحسن النفالي، ومسؤول النشر والإعلام في الهيئة غنام غنام، وجمع غفير من المسرحيين والمهتمين بالمسرح.

ابتدأ المهرجان بكلمة تأبينية للمخرج الموريتاني الراحل مؤخرا إبراهيم سمير، والذي تسمت هذه الدورة باسمه، ثم تلا ذلك كلمة لمدير المهرجان المخرج بابا ولد ميني استعرض فيها مسيرة التعاون بين المسرحيين الموريتانيين والهيئة والتي بدأت منذ سبع سنين، وأكد ولد ميني أن الهيئة دعمت ومولت العديد من الدورات التدريبية منذ ذلك الحين، وأشاد ولد ميني بدعم صاحب السمو حاكم الشارقة للمسرح في موريتانيا واعتبره الأب الروحي لذلك المسرح.

بدوره أكد الأمين العام للهيئة إسماعيل عبد الله إن المسرح جاء برسالة نبيلة قوامها الإنحياز للإنسان وقال في كلمته بالمناسبة: ” المسرح توشح بكل ممكنات و مسببات الخلود، لأنه جاء برسالة إنسانية نبيلة، رسالة تنحاز إلى الإنسان و حريته و حقه في التفكير و التعبير، وتقيم دولة للحق و تعلي رايته، رسالة لا تريق نقطة دم ولا تزهق روحاً في سبيل تحقيق أهدافها، بل تسلك دروب الخير والجمال والتأثير في الوجدان و العقل، والمسرح الذي يجادل الآخر بالتي هي أحسن، هو أسميناه بالسيد النبيل المسرح، هذا السيد الذي وجد في قلوب الموريتانيين مكانه و أمانه، ووجد في الهيئة العربية مفتاحه لهذه القلوب، فأنبت حباً و حدائق إبداع على امتداد الوطن الموريتاني”.

وأضاف عبد الله ناقلا للحضور من الموريتانيين تحيات صاحب السمو حاكم الشارقة و الراعي الأكبر للمهرجان: ”  في هذه اللحظة أتشرف بحمل تحيات ومباركة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، الذي يبارك لكم منجزكم هذا، و هو الذي لا يجد فرحاً أكبر من أن يرى أضواء المسرح تُقَادُ و لا تخبو”.

وأبرز عبد الله أن هذا المهرجان هو تتويج لعدة محطات للعمل المشترك بين المسرح الموريتاني وبين الهيئة، وفق توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة فقال: ” إنها محطة جديدة للعمل، محطة جديدة للأمل، منعطف جديد و منحنى للتصاعد في المسيرة يمثلها المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني، الذي يأتي تتويجاً للجهود و التعاون المشترك المثمر بين الهيئة العربية للمسرح و وزارة الثقافة و الصناعات التقليدية و العلاقة مع البرلمان، هذا التعاون الذي شكل الحلقة الأبرز في سلسلة تعاون بدأت منذ عام 2011 مع المؤسسات الموريتانية المختلفة كوزارة الثقافة و الصناعات التقليدية و وزراة التهذيب الوطني، وجمعية المسرحيين الموريتانيين، حيث كانت توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، تنم عن نظرة تنموية شمولية للمسرح العربي و لأهمية النهوض بالمسرح الموريتاني”.

أتى دور وزير الثقافة الموريتاني في الحديث وافتتاح المهرجان فأشاد في كلمته بدعم الهيئة للمسرح في موريتانيا، وأبرز أن هذا المهرجان سيشكل حافزا للشباب لملئ فراغهم بأشياء مفيدة وتخدم بلدهم.

وبعد فيلم وثائقي قصير عن تاريخ تطور المسرح في موريتانيا، كان الجمهور على موعد مع العرض الافتتاحي بعنوان ” دبيب القاع” المشارك في مسابقة المهرجان، وهو من تأليف وإخراج سولي عبد الفتاح، ويتحدث عن رحلة بحث عن الذات الجماعية للأمة العربية والإسلامية بعد قرون من التيه والضياع، وتناول العرض من خلال رؤية فانتازية فلسفية تشظي الهوية الذي تعانيه الأمة، وكيف باتت تبحث عن وميض و إشراقة وطريق ينهض بها مرة أخرى إلى الأعلى، وحاول المؤلف استخدام التجريب على مستوى البناء الدرامي للنص، فجاء عمله وكأنه لحظة مكثفة من حكاية ما، تتلخص في وجود مجموعة من الأشخاص داخل قاع افتراضي، وتبحث عن وميض يظهر في كل عام، وترى عن بعد مجموعة من الأحرف، تتعامل معها من منطلق التفكيك الذي يعطي للحرف أكثر من دلالة وأكثر من تأويل يخدم ذلك البحث المحموم من طرف المجموعة عن سبيل للخروج من القاع والنجاة من تبعاته.

جاء العرض زاخرا باللغة الشعرية، وضم بعض الاستعراضات، وركز مخرجه ومؤلفه على توظيف لغة الجسد، والحركة، والإضاءة، لرسم صورة مسرحية تناسب الفكرة التي يتحدث عنها وتعمقها بصريا، ووقع المخرج في بعض الأخطاء المتعلقة بتوازن الكتل على الفضاء المسرحي، وبعدم انسجام الأكسسوارات مع البعد الحركي المتزامن مع سيرورة البحث في أسباب الوصول إلى القاع وكيفية الخروج منه خلال قرون من تاريخ الأمة.
مخرج العرض ومؤلفه قال ل” الخليج” عقب انتهائه إنه حاول طرح السؤال: لماذا نحن في القاع ثم  البحث عن الإجابة عليه، وأبرز أن تلك الإجابات تبدو متعددة، فلكل طيف من هذه الأمة إجابته عن سبب تأخرنا، وأكد في معرض حديثه ذاك أنه تعمد أن يستعرض تلك الإشكاليات كلها في بعد رمزي فلسفي حتى لا يبدو تناولها تكرارا للتقليدية التي تطبع النقاش العام في الواقع لتلك المسائل.
بعد العرض جرت ندوة تطبيقية تناول فيها الجمهور الحاضر بالتحليل والسؤال مجمل عناصر العرض، وأبرزوا أهم جمالياته، كما تعرض بعضهم للنواقص التي عانى منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock