مقالات ودراسات

بالصور.. كمال سلطان يكتب عن رحلة صعود ألمظ و سي عبده على البالون بالعجوزة


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

بقلم: كمال سلطان

 

“ألمظ” .. مطربة مصرية ولدت بالإسكندرية عام 1860، عاشت فى عهد الخديوى إسماعيل وحققت شهرة واسعة حتى أصبحت أشهر مغنية مصرية، ارتبط اسمها بالمطرب عبده الحامولى الذى ولد فى عام 1836، وكان واحداً من أبرز المجددين فى الغناء المصرى، وكوَنا معاً ثنائياً ناجحاً ووقع الحامولى فى غرامها وتزوجها ومنعها الغناء.

قدَم المخرج حلمى رفلة قصتهما من خلال فيلم “ألمظ وعبده الحامولى” الذى تم انتاجه عام 1962 وقامت ببطولته المطربة وردة والمطرب عادل المأمون، وإن كان البعض يؤكد أن الفيلم به الكثير من المغالطات التاريخية حيث أظهر الخديوى اسماعيل كزير نساء لا يهتم إلا بملذاته ونزواته، وهو حاكم مصر الذى شهد عهده الكثير من الانجازات والمشرعات الهامة، كما تم تقديم القصة تلفزيونياً عام 1992من خلال مسلسل “بوابة الحلوانى” الذى كتبه محفوظ عبد الرحمن وأخرجه إبراهيم الصحن، وتم تقديمه فى أربعة أجزاء عالج المؤلف خلالها فترة حكم الخديوى اسماعيل واحتلت سيرة ألمظ وعبد الحامولى مساحة كبيرة من الأحداث وجسد دوريهما فى المسلسل المطرب على الحجار والمطربة شيرين وجدى، وأنصف العمل تلك الحقبة الزمنة المهمة فى تاريخ مصر الحديث.

وعلى خشبة مسرح البالون افتتح المخرج عادل عبده رئيس قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية العرض المسرحى الجديد “ألمظ وسى عبده” تأليف د. مصطفى سليم وإخراج مازن الغرباوى، ديكور محمد هاشم، أزياء مروة عودة، موسيقى أحمد مصطفى، استعراضات سالى أحمد، إضاءة عز حلمى، بطولة المطربة مروة ناجى فى دور ألمظ، والمطرب وائل الفشنى فى دور عبده الحامولى، ويشاركهما فى بطولة العرض حسن العدل، لبنى الشيخ، محمد حسنى، إميل شوقى، طارق مرسى، أحمدالشريف، عماد عبد المجيد، نورهان صالح، والطفلة ملك مازن، ومشاركة خاصة بالأداء الصوتى لسيدة المسرح العربى سميحة أيوب.

 وقد حرص المؤلف مصطفى سليم على التدقيق الشديد فى رصده لقصة حياة ألمظ والحامولى منذ تدرجهما من مرحلة الفقر الشديد وحتى تحقيق الثراء والنجومية الكبيرة، راصداً بداية الحامولى بدايته فى التنقل بين أصحاب الفرق المصريين والشوام، مثل “شاكر أفندى الحلبى” الذى كان له الدور الأهم فى بداية الحامولى الفنية حيث قام بتعليمه أصول الغناء، وتعاونه مع “المعلم شعبان القانونجى” الذى زوجه من ابنته حتى يضمن بقاءه معه وعدم ذهابه للفرق المنافسة، لكنه ضاق به وتركه وطلق ابنته، وانطلق لتخت “المعلم محمد المقدم” ثم سفره إلى القاهرة وانطلاقه فى عالم الغناء والطرب وتكوين تخت خاص به ضم محمد عثمان والشيخ المسلوب، حتى سمعه الخديوى وضمه إلى حاشيته واصطحبه إلى الأستانة وأصبح يتعامل مع كبار الشعراء أمثال البارودى واسماعيل صبرى والشيخ عبد الرحمن قراعة، ويرصد المؤلف بالتوازى كيفية صعود “ألمظ” واسمها الحقيقى سكينة، منذ نشأتها فى كنف أبيها بالإسكندرية ثم حضورها معه إلى القاهرة حيث كانت تساعده بالعمل فى مصبغته وكان يجعلها تقوم بالغناء لتشجيع الفتيات على العمل، وهو ما استكملت العمل به بعد وفاة أبيها حيث عملت بالغناء لعمال البناء أثناء عملهم وكانت أيضا تعمل معهم بهذا العمل الشاق، حتى واتتها الفرصة بعد أن استمع إليها الشيخ محمد القانونجى وأقنعها باحتراف الغناء، ويتناول العرض رحلة صعودها الفنى، وإعجاب الخديوى بصوتها وصداقتها الشخصية مع زوجاته والوالدة باشا التى كانت تأنس إليها وتصاحبها فى جلساتها الخاصة حتى أنها كانتا تلعبان “الطاولة” معاً.

بجانب حرفيته الكبرى كمخرج مسرحى متمكن يمتلك مازن الغرباوى ميزة هامة وهى توفيقه فى تسكين الأدوار، وهو مانراه بوضوح فى هذا العرض، من خلال أسماء أبطاله ويأتى على رأسهم المطربة مروة ناجى والتى تجسد دور “ألمظ” والتى تمتلك “بكارة” فى الأداء التمثيلى فى كل دور جديد تقدمه، رغم رغم تكرار تجاربها كممثلة، إضافة إلى صوتها الجميل الذى لا يختلف عليه اثنان، وقد ساعدتها ملابس مروة عودة على التنقل بين مراحل حياة ألمظ المختلفة من الفقر إلى بداية الشهرة ثم بداية النجومية وحتى وصولها إلى قمة هرم الغناء فى مصر، وكانت لفتة رائعة حينما ظهرت على المسرح بنفس الفستان الذى ترتديه الطفلة ملك مازن التى جسدت دورها فى مرحلة الطفولة.

 كذلك فإن اسناد دور عبده الحامولى للمطرب وائل الفشنى بما يمتلكه من امكانات صوتية هائلة، وذلك القبول والتواصل الروحى بينه وبين الجمهور على الرغم من أنها تجربته الأولى كممثل، لكنه اعتلى خشبة المسرح كثيراً كمطرب، كما أن له تجربة سابقة مع المخرج مازن الغرباوى من خلال العرض المسرحى “حدث فى بلاد السعادة”.

ويعتمد الغرباوى فى بقية الأدوار على عدد من الفنانين الذين لديهم باع طويل فى عالم المسرح مثل الفنانة لبنى الشيخ التى تجسد من خلال العرض شخصية “ساكنة بيه” المطربة ذائعة الصيت التى استطاعت “ألمظ” أن تتفوق عليها وتحتل مكانتها، وقد نجحت لبنى الشيخ فى تقديم الدور بأسلوب كوميدي خفيف، ولم تتأثر بأداء من سبقوها فى تقديم الدور، كذلك يلعب المخرج إميل شوقى دور أحد الباشوات الذى يقيم بقصره سهرات يحييها ألمظ والحامولى، ولعب الفنان القدير حسن العدل دور “والد ألمظ” الذى يرعى ابنته بعد وفاة أمها وهى طفلة، ويربى  فيها الحس الفنى قبل أن يختطفه الموت ويتركها وحيدة، وكذلك الفنان محمد حسنى الذى يلعب دور “عباس” الذى يساند ألمظ فى مشوارها الفنى، الفنان طارق مرسى فى دور “الخديوى” ومن الأعمدة الرئيسية التى استند عليها العرض الفنانين عماد عبد المجيد، أحمد الشريف، محمد الخيام، صابر عبد الله.

ويقدم الغرباوى ثلاث مواهب شابة ينتظرهم مستقبل كبير فى عالم المسرح وهم محمد طلبة، ومحمد عمر، ونورهان صالح.

لعبت أزياء مروة عودة وموسيقى أحمد مصطفى واستعراضات سالى أحمد وديكور محمد هاشم وإضاءة عز حلمى أدواراً هامة فى إبراز جماليات العرض.

ويبقى صوت الفنانة القديرة سميحة أيوب بما يحمله من تفرد وقوة ونطق سليم للغة العربية، هو العنصر الأقوى والأكثر تأثيراً فى هذا العرض ويعد حوارها الذى يستمر طوال العرض بمثابة وثيقة هامة شديدة الدقة، يعود إليها الباحثين والمتخصصين.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock