مقالات ودراسات

حصريا.. الناقدة اللبنانية أ.د. “وطفاء حمادي” تكتب: المسرحيون العرب المهاجرون بين الأنا/ الذات والآخر (1ـ3)


المسرح نيوز ـ القاهرة ـ مقالات ودراسات| أ. د وطفاء حمادي*

*ناقدة مسرحية أكاديمية لبنانية

ـ

 

“لماذا لا يكون مسرحي عشباً أخضر، لن يطول عالياً كالنخيل، لكنه سينتشر ويغطي الأرض التي أنا عليها بالخضار”( 1).

 

هذه دعوة المخرج المسرحي العراقي المهاجر إلى كندا، كريم رشيد. هي دعوة لانتشار الأنا وتفاعل الذات على أرض المهجر، أي على أرض الآخر؛ وعليها تريد الأنا الذات المهاجرة، أن تتفاعل مع هذا الآخر، وهي بحاجة إليه، وليس كما يعتبر ديكارت من منطلق وحدانية الذات  Le solipsism: “أنا وحدي موجود… فالإنسان يعي ذاته بذاته، من دون الحاجة إلى وساطات الغير، حتى لو كان هذا الغير مشابهاً لي”( 2). لقد أثار هذا الطرح لدينا التساؤل التالي: كيف يمكن للأنا أن ترى ذاتها وتقيِّمها؟ أليست الأنا تعي ذاتها من خلال ارتباطها بالآخر، ارتباطاً متنوع الأشكال؟

 

من هذه التساؤلات، نسعى إلى تقصّي طبيعة هذه العلاقة، بين الأنا والآخر، والذات والموضوع، لأن في كل منعطف من منعطفات التاريخ العربي، يُعاد طرح مسألة علاقة الأنا بالآخر/الغرب. وقد بدأها النهضويون التنويريون المصريون العرب، الذين درسوا في الخارج، مثل: رفاعة الطهطاوي، ومحمد عبده، وغيرهما، بعدما عادوا إلى بلادهم لبحث هذه العلاقة بين الأنا والآخر. ثم تلاهم رائد المسرح العربي اللبناني، مارون النقاش، الذي جاء بالمسرح؛ هذا الذهب الإفرنجي، وألبسه حلّته العربية، واستخدمه ليعبّر من خلاله عن خصوصية الهوية العربية، فذهب لاستلهام موضوعات مسرحه من التراث العربي، بهدف عدم الذوبان في نتاج هذا الغرب.

 

أما اليوم، وفي ظل المستجدات التي كثّفت من أسباب هجرة العرب، وخاصة الفنانين، ونوّعتها؛ فنجد أن هذه المسألة صارت تطرح على كل المستويات، وفي كل المجالات الفكرية والثقافية والاقتصادية، بعدما أصبح المركز المعولَم، هو المركز الرئيس لكل هذه المجالات (3 )، وبرزت تجلياتها في مسرح المهاجرين العرب، الذين انتقلوا من بلادهم إلى ما وراء الحدود، عن طريق الهجرة إلى الغرب، بداعي الدراسة، أو البحث عن عمل، أو طلباً للجوء السياسي، حيث يعيشون غربتهم، وحيث سيلتقون بالآخر، فيبرز في مسرحهم سؤال الآخر، الذي يضع هذه الذات مقابل الآخر، بهدف الكشف عن كل جوانب أناهم وذاتهم المعرفية، ودرجة الوعي التي بلغتها.

 

أهمية الدراسة

 

إزاء طبيعة هذه العلاقة، ومن منظور جدلي؛ تكمن أهمية الدراسة في تناولها لموضوع قلّت الدراسات التي تناولته، باستثناء ما كتبه الفنانون أنفسهم. وقد تواصلتُ شخصياً مع بعض الفنانين المهاجرين، وأجريت معهم اللقاءات، وحصلت على مخطوطات نصوصهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لأن بعض هؤلاء الفنانين العرب، من لبنانيين كربيع مروة، ومجدي أبو مطر، وميراي معلوف، وسوريين كدارينا الجندي، وندى حمصي، وعراقيين ككريم رشيد، ومغاربة كفتاح الديوري؛ منشرّون في فرنسا والسويد وكندا وألمانيا، ولا يكاد يتواصل أحدهم مع الآخر. وكما تقول الفنانة المسرحية السورية المهاجرة إلى كندا، ندى حمصي: “لا نكاد نعرف عن بعضنا البعض شيئاً، ولم تحدث حالات تعاون واضحة يمكن التكلم عنها”( 4).

 

هدف الدراسة

 

نسعى في هذه الدراسة إلى استجلاء مسارات التعبير في مسرح هؤلاء المهاجرين، على المستويين: الفكري والفني، لنتبين إمكانية التعبير عن الذات، وجعلها في علاقة نديَّة مع الآخر، وللكشف عن رؤية هؤلاء المسرحيين في معالجة علاقة التأقلم مع هذا الآخر، أو صعوبة التأقلم مع البيئة الجديدة، أو الإحساس بالتهميش من قبل هذا الآخر، مما يؤدي بالتالي إلى تهميش الذات.

 

إشكالية الدراسة

 

تثير هذه الدراسة إشكالية البحث عن الأنا/الذات “الذي لا يُفهم إلا في ضوء وعينا بالآخر” ( 5) لتطرح مسألة تمكّن المسرحيين المهاجرين إلى ما وراء الحدود، من التعبير عن هذه العلاقة في مسرحهم، وتحقيق التصالح مع الذات، من خلال تغيير طبيعة الحيز الذي وضعوا فيه. وتتعاقب أيضاً معها المساءلات التالية: هل عبر هؤلاء من خلال مسرحهم عن الصراع بين الأنا/ الذات والآخر؟ هل تمكن هؤلاء المسرحيون الذين انفتحوا على العالم وعلى المسرح العالمي والقضايا المشتركة، في ظل الإرهاب الذي شمل العالم؛ من التحاور مع مسرح الآخر في مسار إبداعي، أم الوقوع في فخ الاغتراب الذي يدفع بهم للتخلي عن خصوصية الهوية؟ هل عبر هؤلاء عن مفهومهم للعلاقة مع الجسد المرتبط ببيئتهم، أم استعانوا بمفهوم الآخر عنه وانفتحوا عليه، نظراً لاعتبار هذا الغرب هو المركز الأساس للثقافة والفكر والاقتصاد والسياسة؟ الغرب المرجع والشرق الموضوع، لأن العرب المهاجرين غالباً ما يرددون: “فليسمعنا الآخر الغرب، فلنعرِّفه على إنجازاتنا، وعلى إبداعتنا”.

 

مادة الدراسة

 

تعتمد هذه الدراسة على تناول بعض النصوص المسرحية، التي تردّ على هذه المساءلات من خلال بنية فنية استندت إلى النظرية الدرامية الغربية، ولكنها صيغت بقالب عربي، لجهة اللغة والحوار والبعد الفكري. وهذه النصوص هي لندى حمصي، وهي ممثلة وكاتبة ومخرجة مسرحية سورية هاجرت إلى كندا، وشاءت أن تظل تثير قضيتها العربية من خلال مسرحيتي “اسمي داخل فرج”، و”سلطان باشا”، وقضية العلاقة بالآخر من خلال نص “أكون أو لا أكون to be or not to be”، ونص مسرحي للكاتب والمخرج العراقي كريم رشيد، الذي يعيش في السويد، هو “جئت لأراك”. تجسد هذه المسرحيات القضايا السياسية والاجتماعية، وتلك المرتبطة ببيئتهم، وعلاقتهم بالآخر وعلاقتهم بهويتهم.

 

هذا مع العلم بأنني لن أتطرق إلى دراسة مكونات المسرح التي يعتمدها هؤلاء المسرحيون لتجسيد رؤيتهم، ولكني سأكتفي بالإشارة إلى استخدامهم لعدة مذاهب مسرحية.

 

ولمعالجة هذا الموضوع، وطبيعة العلاقة بين الأنا والآخر، لابدَّ بداية، من تحديد بعض المفاهيم/المفاتيح، وهي الأنا/الذات، الآخر، التي سنستخدمها في دراستنا.

 

مفاهيم ودلالات

 

الأنا/الذات

 

سنضع هذا المفهوم ضمن السياق العلائقي الذي تدور حوله ثيمات نصوص المسرحيين، حيث يعبرون عن علاقة الأنا/الذات بالآخر، وطبيعته الأنا Ego التي هي ذات الإنسان، ووعيه، وإدراكه لذاته، والجانب المدرك من الذات (على اعتبار أن هناك جوانب غير مدركة ولا واعية Unconscious (“( 6)، و”الذات أو الأنا التجريبية emperical me” هي “المجموع الكلي لكل ما يستطيع الإنسان أن يدعي أنه له: جسده وسماته وقدراته وممتلكاته المادية وأسرته وأصدقاؤه وأعداؤه ومهنته وهواياته”. وأيضاً حسب وليم جيمس، الذي حاول الابتعاد عن مفهوم الأنا “الخالصة”، ووجد أنه، في علم النفس الطبيعي، يمكن تعريف الأنا بأنها “ذلك التيار من التفكير الذي يكوّن إحساس المرء بهويته الشخصية” ( 7).

 

وسنعتمد في دراستنا مفهوماً يضعه ميد، ويفرق فيه بين “أنا (I) كضمير، وأنا (Me) كذاتي. فأنا كضمير (I) هي أنا كذات المسرحيين، لأنها في بلاد الاغتراب، وفي علاقتها بالآخر ستكون هي بمثابة استجابة ورد فعل الفرد، بالنسبة إلى اتجاهات الآخرين، وأنا كذاتي (Me) هي تنظيم مجموعة من اتجاهات الآخرين، التي تشكل بناء الذات”( 8). وهي أيضاً – حسب ميد – “مجموعة الخبرات والخصائص والاتجاهات والمواقف التي تميز جماعة معينة عن جماعة ثانية، فتشابه أفراد هذه الجماعة في هذه الخبرات والخصائص والاتجاهات، يجعل منهم ذاتاً واحدة تختلف عن ذوات أخرى لها اتجاهات وخصائص وخبرات مختلفة” ( 9).

 

مقابل الذات، نحدد الآخر، كما يعني “آخر” من التأخر، أي المجيء بعد. وهذا لا يفيد الضدية، وإنما يقال “لأحد الشيئين” (هذا باب، وهذا باب آخر). هنا كان كل وجود غير “الأنا”، هو “آخر” بالنسبة إليها، وبالتالي فعلاقة التغاير هي علاقة بين الأنا والآخر ابتداء، وهكذا فالشبكة التي يرى “العقل الأوروبي” العالم من خلالها، وبوساطتها؛ شبكة تستحوذ عليها علاقة أساسية، هي علاقة “الأنا” و”الآخر”، لا علاقة “آخر” “بآخر” ( 10). وهذا التعريف الأخير لهذه العلاقة، هو الذي سيشكل منطلقنا في هذا البحث.

 

والآخر يتجلى بنوعين: داخلي وخارجي. فالداخلي حسب نهوند القادري “الآخر الداخلي أو الجواني هو المختلف ضمن الإطار الديني أو الوطني. وبرأي الصفار( 11)، فالآخر هو المختلف عنا في أي جانب من الجوانب التي نهتم بها، فقد يكون آخر من حيث انتمائه الاجتماعي، أو لجهة انتسابه الديني والثقافي، كما يكون اختلاف التوجه السياسي أو النهج السلوكي سبباً لتشكل الآخرية، والآخر قد يكون جزءاً من بيتنا العائلي وأسرتنا الصغيرة، أو قد يكون شريكاً لنا في الوطن والانتماء الحضاري” ( 12).

 

الآخر وموقعه: الآخر الداخل والآخر الخارج

 

فإذا افترضنا أن الآخر بما أنه – حسب ما يعرفه الطاهر لبيب “عبارة عن مركب من السمات: الاجتماعية، والنفسية، والفكرية، والسلوكية التي ينسبها فرد ما أو جماعة، إلى الآخرين”( 13)؛ هو غير الشبيه، المختلف عن الـ “ذات” – الـ “نحن”، فإن هناك آخرَ قريباً، وهناك آخر بعيداً، وآخر بعيداً جداً (14 ). وهناك آخر الخارج، الذي اتخذت طبيعة العلاقة معه أشكالاً متنوعة، تراوحت بين الإحساس بالدونية تجاه هذا الآخر، المتمثِّل بالغرب، حيث تميد الذاكرة لترسو على علاقته ذات الطبيعة الاستعمارية بعالمنا العربي، والطبيعة الاستعلائية التي تعاطى بها هذا الغرب مع الشعوب العربية، فأنتجت علاقة صراعية، تجسدت فكرتها في ثيمات نصوصهم، حيث سنتبيَّن علاقتهم، أي الأنا/الذات مع مسرحيي بلاد المهجر والاغتراب، وثقافتهم، أي الآخر.

 

العلاقة الصراعية

 

– بين أنا الداخل

 

إن العلاقة الصراعية مع الآخر، بدأت من الداخل، أي من آخر/الداخل، الذي كان دافعاً للهجرة والاغتراب وهجرة الأوطان، فكما تقول ندى الحمصي: “لا أحد يترك بلاده طائعا،… تبطش الأنظمة العربية القمعية بالعباد والبلاد، فيموت من يموت، ويختفي من يختفي، ويجن من يجن، ويهرب من يهرب، فيتفرق المواطنون في أرجاء الأرض، منجاة أو بحثاً أو استغاثة” (15 ).

 

كما أن آخر الداخل هو – حسب ما تحدده جوليا كريستيفا: “ليس ذلك القادم من بعيد L’étranger، ومن خارج الجماعة، الذي يهدد وحدة وتماسك وانسجام هذه الجماعة، فوحدة الجماعة وانسجامها ليس سوى مظهر عام يخفي وراءه تناقضات داخلية… فالجماعة تضم غرباء من داخلها قبل أن يأتي الغريب الخارجي، المغاير ثقافياً ودينياً وعرقياً، وهو ما يفيد التعامل مع الآخر الغريب بمنطق الهوية المنفتحة، على اعتبار أن ثقافة الآخر تغني ثقافتي، لأن تعدد الثقافات هو إغناء للتجربة البشرية” ( 16).

 

– بين أنا الخارج

 

أما علاقة الأنا/الذات، بالآخر /الخارج الصراعية “الآخر الخارجي المنتمي إلى حضارة وكيان آخر” ( 17)، وهو “الآخر المخالف لي والمختلف عني حسب معيار الجنس أو العرق، الدين، الثقافة، اللغة، فالآخر أو الغير هو ذلك الذي لا يشاركني الانتماء نفسه؛ الثقافي، الحضاري، والعرقي، وحسب – معجم روبير- فالآخر يتحدد بكونه “من ليس الشخص نفسه”. ويتم حصر الآخر في الغريب، المغاير، البعيد، الأجنبي وكل من لا يشاركني الهوى نفسه” ( 18). وتترجم هذه العلاقة بـ (العنف، السخرية، التمييز العنصري، التطرف الديني، التعصب العرقي، الصراع الاجتماعي) الذي نجسده بمثال مستوحى من الأسطورة اليونانية، التي تروي أن هناك شخصاً خارجاً على القانون اسمه “بروكست”، عمد هذا الرجل إلى صنع سرير على مقاسه، وبدأ يخطف المارة ويرغمهم على الاستلقاء على سريره الذي صنعه، فمن كانت قامته أقصر من السرير كان “بروكست” يمطّه حتى تطول قامته، أي حتى يفارق الحياة، ومن كانت قامته أطول من مقاس السرير كان “بروكست” يقطع رأسه وأطرافه، ويتركه بجانب الطريق وقد فارق الحياة ( 19). تشير هذه الأسطورة إلى طبيعة العلاقة الصراعية التي تربطنا بالغرب، وهي علاقة تفترض الخضوع والاستسلام، وفق المقاييس والشروط التي يضعها الآخر. وضمن هذا السياق، نتساءل: كيف تبلورت هذه العلاقة بتوجهاتها المتنوعة، من علاقة مواجهة واستعلائية وصراعية إلى علاقة تكاملية في المسرح المهاجر؟

 

التشظي

 

عندما غادر هؤلاء المسرحيون العرب إلى كندا وألمانيا وفرنسا والسويد، لجأوا إلى هذا الغرب حاملين مسرحهم، وهاجروا به، علهم يجدون خشبة مسرحية وحيزاً للبوح، ولتفجير المسكوت عنه، وللتحرر من القمع الذي فرضته عليهم أنظمة الحكم في بلادهم، ولكن حالهم ظلت كما وصفها كريم رشيد: “إن الاغتراب سواء أكان مهجراً أم منفى أم اغتراباً، ذلك الذي حللت به أو سقطت فيه أو انكببت إليه؛ فسيظل الأمر تجسيداً للرحيل والانقسام والازدواجية والتشظي، مواجهة بين الداخل والخارج، بين الهنا والهناك، بين الذات والآخر” (20 ).

 

وقد تعرض كريم رشيد، المخرج العراقي المهاجر إلى السويد، لموقف يدل على هذا التشظي، عندما سئل في بلاد المهجر عن عمله:”

– أنا لا أعرف مهنة غير مهنة المسرح، الذي عملت فيه ممثلاً، ومخرجاً، ومصمماً للسينوغرافيا، وكاتباً ومعداً.

– أنت إذن تقف على قدم واحدة – لن تتعدى حدود جمع الحطب في الغابات، أو تنظيف العمارات السكنية، أو توزيع الصحف، أو ما شابه من فرص عمل مهيأة للمهاجرين”( 21). إذن هذه هي صورة العلاقة التي رسمها لنا المسرحي العراقي كريم رشيد، علاقة تؤدي إلى تشظية الذات المهاجرة.

ومع ذلك، لم تحل هذه العلاقة دون أن يعبر هؤلاء المسرحيون المهاجرون عن قضاياهم ومواقفهم المعادية للاستعمار والاحتلالات الغربية لبلادهم، فحملوا هذه القضايا، وقضايا أخرى إلى بلاد المهجر، ليجسدوا رؤيتهم عنها في مسرحهم، من خلال الثيمات التالية:

 

– السياسات الغربية والسيطرة على العالم العربي

 

في مسرحية “سلطان باشا”، للكاتبة المسرحية ندى حمصي (22 ) حيث رفعت الصوت وكسرت تابوهات الخوف، قدمت هذه المسرحية على الخشبة الكندية، وترجمت إلى اللغة الإنكليزية، وتناولت موضوع “نخوة الشعب العربي ومناهضة سلطان باشا للسلطات الفرنسية. كما وصفت هؤلاء الناس بأنهم يحسنون الضيافة ويستقبلون من يلجأ إليهم حتى لو شكل خطراً على سلامتهم. وعبرت ندى عن ذلك عندما أوردت أن النساء يشاركن في هذا النضال وهذه المقاومة، إذ يمكنهن استقبال هارب من مطاردة المحتلين الفرنسيين له، وهو المناضل أدهم خنجر”. وسردت لنا “الراوية”، وهي المرأة التي ترتدي ثياب طائفة الدروز، وتحتسي “المتي”، قصة سلطان باشا وأدهم خنجر بفخر واعتزاز “الله يسلمه”.

 

وإلى جانب محاربة الفرنسيين، تصف والدة الممثلة التاريخ الاستعماري الذي خضعت له بلاد الشام: كالبرابرة الذين أحرقوا المكتبات العربية، وكالعثمانيين والفرنسيين الذين استعمروا بلادنا وقسموها، ولكن شعوبنا قاتلتهم آنذاك وطردت هؤلاء المستعمرين هاتفة:

 

“تربة وطنا ما نبيعا بالذهب دم الأعادي نجبلوا بترابها”

 

وتتابع ندى في حوارات نصها: “واليوم، ما زال عالمنا العربي يخضع للاحتلال: أميركا احتلت بغداد وأحرقت المتاحف وقتلت العلماء والفلاسفة تحت ذريعة نشر الديمقراطية، وإسرائيل ما زالت تحتل فلسطين. هذه هي قصتنا” ( 23).

 

تحمل ندى قضيتها إلى المجتمع المهجري، لتشير إلى اضطهاد الغرب للعرب.

 

يعبر هذا النص/ العرض، الذي قدم على الخشبة المسرحية الكندية، عن موقف سياسي يرفض سلطات الاحتلال، ويجاهر الغرب باحتلاله واضطهاده للشعوب العربية، التي ما زالت تتعرض للاجتياح والتهجير، هرباً من الاستعمار بأشكاله المتنوعة وبذرائعه الجديدة.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock