مقالات ودراسات

د. تامر فايز يكتب للمسرح نيوز عن عرض: “كاليجولا” بين النص والعرض في أداء فريق مسرح كلية الآداب جامعة القاهرة


د. تامر فايز
ناقد و أكاديمي ـ مصر
ـ
 قدم فريق مسرح كلية الآداب عرضًا مسرحيا قيمًا يستحق الإشادة؛ حيث أبدى الطلاب قدرات واضحة على أداء النص – بعد التغييرات الإخراجية – ببراعة وقدرة واضحتين، ظهرتا عبر تنفيذ ما اعتادوا عليه في تدريباتهم على النص المؤدلج عن المسرحية.

وأول ما يمكن ملاحظته على هذا العرض هو أن ما أداه الممثلون على خشبة مسرح الجامعة لم يتطابق كلية مع النص المسرحي المعروف للكاتب الشهير ألبير كامو “كاليجولا”. ومن المعروف لمن طالع النص أو شاهده معروضًا مدى ما يحيط بهذه الشخصية وبأفعالها من غموض، تصبح معه شخصية كاليجولا من الشخصيات الدرامية التي يمكن تأويلها عبر إعمال كثير من التغييرات واستخدام التقنيات الإخراجية، وذلك لخدمة  الفكرة التي يرغب المخرج والممثلون في التعبير عنها.

وهذا ما قام به فريق مسرح كلية الآداب؛ إذ أعملوا كثيرًا من التغييرات الإخراجية على النص، وحولوه في كثير من لحظاته الدرامية إلى ما يقترب من حالة المأسملهاة؛ تلك التي تختلط فيا المأساة بالكوميديا. فرغم المأساة التي تحيط بالبطل كاليجولا – ولا سيما في عدم قدرته على تحقيق ما يريد- ألا إن الممثلين – بمساعدة المخرج – عمدوا إلى تمثيل المسرحية عبر تقنية بيرانديللو الشهيرة المسرح داخل المسرح؛ فصنعوا مسرحية خارجية تعبر عن تلك اللحظات المعاصرة التي يقف فيها شباب كلية الآداب ليختاروا من بينهم من يقوم بعمل دور كاليجولا وبقية الشخصيات، ومن ثمَّ يحدث الانتقال من هذه المسرحية الخارجية إلى جزء من مسرحية كاليجولا لألبير كامو، ثم يعود الممثلون مرة أخرى لمسرحيتهم الخارجية، في حالة من المفارقة الكوميدية، وخاصة عندما يعترضون على ظلم كاليجولا لهم، ليعودوا لاختيار كاليجولا جديد من بينهم. وهكذا تمضي أحداث المسرحية عبر بطولة جماعية اشترك فيها كثير من طلاب هذا العرض القيم، مدعمين بديكورات وملابس وإضاءة وموسيقى ساهمت في إضفاء جو مناسب، جعل الجمهور يوهم – كما أراد أرسطو – بما يشاهده، حتى أن بعضًا من الجماهير فوجيء بحركة الشخصيات التي قامت بأداء دور التماثيل، بعد ان ظنوها تماثيل حقيقية ، وليست شخصيات من لحم ودم.

لقد أعطى المخرج والممثلون لأنفسهم حق اختيار الحاكم عبر مرات متتالية، كما أعطوا لأنفسهم حق تغييره عندما شرع في إيقاع الظلم عليهم، وهو ما يعد – عبر تقنية المسرح داخل المسرح – تغييرات في النص الأصلي لخدمة فكرة الحرية في الاختيار التي بدت في طيات العرض، رامزةً إلى القضية التي رغب الفريق في مناقشتها عبر تمثيله لهذا النص الشهير لألبير كامو.

وأخيرًا، أجاد الطلاب أيَّما إجادة كلٌّ في الدور الذي أداه؛ حيث تمكنوا من اقتناص إعجاب معظم الحاضرين للعرض، ونذكر من بين هؤلاء الطلاب الذين قاموا بأداء الأدوار: هشام مصطفى ومحمد جمال وسارة النشار ونسمة رأفت ونورهان المحمدي ودنيا عبود وبسنت خالد وفتحي عبد النبي ومحمد صابر وعمرو سامي. وقد قام بالدراماتورج والإخراج كريم محمد، وشرفتُ بكوني المستشار الفني للجنة؛ إذ آمل في أن يحصل هؤلاء الممثلون على فرص أفضل في مجال التمثيل والدراما، وذلك في أقرب فرصة ممكنة.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock