في رحيل “داريو فو” الذي سخر من نفسه قبل أن يسخر من كبار السياسيين!

المسرح نيوز ـ القاهرة | أسرة التحرير

ـ

لم يسلم كبار السياسيين في بلده من سخريته وتهكمه، فقد نال رئيس الوزراء ماتيو رينتسي وغيره ما تيسر لهم من نقد داريفو اللاذع وهو الكاتب والممثل الشهير الفائز بجائزة نوبل وعلى الرغم من ذلك نعاه ماتيو واعتبر رحيله خسارة لا تعوض وارثا عالميا لعظمة بلاده.

وقد فاز فو بجائزة نوبل للآداب عام 1997. واشتهر بنقده السياسي الساخر في روايات مثل “موت فوضوي صدفة”. وذكرت تقارير إعلامية إيطالية أنه توفي عن 90 عاما بعد أن نقل إلى مستشفى في ميلانو قبل 12 يوما.

وخلب فو وزوجته الشاعرة والممثلة المسرحية فرانكا رامي قلوب وعقول الإيطاليين من خلال الكتابة والأداء على المسرح وفي الإذاعة والتلفزيون والانتقاد الحاد للزعماء السياسيين بالحوار الرشيق الذكي.

وكان فو تأثر بشدة بوفاة زوجته فرانكا رامي في عام 2013، والتي كانت قد شاركته في التأليف والتمثيل في أغلب مسرحياته.

وعلى الرغم من تردي حاستي البصر والسمع لديه، إلا أنه ظل نشطا حتى النهاية، حيث نشر كتابه الأخير حول العالم البريطاني تشارلز داروين، قبل ثلاثة أسابيع.

ولم يكشف عن موعد تشييع الجثمان، وسط توقعات بتنظيم جنازة رسمية وشعبية مهيبة، لما يحظى به الراحل من مكانة بين الإيطاليين.

وبدأ الرجل مشواره الفني في الخمسينات من القرن الماضي،وكتب ومثل وأخرج عشرات المسرحيات، ومن أشهرها “السر المضحك” و”الموت العرضي لفوضوي”، إلا أنه ركز بشكل رئيسي على الرسم وتأليف الكتب في سنوات عمره الاخيرة.

يساري متطرف يطرق الدروب الصعبة

ولعب داريو فو أدواراً هامة، في أكثر من 70 مسرحية، جمعت بين الكوميديا والتراجيديا والنقد الساخر، حاكى من خلالها معاناة ومشاكل الشعوب.

وعُرف الكاتب والممثل الايطالي كاكثر الادباء الذين حدثوا الادب الايطالي ورجل مسرح لا يمتثل للاعراف فيما لم يساهم فوزه بجائزة نوبل للاداب العام 1997 في سلوكه الدروب المطروقة.

وكان فو صاحب القلم المبدع، يدعو الى التمرد على المتسلطين والمنافقين.

وعرف بمناهضته للاكليروس، وشن حملة على القواعد الاخلاقية التي يفرضها الفاتيكان في ايطاليا في كتابه “البابا والساحرة”.

وفي العام 2003 الف مسرحية هزلية بعنوان “المتخلف الثنائي الرأس” ضد سيلفيو برلوسكوني الذي كان رئيسا للحكومة

وبيعت كل بطاقاتها فيما ازال منها مقص الرقيب اجزاء لدى عرضها على التلفزيون اثر شكوى من اوساط الزعيم السياسي.

وكان فو منتميا الى اليسار المتطرف وترشح في الانتخابات النيابية في ميلانو العام 2001. وواجه صعوبات جمة مع القضاء في بلاده ومع اليمين المتطرف ولم تعرض مسرحياته في التلفزيون الايطالي قبل العام 1977.

الا انه كان الكاتب المسرحي الايطالي الذي عرضت مسرحياته اكبر عدد من مرات في العالم بعد غولدوني

وكان معروفا بضحكاته الجامحة وبنيته القوية ونمط حياته البسيط.

وأصبح في العام 1997 الكاتب الايطالي السادس الذي يفوز بجائزة نوبل للاداب من بينهم كاتب مسرحي كبير اخر هو لويجي بيرانديلو (1934).

وكانت لجنة نوبل في ستوكهولم كافأته لانه “على غرار البهلوانيين في القرون الوسطى حمل على السلطة ورمم كرامة المهانين”.

وكان اختياره الخارج عن المألوف اثار جدلا الا ان الكاتب الايطالي ستيفانو بيني يعتبر ان فو “كان على حق لان الادب لا يقتصر على تأليف الكتب بل يقوم على التواصل ايضا عبر الكلام”.

وتتميز مسرحيات داريو فو بلغة غريبة تختلط فيها اللهجات المحلية والتعابير اللاتينية والاستشهادات الادبية وتمزج كثيرا بين الضحك والجدية.

ولد داريو فو في 24 اذار 1926 في منطقة لومبادريا (شمال) في اوساط عمالية مناهضة للفاشية وترعرع على تماس مع مسرح الشارع ومسرح الحكواتي قبل ان يخوض غمار المسرح اعتبارا من مطلع الخمسينات بعد متابعته دروسا في الهندسة المعمارية.

وكتب اولا مونولوغات ومشاهد مسرحية قصيرة مطبوعة بالنقد الاجتماعي ومن ثم مسرحيات فيها حيز واسع من الارتجال.

وكانت اعماله مستوحاة كثيرا من تقليد “كوميديا ديل ارتيه” (الكوميديا المرتجلة) ومن تجارب عصرية اكثر لفلاديمير مايكوفسكي وبيرتولد بريشت وهي تناولت كل المواضيع السياسية والاجتماعية التي عاصرها مثل حرب فيتنام واغتيال الرئيس الاميركي جون كينيدي والقضية الفلسطينية والايدز، فضلا عن الاجهاض والمافيا والفساد.

وكان يشكل ثنائيا شهيرا مع زوجته الممثلة فرانكا رامه التي اقترن بها العام 1954 وتوفيت العام 2013 عن 83 عاما. وقد شاركته كل مغامراته المسرحية التي واصلها ابنه جاكوبو فو.

واطلق داريو فو مع زوجته عدة فرق مسرحية من بينها “لا كومونه” في السبعينات” التي حملت المسرح الى الشركات والاحياء الشعبية.

وبعد “ميستيرو بوفو” (ألغاز الكوميديا) (1969) وهي مسرحية بشخصية واحد تستعيد نصوصا قديمة بلغة “غراملوت” المشتقة من الكوميديا ديل ارتيه التي عرفت نجاحا كبيرا ، تلقى داريو فو دعوات من الكثير من دول اوروبا وآسيا والقارة الاميركية.

وقدم فيها مسرحياته واخرج اخرى فضلا عن عروض اوبرا، من بينها “حلاق اشبيلية” لروسيني (امستردام 1986) و”الطبيب الطائر” و”طبيب رغما عنه” لموليير في مسرح الكوميدي فرانسيز (باريس في العام 1990).

والهم داريو فو تيار “مسرح الحكواتي” الذي يمثله في ايطاليا اسكانيو سيليستيني ودافيده اينيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock