نصوص

ننشر النص المسرحي “جوزدان” للكاتب العراقي جاسم المنصوري


المسرح نيوز ـ القاهرة ـ نصوص

ـ

 

نص مســـرحية.. جوزدان

 

تأليف

جاســم المنصوري

jassemalmansory@yahoo.com

07703229746 / موبايل

ــ

شخصيات المسرحية

  • الشاهدة الأولى …امرأة في الثلاثين من العمر … شحاذه أو بائعة مناديل.
  • الشاهد الثاني … ولد في الخامسة عشر من عمره … بائع المناديل الورقية أو شحاذ.
  • المشرد … شاب بملابس رثة نفسه رئيس الشرطة.

المشهد الاول

استهلال ….. ( المسرح مضاء .. وسطه بالضبط عمود يوحي بالإشارة الضوئية منصوب فوق مفترق طرق ، تضاء ألوانه الحمراء والخضراء والصفراء بالتتابع … المنظر يوحي بشارع مصبوغ جوانبه بلونين الأصفر والأبيض مع أصوات أبواق السيارات .. الولد واقف على جانب العمود الأيمن يحمل بين يديه مجموعة من علب المناديل الورقية – كلينكس – ، المرأة على الجانب الأيسر بملابسها السوداء دون ظهور وجهها … يقابلان الجمهور …)

الولد : من يشتري ؟؟؟

المرأة : من يعطيني ؟؟

الولد : من يشتري ؟ لا املك الا هذه الأوراق البيضاء … نعم …وحسرة .

المرأة : من يعطيني ….؟ الشمس تعطي ضياؤها دون تردد … وانتم مالكم . السماء تمطر دون ان تستأذن

أحداً … وانتم ما بالكم ؟؟؟ لا استطيع ان أكون عاهراً كي أعطيكم … العهر حرام في زمن القبح

والرذيلة والحزن … اشبيكم … صدك جذب .

الولد : من يشتري ؟ الأوراق البيضاء تفيد غسل الذنوب في بعض الأحيان … تمسح الدموع أيضاَ .. ورق

كلينكس اثنين بألف.

المرأة : إني لا اعلم أين يولد الحظ … وفي اي زاوية يقطع حبله السري … كي ارمي نفسي بين ذراعيه .

الولد : أيها الليل ( ظلام الا بقعة ضوء فوقه ) أيها الليل رأيتك مراراً تختلس النظر الى الشمس … أتراك

تراقبهم ؟

( يضاء المسرح بلون ازرق )

المرأة :في دمي هذا طهر … العاهر التي تريدون مني اخذ دورها لا استطيع .

الولد : قلبي اكبر مني … شذبته كثيرا … كي يكون عاقلاً مؤدباً … دون جدوى …

المرأة : حديث جارتنا الخرساء معي …

الولد ( بتعجب ) : خرساء ؟؟؟ وكيف ذاك ؟ …( بصوت خافت ) : اشتغل الجذب

المرأة : خرساء نعم … إنني الوحيدة التي أتقن لغتها … قالت لي يوماً الصوم للفقير عافية ( تضحك )

حتى انت أيتها الخرساء تضحكين مني .. الصوم للفقير عافية ؟… قضيت العمر صائمة عن الفرحة

الولد : الخرساء لا تعرف ما تقول .

المرأة : متوهم جدا … إنها المرأة التي تفهمني وافهمها .

الولد : انظري الى السماء إنها بلون اخضر … عجيب

المرأة : لا تنظر الى الأعلى … مكتوب علينا ان لا ننظر الى اكبر من هاماتنا .

الولد : مناديل ورقية … مناديل ورقية …. مناديل ورقية ….

المرأة : السماء محرقة … جميعهم ضدنا …حتى السماء

الولد : من تقصدين ؟

المرأة : كلهم … كلهم … السماء … والأرض … حتى هؤلاء ( تشير الى الجمهور )

الولد : وما دخل الناس في الموضوع ؟

المرأة : حينما تكبر ستعرف ….من يعطيني من مال الله

الولد :أريد ان اغني …

المرأة : وما يمنعك ؟

الولد : العيب .

المرأة : لو لا العيب لكنت أنا ……

الولد: ما كنت ؟

المرأة : اشششش عيب ( تتلفت الى الوراء ) عيب

الولد : اعتقد ان العيب يشبه الماء ….

المرأة : ها …. ممكن

الولد : نعم يشبه الماء فكلاهما يبللان المارة ( يضحك )

المرأة : لا لا تضحك … نعم العيب يشبه الماء … إذا لم تستحي اصنع ما …. واذا لم تشرب الماء تموت .

الولد : شحاذة وفيلسوفه ..وتهمبل علينه …

المرأة : يا لهذا الشارع الأغبر … منذ الصباح وهو جاف …

الولد : العيب ليس بالشارع … العيب في الناس .

المرأة : لا … لا الناس مساكين …

الولد : العيب بمن ؟

المرأة : اشششششش لا تقل عيباً … أخاف ان يسمعنا احدهم .

الولد : وممن تخافين … وما سيصنعون بنا ؟ انا أبيع المناديل الورقية وأنت شحاذة .

المرأة : أرجوك … أرجوك لا تقل شحاذة … بل قل ….

الولد : ماذا أقول ؟؟؟ ها … ها

المرأة : قل … قل …. اي شئ الا شحاذه …

الولد : حسنا … سأقول … ( يفكر ) … سأقول

المرأة : دعك مني … انظر الى السماء انها خضراء

الولد : وما يعني ذلك …

المرأة : السماء الخضراء تعني ان هذا اليوم سيكون نحساً … الساعة الآن السادسة صباحاً والشارع

فارغ.

الولد : اليوم قررت ان أنام قرب العمود … اهنا راح أنام

المرأة :العمود ؟ ولماذا …؟؟؟ الساعة الآن السادسة صباحا … الشارع فارغ ألا ترى ؟

الولد : العمود هذا، لي معه ذكريات تمتد لأكثر من سنة … أصبحنا صديقين … اكلمه … اسمعه

المرأة ( بتعجب ): تكلم عمودا ؟

الولد : ولست تكلمين خرساء …؟

المرأة : خرساء وليست عموداً؟

الولد : العمود أيتها السيدة الفاضلة

المرأة ( تقاطعه ) :عفيه .. نعم نعم .. هذه العبارة جيدة لي …السيدة الفاضلة( تضحك ) .. وليست شحاذه

الولد : حسناً العمود يعرفني … يعرف وجهي تماماً بدليل … هذا الضل مرسوم فوق وجهي .

المرأة : هل تريد النوم بجانب العمود ؟ وليكن … إنها أملاك الحكومة … ومن يمنعك .

الولد : هششششش لا تقولي حكومة ؟

المرأة : ولماذا ؟

الولد : الحكومة لا تقبل ان نناديها بأسمها المقطوع هذا .

المرأة : وبما نناديها ؟

الولد : المناضلة …

المرأة : ماذا … المناضلة ؟؟

الولد: نعم … الحكومة المناضلة …

المرأة : وانا ايضا أريد ان أنام … بجانب العمود هذا .

الولد : ها …. بجانب العمود .. ويحك يا …. العمود ذكر وأنت أنثى … وهذه عورة …

المرأة : سأقص عليه حكايتي فقط

الولد : من ؟

المرأة : العمود … هذا العمود … لقد تعرفت على العوز في خريف الوطن هذا … جلسنا معنا … العوز

بادلني الحب … كجارية عنده …العوز … هذا يشبه الليل … ينام معي في فراش واحد … يحكي لي

قصص العوز الكبيرة … وفي ختام قصصه تلك يطبع قبلة جوع على بطني ويسافر .

الولد : وأنا تعرفت عليه في مدرستي … جلس بجانبي .

المرأة : من ؟

الولد : العوز أيتها السيدة ….

المرأة : أكمل … السيدة الفاضلة ….

الولد: ليس مهماً … مددت يدي في بادئ الأمر … لكنها كانت قصيرة وخجولة …

المرأة : قصيرة ؟

الولد : نعم … حتى قررت ان استبدل المهنة الى بائع المناديل الورقية .. اعتقد انها أفضل .

المرأة : وهل أخذت رأي احد في ذلك ؟

الولد : نعم … العمود ..

المرأة : العمود ( بتعجب ) العمود ؟

الولد : مالكي اليوم ؟ انت على غير عادتك …

المرأة : وما الذي دعاك لقول ذلك ؟ انا كما انا … سواد في سواد في سواد … لا انظر للعام الا من هاذين

الثقبين …

الولد : لا أريد ان أتطفل عليك سيدتي …

المرأة ( تضحك ) : سيدتي … هههههه لم اسمعها أبداً … انت اليوم في كامل وعيك يا هذا …ألفاظك أجمل

من اليوم الحار .. من هذا الجو الخانق … اسأل أتريد ان تعرف لما انا هنا ؟ ها …

الولد : نعم ….

المرأة : انا امرأة منخورة بالبؤس والعذابات من رأسي حتى أخمس قدمي …السواد الذي تراه سواد

حقيقي … دعك عنك هذه التي انا … ولنلعب لعبة التبادل …

الولد: كيف ؟؟

المرأة : أبيع انا أوراقك تلك … وأنت تستجدي الناس … فلوجهك كارزمة مهمة للاستجداء ممكن ان …

الولد : ممكن ان … ماذا ؟

المرأة : تعال … تعال الى هنا … لنتبادل الأدوار … انا سأحسب جميع الأوراق التي لديك في هذا الكيس

الأبيض … سأحصي وجعك الملعون وخوفك المذبوح عليك نذراً … تعال لنتبادل الأدوار … من

يعرفنا نحن المساكين …سأخفي عن العالم آهاتي … واضحك …

( يتبادلان المواقع .. ويقفان وسط الطريق وينظران الى الأسفل يجدان جوزدان ينظر كل منها الى الآخر ،يرفعان رأسيهما …. )

الولد : أترين يا سيدتي ؟

المرأة : نعم انه جوزدان …

الولد : ومن سيأخذه ؟

المرأة : انا طبعاً …

الولد : ولما انت ؟

المرأة : انا أحوج منك … وأكثر عازه وبؤس .

الولد : وما يدريك يا سيدتي الفاضلة .

المرأة : انت أفضل مني .

الولد : ما مقياس الأفضلية لديك؟ انا معك منذ الصباح … ولم أبع قطعة واحدة ..

المرأة : لا تجادل كثيرا … هذا الشئ لي …

الولد : بل لي …

المرأة : لا تكن أنانياً …

الولد : من هو الأناني … ها نحن نختلف على حطام الدنيا …

المرأة : انا أحوج منك …

الولد : من قال ذلك … نحن مشتركون في العوز والقهر والبؤس .

المرأة : لم تعاني مثلما عانيت … لم تشرب صبرك أغنية ووجع …

الولد : وأنت سيدتي … ما زارك الجوع كضيف دائم يجلس إخواني الصغار … على فتات الخبز والحنان .

المرأة : كن إنساناً …

الولد : أعدك إني سأكون إنساناً حالما اخذ هذا الجوزدان ….

المرأة : حسناً … لنتراهن … ومن يكسب الرهان سيكون له هذا الجوزدان .

الولد : رهان ..؟؟؟ وما هو الرهان ؟

المرأة :نعم … رهان وهو ان نتفق على احتمالية وقوع شئ او احتمال حصول شئ .. ومن يربح سيكون

له الجوزدان …

الولد : وكيف ؟

المرأة : اسمع … لنتفق معاً ( تقترب من الولد ) اسمع علينا ان نصمت ولا نتحدث أبداً لأثنى عشر دقيقة ومن يتحدث يخسر الرهان ويكون الجوزدان من نصيبه … ماذا تقول ؟

الولد : وكيف ذلك وعملنا هذا أساسه الكلام ؟

المرأة : وهذا هو المطلوب .. ان لا نتحدث .. تصبر لأثنى عشر دقيقة فقط اصبر اشبيك ؟… ها … ماذا

قلت ؟

الولد ( يفرك فروت رأسه ) : ها … حسناً … متى نبدأ ؟

المرأة : الآن … حالما ابدأ بالعد..

الولد : لحظة … لحظة … وكيف سنعرف الوقت ؟

المرأة : بسيطة جداً … هذه الإشارات الضوئية تتغير كل ثلاث دقائق ( تشير الى العمود ) وفي نهاية التغير

الرابعة سنعرف عندها من خسر الرهان .. ومن ربحه … مفهوم ؟

الولد : موافق .

المرأة( مع نفسها ) : واحسرتي … أحلامي رهانات خاسرة … أريد ان أشم الراحة … الراحة .. كيف ؟

الولد ( مع نفسه ) : من اي سماء جاءت هذه المرأة السوداء بملابسها وابتسامتها الكريهة ؟ من أين ؟

المرأة ( مع نفسها ) : مكتوب علي ان أعيش الفقر .. أعيشه بكل تفاصيله المرة .. من أين جاء هذا الولد

الكريه ؟ من أين ؟

الولد (مع نفسه ) : ترى كم سيكون فيه من النقود ؟ أريد ان أعود للمدرسة .

المرأة ( مع نفسها ) : ترى ما سيكون بهذا الجوزدان اللعين ؟ هل سيكون فيه نهاية بؤسي ؟ هل ستنتهي

به أحزاني … ؟ هل من الممكن ان تنتهي تعاسة الناس مثلي بهذه القطعة الجلدية

البائسة … لا لا إنها ليست بائسة … هذه القطعة الجلدية ستكون سعادتي بها …

الولد ( مع نفسه ) : ترى ماذا تخبئ فيك أيها الجوزدان ؟ ملابس جديدة … طعام شهي ؟ أقلام ودفاتر ؟

المرأة ( بصوت قوي ) : بدأ الرهان .

( ينظران الى الأضواء في العمود …. صوت لدقات الساعة …… ظلام الا من ضوء الإشارات الضوئية وهي تتغير ببطء … هدوء عجيب ….. يدخل الشاب المشرد …. ينظر إليهم باستغراب … يقترب أكثر … الساعة ما تزال تدق … ينظران إليه دون اي كلمة …. يمد يده الى الجوزدان يحمله وينظر إليهما ثم يركض خارجاً ….. يصرخان معاً : لا ….. )

( اظلام )

المشهد الثاني

( نفس المنظر في المشهد الاول … الا ان الولد والمرأة تبادلا الأدوار … المرأة تلبس قميص ابيض وتنوره سوداء وقد رفعت النقاب عن وجهها تحمل بيديها علب الكلينكس … الولد يرتدي ملابس سوداء وفوق عينيه نظارات سوداء يبدو انه يستجدي … يجلسان باتجاهين متعاكسين وظهرهما الى العمود .. الضوء فوقهما تماماً …. )

الولد : أنتي.

المرأة : انت .

الولد : أنتي .

المرأة : انت .

الولد : أنتي .

( تتكرر هذه العبارة )

المرأة : بل انت من تكلم اولاً وخسر الرهان .

الولد : انت … الحرف الاول كان منك .. الخوف الاول كان منك … اللهفة الأولى كانت منك .

المرأة : لا لا … انت يا ولد … هسه اشجابك بهذا اليوم ؟

الولد : عمي أنتي ادم نزلتيه من ألجنه ضلت ع الجوزدان …

المرأة : من قال لك ذلك ؟ انا لا ادعي الفضيلة … لكن ما أنزلت ادم من الجنة …ادم .. ادم …ومن ادم هذا ؟

الولد : ادم … أبونا ادم …

المرأة : أدمك هذا لا اعرفه …

الولد : اكو واحد ما يعرف أبونا ادم .

المرأة : اي صحيح ما كو واحد بس اكو وحده … انا لا اعرف أدمكم هذا ولا أريد ان اعرفه.

الولد : المهم ضاع الجوزدان .

المرأة : بل قل سرق … وضاعت معه أحلامنا …

الولد : فقط نحن أحلامنا في قطع جلدية …

المرأة : الجوزدان … الجوزدان …. ( تنهض ) أصبحت أكرهك …القبح الذي بداخلك أصبح لا يعنيني .

الولد : ايباه … أمس رادت أتموت من راح الجوزدان ..

المرأة : أحلامنا تبخرت … هسه امنين أجه هذا …

الولد : يا هو ؟( ينهض )

المرأة : هذا … الشسمه …

الولد : من ؟

المرأة : هذا الذي اخذ الجوزدان ..

الولد : بل الذي سرق الجوزدان .

المرأة : اششش يمعود … هاي اشبيك .

الولد : مابك … ؟؟؟ مشرد سرق الجوزدان .

المرأة : انه ليس مشرد … هذا اولاً ، وثانياً انه لم يسرق .

الولد : وما تسميه انت ؟ غير ان يكون مشرداً وسارق… لو لم يكو سارقاً ما رأيناه يهرب … السارق هو

فقط من يهرب .

المرأة : يهرب من … من ؟ أصلاً نحن لا نملك هذا الجوزدان اللعين .

الولد : لا هو ملك لنا …

المرأة : نحن من ؟

الولد : نحن ( يهز وسطه بطريقة راقصة) الشعب .

المرأة : أرجوك …ما اسمحلك …

الولد : ولماذا ؟

المرأة : لأننا شعب محترم …

الولد : نعم محترم … بدليل سرق منا الجوزدان .

المرأة : دعك من هذا الكلام … ولنبدأ من البداية .

الولد ( بعصبية ): ماذا؟ من البادية ؟ … لا لا … اكره كل البدايات .

المرأة : اصبر يا هذا اصبر .

الولد ( سؤال وتعجب ) : اصبر ؟ !! قضيت العمر وأنا صابر .

المرأة : اصبر يا صديقي عله يرجع إلينا ويعيد ما أخذه … لا تحكم على الأشياء من نهايتها .

الولد : ومن أين احكم ؟

المرأة : ليس مهما ان تحكم …

( يدخل رئيس الشرطة وهو نفسه المشرد بملابس عسكرية لا تشبه اي ملابس اخرى متعارف عليها )

رئيس الشرطة : هلو … هلوووو … انتم … ( يشير إليهم ) انتم … أيها الحفاة .

( ينظران الى أقدامهما بخوف )

الولد ( للمرأة ) : ايصيحلج .

المرأة : يناديني انا … وماذا يريد مني ؟

رئيس الشرطة : انتم … نعم انتم .

المرأة والولد ( معاً ) : نعم .

رئيس الشرطة : منذ متى وانتم هنا ؟ اقصد تستجدون الناس ها هنا ؟

المرأة : وجدت امي هنا فشربت المهنة منها بعد موتها .

الولد : كان ابي رجل بطل شجاع قاتل أعداء الله حتى مات فخرجت بعده أقاتل الفقر ..

رئيس الشرطة : اسمعي أنتي …اسمع انت .. لا أريد فلسفةً فارغة … اسمعا … قبل أيام جاء رجل محترم

لمركز الشرطة يشتكي ان أحداً سرق أشياؤه ..ومن ما سرق منه جوزدان جلدي ، أسألكم

ان كان أحدكم قد شاهده ها هنا في الارض او فوق الرصيف هذا .

الولد ( للمرأة بصوت خفيف ) : وليس هذا المشرد الذي اخذ الجوزدان ؟

المرأة : اششششش … هاي اشبيك … ولك هذا رئيس الشرطة .

الولد : ان البقر تشابه علينا ….( يضحك )

رئيس الشرطة : اششش ولك … اثول … سألتكم سؤال واحد …

المرأة : سيدي … سيدي نحن …

الولد : عن اي شئ تتحدث سيدي ؟ اي جوزدان هذا ؟

رئيس الشرطة : أيها الغبيان … كان ها هنا قبل يومين .

الولد : من ؟

رئيس الشرطة : الرجل المحترم .

المرأة : كثير هم المحترمون الذين يمرون من أمامنا .. لا نستطيع ان نحفظ وجوههم .

الولد : ولأنهم محترمون ( بحركة أنثوية ) فأننا نخل ان ننظر الى جباههم .

رئيس الشرطة : اسمعا ، أشياء الرجل المحترم سرقت (بصوت عال ) سرقت واهم ما في أشياءه جوزدان

الولد : سيدي … ببساطة لو كنا سرقنا مثلما تقول … لما نحن واقفون ها هنا ؟

المرأة : صحيح … صحيح سيدي .

رئيس الشرطة : اسمعا … أمامكما عشرة دقائق … عشر دقائق فقط … كي تعترفا …

المرأة ( بحزن ) : ويلي … ويلي …

الولد : لا تخافي يا سيدتي … لا تخافي … مالذي سيفعله فينا … أنتي بائعة المناديل وأنا شحاذ .

المرأة : ويلي … سيأخذنا للسجن …

رئيس الشرطة : العشرة دقائق أوشكت على الانتهاء … من منكما سرق الجوزدان ؟

المرأة : يا ألاهي … كيف سنتخلص من هذه الورطة …

الولد ( يقترب من المرأة ) : سيدتي … دعينا نصارحه .

المرأة : بماذا ؟

الولد : لنصرخ بوجهه القبيح هذا ونقول له انت من سرق أحلامنا … انت هو السارق .

المرأة : لكن …

الولد : ليس لدينا ما نخسره …والسارق يا سيدتي نعرفه …

المرأة ( تمسح بقايا دموع ) : نعم .. ليس لدينا ما نخسره .

المرأة ( تنادي رئيس الشرطة ) : سيدي …

رئيس الشرطة ( يقترب منها ) : اسمعي … انت امرأة مسكينة وهذا الولد لا يعني لك شئ … أنصحك بأن

تذكري لي اي شئ مهم في الموضوع .

المرأة : سيدي .

رئيس الشرطة ( مقاطعاً) : هو له من يعينه … اما انت فما لك الا الله …

المرأة : سيدي ..

رئيس الشرطة ( مقاطعاً ) : انت في زمن قبيح وهمجي .

المرأة : سيدي .

رئيس الشرطة : لا تستعجلي في الرد … اذا كان الموضوع يستحق الانتظار سأنتظر .

المرأة ( بصوت عال ) : سيدي .

رئيس الشرطة : ولماذا تصرخين …هل هو من سرق الجوزدان ؟ لا يغرك شكله .. فاللصوص يتلونون

مثل الحرباء ..

المرأة : سيدي لكن … نحن نعرف من سرق الجوزدان ..

رئيس الشرطة : ها … حسناً … ولم التأخير إذن ؟ ( يقترب من الولد يضع يده على كتفه ) اسمع انت ولد

تعبان … أرهقتك الحياة جداً .

الولد : سيدي.

رئيس الشرطة : والحياة أمامك كبيرة … دعك من هذه المرأة … المتشحة بالسواد … كأنها بومه او غراب

حقير .. دعك منها …أمامك كل الوقت ان كان الموضوع يستحق الانتظار .

الولد : سيدي .

رئيس الشرطة : المستقبل لك يا صديقي … نعم لك …ان كنت تعرف شئ فلا تتردد.

الولد : نعم نعرف من سرق الجوزدان..

المرأة ( تقترب من رئيس الشرطة ) بصوت واحد مع الولد : انت من سرق … انت من سرق …

رئيس الشرطة ( بفزع ) : انا …

( يحاول الإفلات منهما لكنهما يدوران حوله )

المرأة : انت من سرق أحلامنا الجميلة …

الولد : انت من سرق طفولتنا البريئة .

المرأة :انت من سرق صفاء قلوبنا …

الولد :انت من باع قضيتنا الكبيرة .

المرأة : انت من تاجر بدمائنا .

الولد : انت من خطط لتحطيم تأريخنا .

المرأة : انت من شاهد المجرمون يقتلعون أشجارنا وكنت صامتاً .

الولد والمرأة ( معا) : انت …. انت …. انت … انت …

( ظلام )


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock