المسرح نيوز ـ القاهرة: حوارات
ـ
حاوره: عبدالحميد القاسمي
سلطنة عمان
يشكل مسرح الشارع أحد أكثر التجارب المسرحية جرأة وحيوية، إذ يضع الممثل في مواجهة مباشرة مع جمهور يتفاعل لحظة بلحظة دون حواجز خشبة أو إضاءة أو ديكور.
وفي هذا الحوار، يكشف ضيفنا عن خصوصية هذا الفن الذي يتحرك في فضاءات مفتوحة ويتشكل وفق الجمهور والمكان، بوصفه مساحة للتعبير والاحتفاء والوعي، ومنصة قادرة على الإضاءة على قضايا اجتماعية وثقافية بعمق وجاذبية. كما يتناول التحديات التي تواجه هذا النوع من المسرح، والمهارات التي يتطلبها، ودوره في تعزيز المواطنة والتواصل الإنساني، وصولا إلى مشاركته في مهرجان الدن في نسخته الخامسة، الذي يصفه بأنه محطة استثنائية وتجربة ثرية.
ترى ما أبرز التحديات التي تواجه المسرح بشكل عام؟
وصرح طلال أيوب، بأن مسرح الشارع واحد من أكثر الفنون المسرحية تحديا، لأنه يقوم على مواجهة مباشرة مع الجمهور دون اعتماد على الإضاءة أو الديكور لإخفاء الممثل أو حماية المشهد. ويضيف المتحدث أن هذا النوع من المسرح يضع الفنان أمام رد فعل لحظي قد يكون تقبلا أو رفضا، مما يستدعي قدرا عاليا من الدقة والحذر في اختيار الفكرة وموضوع العرض. كما يؤكد أهمية التفكير في عنصر الفرجة والمفاجأة بوصفهما مفتاحا لجذب الجمهور والحفاظ على تفاعله حتى اللحظة الأخيرة.
وما الذي يميزه عن المسرح الشارع عن المسرح التقليدي من حيث الشكل والمضمون والجمهور؟
وأضاف طلال أيوب، هناك اختلاف بين مسرح الشارع ومسرح القاعة في طبيعة التفاعل مع الجمهور؛ فمسرح الشارع يشترط أن يتحول المتفرج إلى جزء فاعل في العملية المسرحية، لاعبا داخل المشهد لا مجرد مشاهد سلبي. كما أن عروض هذا النوع من المسرح لا تقدم بصيغة جاهزة، بل عليها أن تتأقلم مع الفضاء الذي تُعرض فيه. ولذلك فإن عروض مسرح الشارع متحولة بطبيعتها، تتبدل وتعاد صياغتها بحسب المكان والجمهور، ولا تقدم بالطريقة نفسها في كل مرة.
كيف ترى علاقة مسرح الشارع بالفضاء العام؟ وما الذي يضيفه هذا النوع من المسرح للحياة؟
وأشار، يلعب مسرح الشارع دورا اجتماعيا ومواطنيا بارز، فهو قادر على المساهمة في نشر الوعي العام من خلال القضايا التي يطرحها، كما يُعد مساحة مفتوحة تُمكّن الناس من الالتقاء والتفاعل والفرح والاحتفال والنقاش. ويؤكد المتحدث أن هذا النوع من المسرح يسهم في تعزيز فعل المواطنة عبر خلق حوار مباشر بين الجمهور والمشهد المسرحي.
برأيك، هل يتطلب أداء مسرح الشارع مهارات خاصة لدى الممثل؟ وما أبرز تلك المهارات؟
لافتا، يتطلب مسرح الشارع مهارات تمثيلية أعلى، سواء على مستوى الصوت أو الأداء، إضافة إلى قدرة كبيرة على التركيز والتفاعل المباشر مع الجمهور والوعي بالفضاء المحيط. ويؤكد المتحدث أن سرعة البديهة والقدرة على الارتجال تعدان عنصرين أساسيين في هذا النوع من المسرح، لأن الممثل يتعامل مع مواقف لحظية ومتغيرة. ولهذا، فإن ممثل مسرح الشارع يجب أن يكون متمرسا في المسرح التقليدي قبل خوض تجربة الأداء في الفضاء المفتوح.
إلى أي مدى يمكن لمسرح الشارع أن يتحول إلى منصة للتوعية بقضايا اجتماعية وثقافية وفنية؟
مؤكدا، أن مسرح الشارع فرصة حقيقية لإيصال صوت المواطن، والتعبير عن قضاياه وهمومه اليومية بأسلوب فني وجمالي قائم على التعبير المسرحي. ويرى المتحدث أن هذا النوع من المسرح يعد وسيلة فعالة في تعزيز الوعي العام، من خلال تناول موضوعات تمس البيئة والأخلاق العامة والسلوك المواطن، ليكون بديلا إبداعيا للتواصل مع الناس وتحفيزهم على التفكير والتفاعل.
ما نوع الرسائل أو القضايا التي ترى أن مسرح الشارع قادر على إيصالها بفعالية أكبر؟
أضاف طلال أيوب، يستطيع مسرح الشارع إيصال مختلف الرسائل التي يحتاجها المجتمع، شريطة أن تكون رسائل نبيلة تعكس جوهر المسرح كما عرفه أرسطو بوصفه “محاكاة لفعل نبيل تام”. ويوضح المتحدث أن هذا النوع من المسرح يمتلك قدرة خاصة على كشف الجراح الدفينة في المجتمع، والتعبير عما يعتمل في نفوس الناس، محولًا الألم إلى أمل، ومتيحا مساحة فنية تنصت لهموم الجمهور وتعبر عنها بصدق وجمال.
أوصف لنا شعورك بالمشاركة في مهرجان الدن في نسخته الخامسة وما أهم ما يميزها؟
وختم حديثه عن مشاركته، أعرب عن دهشته من مستوى التنظيم اللافت، مشيرًا إلى أنه كان يتطلع منذ الدورات الأولى إلى المشاركة في مهرجان الدن، الذي تابع فعالياته عن بعد على مدى سنوات، ويحظى بصيت واسع في تونس. وأضاف أن إدارة المهرجان خاضت هذا العام تحديات كبيرة في ظل وجود أسماء مسرحية بارزة، مؤكدًا أن سعادته الأكبر تمثلت في نجاح عروض مسرح الشارع، التي وصفها بأنها “عرس حقيقي” أضفى روحًا خاصة على هذه الدورة.
