حصريا.. الكاتب السوري أحمد اسماعيل يكتب: سلسلة “مملكة المسرح”.. (2) أركان النص المسرحي وأساسياته
كان يا ما كان في هنا والآن.. الحكاية في المسرحية
المسرح نيوز ـ القاهرة| مسرح طفل
ـ
أحمد اسماعيل
كاتب مسرحي سوري مقيم في ألمانيا
ـ
أركان النص المسرحي وأساسياته
كان يا ما كان في هنا والآن
الحكاية في المسرحية
قديماً، وقبل البدء برواية الحكاية، كانت الجدات يسألن:
– كان يا ما كان في قديم الزمان.. نحكي أم ننام؟
وكان الصغار الذين يتحلقون حولهن بانتظار سماع حكاية جديدة يجيبون بصوت واحد:
- نحكي.
وتحكي الجدة حكاية الثعلب المكار، أو حكاية البطل المغوار، أو الملك الطيب والوزير الغدار.. أو أية حكاية شائقة تجعل أعين الأطفال المثقلة بالنعاس تتابع بشغف وحماس حركات وأفعال شخصيات الحكاية وأحوالها، في صراعها و وئامها، في حزنها وفرحها.
أما اليوم، فقد تغير الزمان، وتبدلت الأحوال، وانتقلت مهمة رواية الحكايات من الحكواتي في المقاهي، والجدات في البيوت، إلى رواة جدد من أدباء وفنانين، نزعوا عن الحكاية ثوبها المزركش الجميل، وألبسوها ثياباً مختلفة، لكنها جميلة هي الأخرى، حيث صيغت في قوالب ووسائط لها خصوصيتها وضوابطها مثل: الرواية والقصة والشعر والمسرح والتلفاز والسينما.
لذلك نجد أن أسلوب الحكاية يختلف فيما بين الأشكال الأدبية والفنية المتعددة. ففي الرواية مثلاً، يختلف أسلوب الحكاية عما هو عليه في القصة القصيرة أو المسرح، من حيث الطول أو كثرة الشخصيات أو تعدد الأمكنة أو أسلوب المعالجة، وهو في هذين المجالين مختلف عما هو عليه في مجالي السينما أو المسلسل التلفزيوني.
وفي المسرح، تعتبر الحكاية عنصراً جوهرياً مكوِّناً للنص المسرحي، إلى درجة اعتباره رواية تمثيلية، والعرض حكاية تروى بالتجسيد، غير أن ذلك كله لم يمنع المسرح من أن يخلع على الحكاية الثوب الذي يناسب مجاله وخصوصيته، ويجري عليها بعض الإجراءات والتعديلات لتصبح الحكاية في هذا الفن حكاية مسرحية. والكاتب هنا مثل الخياط الذي يصنع من قطعة قماش ثوباً معيناً، ومن أهم الإجراءات التي يقوم بها في صياغته للحكاية: تحويل زمن الحكاية من الماضي إلى الحاضر، فما كان يحدث في الماضي أصبح يحدث هنا، والآن: في هذا المكان وهذا الزمن، كما أن الشخصيات في الحكاية المسرحية تقوم هي بالتعبير عن نفسها بالحوار والفعل، بدلاً من الراوي الذي كان في الحكاية غير المسرحية لسان حالها والنائبَ عنها لدى المتلقي، وبذلك تم استبدال الحوار بالسرد، وضمير المتكلم بضمير الغائب.
ويلجأ الكاتب في بناء وصياغة نص الحكاية إلى حبكة قوية توفر للمتلقي المتعة والتشويق والفائدة. و ذلك في مسرح الكبار والصغار على السواء، غير أن عناية الكاتب بالحكاية في مسرح الأطفال أكبر، بشرط ألا تطغى الحكاية على العناصر المسرحية الأخرى من صراع وشخصيات وحوار وموضوع ومقولة، فالاقتصار على عنصر الحكاية في المسرحية يحرمنا من جني الفوائد التي تقدمه العناصر الأخرى، فيصبح فهمنا وتذوقنا الفني قاصراً وخاطئاً.