ريهام عبد الرازق.. مخرجة “كلام في سري” التي أهدروا دمها تعترف: نعيش في مجتمع تحكمه الازدواجية.. يفعل في الخفاء ما يرفضه علانية!
المسرح نيوز ـ القاهرة| حاورها: كمال سلطانـ تصوير: عادل صبري
ـ
كلام في سرى .. أحد العروض التي تم إعادة عرضها ضمن فعاليات الدورة الخامسة والعشرون لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي احتفالا باليوبيل الفضي للمهرجان.
وكان العرض قد شارك في الدورة ال19 للمهرجان عام 2007 ونال جائزة أفضل عمل جماعي، وتميز العرض بجرأته الشديدة، حيث ناقش مشكلات المرأة وعلاقتها بالرجل من خلال حوارات جريئة أثارت وقتها المتشددين والمتزمتين، ووصل الأمر إلى إهدار دم مخرجة العرض ريهام عبد الرازق ..
تقول المخرجة ريهام عبد الرازق: سعيدة جدا بأن باختيار عرضي للاحتفال باليوبيل الفضي لمهرجان المسرح التجريبي، خاصة وأنني قدمت العرض في المهرجان عام 2007 ونلت عنه أفضل عمل جماعي، وقد شارك في المهرجان عروض عديدة منذ تلك الفترة، وأن يتم اختيار عرضي ضمن العروض المشاركة فى الاحتفال باليوبيل الفضي مثل “قهوة سادة” و “مخدة الكحل” وغيرها فهذا شرف لي. وحول التناول الجديد للعرض تقول ريهام:
أتناول العرض كما هو بالضبط، وبنفس الممثلات وفريق العمل بالكامل لم يتغير فيه شخص واحد، والفارق الوحيد أن الممثلات أصبحن أمهات، وعلى الرغم من استقرارهن خارج مصر حيث تعيش سارة رشاد فى الكويت وتعيش سارة مدحت في دبي فقد تحمسن كثيرا بمجرد أن حادثتهن في الموضوع،
وكما ذكرت لك لم أغير شيئا فى التناول لكن المسألة أن العرض نسوى ويتناول علاقة المرأة بالأخر وطبعا بعد أن تزوجنا وأنجبنا أصبح الأخر قريبا جدا، فأصبحنا نرى المشاكل بصورة أكبر، وعموما المشاكل في النهاية واحدة ولا تختلف من عصر لعصر ولكنها تتطور مع ظروف الزمن والمشاكل الحياتية وتعاملك مع الآخر الذي أصبح قريبا جدا فأصبحت ملما بكل تفاصيله، فالمشاكل لا تتغير مع الزمن. وحول تخوفها من تكرار الهجوم على العرض بسبب جرأته تقول: المجتمع أصبح الآن أكثر انفتاحا وتطورا وأصبحت القضايا التي ناقشها العرض تطرح في الأعمال الدرامية والبرامج الحوارية، ولم تعد مزعجة كما كانت في السابق، فقد صارت القضايا الحالية أكبر بكثير مما يناقشه العرض مثل التحرش والزواج العرفي الذي أصبح منتشرا بصورة رهيبة وقد انفتحنا كثيرا في مناقشة قضايانا النسوية والاجتماعية أما عن مشاكلنا في الصحة والتعليم والاقتصاد فما زلنا كما نحن، وأنا لا أتصور أن يكون الهجوم على العرض بنفس الضراوة الأولى فقد أحلوا دمى وقدم أحد النواب استجوابا في مجلس الشعب لوزير الثقافة فاروق حسنى بسبب العرض،
ولعل هذا الهجوم هو الذي جعلني أتخذ المشاكل النسوية خطا ثابتا في عروضي التالية والحمد لله نلت العديد من الجوائز في المهرجان القومي بدوراته المختلفة منها أفضل ممثلة وأفضل مخرجة، ومنذ عرض “كلام في سرى” عام 2007 أصبحت المشاكل النسوية هي شغلي الشاغل ولا أخشى الهجوم من البعض، والهجوم الذي نالني من قبل كان بسبب أننى كسرت تابوه كان من الصعب التطرق إليه، فلدى جملة فى العرض سببت صدمة لدى الجمهور حتى أننى كنت احذرهم منها فى بداية العرض وأخبرهم أن لدى جملة تقول: “ايه اللى جابكوا هنا .. معقول تكون صدفة، ولا حاجة وسخه”، فالجملة كانت تضايقهم جدا، لكنني كنت أهدف إلى المواجهة والتعرية وكشف المسكوت عنه، وهى مشكلة المتفرج الذي يخجل من مواجهة نفسه،.
وعلى قدر الهجوم الذى ناله العرض على قدر ما لقى إقبالا جماهيريا كبيرا وخاصة من الأمهات، وكان الأمهات يسألونني هل بناتنا يفعلن تلك الأشياء في الخفاء فأقول لهم نعم يفعلن ذلك، وحتى أمى سألتني نفس السؤال فقلت لها نعم كنت أفعل ذلك لأنك كنت تخجلين من توجيهي، أنا لم أتحدث في العرض عن أشياء غير حقيقية، وإنما جلست مع فتيات وتحدثت معهن وتعرفت على مشاكلهن عن قرب وقلت من خلال العرض ما رأيته بعيني .
كان للعرض صدى رائع داخل وخارج مصر فعندما ذهبت لأعرض في هولندا تحدثت معي الأمهات من أبناء الجالية المصرية هناك وقلن لي أنتي تعرين الفتيات المصريات، فكنت أقول لهن لماذا أخذتن بناتكن وتركتم مصر فكانت الإجابات هي الخوف من العادات والتقاليد، فقلت لهن وهذا ما أناقشه في عرضي.
وتضيف ريهام: مجتمعنا تحكمه الازدواجية ونفعل في الخفاء ما نرفضه أمام الناس، فأنا على سبيل المثال كنت محجبة وكنت أذهب للمسرح فأخلع الحجاب وأمثل دوري وعندما أخرج من المسرح ارتدى الحجاب فشعرت بأنني منافقة ومتخلفة فواجهت نفسي واتخذت قراري بخلع الحجاب، ولدى في العرض جملة أقول فيها .. “عملوا باروكات للمحجبات، ومايوهات شرعية” وهذا في عام 2007وهو الأمر الذي انتشر كثيرا خلال سنوات، أنا أتحدث منذ 11 عام عن تلك الأشياء وكلها كانت تحدث في الخفاء وأسقطت عليها الضوء فانتبه إليها المجتمع، ففي الوقت الحالي أيضا ينزلون من البيت بالحجاب ويخلعونه في التاكسي! ،
وقد أصررت على فرض أفكاري من خلال عروضي ولم يهزني الهجوم وعرضت فى مصر وفى ول عربية وأجنبية ظللت أناضل وأعرض وسافرت إلى الأردن بالعرض ونلت الجائزة الفضية من مهرجان المسرح الحر، وكان ذلك فى فترة ثورة يناير ولم أهاجم ولكن نلت تعاطف الناس مع ما أقدمه.
وتختتم ريهام عبد الرازق: أفضل شيئ في مهرجان المسرح المعاصر والتجريبي هو عدم وجود تنافس، فالفن لا يقيّم، وكل الفرق تأتى لعرض وجهة نظرها، فأنا أذهب للمهرجان كى أبدع وأعرض فنى على الآخرين وأستمتع وأتعلم وأكتسب خبرات وهذه قمة المتعة، بالإضافة إلى أن العروض الجيدة يتم ترشيحها للمشاركة فى مهرجانات دولية من خلال العرض فى المهرجان وهو شيئ يضيف لمصر، فقد تم دعوتى لمهرجانات فى هولندا وتونس والمغرب من خلال عرض “كلام فى سرى” فى المهرجان التجريبى، وتمت استضافتنا وتكريمنا بشكل مشرف وأنا عندما اشتركت فى المهرجان التجريبى لم أكن أحلم بالحصول على جائزة أو بمجرد دخول المسابقة الرسمية للمهرجان، فالثقافة الجماهيرية لم تدخل التسابق بالتجريبي منذ 25 عاما، وكنت أمثل مصر أنا ووليد عونى وكانت تكلفة عرضى 750 جنيه تقريبا، وعندما شاهدت الأفيش الخاص بعرض وليد عوني شعرت بالخوف وقلت لنفسي يكفيني شرف المشاركة، وعندما أبلغوني بفوز عرضي كأفضل عرض جماعي لم أصدق نفسي وعرضت على المسرح الكبير بالأوبرا .
أضافت: القائمين على المهرجان التجريبى مجموعة من أفضل الشخصيات لا يفرقون بين الهاوى والمحترف وهم فنانون محترمون فعندما نتحدث عن قامة مثل عصام السيد الذى لا يتأخر عن إزالة أى معوقات وهذه قيمة أن يدير المهرجان فنانون يقدرون الفن الجيد وليس لديهم أى تفرقة فى التعامل ويعرفون معنى المسرح ويقدرون المسرحيون.
ـــــــــــ
نشرة التجريبي 2018