قريبا “هلو ـ سات” من مسرح اللاتوقُّع الحركي القصير.. للمخرج العراقي د.ماهر الكتيباني
المسرح نيوز ـ العراق| عبدالله جدعان
ـ
إضاءة جديدة في مسرح اللاتوقع الحركي القصير الذي يتبناه المخرج الدكتور التدريسي في كلية الفنون الجميلة / البصرة، محاولا الاتيان برؤية مسرحية ومعالجة مغايرة .يأتي تسلسل ( هلو_سات ) الخامس في هذا السعي بدءا من (افتراض حالم) عام ١٩٩٤ثم (هسهسات) عام ٢٠١٣ بعدها (هيت لك) عام ٢٠١٤ و( خدملك ) عام ٢٠١٦ والان (هلو_ سات) ٢٠١٨ .
حيث يشكل العمل في ضوء مسرح اللاتوقع الحركي القصير ورشة مضنية للمخرج والممثل ، ففي التمرين يستحضر الممثل الطاقة الذهنية عبر قوة الملاحظة والتركيز والمرونة الحركية فضلا عن اللياقة البدنية مع استرخاء ناضج مصحوب بالتنفس السليم ، وذاكرة متفاعلة، ليتمكن من مواكبة الحركية المتدفقة التي تنطوي عليها ارادة الاخراج ومعطيات التمرين اللحظوية وصولا الى الاتقان المتصل بالوعي التام والاحساس الحقيقي لطبيعة الاداء المختلف والتعرف على العلاقة المعنوية المفترضة بين الشخصيات التي تخلو عند التجسيد من اي تراكمات نفسية ولواعج انفعالية.
فقط يبقى الخط المتصل ما بينها وبين متغيرات الرؤية الاخراجية بأقتراحاتها المستمرة. بمعنى امتلاك طاقة هائلة من التخيل الذي يمنح التشكيلات روحا وحياة متجددة دائمة . في مسرحية (هلو_سات) معطيات جديدة لمسرح اللاتوقع الحركي فالشخصيات المؤدية خمسة فضلا عن تنوع المستويات الديكورية الثابت منها والمتحرك وتنوع آخر في الاكسسوارات والمؤثرات الصوتية التي تدلل على رؤية محلقة تضاعف المعنى ،
فيما تظهر التشكيلات الحركية الثابتة مكونا فوتغرافيا ذا مغزى كامل ، يتم تقويضة لتشكيل آخر بشكل متحرك من غير انقطاع، كما أن الضوء جاء عنصرا كاشفا من خارج عالم الشخصية ، تتقدم المعادلة في ( هلو_سات ) فكريا على الاعمال السابقة لكن ثوابت اللاتوقع الحركي في التغاير المستمر والتنوع في الشكل يعطي حرية الأبحار في عالمه من غير قيود وتكرار متماه بايقاع صارم مع ومضات الرسائل بشكل ينسجم مع زمن العرض القصير فيزيائيا والشاسع معنويا ، لايختلف هذا العرض من حيث البعد الفلسفي عن العروض التي سبقته،
إذ يتسق مع مقولة (كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة)، وكلما توغلنا في عالم المتلقي كلما شفرنا المعطيات، لأن الغموض يدفع الى التفكير وفي ضوء ذلك فان التفاعل مع (هلو_سات) يتطلب ذهنية متلقية نشطة كالبرق ، تستطيع كشف المستوى المستتر عبر المستوى المتحقق، فالعرض يسير مسرعا في خطين متوازيين الاول المتداول التقليدي وما تحيل علية من وظائف والآخر الذي يعيد انتاج المكونات الحركية بما يخدم رؤية المتلقي بمسافاتها التي ينتجها عبر توغله في عالم العرض وقوة تفكيره لاستنتاج المعنى ، ولا مجال لاي كشف من خارج ارادة المتلقي لان جماليات اللاتوقع الحركي القصير تكمن عبر حيوية المتلقي في تعشق ما يتم تناوله على خشبة المسرح بوعيه ، اما نص (هلو_سات) فقد تألف من شخصيتين متقابلتين لكن الرؤية المتحققة بلورت خمسة شخصيات وبالامكان ان تكون اكثر وهي بالنتيجة انشطارات لاتتوقف لانها تمخضات الذات وما يعلق بها من تراكمات واقتراحات وعوالم لانهائية .