مقاربة نقدية لعرض”مفوض عبد” لحسين مالتوس.. ومحاولة سحب الفن إلى اليومي العراقي!
مقالات نقدية لعروض مهرجان محترف ميسان الدولي للمونودراما أون لاين 2020
المسرح نيوز ـ العراق| مقالات ودراسات
ـ
بقلم: صادق مرزوق
في البدء لابد من الاشارة الى ان مهرجان محترف ميسان المسرحي اون لاين يفضي برسالة مفادها ان فايروس كورونا هذا العدو الخفي قد خلل منظومة الكون بمختلف توجهاته الى انه لم بسكت صوت الفن ولن يوقف حركة الابداع لان العملية الابداعية في الغالب تخرج من رحم المعاناة ومن ركام الحروب والازمات..ولكن لابد لهذا المتغير الكبير ان يؤسس لمسرح آخر ولوعي مغاير .. وهذا المطلب ربما نعود لنتحدث عنه في نهاية المهرجان .
وحينما تكون الانطلاقة مع عروض الجسد يكون الاختبار للمغايرة اكثر صعوبة باعتبار ان عروض الجسد غالبا ماتكون آلياتها وافدة فهي غير متجذرة شكلا في منظومتنا الجمالية .وهذه العقدة الشائكة كانت واضحة من اشتغالات عدنان نعمة ومنعم سعيد ومحسن الشيخ في بداية الثمانينات من القرن الماضي ولهذا نجد العروض التي حاولت جر عروض الجسد ومنها فن البانتوميم الى طرح الفكرة التي لها مساس باليومي العراقي أو العربي حملت معها تناشزا مع اليات وافدة من اشتغالات الفرنسيان مارسيل مارسو وايميل .. وهنا تاتي محاولة حسين مالتوس لتقع في نفس الاشكالية لانها راهنت على آلية الجسد وامكانياته في البث دون الاعتماد على انساق صورية مجاورة لفن البانتوميم.
ونحن نعلم ان توجهات ما بعد الحداثة تعتمد الهجنة الجمالية والحياد الفعال للصورة باعتماد الصورة مرتكزا ولكنها تقترب او تبتعد عن بقية الاجناس بما يتطلبه العرض جماليا أو معرفي.
حسين مالتوس ومن خلال هذا العرض حاول سحب هذا الفن الى اليومي العراقي ولهذا العرض مرجعيات ما قبل كورونا فان مالتوس جاور اليومي العراقي مع حماليات الاداء حيث انه قدم هذا العرض على وفق مقتضيات مسرح الشارع حينما كان الشارع العراقي ملتهبا بالشأن السياسي فقد سحب معاناة المفوض عبد الى المعترك السياسي والمتمثلة بمعاناة رجل المرور من هيمنة المسؤول .. وحينما استجدت الازمة الصحية المتمثلة بفايروس كورونا وجد فيها مادة اخرى لفعل ادائي آخر .. وفي كل الاحوال فان الفن له دور رسالي وانقاذي يجعل منه اي الفن فاعلا من حيث التأثر والتأثير بمجريات الواقع.. فكرة المفوض عبد هي فكرة بسيطة لم تفعل لتصل الى ان تحقق الدهشة والاثارة في الارسال بالرغم من انها حققت الاقناع في التلقي، لان الفكرة واضحة لكنها لم ترقى الى الحفر الشاقولي في اشتغالات عروض الجسد، اذا ما افترضنا ان فنون الجسد ومنها البانتوميم قوامها شاعرية الصورة وعمق الرؤية الاخراجية.
مايحسب لمالتوس امكانيته في استغالات الجسد كممثل . وما طرحي لمرجعية هذا العرض على أنه قدم كمسرح شارع الا لكون المخرج / الممثل قد يكون مؤثرا في الفضاء المفتوح في هكذا عرض رسالي بخاطب الشارع .
فان هذه المرجعية تبيح له بساطة الطرح كون ان مسرح الشارع يقوم على ثنائية النخبوي والشعبي.. اما في هذا المهرجان فان حسين مالتوس حضر ممثلا وغاب مخرجا ، وحينما انطلقت بورقتي حول كورونا وخلهلتها للنظام الكوني لكي نطرح السؤال الاهم.. وماذا بعد؟؟؟ماذا بعد كورونا.. لابد من مسرح آخر ورؤى جمالية ومعرفية مغايرة..