من تأليف المسرحي عبد الكريم عمرين..”حمص, للحب وقت.. وللموت وقت” أول كتاب يصدر من قلب حمص
المسرح نيوز ـ القاهرة ـ متابعات
ـ
صدر حديثا عن دار أرواد للطباعة والنشر والتوزيع أول كتاب يصدر من قلب حمص, نصوص بعنوان “للحب وقت وللموت وقت” لعبد الكريم عمرين , كتب معظمها من حي الوعر أثناء الحصار, وقصائد عن تركه لبيته, وتفاصيل يومية وسط الحرب, يقع الكتاب في 180 صفحة من القطع المتوسط, الغلاف تصميم وغرافيك: خلدون عمرين. وصورة الغلاف لعمرين في شوارع الوعر.
الكاتب والشاعر والمسرحي السوري: عبد الكريم عمرين
من عناوين النصوص الشعرية التي احتواها الكتاب والتي تموج بالأسى:
“هنا يرقد من مات في حمص عشقاً, رجل غادر الستين بثلاث جمرات, ومشينا في ركام حمص, تعلمنا من طبول الحرب, جف الدمع في المقلة, مللت اللغو عن الأنام, أبحث عنك في شتات الأرض ولا أغادر حمص, لاتتركيني فشوارع حمص المُدمّرة تحتاجنا معاً للبناء والغناء, تنام البلاد على تعب وأنين, كم سيغضب منكم السيد المسيح, حين تضع الحرب أوزارها, لا مفر لامفر من الجنون, دائرة الطباشير الحمصية, الجندي الوطني اليقظ على الحاجز, أعيش وحيدا وسط الحرب القذرة, رسالة خاصة جدا, أين أبيت هذه الليلة يا سيدتي, لساعات طويلة بل لأيام, أنا إنسان كئيب حتى تحضري, جمعت البحر في كفي, مازال في الوقت متسع, في بلاد منسية يأكلها الحقد الضروس, هناك حيث يموتون في البحار, ألقي نظرات الوداع على بيتي, يا أنتم إذا مامتنا وعدتم, لم يعد في المدينة حيطان, الجندي الطيب على الحاجز, الوالد المفجوع, عرس حمصي في زمن الحرب, رأيت الكثير من الأشلاء والقتلى, كل مساء بعد دفن الشهداء”.
من أجواء نصوص الكتاب:
من نص:
“أبحث عنك في شتات الأرض ولا أغادر حمص”
تحوَّلت حِمص إلى صحراء
البيوت فيها كثبان من رمل
وبيتي كهف أتقلَّبُ فيه ذات اليمين وذات الشمال
وروحي مُستلبة وخاوية
كأنِّي في صقيع منذ ألف عام وازدادت تسعاً
لاكلبَ عندي باسِط ذراعيه في الوصيد
ولابعثتُ نفسي أنظرُ أيّ الطعام أزكى.
كأنّي أحتاجُ لمن يبني عليَّ معبداً
يَحجُّ الناسُ إليه
يدورونَ حولَ عظام تهفو للنشور
بأشواط سبع أو سبعين
يقولون ويجأرون:
هنا يرقد من مات عشقا.
كنتِ هناك في نيويورك أو بغداد
دمشق أو برشلونة
القاهرة أو باريس
حيث العالم يزهو
وكنتُ هناك أيضاً
لكني ضائع مع المُشَرَّدين والمُدمنين وقطَّاع الطرق
كنتِ هناك في مدن مِن لازَوَرْد عجائبي
وأنا أيضاً كنتُ هناك
ضائع لاأهتدي إليكِ
أسكنُ على أطراف المدن
في الأحزمة التنكية
مع الجائعين والحالمين
أجرجِرُ أرجلي ثملاً
تعباً
ليسَ مِن هاد لي ولا دليل.
لاتكتملُ المدن إلا بك
وليس لشموسها بهاء ودفء إلا لك
ليسَ للأرضِ نبضُها إلا بقدميك
لاترقصُ جبالها ولاتربد إلا بإيقاع خلخالك.
يقولون: لايموتُ ولايحيا العاشق عشقاً إلا حين يفنى في المعشوق
لايموتُ العاشق عشقاً إلا حينَ يندغمُ الخيط الأسود بالخيط الأبيض
وينوي صيامَهُ عن النِساء
فلا وجْهَ إلا وجهُ الحبيبة
ويبدأ قيامهُ, فيلهجُ باسمها
ويتقرّبُ إليها زلفى
ويتلو آيات بيّنات من جَمَاِلها
آيات من الحب مُحكمات لاتتشابه
يقفُ عند السَّبْع المثاني طويلاً
ويَخِرُّ صريعاً في لوعة التأويل
وحَسبُهُ أن لازيغ في قلبه
لكن ثمة فتنة
فتنة الحُب ليسَ إلا. ليس إلا.
وماأبأسني أنِّي مازلتُ
أبحثُ عنكِ في شتاتِ الأرض
أرض ضاقت عليَّ بما رَحُبَت
ولاأغادرُ حمص.
ألقي نظرات الوداع على بيتي
ألقي نظرات الوداع على بيتي
أشجار الليمون والكرمنتينا والبرتقال
مازالت باسقة.
الياسمين الأبيض حزين
انفجارات حولي تهز المكان
والقناص الملعون لايرحم.
في هذا الركن رممت روحي مئات المرات
هنا كتبت وهنا قرأت
هنا حسبت المصروف واللقمة
هنا خطى أطفالي خطواتهم الأولى
هنا وجع, وهنا فرح, وهنا أمل
هنا الفأس والمشط والمنكوش والمنشار
هنا وهناك مئات الأقرباء والأصدقاء اقتعدوا.
في بيتي, كما في بيوتكم وضعت عمري كما وضعتم
وتخيلت زاوية موتي فيه
والناس التي جاءت تعزي عائلتي فيه بموتي.
مازلت أتمنى موتي في بيتي
لكن لظى القلب يتشهّى السلامة للأولاد.
ياالله…. مؤلم أن يقتلعوك من بيتك
مؤلم إلى حد الفجيعة.