أرسطو: جماعة مسرح السودان ليست حدثاً عابرا.. بل انطلاقة نحو مستقبل المسرح السوداني!
المسرح نيوز ـ الخرطوم ـ أجرى الحوار:منصور الصويم*
خريج قسم المسرح كلية الموسيقا والدراما تخصص نقد ودراسات درامية
ـ
يعيد موقع ” المسرح نيوز” نشر ما قدمته مجلة بلادي السودانية التي يصدرها جهاز المغتربين إثر استضافتها للمسرحي يوسف أرسطو للحديث عن وجود ومنطلقات جماعة مسرح السودان وذلك في عام 2007 م ونحن اليوم نعيد نشر الحوار في إطار أعياد الجماعة 2004-2016م
ظهرت جماعة مسرح السودان في المشهد المسرحي منذ العام2004 ودأبت على عمل الورش والتنظير هادفه الارتقاء بالخطاب والاداء المسرحي والتجديد في المسرح السوداني ..توازيا مع عروض للحشود والتجمعات في الارياف والمناطق البعيده وطلاب الجامعات ومشاريع تعد الاكبر في تاريخ الفرق والجماعات السودانية مما يبرز تفرد التجربة وطليعيها لهذا ولغيرة من الموضوعات نتحاور مع يوسف ارسطو المشرف على الجماعة فإلي الحوار
كثر الحديت عن تاريخ تأسيس الجماعة ومنطلقاتها العملية والفكرية ، تجنباً للتكرار نسعد بأن نبدا هذا الحوار والذي نأمل ان يكون عميقاً .
عن مصوغات نشوء الجماعة بهذا المنهج ( المعمل المسرحي أو الورشة المسرحية ) وبهذه الرؤي ( ورش عن اعادة تأسيس الدراما السودانية ، الايام المسرحية ، مشروع الاحياء والحراك المسرحي … الخ ) فالجماعة اختطت لنفسها منهجاً علمياً.
والحديث عن الجماعة العلمية يقود بالضرورة للحديث عن البحوث العلمية نفسها وهذا ان لم يكن احتراف فهو الحد الفاصل ما بين الهواية والاحتراف ، لان التحول في الحركة المسرحية يحدث او يتحقق اذا ما تواترت ممارسة للبحث وأضحت له تقاليد تورث وهذا ما تفعله وفعلته الجماعة (( قدمت الجماعة 43 ورقة بحثية في ثلاثة ورش ، بالمركز الثقافي الفرنسي وكلية الموسيقي والدراما واوراق اسبوعمسرح القضايا الحية بالجامعة الاهلية )) وحتماً تتطور هذه الاوراق بالنقد وربما خلقت تياراً أو اضحت نظرية ، وفي اسواء الظروف نواة لكليهما ، اما ما عدا هذا الطريق لايبقي سواي تجمع عدد من الحرفين أو التقنيين ، ونري أن هذا هو حال كل الجماعات والفرق إن وجدت.
ماذا تقصد بأن وجدت ؟
اقصد انه لا توجد فرق وجماعات بالمعني المتعارف عليه عالمياً وعلميا علي حد فهمي .
وما تعليقك لوجود بعض الفرق والجماعات ؟
وجود الفرق والجماعات يحدد من خطابها وتقاطعاته مع مبادي حقوق الانسان ” كالحرية والدمقراطية وقضايا النوع والبسطاء ” وليست السلطان و إذا ما استخدمنا المعيار اعلاه يمكن تقسيم الجماعات الي ثلاث مجموعات :
1. جماعات انتهازية : واعية بموقفها او لم تعي ، خطابها موضوعاته انصرافية ، تتجنب المواجهه مع السلطة وتدقدقها اذا لم تطبل لها . واغلب هؤلاء لا نحسبهم من تيارات الحركة المسرحية الحقيقة لان وجودهم وإنتاجهم ارتبط ويرتبط بظروف سياسية ومشروع قمعي اقصي اصحاب الحق . ومن امثلة هؤلاء مجموعات النكات وظرفاء المدينة وهم انفسهم لا يعدو انفسهم من الدرميين ولكنهم يسدون غياب الدرميين وبالنسبة للدولة هم نافعين ومستنفعين ، والخطورة ان البعض يتعامل معهم باعتبارهم هم الدرميين .
2. تيارات مع الانسانية : وبالتالي ضد إي مشروعات انتهازية أو اقصائية لذا تبعد من المشهد من أصحاب هذه المشروعات ( أوقفت الإنقاذ أو حلت كل الفرق ودعت للفن الرسالي وحتى فرقتهم كإسلاميين ” فرقة نمارك ” أوقفت عندما قدمت في واحدة من حلقاتها التلفزيونية – بالله شوف – وهي حلقات انتقدت السلطة وبعض التنفيزين آن ذاك .
3. تيار التوفيقيين : يجدون أو يبتقون دعماً من الدولة وبالتالي لا ينتقدونها مباشرة ويستخدمون خطاباً متوازناً لكسب الجمهور ومن امثلة هؤلاء فرقة الاصدقاء ، وفي الغالب يصبحوا من أصحاب التيار الثاني اذا ما اشتد عودهم .
وأين تقع جماعتكم من هذا ؟
جماعتنا خطها وحدوي ديمقراطي وان شئت علماني ، ولان هدفها في الأساس كسب كل التيارات والاتجاهات ، يمكن ان نقول أنها وسطية ، تقصد التغير وفق مبادي التيار الثاني .اما الجماعات والفرق الناشطة ألان يمكن وضعها ضمن تيارات المجموعة الأولي وهي وجدت كنتاج للازمة الوطنية الشاملة التي أنتجها خطاب الإنقاذ العقائدي والجهوي وغياب الأسس والمعايير ، لذا فعضويات الجماعات بأوساطنا الدرامية يغلب عليها حب الظهور والعمل من أجل أكل العيش دون رؤى لغياب الفلسفة والمنهج و الأهداف ، وهذا ما انعكس علي المهنة فأصبحت مكانة الدرامي دون قيمة إذ لم تكن ادني من تعتبر أو مهنة من ليس له مهنة ، وهذا ما قادنا أن نتساءل عن الدراما والدرامي ، والمسرح والمسرحي ، وهو وبدوره قادنا للبحث عن ماهية المسرح والمسرحي ، وضبابية مكانتنا نحن بين ساير المهن ، فالبحوث في نهاية المطاف تصل الي نتائج حول الموضوعات التي تتناولها والتجديدات النظرية والعملية وهذا ما يقود الي التطور ومسألة التطور نفسها تتاثر بالقدرة علي الخلق أو التشجيع في إرساء تقاليد البحث ، بحيث تكون نواة لتكون المجتمع العلمي .
وطالما اختطت الجماعة هذا فهي استبطاناً تعترف بالجهل والعشوائية في درامتنا ، وتنتج الغياب من ( المهرجانات والمحافل الأكاديمية ) للتخبط فالجماعة عمل لرفع قدراتنا وأقدارنا ، وهي ثورة تبدأ من النحن إلي الكل ، ثورة علي جهالتنا ، وثورة ضد من استغلوا جهلنا ودعوة للمساهمة في الفكر الإنساني دون غرور بموضوعية وتواضع العلم لأنه الأداء الوحيدة للولوج إلي عالم المستقبل إذا ما استصحب بعمل وطموح .
لكن توجد هناك تيارات المسرح التنموي والمسرح في مناطق الصراع وهي اتجاهات يقال انها أكاديمية ووطنية ؟
هذا من باب الصراع اما الصراع كواحدة من جينات تكون الجماعة فحقاً نتبنا ه ونقول : ” ان لا يركن فنان حقيقي من صلب هذا الشعب لمن يتأبط الدولة أو مؤسساتها أذا حب القيادة ، فصراعاتهم حول الزعامة والهيمنة قد كشفت أمرهم ، هذا مسرح من أجل السلام ، وذلك المسرح في مناطق الصراع ، والكل يهرول ويغري رهطه بالدولارات والتسفارات ، وهم يهرولون خلف من يدفع، كل يريد الاحتراف بسبقه ، يخدعون انفسهم ، ويتبعهم عديمي الحيل وفقراء المواقف ، فأضحي باسمائهم المسرح متسولا ، ومسرحيوه متسولون لايحترموا حتي انفسهم .
أما القضايا التي تمس الوطن وتهدد كينونته ووجوده فحدث ولا حرج . حتي المسرح القومي قد فشل في مهامه واصبح بدلاً من الاهتمام بالفرق والجماعات والتاطير للحركة المسرحية ، أصبح آلية تكرس لموظفيه، بل حتي مهرجان الفرق والجماعات الموجود اصلاً حوروا فلسفته لاقصاء الفرق والجماعات وللتاطير لخدمتهم وتكرارهم .
أما السلطة كمحفز لهكذا تضحيات فقد اغتصبت شعبنا حقه في حكم نفسه واهدرت حرياته بإسم دعاوي شتي وتم تغيبه بوضع مناهج تخلق منه شعباً منقاداً لا يفكر ولا يتحاور، كرست امكاناته لتمكينه ، حتي اضحي المناضل عندهم خائناً للوطن ، طالما انه لم يكن وطنياً منهم ، والحزب حزبهم ، والتحزب غيرهم سمُاً ، وبعد كل هذا كان لا بد ان نوجد ونكون ، نناضل بالعلم أو البحوث من أجل ” الحق – والخير – والجمال ” فالجماعة ليست بحدثٍ عابر ، ولا مجرد صرخة مظلوم في وجه ظالم ، وليس من أهدافها تغيير فئة متسلطة باخري ، وإنما هي انطلاقة نحو المستقبل من خلال تفجير طاقات هذه الامة ، واحداث انقلاب جذري في الواقع القائم ، وهذا يعني الثورة وان طال.