الإعلامي عربى ابوسنة يكتب: جورج أبيض.. أسطورة المسرح
المسرح نيوز ـ القاهرة| وجوه مسرحية
ـ
كتب عربى ابوسنة
تمر هذه الأيام ذكرى ميلاد رائد المسرح المصرى الفنان الكبير جورج أبيض الذى رجل عن عالمنا فى يوم 12 فبراير عن عمر يناهز 78 عاما .
ولد فى يوم 5 مايو عام 1880 في بيروت ثم هاجر إلى مصر عندما كان عمره 18 عاماً ليبدأ مشواره الفنى الطويل والثرى والذى أصبح من خلاله أحد أهم رواد المسرح والفن المصرى والعربى.
ويعتبر جورج أبيض ممثلاً رائداً، فحياته الدرامية كانت مليئة بأدائه لأعمال مسرحية لا تنسى سواء باللغة العربية أو الفرنسية وهذا يشمل “أوديب” و”لويس” و”عطيل” و”صلاح الدين” و”قلب امرأة” و”الحاكم بأمر الله.
وكان رائد المسرح المصري وأول نقيب للممثلين في مصر . وكان الابن الأكبر لأسرة متدينة تعمل في المجال الديني، درس بمدرسة الفرير وانتقل إلى مدرسة الحكمة، حيث تعلم أصول اللغة العربية التي برع فيها وفي إلقائها نثرا وشعرا، وقدم أول أدواره التمثيلية آنذاك، وأدى في حفل مدرسته السنوي للخريجين دورا بمسرحية “القروش الحمراء “في حضور الممثل الفرنسي (جان فريج) مؤدي الدور على مسارح باريس، والذي أثنى على موهبته وإجادته له، وكان لتشجيعه أثر عميق لم يفارقه.
وأكمل تعليمه في معهد اللاسلكي، ثم عُين في شركة السكة الحديد ببيروت، إلا أنه سرعان ما استقال منها وهاجر إلى مصر وعمره 18 عاما على ظهر سفينة لا يملك ثمن تذكرتها فسمح له الربان بأداء أدوار تمثيلية يومية لتسليته الركاب، أهله دبلوم التلغراف للعمل بعد عام بسكك حديد الإسكندرية، وانضم لعضوية نادي خريجي كلية سان مارك وقدم عليها مسرحية “القروش الحمراء” للمرة الثانية، وأشاد به القنصل الفرنسي وشجعه على تعزيز موهبته بالدراسة.
كوّن فرقة مسرحية من المثقفين من أعضاء النادي في 1902م، وراسلوا الخديوي عباس حلمى الثانى عن أهمية المسرح ودوره، إلا أن الخديوي لم يرد على رسائلهم، حتى أرسل جورج أبيض دعوة له لحضور عرض على مسرح زيزنيا في 1904م، ووافق الخديوي عباس وجعل المسرحية تحت إشرافه،
فقدم مسرحية سياسية مترجمة تحت عنوان (برج الهائل) فأعجب به الخديوي وأرسله إلى باريس لدارسة الفن، فالتحق بالكونسرفتوار ودرس التمثيل والإخراج والموسيقى، وتتلمذ على يد ممثل كبير فرنسي يُدعى “سيلفان” من مدرسة الرومانسية في الأداء، عاد لمصر عام 1910 ومعه فرقه فرنسية تحمل اسمه، عرض ست مسرحيات على مسرح الحمراء بالإسكندرية،
ثم على مسرح الأوبرا الخديوية بالقاهرة، وحضر الخديوي عباس حلمي الثاني عرض “لويس الحادي عشر” لكازمير دي لافين، وألقى النصوص المسرحية بالفصحى في إيقاع موسيقي أقرب إلى اللغة الفرنسية مما جعله ظاهرة جديرة بالإعجاب، إلا أن الفرقة لم تنل النجاح المتوقع لأن عروضها باللغة الفرنسية وهو عائق أمام تواصل الجمهور المصري معها، فطلب منه سعد زغلول وزير للمعارف آنذاك تأليف فرقة مسرحية وتمصير المسرح وإحلال اللغة العربية محل الفرنسية، لتوعية الشارع المصري، فاستبدل فرقته الفرنسية بفرقة مصرية في 1912م
وقدم في دار الأوبرا أول مسرحية شعرية عربية من فصل واحد بعنوان “جريح بيروت” تأليف شاعر النيل حافظ إبراهيم وخصص دخلها لإعانة المنكوبين في معركة بيروت، قدم مع فرقتيه أكثر من 130 مسرحية مترجمة ومؤلفة طوال عشرين عاما.
رسخ جورج أبيض قواعد فن المسرح والملصقات الدعائية للعمل الفني فطبع برنامجاً فنياًّ خاصاً بكل حفلة، وتقيد بموعد ثابت لرفع الستار، وظهر لأول مرة الممثل المدرب بأسلوب علمي، واهتم بالملابس المناسبة بطبيعة زمان ومكان وديكورات مناسبة للعرض المسرحي، وجعل للممثلين رواتب ثابتة، واهتم بالمعايير الفنية والتقنية، المتبعة في المسرح الأوروبي.
اندمجت فرقته مع فرقة سلامة حجازي أثر الأزمة العالمية التي سببتها الحرب العالمية الأولى وكونا فرقة عرفت باسم “جوق أبيض وحجازي”، انفصلا بسبب ما قابل فرقتهما من عقبات، ولأختلاف وجهتي نظرهما، فكون فرقة جديدة، بدأت نشاطها بعرض “مسرحية لويس الحادي عشر” في نوفمبر 1916م،
والتقى مع الشيخ سيد درويش واتفقا على تعاونهما الفني فلحن درويش أوبريت (فيروز شاه) واشترك بالتمثيل فيه، ثم طلب نجيب الريحاني وبديع خيري من جورج أبيض أن يتيح لهما الفرصة للعمل مع الشيخ سيد فوافق، وتوقفت جميع المسارح مشاركة في ثورة 1919م.
دعته الحكومة التونسية في 1921م للإشراف على تأسيس فرقتها القومية، وكان له دوراً في إنشاء معهد التمثيل في مصر 1932م، وقدم أول فيلم غنائي مصري (أنشودة الفؤاد)1932م، ظهر في عدد قليل من الأفلام منها (أرض النيل) ،
وكون الفنانين في فترة الكساد التي ظهرت في أوائل الثلاثينات فرقة “اتحاد الممثلين” انضم إليها العاملون بالمسرح وافتتحت في 1934م على مسرح الهمبرا، وضم هذا الأتحاد (جورج أبيض، بشارة واكيم، عمر وصفي، حسين رياض، عبد الوارث عسر، عباس فارس، محمود المليجي، دولت أبيض وغيرهم، وكان لجورج العدد الأكبر من السهم، إلا أنها فشلت واعلن حلها.
قررت وزارة المعارف إنشاء فرقة مسرحية حكومية للنهوض بالنشاط المسرحي فاستعانت به في 1935م لتأسيس الفرقة القومية المصرية التي يشرف عليها جبران خليل مطران وانضم للفرقة (حسين رياض، عباس فارس، محمود المليجي، دولت أبيض، زكى رستم).
انتخب بإجماع الأصوات عام 1943م كأول نقيب للممثلين فى مصر، وعُين استاذاً للتمثيل والإخراج بالمعهد العالي لفن التمثيل عند افتتاحه في 1944م، ومدير الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى 1952م، ولكنه استقال فى يوليو 1953 لظروف صحية.
منحه الملك فاروق عام 1945م، رتبة البكوية من الدرجة الأولى، وكرمته الدولة بإقامة تمثال نصفي له في المعهد العالى للفنون المسرحية، وآخر بالمسرح القومي، وسُمي مسرح الأزبكية باسمه في عام 1972م.
تزوج وعمره 43 من الفنانة دولت أبيض عام 1923 ورزق بابنته الوحيدة سعاد، واعلنوا إسلامهم في عام 1953، وظل يدُرس بمعهد الفنون المسرحية إلى أن نقُل منه مريضا فلزم الفراش إلى وفاته في 21 مايو 1959 عن عمر يناهز 78 عاماً.