مقالات ودراسات
الإعلامي والناقد التونسي لطفي العربي السنوسي يكتب: بغداد الدولي للمسرح يضع حدّا للتكريمات الرثّة ويدعو إلى تكريم الفنانين أحياءً
..ها هي العراق تعلمنا معنى أن تكون نبيلا

المسرح نيوز ـ القاهرة: مقالات ودراسات
ـ
تونس: لطفي العربي السنوسي
اختتمت بغداد أول أمس فعاليات الدورة السادسة لمهرجانها الدولي للمسرح وسط اجماع على نجاحه شكلا ومحتوى.. ولسوء حظي لم أحضر الدورة وقد تابعت أشغالها أو جزءا منها عن بعد وبالتالي لست مؤهلا هنا وفي مثل هذه الحال للحديث عن فعالياتها ولا عن ندواتها ولا عن عروضها .
فقط أردت أن أنوّه بحركة على غاية من الأهمية أعتبرها استثناء عراقيا وميزة من أهم ميزات المهرجان فيها من السخاء والكرم والاعتراف الحقيقي بالجميل وفيها من النبل الذي لم نجد له ما يضاهيه في كل مهرجانات المسرح العربي التي غفلت عن رواد المسرح وقاماته آباء وابناء وإن هي كرمتهم أو اعترفت لهم بجميل فمن باب أذكروا موتاكم بخير..
فذِكرهم أو تكريمهم إن حصل فلن يكون إلا بعد موتهم على رأي الكاتب التونسي علي الدوعاجي “عاش يتمنى في عنبه مات جابولو عنقود”…
مهرجان بغداد في دورته السادسة المنتهية لتوّها اختار القطع مع هذه العادات العربية السيئة وذلك بأن وضع دورته باسم واحد من رواد المسرح والدراما العراقية الأحياء وهو ما يزال ينبض عطاء وابداعا.. هو من جيل الآباء وواحد من المعلمين في المسرح العراقي هو الفنان ميمون الخالدي أطال الله في عمره.
هي فكرة نبيلة جدا وحركة ثقيلة جدا لا يمكن تخيّل حجم ثقلها على المحتفى به الذي نجده يتجول في أروقة المهرجان ويتحدث مع الضيوف ويشاهد ويناقش عروضا ويشير إليه الوافدون بالأصابع العشرة ولا يقولون رحمه الله بل هو ذا أطال الله في عمره مبجلا بيننا وهو عنوان المهرجان وبهجته يجلس بجوار معلقة الدورة فيرى صورته واسمه عنوانا لها…
هذا احتفاء حقيقي بالفنان وهو على قيد الحياة والابداع يشهد فيه على نفسه وعلى مكرميه ولا حاجة له من بعده بأي شكل من أشكال الاحتفاء والتكريم..
بهذه الحركة الاستثنائية النبيلة يضع مهرجان بغداد الدولي للمسرح حدّا ونهاية للتكريمات الرثّة ويدعو إلى تكريم الفنانين وهم أحياء بيننا ففي ذلك سخاء عظيم ومحبة كبرى واعتراف بالجميل امام صاحب الجميل…
وبالمناسبة أدعو ايام قرطاج المسرحية إلى إطلاق اسم أحد رواد الحركة المسرحية التونسية من الأحياء على ايام قرطاج المسرحية في دورتها التي تنطلق بعد اسابيع قليلة حتى يكون مكرما ومبجلا على امتداد أيامها فيشهد على الجميل يُردّ إليه وهوما يزال حيا وفي كامل عافيته الجسدية وفي أوج عطائه الإبداعي..
فهل تضع ايام قرطاج المسرحية علما حيّا على رأسها..؟.. هل هذا ممكن ….؟ لا أعتقد أنه مستحيل.
..ها هي العراق تعلمنا معنى أن تكون نبيلا