“السكران” مونودراما ـ تأليف: عماد مصطفى إبراهيم ـ العراق

المسرح نيوز ـ القاهرة: نصوص
ـ
تأليف: عماد مصطفى إبراهيم/ العراق
السكران
الشخصية: رجل في العقد السادس تقريباً.
المكان: …………..
الزمان: …………
تفتح الستارة عن رجل مُسنّ يدخل من باب في الجهة اليمنى لخشبة المسرح كما لو أنه يدخل غرفة الجلوس في بيته، يسير بترنح، رثّ الهيئة، أشعث الشعر، مهلهل الثياب, يمسك بيده قنينة مشروب، فيحتسي منها ويسير مترنحاً. يسقط مراراً ويعاني في سبيل النهوض. فيستعين ببعض الموجودات من أثاث وما إلى ذلك (قطع الديكور) ليتكئ عليها حتى يستقر واقفاً..
يطأطأ رأسه ويدلّي يديه إلى أن تسقط قنينة المشروب من يده ويطلق زفرة عميقة.. بعدها يعم ّ المكانَ صمتٌ مطبق.. بقعة الضوء تتركز عليه. بينما يسود المكان َ من حوله ظلام تام.. يخِرُّ للأرض ويجثو على ركبتيه ويمسك رأسهُ بيديه ويصرخ..
ويبكي.. يبكي ويبكي حتى يرتاح من الضغط النفسي الذي يعانيه، ثم بعد ذلك يهدأ وينهض تدريجياً. وبعدها يحك رأسه ويتساءل غاضباً بينما تأثير السُكرِ ما يزال بادياً عليه.
ما هذا؟! (يتنهد)
(بصوت أعلى) ما هذا؟؟!
هل… بدأت أصحو من سكرتي؟!
هل… هل أنا الآن صاحٍ؟
لا… لا لا.. لا أريد…
لا اريد أن أصحو.. لا أريد أن أصحو..
لا..لا لالالا.. (يبحث عن قنينة المشروب) اين هي؟
أين…. أين قنينة المشروب؟
(في هذه الأثناء تفتح بقعة الضوء بشكل تدريجي ليعمّ الضوءُ المكان كله، يسرع إلى قنينة مشروبه التي كان يبحث عنها ليحتسي شربة ً منها ويدخل في سكرتهِ ونشوتهِ من جديد. فيعود إلى وسط المسرح ويتقدم إلى المقدمة مترنحاً ويتحدث وهو سكران.)
(تنهيدة عميقة تتبعها شهقة)
الآن…
الآن…
نعم.. الآن أستطيع ان أفتح سريرتي..
وأبوح لكم بخباياها.
نعم.. (شهقة) الآن أستطيع أن اتكلم من دون أن أخشى شيئاً.
(يومئ بيده) أبداً… أبداً.
(يسير مترنحاً ويشهق بين الفينة وأختها فيشير للجمهور معتذراً عن كل شهقة. ثم يدخل نوبة حزن فيبكي).
لماذا؟…
(بصوت أعلى) لماذا؟..
لماذا نحن على هذه الحال التعيسة؟
لماذا نحن في هذه البلاد تعساء؟؟
هل قدرُ الله أراد هذا؟
هل قـُدّر لنا أن نولد ونعيش.. ونبقى تعساء؟
(بتهكّم) من كان منا صاحٍ من السُكر.. فهو مخدر الفكر واللسان، ومخدر الطاقات كذلك.
(يشير إلى نفسه) أما السكران فينا..
وما دام سكراناً…. فإنه يستطيع التعبير عن كل ما يريد..
ببساطة. (يضحك).
لأنه سكران.. (يضحك مجدداً).
فمن أجل ذلك….
(يومئ بيده كناية عن الإصرار) قررت أن ابقى سكراناً كي أتمكن من الكلام من دون خوف..
دونما خوف..
دونما حساب. (يضحك ضحكة ساخرة وينسحب للمؤخرة ويشرب عدة رشفات).
(يعود مترنحا) قولوا لي…
أجيبوا..
نعم.. (بغضب)
لماذا نعيش في تعاسة؟
ها!.. أجيبوا…
(بغضب). هيا قولوا.. تكلموا.. أجيبوا.
لماذا بلغت بنا التعاسة لهذا الحدّ؟!
(استغراب وغضب) بل.. بل حالنا أتعس من التعاسة حتى.. (يسقط على الأرض من شدة الغضب)
(يتمالك نفسه ويتكلم) لا تقولوا بأننا نعيش بخير!..
لا.. (يومئ بيديه).
لا لا، لا تكذبوا.
لا تكذبوا علينا..
(بغضب) بل.. لا تكذبوا على أنفسكم..
نعم.. لا تكذبوا على أنفسكم..
فالتاريخ يكتب… (ينهض بصعوبة).
(ضحكة واستهزاء).. والكذابون يذهبون للنار..! (يشير إلى جهة ما، كناية عن موقع النار، فيركض مترنحاً في ذات الاتجاه).
(يضحك بشدة.) لماذا لم أرَ النار هناك؟
(يعود للجدية بشكل مفاجئ).
أسألكم بكل معتقداتكم ومقدساتكم..
هل أنتم سعداء؟
(بغضب) هل أنتم تعيشون كسائر البشر؟
ثم.. ثم. ما هو هدفكم من العيش في هذه الحياة؟ ها…؟
لا تقولوا عني بأنني سكرانٌ ولا أعي ما أقول… (بإصرار) لا فأنا أعي كل كلمة أقولها.. لا بل وأقصدها بكل ما تحمل من معنى. (بسخرية وتعجب) ربما لو كنت في صحوتي لما تمكنت من قول شيءٍ من هذا الكلام!
ربما؟..
ربما؟..
(يحتسي شربة أخرى فيترنح ويتكلم بغضب)..
ولكن.. أخبروني….
ماذا تريدون من العيش؟
لمَ انتم على قيد الحياة الآن؟
هل لتأكلوا.. وتشربوا.. وتتكاثروا…. فقط؟!
إذا كان الأمر كذلك، فأنني أبشركم.. بأن الحيوانات لا تزيد في أفعالها على أفعالكم انتم….. (بغضب) ربما.. ربما هنالك بعض الحيوانات من يفعل أكثر من ذلك. نعم هناك من الحيوانات والحشرات من يفعل أكثر من ذلك بكثير!… وأنا واثق بأنكم تعرفون ذلك حتماً. (صرخة ألم).
(لحظة صمت ويحتسي معها شربة من قنينته فيترنح ذهاباً وإياباً في كل الإتجاهات ثم يعود للسيطرة على وضعه).
أسألكم بكل معتقداتكم ومقدساتكم مرة أخرى..
ما هي غاياتكم؟ (يشهق ويترنح)
ما هي أمانيكم؟
ماذا تريدون من هذه الحياة؟
أم..أم.. (باستهزاء) هل لكم غاياتٍ وأمانيّ أصلاً؟
(بضجر) حقاً..
حقاً صِرتُ أشكُّ في ذلك.
نعم.. نعم أشك.
لأن من لديه غاية.. أو أمنية.. يفعل المستحيل من أجل تحقيقها. (بغضب) أليس كذلك؟
(ينتبه لنفسه وجِلاً) ماذا؟!..
هل بدأت أفيق من سكرتي مجدداً.؟ فأنا أقول كلمات كبيرة.. كبيرة وذات معانٍ كبيرة أيضاً. (يباعد بين يديه كدلالة على الحجم)
(يسرع للشرب من جديد ليبقى في سكرته وليتكلم بما يحلو له).
(يضحك مستهزءاً). (يشهق ويضحك)
آه… (باستهزاء) الحديث في هكذا أمورٍ، يفقدني نشوتي وسكرتي.
(بضجر) تباً لها من أمور تفقد النشوان نشوته…. (ينسحب إلى مؤخرة المسرح)
(يرتشف رشفة أخرى وأخرى ثم يستدير ويتقدم إلى مقدمة المسرح). دعوني أدخل في جويّ الخاص كي أتمكن من الكلام دونما رقيب.. (يشرب ويترنح حتى يصل إلى كرسي ليجلس عليه).
الآن… (يتكلم بأسلوب إذاعي كدليل على استهزاءه بالواقع) أيها السيدات والسادة.. ها نحن نلتقي مجددا لنتابع معكم..(لحظة صمت، يتفكّر خلالها) نتابع معكم… نتابع مع… (يحك رأسه متسائلاً) نتابع.. ماذا؟ نتابع ماذا؟ نتابع ماذا؟.
(باستهزاء) نتابع وكفى.. (ينهض مترنحاً). نتابع الحياة.. نتابع حياتكم. حياتكم أنتم.. (يشير بإصبعه). نعم.. نتابع حياتكم أنتم.
ولكن…! (بتعجب واستغراب).
ولكن.. مالي ولكم؟!
وهل أنا مسؤول عنكم، كي أتابع تفاصيل حياتكم الروتينية المملة ؟.
(يرتشف رشفات من المشروب ليتعمق في سكرته ونشوته).
هممم هم .. تذكرت. (يحك رأسه) كنت سأتابع معكم لأسألكم. نعم. نعم. (يعود للجلوس على كرسيه)
أسألكم… (بسخرية وتهكّم) كيف حالكم مع السياسة؟!.
(يضحك ويومئ بيديه) السياسة.. لا تخافوا، نعم السياسة..
(ينهض ويسير واضعاً يديه خلف ظهره ويتكلم واعضاً الناس) يقول الأديب الروسي مكسيم غوركي، لقد كانوا يسجنون الناس لأنهم يسرقون. أما الآن فإنهم يسجنونهم لأنهم يقولون الحقيقة. (لحظة صمت مع تنهيدة).
وأنا أقول..
عندما تتكلم بالحقيقة..
تأكد بأنك إنما تخلق لنفسك أعداءً جُدداً.
هكذا هم الأعداء..
نعم هكذا هو حالهم مع الشعوب التي يريدون لها الاستكانة والخضوع.
(إلتفاتة انتباه) إذن … سأعيد السؤال: (بإصرار) كيف حالكم مع السياسة ؟ّ!
هل ما زال السياسيون جاثمون على أنفاسكم منذ الولادةِ.. (يومئ بسبابته كدليل على الإستمرارية) وحتى الممات؟
هل.. ما تزال سياستكم تسير وفق منهج الرجل الواحد؟.
القائد الأوحد؟.
القائد الضرورة؟.
القائد الرمز؟..
(يومئ بيديه ساخراً) بطل الأمة الهُمام..
رجل المرحلة.. وكل المراحل….
بالروح بالدم؟… (يضحك بسخرية) ههههههه. بالروح بالدم.. بالروح بالدم.
(انتباهة) هل مازلتم تصفقون حتى تدموا ايديكم؟
(يرتفع الصوت) ولا تدرون لِم، ولمن تصفقون.؟
هل ما زلتم تقولون نعم.. نعم ؟
نعم.. نعم. (بتعجب وغضب) ولا نسمعكم تقولون.. لا. ولو لمرة واحدة؟
وما أحوجكم لها!.. (بغضب) لا وألف لا….. اولها أنا.
وهل ما زلتم تقفون بالطابور من أجل تقبيل الأيدي (بغضب شديد)؟
(بغضب واسترسال) هل ما زلتم تنامون على حال.. وتصحون على أسوأ؟
هل ما يزال الفرد فيكم يبلغ من العمر اربعين أو اكثر ولا يعلم ما يريد؟
(بغضب أشدّ) هل ما تزالون تذهبون إلى المقاهي تجلسون فيها الساعات والساعات.. دونما ملل؟.. ثم تعودون لتشتكوا من الفراغ الذي تعانونه.. أو البطالة.. أو سوء الحالة المعيشية.. أو غيرها من الأعذار الواهية..
هل ما زلتم تقتلون الوقت؟؟ (لحظة صمت).
والوقت… (صرخة ألم).
والوقت هو أغلى ما في هذا الوجود. نعم الوقت..
الوقت غالٍ.. غالٍ.. غالي.
(بعد أن تعب من كل تساؤلاته، قرر الهروب من الواقع فبدأ بالحركة مسرعا ومترنحا في جميع الإتجاهات ولكن.. ليس من الواقع مهرب. يطرق الأبواب، يضرب الجدران. والتي هي جزء من الديكور. يبكي.. يصرخ رافضاً. (لا لا لا) ينهار للأرض ويجلس مطأطأً رأسه فيبكي.. وما زال يبكي.. ويتنهد تنهيدة عميقة. بعدها ينهض متململاً ومتحدثاً ومتسائلاً).
أليست الحياة منةً من الله؟
أليست الروح بيده وحده. وهو الذي يقرر لنا الحياة أو الموت؟
(ينسحب للوراء ويتكلم بغضب).
إذن… لم َ تجعلون حياتنا منةً منكم..؟
وأنكم وحدكم أصحاب الفضل علينا!..
لم َ تُشعروننا بأننا لسنا سوى عبئٍ ثقيلٍ على كواهلكم.. تريدون منا أن نشكركم كل يوم لأننا ما نزال أحياءً. وأن نشكركم صباح مساء على أفضالكم في لقمة الخبز التي هي من أبسط حقوقنا عليكم.
وإذا ما سئمتم.. ترموننا في المهالك للتخفيف عن كاهلكم ؟.
لماذا تقتلون الالاف منا كل يوم.؟ (بسخرية) من أجل أن يعيش بعضكم.؟!
لماذا تُنَصِّبون أنفسكم آلهة علينا.. (بغضب) لتجعلوا منا عبيدا لكم؟
(لحظة صمت.. تنهيدة مع إغماض العينين كدليل على التفكر)
ولكن…
لكن.. تعالوا (يومئ بأصابعه لجلب الإنتباه له) تعالوا لنتكلم بصراحة وشفافية.. (ابتسامة ساخرة) نعم بشفافية كما يحلو لكم عندما تريدون التلاعب بالألفاظ…
(بهدوء) لم َ لا نعيش سوية ًعلى هذه الأرض، التي تكفينا نحن وإياكم جميعاً؟
لم لا تتنازلون لنا قليلاً، فتسمعوا منا؟
(بسخرية) ألم تكونوا مواطنين مثلنا؟.
حالكم كحالنا؟. قبل أن تصبحوا أسياداً علينا!
(بسخرية واستهزاء) كنا نسمع منكم عبارات الرفض.. والازدراء.. للجبابرة والطواغيت. (بسخرية) هكذا كنتم تنعتونهم. أليس كذلك؟.
(بغضب) إذن لمَ سِرتم على نهجهم واقتفيتم آثارهم أثراً.. بأثر.. حتى غلبتموهم؟.
نعم.. فلقد غلبتموهم بمكركم ودهائكم وألاعيـبكم وقوانينكم التي لا تسري إلا علينا..!
(يتحرك للخلف رافضاً ببعض الإيماءات بيديه ورأسه، ويرتشف رشفة أخرى.. وأخرى).
(يعود للترنح حتى يسقط أرضاً.. فيضع قنينة المشروب أمامه على الأرض ويتحدث إليها)
ايتها الصديقة.. ايتها الحبيبة.. ما رأيكِ بكل ما يجري؟
هـ هـ هـ هل أنتِ راضية عن الواقع الذي نعيشه.؟
(يتنهد) ألست أنتِ المهرب الذي ألوذ بهِ ساعة الضيق؟
صديقتي الصدوق.. التي لا أخفي عنها أي شيء أعانيه…
(يضع أذنه قرب القنينة ليسمع منها الجواب)
أجيـبـيني.. فإنهم لا يجيبون..
هيا أجيبي. (بغضب) أقول لكِ أجيبي.
(يضرب القنينة بيده فيبعدها بعيداً عنه ).
ما دمت لا تجيبين.! فلِمَ وجودك أصلاً في حياتي..؟ لمَ لا ترحلين ما دمت لا تجيبـين..
(بغضب) أغربي عني. هيا أغربي وإياك أن تعودي.
أغربي…. ولا تعودي.. لا تعودي.. لا تعودي.. (ينهار ويبكي لعدة ثوانٍ)
(يتوجه للجمهور من موقعه على الأرض ممسكاً برأسه ومتحدثاً).
آه… آه. لقد تعبت. تعبت تعبت.. (لحظة صمت) (ينهض محاولا الوقوف بتوازن)
(بغضب) أتحدث إليكم.. يا من تعرفون أنفسكم….
يا من كنتم.. ولا زلتم سبب الخراب الذي عمّ هذه البلاد..
يا من ناديتم.. وتنادون بكل كلمة وشعار من شأنه تأجيج نار الخلاف..
النار التي ما أن تخبو يوما، حتى تسارعوا لإذكاء أوارها وتأجيجها..
النار التي أكلت الأخضر واليابس.. وما زالت….
هذه النار.. ستأتي عليكم..!
فلا تستغربوا… نعم.. ستأتي عليكم يوما ما.
اتحدث إليكم باسم كل مواطن في هذه البلاد… (يومئ بيديه للجانبين كدلالة على شمول كل المواطنين)
أقول لكم..
أتعبتمونا.. فصبرنا.
أذللتمونا.. فحَلِمنا.
جَوَّعتمونا.. (بألم ومرارة) فتحملنا.
كبّرتم ثرواتكم على حساب إفقارنا (يضرب بإصبعه على صدره).
اشتريتم ضمائر رخيصة.. وسخرتم أقلاماً منافقة مأفونة.. لكي تزينوا السوء الذي يعتريكم..
(بغضب) نشرتم الخرافات بين الناس.. من أجل أن يعمَّ الجهل..
جئتم بأدعياء العلم والدجالين والمشعوذين والسحرة.. وبكل من يحلل لكم، ما يحرمه علينا بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان. لتلائم نزواتكم الشيطانية..
الشيطانية؟!.
هل قلت.. الشيطانية؟.. لا لالا. (يضحك ساخراً)
أعتذر إليك ايها الشيطان المسكين. (بحنق) فأنت لم تبلغ مبلغ هؤلاء من المكر والخسة والدونية..
نعم.. لا تستغربوا..
لا… لا تستغربوا فأنتم أكثر من الشيطان مكراً..
فالشيطان إنما هو حَمَل وديع.. حمامة سلام.. بلبل غرِّيد.. (بغضب) إذا ما قارناه بكم وبأفعالكم..
لأنكم قد غلبتموه خسةً ودناءةً وقبحاً.. (لحظة صمت).
(تنهيدة وحسرة) ضحيتم بأبنائنا من أجل أهوائكم ونزواتكم.. فقلنا، لا ضير.. (بفخر) أبنائنا فداء للوطن. (باستهزاء) وفداءً لأبنائكم الذين يتسكعون في بلاد الغرب .. بين الغواني الشقر.. والقناني الخضر.. في الليالي الحمر.
ابنائنا في سوح القتال، يقتلون.. وأبنائكم في ملاهي الغرب يسهرون.. أقصد (بسخرية) يناضلون..
(ابتسامة ساخرة) نعم… يناضلون على طريقة آبائهم.. (لحظة صمت).
لكن… لا. لا لا (بصوت عالٍ) لا لا.
لن يستمر الحال هكذا.. خضوع .. خنوع.. استكانة.. ذِلة.
لا لا لا لا.. فقريباً…
(بصوت أعلى) نعم.. قريباً..
(يهدأ قليلاً) سأصحو من سكرتي.. (يعود لقنينة المشروب ليضربها بعيدا عنه).
وسأرفع هامتي.
قريباً…
سأعلي كلمتي..
لتُطيح بكلماتكم (بحنقٍ وغيظ) الخَرِفة من عليائها الزائف.
(بغضب وتفاخر وإيماءات يديه) أنا الشعب.. (صدى لصوته).
(بصوت أعلى) نعم.. أنا الشعب..
(يتوقف الصدى) أنا الشعب الذي إذا يوماً ما أراد الحياة..
فلن تقف بوجهه جحافل الطُغاة والمأجورين والمرتزقة… مهما استبدت.. وتعالت.. وتطاولت..
أنا الشعب الذي لن تتمكن من منعه حواجز الجبناء. التي يقبعون خلفها خوفاً من ثورته إذا ما ثار يوماً….
(بثقة عالية) أنا الشعب الذي لن يقف القدر مكتوف اليدين عن نصره.
(بغضب) فالشعب له كلمة الفصل..
نعم.. الشعب له كلمة الفصل، مهما استبد الظلام..
(يردد مطلع قصيدة إرادة الحياة لأبي القاسم الشابي).
إذا الشعب يوما أراد الحياة…. فلابد أن يستجيب القدر.
(ينسحب هاتفاً بذات البيت)
إذا الشعب يوما أراد الحياة…. فلابد أن يستجيب القدر.
(يضعف الصوت تدريجياً)
(يختفي خلف الستارة، ويبقى صدى صوته حتى يخفت بشكل تدريجي مع الإظلام التدريجي).
إسدال…….
كانون الثاني 2019