مقالات ودراسات
الفنان الجزائري عقباوي الشيخ يكتب: “مسرح الصحراء… هل يصلح التاريخ.. ما أفسدته الجغرافيا”؟
أحلم بمهرجان ليالي مسرح الصحراء الدولي .. في الجزائر
المسرح نيوز ـ القاهرة| دراسات ومقالات
ـ
مسرح الصحراء…
هل يصلح التاريخ.. ما أفسدته الجغرافيا…
يقول قائل متعصب.. متى عرفت الصحراء المسرح.. أرد عليه قائلا.. إن المسرح بتعريفاته وتفريعاته الحديثة.. فن وافد علينا.. وتأخرنا في احتضانه.. لسبب واحد وحيد.. أننا بقينا كثيراً وطويلا في ما قبل الدراما.. إن طقوسنا وشخوصنا.. كانوا من القوة بمكان لتأجيل ضم المسرح وتضميده.. فالرقص عندنا مسرح.. والزواج مسرح.. والوفاة مسرح.. وحلقات الذكر شكلاً من أشكال ماقبل المسرح.. ولعل التجول في الطاسيلي وما جاورها.. يقدم لك صفحة من علم أرسطو..وما غاب عنه من مسرح غير المسرح…
فإذا كانت جهات أخرى من وطننا العزيز.. عرفت المسرح قبلنا.. فذلك يدين جيل اليوم.. أكثر من أن يفاخر به ويزوخ ويزوغ.. إن اقراننا من تلك المدن.. وجدوا الرواد والمسارح جاهزة منتظرة ليكملوا المسيرة.. فضيعتهم البوصلة.. وشملوا شمالا فوق الشمال وضيعوا اليمين والشمال.. فمدن كمستغانم ووهران.. والجزائر وعنابة وقسنطينة.. لا حجة لشبابها المسرحي أن يضيع ويميع.. وقد افنى من افنى عمره.. للتأسيس لممارسة مسرحية.. بعضها لم يكتمل.. بسبب الشهادة في سبيل الرسالة..ولا لوم علينا لأننا في مرحلة التأسيس.. وعلى من يعقبنا اللعنات.. إن لم يكمل ما بدأناه…
في صحرائنا اليوم يوجد المسرح.. ولم أقل الجنوب ولا جنوب جنوبه.. لأنني امقت منطق البوصلة.. ففي الاغواط مسرح للكبار والصغار.. وفي الجلفة.. وفي البيض.. وفي النعامة.. وفي بشار.. وفي تندوف وأدرار.. وكذا تمنراست وإليزي.. وفي غرداية المسرح.. وفي بسكرة والوادي مسرح.. وفي ورقلة مسرح.. وهنا لا أقصد المسرح البناية.. بل المسرح الحكاية والعناية.. من منا لا يذكر نسور تندوف.. ونجاحاتهم.. من منا ينكر مبادرات الوادي والاغواط والجلفة.. في تنظيم مهرجانات مسرحية.. من منا ينكر مغامرات تمنراست وأدرار.. في تمثيل ألوان الراية الوطنية.. ومن ومن…
في هذه الصحراء الشاسعة.. بزغت شموس وانارت التجربة المسرحية.. ولكن لا أعرف حقا.. لماذا لا أرى عزوز مثلاً.. يخرج لمسرح وهران.. ولا أرى هشام غاندي ممثلاً في مسرح قسنطينة.. ولا وهيبة ممثلة في مسرح تيزي وزو.. ولا بلة بومدين مخرجا في مسرح سوق اهراس.. ولا شيشة في المسرح الوطني.. ولا هارون في قالمة.. ولا مبروكة في المسرح الوطني.. ولا رشيد في عنابة.. ولا منال في بجاية.. ولا أحمد بن طاهر في معسكر .. ولا ولا… إذا كانت الجغرافيا.. قد ظلمت هؤلاء.. فأتمنى على التاريخ إنصافهم…
لا أقول هذا من باب المحاصصة.. ولا الاستعطاف.. وإنما من نافذة.. ان مدن المسرح المحظوظة.. حرمتنا من الميراث.. ففرنسا المحتلة.. لم تخلف بعدها مسارح في محال تجاربها النووية..والجزائر المستقلة انتظرت نصف قرن لتتذكر.. ان في صحرائها المسرح.. لم تشيد مسرحا…
فالجغرافيا الحافية.. ظلمت مسرح الصحراء.. فهل التاريخ سينصف نضالات هؤلاء.. الوطنيين حد الثمالة..والصابرين حد للوطن العمالة..ولأريفي ولعجاج والواد الحامل الزمالة.. من يجهل مكاننا وزماننا..يعتقد ظالما.. أننا قاصرين وخاسرين.. أقول زمن الوصاية والوشاية قد ولى.. نحن خريجي الجامعة الجزائرية.. فإذا أخطأنا أو اصبنا.. فذلك مرده لتكوينها لنا…
حلمت بجمع شتات الرمل.. وذره في عيون العالم.. من خلال مهرجان ليالي مسرح الصحراء.. فلم يتحقق الحلم في عهد أربعة وزراء ثقافة سابقين.. بل أن الفكرة.. صارت واقعا.. في بلدان شقيقة.. مثل الإمارات.. من خلال مهرجان الشارقة الصحراوي.. ومؤخرا في الحبيبة تونس.. يبعث مهرجان الصحراء الدولي للمسرح.. لكن هذا البعير الحقير.. صبور غيور.. وستقام ذات ليالي بدر بيضاء.. مهرجان ليالي مسرح الصحراء الدولي .. في الجزائر