حوارات

الكاتب الأردني “هزاع البراري” مصر تمتلك بنية تحتية كبيرة للمهرجانات غير متوفرة في الأردن.. ولا أتعامل مع المرأة ككائن ملائكي!


المسرح نيوز ـ القاهرة | حاورته: نور الهدى عبد المنعم

 

ـ

 

 

  • لا أتعامل مع المرأة باعتبارها كائن ملائكي قادم من الجنة

 

  • أنا حذر من الوقوع في أسر سحر الجوائز

 

  • الموت أيضًا له قيم جمالية

 

 

 

التقيته بعَمان منذ عدة سنوات وتابعت مشاركته البحثية بمهرجان “عشيات طقوس المسرحية” بورقة كان عنوانها “المسرح والمقاومة”، اللقاء الثاني كان منذ أيام خلال فعاليات مهرجان “القاهرة للمسرح المعاصر والتجريبي” حيث يشارك في المهرجان بعرض المسرحي “ظلال أنثى” الذي قام بتأليفه.

هو “هزاع ضامن عبد العزيز البراري” كاتب وروائي أردني حاصل على بكالوريوس علوم اجتماعية الجامعة الأردنية يعمل مستشاراً لوزير الثقافة ومديراً لمديرية الدراسات  والنشر بالوزارة، عضو الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين، عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، عضو مؤسس لفرقة طقوس المسرحية، عضو مؤسس بجمعية حسبـان الثقافية.

حصد عدد من الجوائز: جائزة عويدات اللبنانية لأفضل رواية في الوطن العربي لعام 2001 م . جائزة محمد تيمور المصرية لأفضل نص مسرحـي عربي 2004 جائزة أفضـل تأليف مسـرحي عـن مسـرحية ميشع يبقى حيــاً، في الأردن لعام 2001 م . جائز الدولة التشجيعية في الآداب عن السيناريو للعام 2008م، صدرت بإرادة ملكية سامية. جائزة أبو القاسم الشابي التونسية لأفضل نص مسرحي عن نص قلادة الدم 2009م. جائزة مهرجان المسرح الأردني 2009م لأفضل نص مسرحي عن مسرحية ميشع يبقى حياً (فوز للمرة الثانية). بعض الجوائز المحلية الأخرى مثل جائزة رابطة الكتاب للرواية لغير الأعضاء عام 1995م .

صدر له في مجال المسرح: العرض المجهول، حلم أخير، مرثية الذئب الأخيرة، العُصاة، الناي والنهر، قلادة الدم، مهرجان المسرح، هانيبال. وفي الروايات: الجبل الخالد، حواء مرة أخرى، الغربان، تراب الغريب، أعالي الخوف. كتب عدة مسلسلات كما ألف مقاطع لبعض البرامج الاجتماعية. له زاوية ثابتة في جريد الرأي بعنوان “خارج النسيان” كتابات و مقالات مختلفة في الصحافة الأردنية والعربية اعداد برامج ثقافية للإذاعة الأردنية مشاركات مواسعة في العديد من البرامج الثقافية في الفضائيات العربية.

  • ماذا تقول عن عرض “ظلال أنثى” ؟

“ظلال أنثى” يغوص في منطقة إشكالية ترتكز على العلاقة الانتهازية بين بين الرجل المثقف والأنثى المثقفة وهذه المنطقة نادرًا ما يتم معالجتها في الأعمال الأدبية والفنية، العرض قائم على ثلاث سيدات يلتقين في محطة قطار في محاولة للهروب من الواقع المأزوم إلى واقع آخر ويكتشفن في نهاية العرض أن هذه المحطة مهجورة ولم تعد القطارات تعبر إليها، هناك  علاقة بين صوت القطار الذي يأتي وكأنه يشير  إلى هذا العمر الضائع أو هذا كم الهائل من الفرص الضائعة أيضًا له يشكل أهمية أخرى هي أنه ينقل العرض من مرحلة إلى أخرى، فهو قائد العرض والمحرك له، النساء لم تكن على معرفة ببعضهن قبل هذا اللقاء في المحطة لكن تجمهن المأساة والرغبة في التغيير أو الهرب كل امرأة منهن لها قصتها الخاصة مع رجل خاص أيضًا، هذا الرجل لا يظهر على خشبة المسرح فليس له وجود كفعل أو  ككائن لكنه حاضر من خلال ما فعله بحياة المرأة وما خلفه من جراح لها، اعتدنا أن تطرح قضايا المرأة مع الرجل في العموم، أو بمعنى أوضح المرأة البسيطة المغلوبة على أمرها والرجل البسيط أيضًا أو غير المتعلم، لكن هذا العرض يطرح علاقة المرأة الواعية الدارسة المثقفة التي قد تكون فنانة أو سياسية أو موظفة، مع الرجل المثقف، المبدع، السياسي، وهنا نلاحظ أن العلاقة بين الرجل والمرأة وإشكالياتها ليست مقتصرة على فئة من الرجال قليلة التعليم، إنما هي موجودة في كل الطبقات في المجتمعات، الطرح به جرأة في تناول الموضوعات وربما يكون فيه قسوة أحيانًا.

  • هل صحيح أن هذا النص ليس الوحيد الذي تتناول فيه قضايا المرأة؟

المرأة حاضرة في كل كتاباتي سواء في الروائية أو المسرحية، تتفاوت حدودها من عمل إلى آخر حسب طبيعته، فأنا انحاز المرأة عمومًا وهو انحياز موضوعي، فأنا لا أتعامل مع المرأة باعتبارها كائن ملائكي قادم من الجنة والرجل كائن شيطاني قادم من النار، لكن أحاول دائما حين أعبر عن المرأة وعن قضاياها ومشاعرها لدرجة أن كثير من النساء يتفاجأن أنني أعبر عن موضوعات قد يعجز الرجل عن التعبير عنها، ولا أعرف إلى أي مدى أنا أتقن ذلك، لكنني مؤمن أن للمرأة ضرورة جمالية في الحياة، وبالتالي فإن غياب هذه المرأة يكون نقص ولا أتحدث عن مقولات مأثورة بأن المرأة نصف المجتمع وهي تناضل ….الخ ، لكن ا لدي تقييم أعلى، لذلك تجدين في تراثنا القديم كله الربط بين الشرف والعفة والقداسة والمرأة وليس الرجل، وهذا دليل أن المرأة في مرتبة أعلى من الرجل ليس هذا فحسب، بل أن الرجل نفسه هو من يضع المرأة في هذه المرتبة الأعلى.

  • قرأت مقال نقدي عن كتاباتك يقول أنك تستحضر الموتى وتحاورهم. ما مدى صحة هذا الكلام؟

هذا الكلام صحيح فالموتى أيضًا من التيمات البارزة في كتاباتي، فأنا أتعامل مع الموت ليس باعتباره نهاية الحياة، لكن باعتباره جزءًا أساسيًا من الحياة، فنحن نعيش على آثار أمواتنا من الأهل والأصدقاء والمعارف الذين فقدناهم  فنستحضر حياتهم في حياتنا وهذا يدل على أن الموت أيضًا له قيم جمالية فهو المعيار الحقيقي للحياة، فلو سحبناه من الحياة أصبحت بلا معنى وبلا هدف لكن وجوده رغم أنه حادث مؤسف ومؤلم لكنه يثري الحياة ويعطيها قيمة، واعتقد أيضًا أن الموت هو سبب الحضارة الإنسانية، فأنا أرى أن حضارة البشرية هي حضارة مبنية على الموت، ولنأخذ الحضارة الفرعونية مثالًا على ذلك، فماذا تبقى منها؟ المقابر والمعابد، فالمقابر احتجاج على الموت ورغبة في الخلود، وأيضًا المعابد التي ارتبطت بالحياة     والحياة الغيبية الأخرى، فكانوا يقولون أن البيوت والحياة البشرية العادية أشياء زائلة، من هنا نجد أن الإنسان اكتشف الأدوية لأنه يخاف من المرض واكتشف البيوت لأنه يخاف من البرد والحر، اكتشف السلاح لأنه يخاف من العدو، وبالتالي فبعض اختراعاتنا موجهة لمواجهة الخوف.

  • معلوماتي أن هذه لم تكن المشاركة الأولى في مصر فقد نوقشت لك رواية بمكتبة الأسكندرية، وحصلت على جائزة محمد تيمور في المسرح. فهل هناك مشاركات أخرى؟

شاركت بالمسرح التجريبي بالدورة الأخيرة قبل توقفه في عام 2010، كنت مشارك بعرض “ميشع سيبقى حيًا” كما تمت مناقشة رواية “أعالي الخوف”، وهي آخر أعمال الروائية المنشورة، وأنا على تواصل دائم مع المصريين سواء على صعيد الرواية أو المسرح أو حتى على صعيد التواصل الشخصي مع المصريين سواء من دائرة المثقفين أو خارجها، فالكتابة بكافة أشكالها هي قيمة متكاملة ومشروعي بالحياة هو الكتابة الإبداعية.

  • أشعر أن علاقتك بمصر لها خصوصية؟

طعا. علاقتي بمصر قوية جدًا فأنا مغرم بتاريخها وبالحضارة الفرعونية وبتاريخ محمد علي، وزرت معظم المدن المصرية ولي صداقات عديدة بها، ولا أستطيع الغياب عنها أكثر من عدة أشهر، فأزورها في العام مرتين أو ثلاث.

  • حصلت على جوائز عديدة ماذا تمثل لك هذه الجوائز؟

الجوائز ليست قيمة بقدر ما هي مؤشر على الإبداع، لكن القيمة الحقيقية للمبدع هي تفاعل الناس مع إبداعه، فأحيانًا أرصد ردود أفعال الناس وأفرح بها أكثر من حصولي على جائزة، فالجائزة مشجع للإبداع وهو تكريم ولها سحر أيضًا، لكن أنا حذر من الوقوع في أسر هذا السحر، لأن المبدع أذا وقع فيه فهذا يعنى أنه يشعر أنه قد وصل إلى نهاية الإبداع أو إلى قمته، بينما الحقيقة هي  أن الإبداع ممتد وليس له نهاية، فالكتابة تمرين وتجريب متواصل ومستمر.

  • ما هي أجه التشابه والاختلاف بين المهرجانات المسرحية المصرية والأردنية؟

المهرجانات في مصر أكبر طبعًا مصر أعرق في هذا الجانب فالفن العربي خرج من مصر، في الأردن تجربة كبيرة أيضًا في المهرجانات خاصة في السنوات الأخيرة  فتقيم سنويًا خمسة مهرجانات بين محلية وعربية ودولية، لكن مصر تتميز بوجود بنية تحتية كبيرة فتستطيع مدينة القاهرة أن تستوعب عشرة عروض مسرحية في نفس اليوم بمسارح وأماكن مختلفة، هذه البنية غير موجودة في الأردن لذلك فمهرجاناتنا أقل عددًا وأقل زخمًا.

  • كمسئول ثقافي هل توجد بروتوكولات تعاون بين وزارتي الثقافة المصرية والأردنية؟

طبعا وهي من أقدم البروتوكولات فالتعاون بين مصر والأردن تقريبًا أقوى تعاون بين دولتين بهما تواصل على الصعيد الرسمي وعلى الصعيد الشعبي، وهذا له عدة أسباب منها العلاقات التاريخية بين البلدين، والتشابه بين اللهجتين وقرب المسافة، فالمسافة بين عمان والقاهرة لا تتجاوز الساعة، وهذا يخفف كثيرًا من عبء التنقل ويسهل معرفتنا الجيدة بالحالة الثقافية والفنية بمصر ويعمل على الاستفادة منها.

  • كيف توفق بين عملك الوظيفي وكتاباتك المنتشرة بين المسرح والتليفزيون والصحافة والقصة والرواية؟

للأسف كله يأخذ من الإبداع، لكنني أعتقد أني أتنفس وأعيش من خلال الكتابة، أنا رغم استقرا وضعي الوظيفي والحياتي لكنني أعيش ذهنيًا الواقع بنسبة عشرة في المائة بينما التسعين في المائة أعيشهم في الكتابة، حتى من دون أن أكتب فأنا ممسوس بالكتابة، أفكر فيها وانا أعمل أو أمارس أي دور، لذلك وقت إنجاز العمل يكون قليل بمعنى أنني أكتب المسرحية في وقت قصير ممكن يومين مثلاً، لكن فترة الإعداد الذهني تكون طويلة، وقد تدربت جيدًا على ذلك فأعد العدة لوقت الكتابة.

  • حضرتك حاصل على بكالريوس علوم اجتماعية كيف استفدت من نوعية الدراسة في الكتابة؟

كل نوع من الدراسة مهم لكن أنا قرأت في علم النفس والفلسفة، واهتم بهما أكثر من قراءة التاريخ أو أي مجالات أخرى لأنني اعتقد أن الكتابة هي نوع من الفلسفة، فهي تأخذ من الحياة ثم تعاد للحياة مرة أخرى، فالثقافة تعطي للحياة عمر اطول وهي  ليست مقتصرة على ما نقرأه من جنس أدبي فحسب ، فلابد من التنوع في القراءة فاحيانا نكتب قصة عامل أو طبيب أو مهندس، فلابد من معرفة هذه المجالات جيدًا لنستطيع أن نكتب بمصداقية أكثر.

  • ماذا تعني الكتابة بالنسبة لك؟

الكتابة لدي ليست ترفًا وليست رغبة في لفت الانتباه، فأنا بدأت الكتابة مبكرًا ونشرت أول رواية لي وأنا مازالت طالب في الجامعة وبالتالي، قد تجاوزت كثيرًا فكرة البحث عن الشهرة واعيش للكتابة فوجودي في الحياة مقترن بما أقدمه من خلال الكتابة، وحين أتوقف عن الكتابة يعني ذلك أنني توقفت عن الحياة وانا اتمنى ألا أتوقف عن الحياة فأنا أفكر في الكتابة حتى في اللحظات التي أكون مشغول فيها بأشياء أخرى خارج نطاق الكتابة.

 

ــــــــــــ

جريدة مسرحنا


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock