وجوه مسرحية
الكاتب شاذلي فرح السمطي يكتب للمسرح نيوز: “واحـــة الجـنوبي”.. المخرج الدمياطي “فوزي سراج” المراكبي
المسرح نيوز ـ القاهرة| وجوه مسرحية
ـ
واحــة تهتـم بفناني المظاليم
الـمراكبــي
المراكبي يعرف تفاصيل نهره أو بحره . المراكبي عشق في المقام الأول وبعدها تأتي المهنه . الطول الفارع وضخامه الجسد مع برونزيه الوجه وإكتساءه بالسمره المشربه بالحمره وكأنه أخذ لونه من النيل . المراكبي تربي وعاش في مديتة رائعة لم يجود الزمان بنثلها . بها آيه قرأنية رائعة حيث يلتقي ويختلط الماء العذب بالماء المالح في معجزة آلهيه جبارة . إنها دمياط . والمراكبي هو . فوزي سراج . المراكبي تتفتح عيناه فيجد نفه وسط عائلة فنية .
الأخ الأكبر والمعلم الأول له هو المخرج حلمي سراج . وشقيقة الأوسط المؤلف والسيناريست عبد المنعم . المراكبي في قاربه يتهادي تاره علي صفحة النيل وتاره يتهادي وسط أمواج البحر المتوسط وتاره يتهادي في بحور الفن . وكما يتهادي الجنوبي في قاربه ويصدح ويقول – فى سماء الفنون بدرى رفعنا علمنا . اللى قبلنا سلموا وإحنا ما سلمنا . إرجع يا ولد عالى عليك سلمنا . القرآن والحديث وكلام التابعين ورابعاً يأتى كلامنا . يصدح المراكبي الشمالي فوزي سراج في قاربه ويقول الفن الفن هو دربي وطريقي وبحوري ونيلي وقاربي وبيتي وصديقي .
يتذكر المراكبي وهو يجدف بمجدافي قاربه عندما قام بالتمثيل وهو في الصف الأول الإبتدائي – تكوينه الجسدي ولون بشرته أهلته لأن يلعب أدوار لا يلعبها غيره . المراكبي فوزي سراج يجلس مع علي أحد مقاهي أسوان وهو يتذكر ويعود للوراء وهو يضحك كيف كان علي عتبه أن يترك بحور الفن ـ أستطرد وهو يعصر ذاكرته : زماااااان كان سني لم يتعدي عمري الخامسة عشر . كنت ألعب أدواراً كثيرة وكبيرة في قصر الثقافة وفي المدرسة الثانوية وضعت تحت أختبار ومنافسه في التمثيل ولم أوفق . وقتها شعرت بإن مجدافي قصير وقاربي ضاق علي وشعرت أن الأمواج تحاصرني فقررت أن أقفز من قاربي وأترك بحر الفن وأخرج وأعيش علي البر مثل الكثيرين .
أمسكت بكوب الشاي علي المقهي بأسوان وأنا أرتشف بحذر لكون الشاي ساخن والأبخره تلاحق تعاند وجهي وقلت له : يا مراكبي . أهم صفة يتحلي بها المراكبي هي الصبر . ضحك المراكبي وأستطرد وقال لقد صبرت وعدلت عن فكره الهرب وفضلت أن أكون مراكبي في بحور الفن . وبالفعل يتخطي المراكبي وركب قاربه وشق بها وسط الأمواج . المراكبي فوزي يتوقف بقاربه في منتصف البحر ويستريح بعض الوقت ويرنو للأفق وعيناه تتعلق بطيور النورس وهي تتقافز من حوله ثم يسترجع ذكرياته مع الأب والأستاذ والشقيق المخرج / حلمي سراج . يتذكر كيف كان الماضي رائعاً عندما كان الشقيق الأكبر يمتلك فرقة خاصة كونها من العمال والنجاريين وكان من بينهم المراكبي فوزي سراج وقام بالتمثيل في العديد من المسرحيات التي أخرجها الشقيق والمعلم / حلمي . ولكن الزمن قلاب وقاسي . تفككت الفرقة وتاه أعضاء الفرقة في الزحام . المراكبي لم يتوه لنه معه البوصلة فوجهها وغير الإتجاه وأبحر بقاربه لبحر جديد وهو بحر الإخراج . إنه المراكبي فوزي سراج .
فى منتصف السبعينيات كان لايزال الكاتب الكبير محمد أبو العلا السلامونى يعيش فى دمياط قبل انتقالة للقاهرة . فى هذة الفترة قام بانشاء نادى مسرح دمياط من بعض شباب المسرح فى مدينة دمياط وكان على رأسهم الكاتب الراحل محمد الشربينى والناقد احمد عبد الرازق ابو العلا ورأفت سرحان وسمير الفيل ومحسن يونس وفوزى سراج ومحمد شميس ومحمود عثمان وآخرون . وكان برنامج النادى ينقسم الى جانب تثقيفى ويشمل المحاضرات ومناقشة الكتب والاعمال المسرحية وعمل نشرة تثقيفية شهرية . وجانب انتاجى للعروض الصغيرة والتجريبية . والعروض القائمة على القصة القصيرة ودوواوين الشعر واعمال الفنون التشكيلية المختلفة . تعددت وتنوعت العروض حتى تبلورت فى شكل سهرة مسرحية باسم سهرة دمياطية شملت اعداد لقصة قصيرة ومزج بين بعض الاعمال التشكيلية والشعر . وعرض مونودراما قمت باخراجها باسم اقوال التاجر السعيد وقام بالتأليف مؤلف شاب لاول مرة أسامة الدليل .
وعالجت المونودراما قضية هجره وسفر اصحاب المهن البسيطة الى الدول العربية وتعرضهم للمتاعب والمصاعب . وحققت المونودراما نجاحا. وفى عام 1983 كانت التجربة قد نضجت واتضحت رؤية النادى واهدافة فقدمت مسرحية غنائية باسم سيد درويش عالجت سيرة واعمال الفنان الكبير وحقق العمل نجاحا كبيراً . وفى عام 1989حدثت فى مدينتنا دمياط ازمة اقتصادية طاحنة عصفت بصناعة الاثاث النشاط الرئيسى والاقتصادى للغالبية العظمى من ابناء دمياط .
وتحركنا للمشاركة والتفاعل مع ازمات المجتمع مجربين المسرح كسلاح للمناقشة والحل فقمت بعمل دراسة ميدانية عن ازمة صناعة الأثاث فى شوارع دمياط وقمت بعمل لقاءات مع مختلف أرباب المهنة من نجارين ومنجدين وقمت بتحويل هذة التسجيلات الى عمل مسرحى مونودراما باسم هموم دمياطية وقمت بتدريب أحد النجارين الذين لهم هواية المسرح على المونودراما رضا عثمان وقدمناها ثم تصادف ان قمنا بدعوة محافظ دمياط فى هذا الوقت صيف 1989 الدكتور احمد جويلى عالم الاقتصاد المعروف واعجبه العمل الذى يتعرض بالتفاصيل لمشكلة من اخطر المشاكل التى تعترض مسيرة الاقتصاد فى المحافظة . وقام الدكتور جويلى بدعوة العديد من الصحفيين لمشاهدة المونودراما وكان ينظم لقاءات بين اصحاب مختلف فروع مهنة صناعة الاثاث والمسئولين عن هذة المهنة من مسئولى الضرائب ومسئول التصدير ومسئول الغرفة التجارية . ومتخصصين فى فن البيع والتسويق . ومختلف فروع المهتمين بصناعة الأثاث لمشاهدة المونودراما بشكل جماعى . ونختفى نحن بعد الانتهاء من تقديم المونودراما .
وكان المحافظ يجلس مع الطرفين بعد نهاية العرض وتشتد المناقشات والمحاورات حتى الساعات الاولى للصباح . وبحضور ممثلى الصحافة . وتنتهى
شاذلي
مرسَل
منذ ٣ أيام
المناقشات والحوارات بحضور المحافظ الى اصدار قرارات فورية لحل هذة المشكلات . وفى صباح اليوم التالى ترصد جميع مجلات وجرائد مصر هذة الحالة المسرحية الفريدة . توصل السيد مدير عام المسرح الاستاذ يسرى الجندى مع الراحل الدكتور عادل العليمى مسئول اندية المسرح على مستوى الجمهورية بعمل المهرجان الاول لنوادى المسرح فى دمياط فى يناير 1990 باشتراك 10 نوادى على مستوى الجمهورية وكان عرض الإفتتاح مونودراما هموم دمياطية واستمر المهرجان لتسفر نتيجتة عن فوز المونودراما بجائزة المهرجان الكبرى و الممثل رضا عثمان بجائزة احسن ممثل ويفوز فوزى سراج بجائزة أحسن تأليف . ويفوز العرض بدرع الهيئة أحسن عرض فى المهرجان . ثم يشارك العرض فى المهرجان الدولى التجريبى الثالث بالقاهرة – المراكبي يتجه للاخراج لفرق الأقاليم يركب قاربه ويشق بحر النيل ويذهب لجنوب مصر . لأسوان يخرج لهم تلاثة عروض ( أبن الريح / كرسي الحكومة / أبن عروس ) ثم يركب قاربه ويشق البحر النوسط ويذهب لفرقة مرسي مطروح يخرج لهم مسرحية ( الدخول في اللعبة ) ثم يركب قاربة ويشق النيل مره أخري ويتجه لسوهاج ليخرج لهم عرضين ( الطوق والأسورة / السلطان الحائر ) – المراكبي يدور بمركبه في دمياط ويخرج عروض عديدة في كل بقاع دمياط منها ( عنترة / وجوة على الشط / حلم يوسف / رحلة حنظلة / المليم باربعة / الاوباش / كشف النقوط / كومبارس ع البلانص / ابو نضارة / البراوى / الحالة 2000 / حفلة ابو عجور ) فـــــلاش أخــير أيها المراكبي الرائع الذي يقود قاربه وسط الأمواج العاتية . حقاً إنها رحلة فنية استهلكت عمرك واستحقت ان تعطيها المزيد من دمائك شـــاذلــي فـــرح السمطي
