المسرحي السوري عبد الكريم عمرين يصدر مؤخرا..كتاب: “إضاءات على مسرح فرحان بلبل وفرقة المسرح العمالي بحمص”عن دار كنعان
المسرح نيوز ـ القاهرة| إصدارات
ـ
سوريا ـ حمص| خاص
ربما يكون الشخص الأنسب ليكتب عن المؤلف المسرحي السوري، بل رجل المسرح فرحان بلبل، وهو ذاته الإنسان الفنان المسرحي الأقدر على الكتابة عن فرقة المسرح العمالي بحمص. كيف لا وهو عضو مؤسس للفرقة وعمل مع فرحان بلبل قبل التأسيس أيضاً،
إنه الفنان المسرحي عبد الكريم عمرين, الذي صدر له حديثاً كتابه الهام: إضاءات على مسرح فرحان بلبل وفرقة المسرح العمالي بحمص 1973-2011, عن دار كنعان للدراسات والنشر في 237 صفحة.
يقول المؤلف في التمهيد لكتابه: ” قبل الدخول في دراسة أهم النصوص المسرحية لمؤلفها فرحان بلبل ، وقبل أن نورد نقدنا التطبيقي لبعض نصوصه وعروضه، وقد اخترنا عروضاً نلقي فيها الضوء على تطور تجربته المسرحية كمخرج، في نجاحات تلك العروض أو جمودها ومراوحتها في المكان دون تطور يذكر، أو دون إضافات إبداعية تذكر، قبل كل ذلك لابد أن نضع هنا فهمنا لمسألتين هامتين في المسرح، المسألة الأولى تخص أهم ما في عناصر النص المسرحي منذ عصر الإغريق وحتى الحقب اللاحقة في تاريخ المسرح العالمي، وأقصد الشخصية المسرحية، والتي لولاها ما كان ثمة نص مسرحي، والمسألة الثانية تخص الممثل وعمله الإبداعي ولولاه لما كان ثمة عرض مسرحي.
في المسألة الأولى كتبنا عن: الشخصية النموذجية في الأدب المسرحي، وفي المسألة الثانية كتبنا عن بناء الدور المسرحي عند الممثل عبر دراستنا: البرهان والعرفان في العرض المسرحي- تأملات في الممثل والمتصوف. وذلك في فصلين.
ثم أننا أضفنا فصلاً ثالثاً، وهو دراسة كتبنا فيها عن صورة البطل المسرحي عند فرحان بلبل، حللنا فيها أهم نصوصه المسرحية، والأهمية هنا تكمن في إبانة التحولات التي طرأت على مسيرته ككاتب مسرحي، والتطور الدرامي والفكري في نصوصه، ورصدنا فيها الظروف العائلية والسياسية والتحولات الاجتماعية والشخصية في حياته طفلاً وشاباً ورجلاً، تلك الظروف التي كوّنت بلبل إنساناً وكاتباً مسرحياً شاهداً على عصره، من منظور صورة البطل المسرحي في نتاجه المسرحي الابداعي.”
في الفصل الثالث من الكتاب والمعنون بـ: صورة البطل المسرحي عند فرحان بلبل, يستعرض المؤلف عمرين ولادة وتطور الشخصية المسرحية منذ فجر المسرح عند الاغريق, وحتى بريخت ومسرح العبث, ثم يعرج ليدرس كيف صنع بلبل أبطاله من خلال بعض مسرحياته, فيحلل المسرحية الأولى التي كتبها بلبل وأخرجها المهندس المصري محمود حمدي عام 1969 وقدمت في حمص وهي مسرحية: “الجدران القرمزية”, ويدرس مسرحية “الطائر يسجن الغرفة” و “البيت والوهم”, ثم مسرحية “العيون ذات الاتساع الضيق”
ثم مسرحية: “الحفلة دارت في الحارة” وكل هذه المسرحيات كان المؤلف بلبل يبحث عن ذاته ككاتب مسرحي ويتلمس طريقه الفكري ويجرب في طرائق التعبير عبر بناء الشخصيات المسرحية إلى أن استقر به الحال, وعقد العزم على السير في نهج الواقعية الاشتراكية بشقيها الجمالي والفكري فكان اكتماله ككاتب مسرحي, في مسرحيته: :”الممثلون يتراشقون الحجارة”.
ثم يتوقف مؤلف الكتاب عبد الكريم عمرين طويلاً عند مسرحيات بلبل العمالية ويدرس صورة البطل عنده, البطل العامل الاشتراكي السوري مقارنة بمفهوم ومعيار البطل الإيجابي الذي نظرت له الواقعية الاشتراكية.
في القسم الثاني من الكتاب, يتحدث المؤلف عمرين عن بزوغ فرقة المسرح العمالي بحمص وأفولها بعد أربعين عاماً, من العمل والابداع المسرحيين, وقبل ذلك يستعرض ويكتب عن نشوء المسرح العمالي عالمياً, ثم عربياً, ثم في سورية, ويتوقف عند نشوء المسرح في مدينة حمص وتاريخه, عبر مراحل ثلاث, أولاً مرحلة التأسيس على أيادي عبد الهادي الوفائي وقسطنطين داوود الخوري, ومحمد خالد الشلبي, المرحلة الثانية: هي مرحلة مراد السباعي, والمرحلة الثالثة: هي مرحلة فرحان بلبل.
ويعمد المؤلف عبد الكريم عمرين, إلى النقد التطبيقي بعد نقده النظري, فيدرس أهم عروض فرقة المسرح العمالي, فيبدأ بعرض مسرحية ” لا ترهب حد السيف” ثم عرض: “تأخرت يا صديقي” الذي أعده وأخرجه بلبل عن نص “انسوا هيروسترات” لغريغوري غورين, ويدرس بشكل مطول عرض: “الملك هو الملك” من تأليف سعد الله ونوس وإخراج بلبل, ثم عرض مسرحية: “طاقية الإخفاء”, وعرض مسرحية: “قصيدة متوحشة”. ومن خلال النقد التطبيقي لتلك العروض يلاحظ عمرين بدء بعض الضعف في العروض الأخيرة لفرقة المسرح العمالي بحمص, مبيناً الأسباب الموضوعية والذاتية.
وفي النهاية يورد المؤلف عمرين, ثبتاً تاريخياً موثقاً بعروض فرقة المسرح العمالي بحمص, في عموم أنحاء سورية, وبعض أقطار الوطن العربي, وشمل هذا الثبت أيام وتواريخ وعدد العروض وأمكنتها, وورد فيه أسماء الممثلين والممثلات في كل عمل مسرحي.
إن كتاب “إضاءات على مسرح فرحان بلبل وفرقة المسرح العمالي بحمص” كتاب هام جداً إذ أنه الكتاب الوحيد الذي يدرس مسير فرقة عربية هاوية نافست الفرق المحترفة وتفوقت عليها وشقت طريقها بفكر متنور وإبداع خلاق وحب لا ينضب, خصوصاً أن مؤلف هذا الكتاب هو من مؤسسي هذه الفرقة وشارك كممثل في عروضها الأولى, ثم عمل مديراً للمسرح العمالي في سورية بدمشق لسنوات, يوم كان للمسرح العمالي في سورية المقام السامي فكراً وفناً.