سينما وتليفزيون

المسرحي مالك القلاف يكتب: من باب الهروب من براثن حياة الماعز.. فيلم (Locke) مونودراما سينمائية بتوقيع العبقري Tom Hardy


المسرح نيوز ـ القاهرة| سينما وتليفزيون

ـ

مالك القلاف

 

كمسرحيين، اعتدنا على مصطلح (مونودراما) بوصفه مفهوم مسرحي حداثي يطلق على عرض الممثل الواحد! وهنا قد يطول الجدل في جذور المصطلح ومعناه ومالذي يحتويه وهل يختلف عن الـ One man show أو كما يطلق عليه الألمان الـ Solo play أم لا!
لكنني لست هنا للخوض في كل هذا رغم الإغراءات، ورغم أن أصابعي تتوق للكتابة في ذلك الشأن! إنما أنا هنا أتسائل فيما إن كان يجوز لنا اعتبار الفيلم السينمائي ذو الممثل الواحد فيلماً مونودرامياً أيضاً! خصوصا وأن البريطاني (جون لينارد) في كتابه فن الدراما قد عرف المونودراما باعتبارها: “نص مسرحي أو سينمائي لممثل واحد” لكنه بالنهاية كان يتكلم عن النص، وليس العرض!
والمونودراما فن صعب للغاية، ليس من اليسير أبدا أن يتقنه أي ممثل على الخشبة، وأعتقد أن سبب ندرة الأفلام السينمائية التي تعتمد هذا النوع من الدراما قد يعود إلى صعوبته واعتباره مجازفة كبرى ليس من السهل خوض غمارها! تاريخيا لم يكن ثمة الكثير من الأفلام التي تعتمد على ممثل واحد طيلة الفلم ولكن هناك أفلام تقوم معظم مشاهدها على بطل واحد، كفلم The Revenant للعبقري ليوناردو ديكابيرو أو فيلم Cast away للمخضرم توم هانكس،
والذي كان طيلة ساعتين في الفيلم يواجه المشاهدين لوحده، أو برفقة صديقه الكرة (ويلسون)! تلك الكرة التي أسماها ويلسون وأصبحت الذريعة الدرامية التي تسوغ لهانكس أن يطرد أي إحساس بالملل قد ينتاب المتفرج! لكنه بالنهاية توم هانكس، إنه الخيار الأمثل لأي مخرج يريد أن يجازف بهكذا تجارب مربكة.
قياسا على ذلك ينبغي أن يكون فيلم المونودراما مرتهنا بممثل بارع جدا! لأنها بالنهاية مجازفة لا يحمد عقباها! ولذلك اختار المخرج Steven Knight في فيلمه المونودرامي (Locke) أحد أكثر الممثلين عبقرية في عصرنا، وهو البريطاني (Tom Hardy)! فإن كان هانكس يملك فعلا دراميا داخل فيلم Cast Away من خلال الفضاء الواسع وسط الجزيرة ونشاطاته التي من خلالها يستطيع ملء الإيقاع الدرامي في الفيلم، نجد هاردي هنا في هذا الفلم متورط بمشهدية موحدة وضيقة جدا داخل سيارته! الفيلم كله يحكي قصة هذا الرجل الذي يقضي مشوارا داخل سيارته من مدينة لأخرى ويتحدث خلال هذا المشوار هاتفيا إلى العديد من الجهات (زوجته – أفراد طاقمه في العمل – عشيقته التي تورط معها).
مدة الفيلم قرابة الساعة ونصف، كلها في السيارة، مشهد واحد، توم هاردي يتحدث في الهاتف وينتقل من مكالمة إلى أخرى، لكنك لن تشعر بالملل قيد أنملة! ستنقضي الساعة ونصف كأنها دقائق معدودات! وهنا تكمن العبقرية، هنا يكمن سر الإبداع! كيف يخلق الممثل إيقاعه الخاص ليشحن من خلاله الجو العام للفيلم ويصنع توترا دراميا عبر أدائه العبقري! مثل هذه التجارب لا يمكن أن تنجح إلا حين يضعها المخرج بيد ممثل بارع يعي مدى خطورة الدراما حين يكون الصراع فيها مختلفا عن السائد! ولهذا كتب أحد النقاد الفرنسيين في صحيفة ما مقالة بدأها بجملة: Hardy is a one man.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock