المسرحي مجدي محفوظ يكتب: ثقافة التربية في عالم المسـرحية ما بين المدرسة والدراماتورجيين
بقلم: مجدي محفوظ
مسرحي مصري
ـ
للمسرح المدرسي دور كبير وهام في العملية التعليمية، وذلك لتأثيره البارز والفريد في إصلاح العملية التعليمية، لأنه يعتبر من أفضل طرق التربية الحديثة للتعليم. وإذا نظرنا إلى عملية الإصلاح التي يقوم بها المسرح المدرسي نجد أنها متشعبة وعديدة؛ فمنها على سبيل المثال: (الأعمال المسرحية الدينية والتاريخية والأخلاقية والعلمية……) وغيرها مما نجده مناسباً للطالب أو ما تدعو الحاجة إليه لإصلاح بعض من سلوك طلابنا، ومعرفة الآثار السيئة للتدخين والإدمان وغيرها من السلوكيات السيئة التي تنتاب الطلاب في بعض المراحل العمرية.
إذن فالمسرح المدرسي أو (التعليمي) له دور محوري وهام في العملية التعليمية، وهذا الدور يكون على عاتق التربويين داخل المؤسسة التعليمية.
لكننا نجد في بعض الأحيان نقاط خلاف ما بين المسرحيين والتربويين في القيام بأعمال المسرح التعليمي، وهل يقوم على أدائه وعمله الهواة من المعلمين الذين يعملون في حقل التعليم أم المسرحيون المختصون بالأعمال المسرحية. من هنا يظهر الخلاف دائماً ما بين مؤيد ومعارض من المسرحيين والتربويين على الإعداد للأعمال المسرحية المدرسية. ونحن بصدد الحديث عن هذا الخلاف نسأل أنفسنا:
ما سبب هذا الخلاف؟ ومن عليه الدور الأساسي من أجل تحقيق أكبر استفادة للطلاب عن طريق الأعمال المسرحية المدرسية، والتي من أجلها كان المسرح التعليمي؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة لا بد من توضيح دور المعلم في تفعيل المسرح التعليمي لخدمة المواد الدراسية المقررة على الطالب.
فللمعلم دور كبير في العملية التعليمية، ولعل من أبرز ذلك حديثاً توظيف الدراما في خدمة التعليم، فالمعلم الذي يقوم بتدريس الأطفال في المراحل العمرية الأولى يحتاج إلى تمثيل الدرس داخل الفصل فيكون بمثابة الممثل والمخرج للدرس، ثم يستعين ببعض التلاميذ لتأدية الأدوار الموجودة في الدرس، فنجد تفاعل الطلاب بخيالهم وعقولهم مع المعلم أثناء الدرس، وبذلك يكون المعلم قد استطاع أن ينفذ عملاً مسرحياً داخل الصف أثناء الحصة الدراسية، وبذلك يكون العمل المسرحي متكاملاً من ( نص وحوار وشخصية)، وهذا بدوره يستهوي الطلاب لأنهم يحبون الحكاية، وكلما كان الدرس يستهوي الطلاب كان له أبلغ الأثر في نفوسهم، حيث ينصت الطالب إلى الأحداث التي يقوم بأدائها المعلم وبعض الطلاب، وخصوصاً إذا كان العمل المقدم به شيء من الخيال أو البطولة.
ونجد هنا اختلافاً في ما يقدم للطالب، ولكن ما يقدم لا بد أن يكون حسب المرحلة العمرية للطالب ولا نستطيع أن نقدم عملاً لطالب في المرحلة الثانوية يكون مقرراً على طلاب المرحلة الإعدادية أو الابتدائية أو العكس، فكل مرحلة تعليمية لها ما يناسبها من الأعمال الخاصة بها، وهذا كله يحتاج إلى متخصصين بكيفية الكتابة للمسرح المدرسي شريطة الإلمام بالنواحي التربوية. ثم يأتي دور المعلمين الهواة داخل المدرسة وهم الذين يقومون بالأعمال المسرحية الكبيرة بمعاونة بعض معلمي الأنشطة المدرسية داخل المدرسة والتي تُقدم للطلاب في المناسبات القومية والدينية والمسابقات، سواء أكانت أعمالاً مسرحية أو أعمالاً منهجيه مقررة على الطلاب، (مسرحة المناهج). ولا يخفى الدور الفعال لمسرحة المناهج على الطلاب لأثرها المباشر والإيجابي في تبسيط الدروس للطلاب. وظهر ذلك جلياً من تأثير البرامج التي تقدم على الشاشات الصغيرة في شتى البلدان، واتضح للجميع مدى هذا التأثير على الطلاب فأخذ التربويون والمهتمون في وضع الخطط التربوية والمنهجيه للطلاب من أجل الاهتمام بهذا المجال، حيث وجد الجميع تأثير هذه الأعمال على خيالهم وعقولهم فأخذت بعقولهم وخيالهم وحواسهم مع الحدث المسرحي. وهنا يبرز الدور الهام والفعال للمعلم لأنه يعلم بخبرته ودراسته الأهداف المعرفية والتربوية والسلوكية للدرس. وهذا هو الهدف الأساسي الذي من أجله توضع الدروس.
إذن فالمعلم ركيزة أساسيه في المسرح التعليمي بشتى صوره.
ويقول (أ- ج- بيرتون) في كتابه }التمثيل في المدارس{ (ترجمة د. رياض عسكر، مراجعة / محمد فتحي…. طبعة 1966):
«يستعمل التمثيل في المدارس بطريقتين؛ فهو إما أن يكون بمثابة مدخل للفن المسرحي ثم للمسرح نفسه فيما بعد، وإما أن يكون وسيله من وسائل التعليم تطبق في كثير من المواد الدراسية.
من خلال ذلك لا نستطيع أن نغفل دور المعلم في المسرح التعليمي كركيزة أساسية فيه، وهو العامل الرئيسي والفعال في المسرح المدرسي، ونحن بصدد الحديث عن المسرح التعليمي يبرز لنا دور هام لا يقل أهمية عن دور المعلم بل هو مكملٌ له وبه يظهر العمل المسرحي بصورة جيده ومحببة لدى الطالب وغيرة من المشاهدين، وذلك لأن جمهور المسرح المدرسي ليس الطالب وحده بل سيخرج العمل المسرحي لجموع المشاهدين وهنا يظهر دور المخرج المسرحي بخبرته في إخراج العمل المسرحي في الصورة اللائقة به، حيث يظهر مدى قدرته على الإبداع في العمل المسرحي المقدم للمشاهدين بشتى صورهم سواء أكانوا طلاباً أو غيرهم. وبذلك يكون للمخرج المسرحي دور فعال وهام في تقديم العمل المسرحي بالصورة اللائقة والتي يريد أن يشاهدها الجمهور من الطلاب أو غيرهم، ويكون قد أكمل العمل المسرحي ووضعه في قالبه الصحيح، ويبدأ المخرج هنا بعملية القراءة للنص وبناء المسرحية مع حضور المعلم الذي أعد أو كتب النص والطلاب الهواة الذين سيقومون بتأدية الأدوار. وتبدأ الدراسة التحليلية للنص من المخرج مع إشراك المعلم في عملية الاختيار. ثم يبدأ المعلم بوضع خطته لتدريب الطلاب، وبذلك نكون قد وضعنا أقدامنا على بداية العمل المسرحي المدرسي السليم.
تتضح من خلال هذه الرؤية أشياء هامة لا نستطيع أن نغفل عنها في العمل المسرحى المدرسي:
أولها دور المعلم، وعليه يقوم العمل الأساسي في المسرح المدرسي، ولا نستطيع أن نغفل هذا الدور كمسرحيين.
وثانيها دور المسرحي، وهو العامل المكمل للمعلم والذي على كاهله يعد العمل المسرحي من خلال رؤيته المسرحية، وإبراز العمل للطالب والمشاهد في صورة مسرحية ناجحة.
إذن فلا بد من التعاون بين المعلم والمخرج المسرحي في إعداد المسرح المدرسي بصورة لائقة، حتى يثمر هذا التعاون بروز مسرح تعليمي قوي في أدائه، وجيلاً واعياً مثقفاً يكون نواة لمجتمع فريد في ظل العالم الصغير الآن.
ويتعاون الجميع من معلمين ومسرحيين في توظيف دراما جيده تخدم العملية التعليمية على أكمل وجه. وهنا تظهر ثمرة التعاون بين المعلم والمسرحي في خدمة الطالب والمجتمع.