مقالات ودراسات
المسرح الجاد.. وعودة الجمهور.. الأسباب.. وكيفية المحافظة عليه!
المسرح نيوز ـ القاهرة| بقلم: كمال سلطان
ـ
لاشك أن عودة الجمهور للاحتفاء بالمسرح الجاد ، والإقبال عليه لهو أمر محمود عانينا كثيراً من إدراكه أو الوصول إليه ، لذا فقد وجب علينا المحافظة على هذا الجمهور ، والتمسك به بشدة عن طريق تلبية كافة متطلباته ، ولتلبية تلك المتطلبات علينا أولا أن نتعرف عليها، وذلك عن طريق عمل استقصاء ميدانى نتعرف من خلاله عن السر وراء عودة الجمهور من جديد للإقبال على تلك النوعية من العروض ، خاصة وان أغلبها جاء باللغة العربية الفصحى ، ومن أبرز تلك العروض عرض “روح” الذى قدم قبل عامين على خشبة قاعة صلاح عبد الصبور بمسرح الطليعة ، واستطاع حصد العديد من الجوائز بجانب النجاح النقدي والجماهيرى الكبيرين.
كما نجحت كل التجارب التي خاضها الفنان الكبير يحيى الفخرانى، والتي أنتجها المسرح القومي والذى شهد نجاحات جماهيرية كبيرة لعروض تم تقديمها على خشبته مثل عرض “دماء على ستار الكعبة” الذى قدم فى أوائل التسعينات وظل يعرض بإقبال جماهيري كبير لمدة ثلاثة أشهر رغم انتمائه للمسرح الشعري وكانت المرة الأولى التي تضطر فيها إدارة المسرح القومي للاستعانة بمقاعد إضافية لاستيعاب الإقبال الجماهيري،
ونعود للفخرانى الذى نجح فى اجتذاب الجماهير بدءا من “الملك لير” والتى ظلت تقدم على المسرح لعدة أعوام متتالية وانتهاء بعرضه الأخير “ليلة من ألف ليلة”.. وإذا اتفقنا أن نجومية الفخرانى كان لها الدور الأكبر في اجتذاب الجماهير لتلك العروض،
فعلينا الاعتراف أيضا بأن هناك عروضا أخرى قد نجحت فى حصد النجاح الجماهيرى الكبير رغم خلوها من نجوم الصف الأول ومن أهم تلك العروض عرض “قواعد العشق الأربعون” للمخرج عادل حسان من إنتاج المسرح الحديث، وعرض “يوم أن قتلوا الغناء” للمخرج تامر كرم والذين استطاعا اجتذاب الجمهور بمختلف مستوياته وطوائفه للاستمتاع والتفاعل مع عرضيهما اللذان يقدمان باللغة العربية الفصحى ، ولا يناقش أي منهما قضية آنية أو يحمل أية إسقاطات على واقعنا الحالي، وهى أشياء يعتبرها البعض عناصر جذب إضافية لاجتذاب الجمهور، و
لعل الإقبال الجماهيري الكبير على هذين العرضين ، هو الأجدر بالدراسة والاستفادة منه فى العروض القادمة، ويجب أن نتعرف من خلال الجمهور نفسه على العناصر التي جذبتهم لتلك العروض، هل هي الكتابة أم الإخراج أم الأداء، أم أن الجمهور قد عافت نفسه تلك النوعية من العروض المسرحية التي تستهزئ بعقليته وتسعى لتسطيح أفكاره، وفى كل الحالات فنحن هنا أمام فرصة لا يجب علينا أن نضيعها للاحتفاظ بهذا الجمهور وبذلك الإقبال الذي افتقدناه كثيراً، ولعل نماذج كثيرة كان فيها الممثلون يعرضون لعدد قليل من الجمهور لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، وما لذلك من أثر سيئ على نفسية الممثلين.
فالمسرح بلا جمهور هو مسرح ميت، ومن وجهة نظرى المتواضعة أرى أن اعتماد هؤلاء المخرجين على الدعاية لتلك العروض عن طريق “السوشيال ميديا” كان هو الباب الملكى للوصول إلى الجمهور خاصة في ظل قلة الوسائل الدعائية الأخرى ولعل المخرج عادل حسان هو الأنجح في الاستفادة من تلك الوسيلة الدعائية الحديثة، والتعامل معها بطريقة احترافية، حتى إنه قام بصنع لوجو باسم العرض ووضعه على الميكروفون الذى يسجل به مع ضيوف العرض وجمهوره، وقام بتصوير بعض أغانى العرض وكذلك كواليس العرض وقام برفعها على صفحة المسرحية بموقع “الفيس بوك”، وهو ما فعله أيضا تامر كرم الذى اهتم أكثر بآراء الجمهور العادي، وهذه الوسيلة الدعائية هى التى يعتمد عليها صناع العروض الجامعية فى التواصل مع جمهورهم المستهدف وهم طلبة الجامعة، والتى ينتمى إليها أغلب صناع المسرح حالياً خلال دراستهم الجامعية، وعلى رأسهم الفنان خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج والذي رافق خلال رحلته مع المسرح الجامعى عددا من الأسماء الهامة الذين صاروا نجوماً كبار مثل خالد الصاوى، وخالد صالح، ومحمد هنيدى، وهانى رمزى، والمؤلفان احمد عبد الله ونادر صلاح الدين.
وقد أدرك القائمون على البيت الفني أهمية الاعتماد على السوشيال ميديا في الدعاية لهذه العروض فجعلوا لها بندا أساسياً في ميزانيات العروض التي تم إنتاجها مؤخرا، وهناك وسيلة أخرى يتم الاستعانة بها فى الدعاية عن طريق الملصقات الدعائية بمحطات مترو الأنفاق، وهى فكرة جيدة جدا طرحت أمامي لأول مرة عن طريق الكاتب المسرحي على أبو سالم أثناء إجرائي حوار معه أوائل العام الحالي حيث طالب القائمين على البيت الفني بالاستفادة من هذا الجمهور الهائل الذي يرتاد المترو يوميا ويصل إلى ثلاثة ملايين شخصا ، وقال لو حضر لي منهم عشرة ألاف للمسرح فهو نجاح كبير لى.
إنني أناشد القائمين على الحركة المسرحية في مصر وتحديدا المخرج خالد جلال والمخرج إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح وكذلك مديري المسارح بعدم إضاعة هذه الفرصة الذهبية من بين أيديهم والتمسك بهذا الجمهور وأنا أعلم أنهم جميعا أشد حرصا منى على ذلك لأنهم ينتمون بالأساس إلى الحركة المسرحية ويعرفون تماما قيمة هذا الجمهور.