المسرح الجوال بالعراق.. محاولات جادة لإحياء مسرح الطفل!
ويقول عضو الفرقة سعد شعبان إنهم يقيمون نشاطاتهم بالمدارس ورياض الأطفال وملاجئ الأيتام ومخيمات النازحين، ويتنقلون عبر سيارتهم -التي تتحول إلى منصة للعروض- بأحياء بغداد وضواحيها، وقد استطاعوا أن يجذبوا اهتمام الكثير من الأطفال، في وقت تطغى فيه الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي على اهتماماتهم.
ولا يقتصر عمل الفرقة على تقديم أعمالها الفنية، بل يتعداه إلى اكتشاف المواهب ورعايتها وضمها إلى الفرقة إن كانت مناسبة، كما تسعى أيضا إلى تسجيل حضورها في حياة الأطفال النازحين، حيث قدمت عملا يناقش مأساتهم حمل اسم “طيور مهجرة” وعرض في أكثر من مكان ببغداد، بالإضافة إلى الوجود المستمر بالأحياء الشعبية الفقيرة وتجمعات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويؤكد شعبان للجزيرة نت أن الأعمال التي يقدمونها بجهود فردية، ولا يتلقون دعما من أية جهة حكومية أو أهلية، كما أن معظم نشاطاتهم مجانية، باستثناء العروض التي يقدمونها بالمدارس الأهلية.
مسرح مدرسي
وفي إحدى دور الأيتام وسط بغداد، جلس عشرات الأطفال لحضور مسرحية “سر العنقود” والتي حاول القائمون على الفرقة من خلالها تقديم بعض النصائح للطفل في التعامل مع الآخرين.
ويقول حسين فاضل -وهو أحد نزلاء هذه الدار- إنها المرة الأولى التي يشاهد فيها عملا مسرحيا بشكل مباشر، وقد شجعه ذلك على التفكير بدراسة المسرح مستقبلا، ويقول زميله محمد جبار إنهم محرومون من مثل هذه العروض وإن النشاطات التي يشاركون فيها خالية من المرح ويغلب عليها “الكآبة” على خلاف ما شاهدوه في هذا العمل.
وينتقد كثيرون دور وزارة التربية التي يغيب المسرح وباقي الفنون عن مناهجها -باستثناء الرسم- مما أدى إلى ضمور الاهتمام لدى الطفل بهذه الفنون وتراجع في الإقبال عليها خلال السنوات الماضية.
لكن المتحدث باسم الوزارة إبراهيم سبتي قال للجزيرة نت إن لديهم مسرحا مدرسيا تشرف عليه جهة متخصصة تعرف بـ “مديرية النشاط المدرسي” وهناك مشرفون يرشحون الطلبة للمشاركة بالنشاطات الفنية، حيث يقام مهرجان سنوي للمسرح المدرسي تشترك فيه كل المديريات العامة للتربية ويقام في البصرة، ويتم منح جوائز حكومية عن أفضل مخرج ونص وممثل.
ويضيف سبتي أن لدى الوزارة فرقة مسرحية مدرسية تشترك في مسابقات عربية ودولية، وتقدم عروضها في المناطق البعيدة والنائية كذلك.
جانب من أحد عروض الفرقة بمخيم للنازحين |
أزمة مناهج
وقد تراجع دور المسرح العراقي بالسنوات الأخيرة، وتعرض لنكسات كبيرة -كما يرى نقاد فنيون- بسبب انتشار ظاهرة “المسرح التجاري” الذي يقدم أعمالا لا تراعي الذوق العام ولا تلائم التقاليد العائلية سعيا وراء الربح المادي السريع.
ويرى المسرحي والناقد الفني عمر ضياء الدين القيسي أن أغلب الجيل الجديد من المسرحيين تنقصهم الثقافة العامة، والتعرض لهموم المجتمع أو الأطفال، باستثناء تجارب يتيمة هنا وهناك، مضيفا أن أغلب الفضائيات ومواقع التواصل العراقية سطحية الرؤى والطروحات، وتروج للعروض التجارية “الرخيصة” والخالية من المضمون.
ووفق القيسي فإن الخلل الكبير يبدأ من المدارس، حيث إن مادة التربية الفنية بدأت بالتلاشي والانحسار، واستبدلت بمواد علمية، على العكس من الفترات السابقة التي كانت تقام فيها نشاطات وعروض مسرحية وأوبريتات منوعة موجهة تركز على تقديم قيم إيجابية للطفل وتربطه بتاريخ بلده وحاضره بشكل كبير.
ويقترح الناقد الفني أن تعيد الوزارة النظر في تعاطيها مع الفنون عبر إقامة احتفالات متنوعة تتضمن تقديم عروض مسرحية وموسيقى وغناء رصين ومعارض تشكيلية، وإعادة افتتاح مراكز الشباب بالمناطق الحضرية والريفية، وتدريس بعض المواضيع عن علم الجمال والاجتماع والأدب والثقافة، مع استضافة دورية لأساتذة ومتخصصين بالمجال الفني عموما ومسرح الطفل بشكل خاص.