الناقد أحمد خميس يكتب.. عن عرض افتتاح الدورة 8 من مهرجان مسرح بلا إنتاج.. “الجدار.. والخفة الفنية”
المسرح نيوز ـ القاهرة | أحمد خميس
ناقد مسرحي مصري
ـ
كثيرة هي تلك العروض التي تخرج من رحم الإرتجال وتعتمد منهجه في طرحها الجمالي وكثيرة هي تلك العروض الإفتتاحية التي تنشئ أفكارها من خلال الوعيبذلك المنهج في تقديم الافكاروالاطروحاتها الجمالية ولكن ما يميز عرض عن أخر هو الجدية في التناول والفكرة التي يتم توزيعها علي مجموعة المؤدين وإستغلال فكرة المهرجان وسماته الأساسية في جملة مفيدة لإعادة تناول الفلسفة من جديد من خلال ألعاب درامية مناسبة لطبيعة ذلك المهرجان أو ذاك , فعلها كثير من المخرجين الشباب وخرجوا بعروض سريعة بسيطة ولكن القليل منهم من تلك العروض بقي في خيال المتلقي بعد نهاية العرض المسرحي
ويبدو لكل من تابع عرض إفتتاح مهرجان مسرح بلا إنتاج في دورته الثامنة أن الفكرة الإرتجالية التي تحرك منها مخرج العرض (أحمد عزت) مناسبة تماما لطبيعة التكوين فالفكرة التي حاولها المخرج تتعلق بمزج كل الدول المشاركة في فعاليات المهرجان من خلال مشاهد سريعة وأغاني دالة تختتم بالإشارة لعلم الدولة المشار إليها علي البانوراما الخلفية لخشبة المسرح, وذلك من طريقة بناء المشاهد وجهد المؤدين والصور المتحركةي تعكسها الميديا ولكن الإحساس الرئيسي الذي وصلني وكثير من المتابعين هو(الخفة الفنية) فالفكرة خفيفة وغير معتني بها
رائع أن يحاول المخرج مزج كل الثقافات في عرض يجمعهم ولكن يبدو أن الإحساس بالمسئولية ومحاولة تقريب الاذواق كان أكبر من محاولة إنتاج فكرة معقولة ذات قوام فني متماسك ومن هنا كانت النتيجة عرض يحتاج للكثير كي يقف علي قدمين في مواجهة متلق شغوف ومتعاطف
بدت اللعبة برمتها وكأن قالب كوميدي بسيط يمكن أن يجمع بين الأداء الإرتجالي والغناء والرقص قد سيطر علي خشبة مسرح عارية اللهم إلا من خلفية من البانوهات التي يمكن أن تعكس بعض لحظات الميديا المصورة للبلاد المشاركة في مهرجان هذا العامومجموعة مؤدين يجمعهم شغف بالرقص والموسيقي التي تتبدل حسب الدولة المراد الإشارة إليها , مع توضيح إستخدام كشافات إضاءة توضح أو تعري تراكيب اللعبة الدرامية التي يؤديها مجموعة لاعبين مغرمين بالحبكة الكوميدية ذات الأطر سريعة التكوين والهدم
ولما كانت الألعاب شبة الشعبية التي قدمت بدت غير مشبعة بوعي فارق أو فكرة راسخة فأن المتلقي قد إنحاز أكثر للمشاهد التي تم بثها عبر البانوراما الخلفية والتي كانت تعتمد بعض أيقونات الدول المشاركة مثل (برج خليفة) الإماراتي
وحتي في الموسيقي المصاحبة تم إستخدام طريقة كفيلة بأشعال حماس المشاهد الذي يمكن أن يستجيب سريعا لهذة الألحان الكرنفالية التي تتكئ علي إيقاعات مناسبة لطبيعة التكوين الإحتفالي
ومجموعة المؤدين هنا كان عليهم أن يقدموا أكثر من نموذج في وقت ضيق وهي مسألة صعبة لا تعتني ببناء فكرة خاصة عن كل مؤدي وإنما ينظر لكل منهم علي أنه جزء من كل , فأما نرضي بهم كما قدموا أنفسهم أو ننفر منهم أو من اللعبة الدرامية التي لا تميز ولا تنحاز لبيان الفارق الفني
أكذب عليكم لو قلت بأنني إستمتعت باللعبة الدرامية السريعة التي قدمها (أحمد عزت) وفريق العمل معه , ولكن وللحق أشفقت عليه فقد حمل نفسه فوق طاقتها حين فكر في عمل يجمع كل الدول المشاركة ووضع أفكار تحتاج لجهد كبير ووقت طويل كي يخرج منها عرض يبقي في الخيال , ويبدو أنه ولعدم الثقة في كفاية المشهد المؤدي مسرحيا كان يدعم بالمشهد السينمائي بسيط التكوين بسيط المعني مع وجود بعض اللحظات الكوميدية التي من شأنها إشعال حماس وتعاطف المتلقي كأن يظهر أحد الممثلين حاملا لزميله الذي يعبر عن برج خليفة مع وجود لوحة دالة علي نفس المعني
حقيقة رغم الجهد الفائق لمجموعة المؤدين ومحاولتهم الدئوبة لإجتذاب حماس المتلقي وتعاطفه بدا التكوين فقيرا ويحتاج لجهد أكبر كي يبدو مناسبا لطبيعة إفتتاح المهرجان الدولي في دورته الثامنة.
ـ
نشرة الدورة الثامنة من مهرجان مسرح بلا انتاج الذي أقيم بالأسكندرية 2017