الناقد الجزائري أ.د عبد الكريم بن عيسى يكتب: تجربة المسرحي ”محمد بويش” بين مدهوش اللغة ومنطوق الفعل المسرحي (ع. 02)

يحق للناقد المسرحي من هذا المنظور، طرح الأسئلة التالية: ما المقصود بالمعادلة الثلاثية لفن ”المدهوشية” مسرحيا؟

وهل اللغة المسرحية الأخرى المتواجدة في المسرح ليست مدهشة؟

وهل فقط الملازمة الثلاثية (فواعل الفعل المسرحي الثلاثة) الأداة وصاحبها (اللغة ومُبدعها اللغوي) الممثل (حامل الأداة) المتلقي (مُؤوّل الأداة) في مدهوش اللغة؛ تبلغ مداها بمصنوع يختلف عن اللغة المسرحية العادية؟

يقدم الأستاذ محمد بويش، إبداعا فيه من الرونق المسرحي ما يؤدي إلى صدق الفعل اللغوي حيث تجد ”المدهوشية” حيزا لها حين يمتزج بصورة الحركة الركحية ويرتبط بالفعل الجمعي للمصنوع الركحي، ويقترن بالفعل التمثيلي ويلازم الأفعال السينوغرافية وينضم إلى فعل الجو الخاص والعام للإبداع المسرحي. فمدهوش اللغة لا ينتمي قط إلى لغة الحوار الكلاسيكي العادي ”المبتذل” بقدر ما يُنمي صورة اللغة المنطوقة أو الجسدية أو الحركية. وبمفهوم أدق: تصنع ”مدهوشية” اللغة صورة أخرى تضاف إلى صور أفعال الرؤية البصرية، فتصير اللغة كلاما مرئيا أكثر منه منطوقا أو مسموعا. ها – هنا تصبح اللغة فعلا مرئيا قائما على الأيقونة والإيماءة والإشارة

فبنائية اللغة ليست اللغة الأدبية السردية بل ليست حتى تلك اللغة الحوارية العادية، وإنما لغة المكونات الجسدية والأشكال الحركية التي تستمد من اللغة فقط المدهش منها والمصور فعلا البادي للعيان ككلمة في شكل صورة. ومجموع الكلمات المدهشة تعطي مجموعة صور مرئية لا تشبه اللغة الكلامية إلا في مفردات لها وجود صور من خلال حوار صور ولو كان من خلال كلام. شرط أن يكون هذا الكلام في شكل رسم أو بيان أو أَيْقُونَة أو بِنْيَة أو حَال أو خَيَال. المهم أن تكون اللغة كلمة على منوال رسم أو مَرْأًى أو مَظْهَر أو مَلْمَح. فالكلمات توجد ولكن بدهشة تأثر في مثلث الوجد المسرحي فعل اللغة وممثل اللغة ومتلقي صورة اللغة.

فمدهوشية اللغة ترتكز ارتكازا واضحا على إيقاع الفعل المسرحي أي على إيقاع العرض في نتاجه الأخير.

يتبع ….