مقالات ودراسات

الناقد حمه سوار عزيز يكتب: كيف نفهم مسرح أنس عبدالصمد؟


المسرح نيوز ـ القاهرة: مقالات ودراسات

ـ

حمه سوار عزيز ـ العراق

 

إن مسرح أنس عبدالصمد مسرح من نوع خاص، يخص أنس وحده، مسرح مثير للإختلاف و الجدل الدائم، أهم ما يميز هذا المسرح هو الوعي و الادراك لفعل التأسيس الذي لايشبه أي مسرح أخر، هو لاينتمي الى الثيمات و الاشكال المسرحية الموجودة في المسرح العراقي و العربي،

 

و هو ليس إمتداد لأي تصور جمالي مسبق و منظور سابقا، سواء كانت مسرح العبث و القسوة و الصورة و الفقير، وحتى ما يعرف بمسرح مابعد الدرما أو الحداثة، هذا المسرح (إن صح أن نسميه مسرح أو لانسميه) يمكن أن يكون خلطة من كل هذه المسارح و أو لايكون، هو مسرح متمرد يؤسس خطابه على المقاطعة الكلية و الجذرية مع ما قبله و يبدأ من الصفر و ينمو من رحم الفراغ و المجهول،

 

لذا أي تنظير لمسرحه داخل سياق الاشكال المسرحية المألوفة أو المتوقعة، سيكون تنظير قاصر أو حتى خاطئ، أنس كصانع العرض، أعاد صياغة العلاقات الأساسية التي تدخل كأنساق داخل سياق العرض المسرحي، العلاقة بين المؤدي و الفكرة ليست علاقة تكاملية أو تطابقية، الممثل لايقدم فكرة معينة، الممثل هو الفكرة و نقيضها في نفس الوقت، الفضاء غير معني بتأسيس حاضنة للمكان، الفضاء فرضية قادرة على إسقاط نسق المكان و الزمان في العرض،

إن التلقي ليست عملية إنسيابية بين الطرف و الاخر، ليست هناك عملية التواصل التقليدي أو التضاد، العرض يبحث عن سحق المتلقي ذهنيا و التمرد على ثقافته التقليدية في التلقي، لذا يحصره في زاوية ضيقة و مخيفة في ظاهره، يحاصره مجموعة من الانساق السائلة لم يعرفها سابقا، سيجد نفسه خارج السياق التقليدي و داخل بؤرة من الحيرة و اللامعنى، لن يستطيع الخروج منها إلا عندما يصبح جزء من هذا النسق المدمر و البناء في نفس الوقت،

حتى العرض لايحتمل كونه فرضية فكرية و جمالية بالنسبة للمتلقي، بل هو إنفجار ذهني لايحتمل التأويل و التجسيد، فهو فكرة متمردة على المعنى و اللامعنى معا. لذا أعتقد أن مسرح أنس عبدالصمد مسرح لايشبه أي مسرح أخر، حتى لو لم يرتقي عرضه الاخير و لم يتطور بشكل الذي كنا ننتظره من حيث الصدمة الذهنية و التمرد على التمرد، إلا إنه مسرح واعي يبحث عن إعادة صياغة الفرضية الفكرية و الفلسفية و الجمالية للفن المسرحي، مغامرة واعية و عقلانية ولكن دون البحث عن هدف معين أو نتيجة معينة يصبوا اليها،

إنها  مغامرة من أجل عيش روح المغامرة و التحدي و التمرد على الانساق الكونية للوجود الانساني و علاقاته المتشابهة. في النهاية أي محاولة لفهم مسرح أنس عبدالصمد، هي محاولة بائسة و غير مجدية، لإنها مسرح بعيدة عن صياغات الفهم التقليدي و اللاتقليدي، هذا المسرح محاولة لسحبك كمتلقي الى مساحات لم تألفها مسبقا و لن تتشابك معها مستقبلا في أي تجربة مسرحية أخرى، مسرح تعيشه دون محاولة الفهم و صناعة المعنى، ف

 

هو مسرح لايمكن تتبعه و السيطرة علية، أو اتباع مسيرته و سياقاته، لذا حاول أن تدخل الى التجربة و لاتحاول يائسها فهمها و تفكيكها، لأن أي تفكيك منطقي قد يأتي بنتائج غير منطقية. ملاحظة: هذا الرأي لا علاقة له بما حدث من إفرازات و ردود أفعال سواء كانت متعلقة بلجنة الحكم أو الاراء التي طرحت في الجلسات النقدية، فكل رأي يحترم حسب سياقه و منظوره و مرجعيته و أنا لست هنا لكي أناقش أي من هذه الاراء بل أحترمها كخيار أصحابها و منظورهم الجمالي للعمل المسرحي


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock