مسابقات ومهرجانات
الناقد والإعلامي علي باقر يكتب عن الحالة المسرحية البحرينية “نصف ساعة حلم ” التي أبهرت المشاهدين في سلطنة عمان.
المسرح نيوز ـ البحرين ـ خاص
ـ.
كتب – علي باقر . البحرين
عضو مسرح الريف
– المسرحية فكرية في مهرجان متنوع للمعاقين خليجيا.
– المهرجان يبعث في نفوس المعاقين الشعور بالمساواة وعدم التفرقة على أساس الإعاقة
في مساء يوم الثلاثاء ٢٩ ديسمبر ٢٠١٥ و بالتحديد في تمام السابعة و النصف على خشبة مسرح الكلية التقنية العليا بالخوير في مسقط العاصمة العمانية حيث قدم فنانو المركز البحريني للحراك الدولي لذوي الإعاقة و جمعية الصداقة للمكفوفين بثبات مسرحيتهم ” نصف ساعة حلم ” تأليف و إخراج جاسم أحمد طلاق في اليوم الثالث من إنطلاق المهرجان المسرحي للأشخاص ذوي الإعاقة لدول مجلس التعاون الخليجي الرابع الذي تقيمه وزارات التنمية في كل دول مجلس التعاون الخليجي على أرض سلطنة عمان الزاهرة بالمحبة و الكرم و الطيب و الحكمة من الفترة ٢٧ إلى الثاني من يناير ٢٠١٦
المسرحية حملت حلمهم أيضا في التسابق مع فناني مجلس التعاون من ذوي الإعاقة أيضا لما لهذا المحتفل الفني من إصرار في إثبات الذات و الإندماج مع المجتمعات و الإسهام في دفع عجلة التقدم و الإزدهار و رفض التهميش بسبب الإعاقة و لعل من ثوابت هذا المهرجان أن يكون هدفه الدعوة لتحقيق هذا الحلم الذي بات مهما و ملحا و ضروريا تجسيده إلى واقع في مجتمعاتنا الخليجية.
وقد وقف ثلاثة من ذوي الإعاقة البصرية و معهم مصطفى القرمزي من مملكة البحرين يستعرضون حلمهم فنيا حيث استغرق نصف ساعة حلم على الخشبة مجسدين أحداث العرض المسرحي الجميل فهم يعيشون في منطقة واحدة أو مكان واحد بل تحت سقف واحد ، وتجمعهم كل الأمور الحياتية والمعيشة اليومية إلا أنهم يختلفون في جزئية واحدة
فقط ، فينشب الصراع بينهم وتدور الأحداث على تلك الجزئية في
نصهم المسرحي ” نصف ساعة حلم ” حتى يخرج الثلاثة بصورة مغايرة بعيدا عن الشخصيات التي يتعايشها الجمهور معهم أثناء العرض المسرحي .. لتفتح أفق المشاهد .. من هي جوهر الصراع بينهم ؟! فلربما هي ! .. أو هي ! أو ربما هي .. تلك هي التساؤلات التي قد تقرأ من أحدث العرض .. من هنا نستقرأ حبنا و حاجتنا لتحقيق حلم يجمعنا وهو المتجسد في ذواتنا جميعا .
هذه المسرحية التي أخذت الجانب الفكري تعد نمطا متنوعا في هذا المهرجان. جسد العرض تمثيلا الفنانون محمد صالح الحمري ، و وليد بشير ، ومصطفى القرمزي ، وبمشاركة عازف الكمان الرائع الفنان علي العلوي ، والفنان سالم الجارح في المؤثرات الموسيقية ، والفنان وليد الدوسري في متابعة التدريبات والإنتاج ، وأشرف على التدريبات الأستاذتين فاتن كمال ، وشريفة المالكي.
و حول العرض المسرحي ووقعه على الجمهور أفاد الفنان محمد يوسف شهاب المعالج الدرامي بأنه كان جميلا والصاله خيم عليها الصمت طيلة العرض الذي اتسم التميز فالفتية الأربعة اتصفوا بروعة في أدائهم و اشتغالهم بشخصياتهم فقد ملكواالخشبه بإيقاع متماسك جميل الذي أعجب به الجمهور.
أما الفنان العماني زكريا الزدجالي مدير الجلسة النقدية لهذا العرض ذكر أنه رأى عرضا متميزا مغايرا عن النص المكتوب على الورق و أعجب منهم و لكنه أشاد بالممثل الفنان وليد بشير الذي أبهر المتلقي بإحساسه المتدفق و روحه المرحة و هذا يدل على عمق استيعابه للشخصية تجسيدا.
و حسب ما ذكرت جريدة الوطن العمانية في عددها الصادر يوم الأربعاء ٣٠ ديسمبر ٢٠١٥ الموافق ١٨ ربيع الأول ١٤٣٧هجرية أن مملكة البحرين أبهرت أمس بعرضها ” نصف ساعة حلم ” الحضور على خشبة مسرح الكلية التقنية العليا بالخوير دون أن تتوغل في تفاصيل الإبهار.
أما مؤلف ومخرج مسرحية جاسم طلاق تحدث عن هذه المشاركة قائلا إنَّ فكرة هذا النص مطروحة على جمعية الصداقة للمكفوفين بمملكة البحرين، وتمت الموافقة عليها.وعندما أكملنا النص وشاركنا به ضمن مهرجان مسرح الرِّيف ، فارتأينا تقديمها ضمن هذا المهرجان الخليجي عندما سنحت لنا الفرصة .
و عن الممثلين فيها ذكر أننا يمكن أن نطلق على هؤلاء الممثلين طاقات من وراء الستار، وهي طاقات جبارة جدا ومشوقة للعمل معها، و أكد أنه سعيد بالعمل مع المجموعة مبيننا أن هؤلاء الممثلين يطمحون لأن يبنوا أنفسهم كفنانين و يجتهدون مثابرين لحمل هذه الرسالة من الداخل للخارج ليقدموا انطباعا مغايرا للأفكار السائدة التي تقول بأن المعوق غير منتج .. فعلى الصعيد الشخصي لم تواجهني أية صعوبة مع الممثلين وهم من المكفوفين، فقد تمكنوا من حفظ النَّص المسرحي خلال خمسة أيام، على عكس الأشخاص السليمين الذين عادة يستغرقون أكثر من هذا الوقت للحفظ.
و عن المسيرة الفنية للمركز البحريني للحراك الدولي و هذه الفرقة التي قدمت هذا العرض
تحدثت الأستاذة فاتن كمال خبيرة في لغة الإشارة ورئيسة الوفد البحريني في هذا المهرجان : إنها تواجدت في الثلاث نسخ السابقة للمهرجان حيث كانت البحرين حاضرة فيها وفازت بجوائز متنوعه منها فوزها في العروض المسرحية و الإخراج والسينوغرافيا. و حول تنظيم المهرجان وأشادت بالتنظيم و الاستعدادات لهذا المهرجان حيث تتوفر كافة التجهيزات التي تسهل الحصول على النتيجة المرجوة من هذا المهرجان كتوفير ترجمة لذوي الإعاقة البصرية والسمعية، وأكدت أن المهرجان المسرحي الخليجي للأشخاص ذوي الإعاقة في تطور تصاعدي واضح منذ انطلاقته وإلى الآن، حيث تتسم العروض المسرحية بدمج أكثر من إعاقة خلال العرض، كما أن أفكار العروض المسرحية باتت مختلفة لا تتعلق بتاتا باحتياجات المعاقين أو صعوباتهم بل تناقش قضايا اجتماعية وسياسية عامة.
و حول الهدف من إقامة هذا المهرجان الخليجي للأشخاص ذوي الإعاقة حسب ما صرحت به في جريدة العمانية في العدد الصادر يوم الأربعاء الموافق ٣٠ ديسمبر ٢٠١٥ ذكرت الفنانة الإماراتية عائشة عبدالرحمن عضو لجنة التحكيم بالمهرجان أن وجود مسرح ومهرجان مخصصا للأشخاص ذوي الإعاقة بحد ذاته نقطة تحسب للقائمين عليه وترفع من معنويات ذوي الإعاقة كثيرا، حيث يمكنهم ذلك من إبراز ما لديهم من إبداعات وطاقات، تبعث في نفوسهم الشعور بالمساواة وعدم التفرقة على أساس الإعاقة، و أوضحت أنها متحمسة جدا لمتابعة العروض التي ستقدم في المهرجان ومتفائلة مؤكدة أنها ستشهد و الجمهور إبداعا من نوع آخر.
وأضافت متساءلة إذا كان هناك منتج سيستثمر هؤلاء الأشخاص فهو بالتأكيد سيكون أمرا رائعا كأن يأتي شخص معوق يمثل واقعه فهو أفضل من أن تأتي أي ممثل آخر ليتقمص شخصية المعاق و يتناول قضيته، وفي آخر حديثها قالت إنها على يقين بأن سيأتي اليوم الذي ترى فيه هذه الفئات وهم يشاركون ضمن المهرجانات الأخرى، و تأمل الفنانة عائشة أن يتم اختيار أحد الأعمال المسرحية المشاركة بالمهرجان لتكون ضمن عروض مهرجانات أخرى عربية أو دولية غير مخصصة لذوي الإعاقة فقط، أو أن يتم إشراك الممثلين المشاركين ضمن مسرحيات أخرى ويتشاركون الأدوار مع الممثلين الآخرين من غير ذوي الإعاقة.
و حول الغاية من هذا المهرجان الذي يجمع المثقفين و الفنانين و المهتمين بالمسرح في هذه التظاهرة الاحتفائية بالمعاقين من أبناء الخليج ذكر الدكتور سعيد بن محمد السيابي عضو لجنة التحكيم إن المهرجان يعتبر فرصة لالتقاء العاملين في المسرح الخليجي و يشكل تقديرا لفئة الأشخاص ذوي الإعاقة و هذا بحد ذاته يشكل نجاحاً من خلال متابعة عروض مسرحية لست دول خليجية حيث أن من يؤدي شخصيات هذه العروض هم من الأشخاص ذوي الإعاقة يتفاعلون بأدوارهم جنبا إلى جنب مع ممثلين أسويا و هذا ما يدعونا إلى الفخر.
وعن أهمية وجود مسرح لذوي الإعاقة، قالت الفنانة العمانية شمعة محمد: من الرائع أن يكون لدينا مسرح، والأروع هو مشاركة ذوي الإعاقة لنا في المسرح . و قدمت الفنانة شكرها لبلدها سلطنة عمان على استضافتها لهذا المهرجان، كما شكرت كل من فكر وعمل على تنفيذ فكرة المهرجان المسرحي الخليجي لذوي الإعاقة . مؤكدة أن هذه الفئة تتصف بالإبداع .. و أوضحت أنها التقت في فترة سابقة بمجموعة من المبدعين في مجال المسرح بجمعية النور للمكفوفين، وشاهدت بعض أعمالهم المسرحية، وقد دُهشت بما لديهم من أعمال إبداعية ، و استطردت قائلة : ومن هنا تأتي أهمية وجود هذا المهرجان المسرحي، فهو يضيف كثيراً للساحة الفنية والثقافية بدول الخليج، و من خلاله سنتعرف على الممثلين المسرحيين من ذوي الإعاقة، وعلى قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية، وعلينا أن نستثمر هذه الطاقات في أعمالنا الدرامية، بأن نُشرك هؤلاء المبدعين في الأعمال المسرحية و الدرامية التلفزيونية.
عن تنشيط الحركة الفنية لدى الأشخاص ذوى الإعاقة من خلال إقامة المهرجانات الخليجية تحدث إدريس بن خميس النبهاني نائب رئيس فرقة مسرح الدِّن للثقافة والفن قائلا : مثل هذه المهرجانات بحد ذاتها عامل معزز ومغذ لثقافة النشاط المسرحي وتأكيد لنظرية بأن المسرح هو أبو الفنون وشامل لكل الفئات ويحق للجميع أن يكون حاضرا من خلال هذه الخشبة، وما نراه تأكيدا لهذا الحضور في مثل هذه المهرجانات المتخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، وأكبر دليل على أن هناك توجها عاما لدمج هذه الفئة في الثقافة الفنية في الإطار العام للدولة الثقافي والفني، ويحق لهم أن يكونوا حاضرين في جميع تفاصيل هذه الفنون سواء كانت في المسرح أو التلفزيون أو الإذاعة، حيث إن المسرح كونه أبو الفنون يحق لهم أن يكونوا حاضرين في مثل هذه الفعاليات، وإقامة مثل هذه المهرجانات فهو عامل معزز وراع أول للمواهب التي تستقرئ من خلالها المشاركين الذين هم من ذوي الإعاقة، وهم مبدعون يحق لهم أن يكونوا حاضرين بمثل هذا الإبداع في أعمالهم المسرحية، وهذه المهرجانات المسرحية فرصة لتقديم رؤية إبداعية.
———-