مقالات ودراسات
بالصور.. الناقد الجزائري الكبير علاوة وهبي يكتب: محمد شرشال.. ومسرح نحت الصورة
عن تجربتي محمد شرشال الأخيرتين
المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات
ـ
علاوة وهبي*
ناقد من الجزائر
حرصت الكتابات المعاصرة. بعد ان صارت بعيدة عن مسرح الحبكة او الموقف. علي ان تكون شاهدة علي العالم دون ان تكون ذات توجه تعليمي) ماري ايزابيل محمد شرشال الكاتب المخرج ( مواليد١٩٦٤) بولاية تيبازة المدينة التي بني فيها اول مسرح في الجزائر من طرف الملك يوبا الثاني .أحد الملوك الذين اولوا عناية للثقافة والمسرح الذي تعرف عليه في روما ايام دراسته بها فعمل علي نقله الي بلده وخصص له ما يلزم. وكان يستدعي اليه الفرق من اليونان وروما .تيبازة المدينة العريقة.
ومحمد شرشال هو إذن من احفاد يوبا أول من بني مسرح في الجزائر في مدينة شرشال الحاضرة التابعة لتيبازة ولا تزال هذه البناية المسرحية قاىمة وشاهدة علي عراقة المسرح فيها .
لا شك ان محمد شرشال قد تشرب حب المسرح من هذا الإرث في مدينته .وهو بالنسبة للحركة المسرحية في الجزائر من ابناء الجيل الثالث بعد جيل ما قبل الثورة التحريرية والجيل الثاني بعد الاستقلال .ومحمد ورفاقه من الجيل الذي ياتي بعدهما تخرج من مدرسة برج الكيفان فهو اذن من الذين درسوا المسرح دراسة اكاديمية كما يصطلح عليهم .جرب الكتابة والاخراج في الكثير من الاعمال كما ( اقتبس) من النصوص العالمية لكتاب مختلفين . مثقف وقارئ جيد ومجرب كذلك كما كتب السيناريو التلفزي.
ولشرشال رؤيته الفنية المسرحية التي قد تزعج البعض من رفاقه ولكنه وحسب معرفتي به لا يبالي بالامر بل يمضي في طريقه مثيرا الزوابع دون الخوف منها. مسرح محمد شرشال بدأ يعرف تحولا عما كان عليه من قبل وربما مرجع ذلك الي نضج رؤية محمد الفنية والي تاثره بالقراءات لاراء ونصوص كتاب اخرين خاصة منهم الكتاب الاروبيون ونلمس التحول الفني عند محمد بدءا من اشتغاله علي نص الكتاب الفرنسي يوجين يونسكو الخراتيت وقد اصبك عند محمد( الهايشة). وانتجه مع المسرح الوطني واحرز به جائزة النص. وبعدها دخل محمد في مرحلة سبات فني ربما كان سبات اعادة النظر في مساره والبحث عن الجديد الذي يمكنه ان يختلف فيه علي نفسه .
بعد مرخلة السبات أعلن محمد أنه يشتغل علي نص جديد وأنه سيكون مغايرا لما سبق لما قدمه من أعمال .وفي سنة ٢٠١٧ يخرج نص محمد شرشال الجديد الي النور مع مسرح سكيكدة الجهوي بعنوان( ما بقات هدرة). وقد شارك به في مهرجان المسرح المحترف لنفس السنة.وهي السنة التي تشرفت فيها برئاسة لجنة التحكيم .
وأحرز به محمد ومسرح سكيكدة جائزة احسن عرض متكامل .وفعلا كان العرض جديد في كل شيئ بحيث ابتعد عن الترهل اللغوي والاستطرادات التي كانت تميز وربما مازالت تميز اغلب النصوص التي تكتب في البلاد العربية .قلت ابتعد محمد فيه عن ذلك .ساعيا لتحقيق المتعتين المطلوبتين في العرض المسرحي ١ متعة الاذن ٢ متعة العين . بالاعتماد علي ما يعرف براس مال الممثل وهو ١الجسم ٢ الصوت الجسم جسم المثل بكل ما يملكه وما يمكن أن يعطيه.والصوت بكل طباقاته وتلويناته .والاختصار في الكلام والابتعاد عن كل زائد لا يخدم النص
كذلك اللجوء الي الصورة الفنية الشاعرية ..متعة العين وقد لمسنا ذلك وامتعنا به واستحق ما ناله عنه .. وبعد سنتي يعود محمد بعرض اخر قد لا يختلف كثيرا عن عرض ما بقات هدرة وهو عرض جي لي اس من انتاج المسرح الوطني وقد لجأ محمد الي وسائل فنية عديدة مثل استخدام الفن السينمائ وفن الدمي .وهو في هذا الاخير قد يلتقي مع المسرحي البولندي تادوز كانتور الذي يعمل في هذا الاتجاه والذي لا يلعب ( النص المسرحي فيه دورا اكثر من غيره. بل العكس تجد العل في هذا النوع من السرح ينصب علي المرئ ( فالنص فيه لا يمثل شيئا يجب تفسيره بل النص المكتوب فيه مثل غيره من الادوات المستخدمة) كما نجد ان محمد في هذين العملين يقترب اكثر من تجارب بيتر بروك وخاصة في عمله منطق الطير الماخوذ عن كتاب العطار وغيره من تجارب بروك كذلك أصبح يقترب اكثر من غروتوفسكي في تدريباته التي تسبق العرض وكتاب اخرين من المعاصرين في الغرب.
واصبحت الصورة تحتل مكانة مميزة عند شرشال وكانه ينحتفي لوحة فنية تزينها الاوان الجميلة كما هو الامر فيما عرف بمسرح الصورة والذي ينسبهزالكثير الي العراقي صلاح قصب الذي كان له فضل نقل تجارب مسرح الصورة الي البلاد العربية. شرشال اذن اصبح في اعماله الاخيرة شديد القرب من هذه التجارب التي لا شك تعد اضافة جديدة ليس للحركة المسرحية في الجزائر فقط بل يمكن القول في البلاد العربية وقد نشد مثيلات لها في الاتي من الشهور والسنوات.