حصريا.. الكاتب السوري أحمد اسماعيل اسماعيل يكتب: سلسلة “مملكة المسرح”.. (8)العرض المسرحي وأركانه.. “الممثل المسرحي قيثارة العرض”

المسرح نيوز ـ القاهرة| مسرح طفل

ـ

بقلم: الكاتب السوري أحمد اسماعيل اسماعيل

الممثل المسرحي

قيثارة العرض

عرض مسرحي بلا ممثل.. هل يمكن تخيله؟

الديكورات الجميلة والمتقنة الصنع، والإضاءات الباهرة والمختلفة الألوان، والموسيقا المعبرة.. وكل ما يوجد على مِنصَّة المسرح من أدوات وأغراض.. لا يمكن أن تكوِّن عرضاً مسرحياً من دونِ وجود الممثل ومشاركته، فهو وحده من يجسد الشخصية المسرحية التي هي العنصر الأساسي في النص، وذلك من خلال مجموعة من الأفعال والحركات المعبرة والجميلة والمقنعة.

ولا يقتصر التمثيل على الهواية والموهبة، لأن تجسيد الشخصية يحتاج من الممثل إلى معرفة طبيعة هذه الشخصية، وكلِّ ما يتعلق بها من سلوكيات وعادات وعلاقات.. ومن ثم يحتاج إلى أسلوب إظهار ذلك على المسرح بالشكل الفني المناسب، الأمر الذي يحتاج إلى المعرفة والدراسة والتدريبات المتواصلة لجسد الممثل وصوته بالدرجة الأساس، لأن التمثيل؛ إما أن يكون بالجسد كما هو الحال في المسرح الإيمائي، أو بالصوت كما في عروض مسرح العرائس والتمثيلية الإذاعية، أو بالجسد والصوت معاً كما هو الحال في المسرح والتلفزيون والسينما. إضافة إلى أنماط تمثيلية أخرى مثل: التمثيل الموسيقي المتمثل في الأوبرا والأوبريت، والتمثيل في خيال الظل، والتمثيل الفردي (المونودراما).. الخ.

يبدأ عمل الممثل قبل العرض بدراسة المسرحية المراد تقديمها، وكشف مقولتها، ومن ثم يدرُسُ الشخصية التي سيؤديها في العرض دراسة دقيقة، تتبعها عملية البحث عن أفضل الوسائل والطرائق لتجسيدها والتعبير عنها: إلقاء وحركة، فمعرفة الممثل لدوافع الشخصية وأهدافها يسهل عليه نطق الكلمات والتحدث بأسلوب يعبر عن هذه الدوافع، ورسم الحركة المناسبة، فلكل دافع

حركة معينة تدل عليه في سلوك الشخصية، ففي العرض المسرحي الذي تكون فيه الحركة منسجمة مع باقي عناصر العرض من ديكور وموسيقى وإضاءة وحتى أزياء، لا معنى لوجود حركة بلا سبب مقنع.

وللتمثيل تاريخ طويل وعريق نشأ مع نشوء فن المسرح في اليونان القديمة، ويذكر لنا التاريخ أن (تسبيس) هو أول ممثل في التاريخ، وإن لم يكن الممثل الوحيد في اليونان القديمة. ومنذ ذلك التاريخ عرف هذا الفن أكثر من طريقة ومذهب في تجسيد وأداء الممثل لدوره، ولكل طريقة أصول وأساليب وقواعد خاصة بها، ومن أشهر هذه الطرائق حديثاً: طريقة الاندماج ورائدها الفنان الروسي ستانسلافسكي، وطريقة التغريب ورائدها الكاتب والمخرج الألماني برتولت بريخت.

وإذا علمنا أن معرفة الممثل لا تقتصر على أصول أو تاريخ أو أعلام فن المسرح فقط، بل تشمل معارف أخرى كثيرة مثل علم النفس والأنواع الأدبية والفنية العديدة، فإن التدريب أيضاً لا يقتصر على الجسد والصوت على الرغم من أنهما الأداة الرئيسية للممثل، مثل آلة العازف، وريشة الرسام، وأزميل النحات، فللخيال والذاكرة والسمع والعيون نصيب غير قليل في عملية إعداد الممثل من الناحية المهنية أو الحرفية التي تجعلُهُ قادراً على أداء الدور على مِنصّةِ المسرح بشكل صحيح.

غير أن المعرفة والتدريب وحدهما لا يجعلان من الممثل فناناً، لأن الفن أخلاق نبيلة، وخير وتضحية وصدق وتعاون، وكما يقول أحد الفنانين الكبار:

 لا يمكن أن يكون الإنسان سيئاً وممثلاً كبيراً في الوقت نفسه.

يتبع