مقالات ودراسات
د. أيمن حماد يكتب: علي الراعي ومنهجية الدراسة الأدبية والنقدية
المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات
ـ
د. أيمن حماد
في الفترة من عام ٢٠٠٠- ٢٠٠٦، أتيح لي -بتوفيق من الله- قراءة معظم مؤلفات الناقد الكبير د.علي الراعي- يرحمه الله – بحكم إعداد رسالة الماجستير في أثناء تلك الفترة عن “تأثير التراث الشعبي في بناء المسرحية النثرية (١٩٥٢-١٩٦٧)” ، والتي ستصدر في كتاب عن مكان مرموق قريبا.
وكان شغفي كبيرا حينما بدأت باقتناء أعمال الدكتور الراعي، بداية من كتب: الكوميديا المرتجلة في المسرح المصري، وفنون الكوميديا من خيال الظل إلى نجيب الريحاني، وشخصية المحتال في القصة والرواية والمسرحية، وكلها صادرة عن سلسلة كتاب الهلال في عصرها الذهبي، وقد صدرت مجتمعة بطبعة جديدة منذ عقد من الزمان في سفر كبير بعنوان مسرح الشعب، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة فيما بعد واقتنيتها أيضا، وكعادتي، حال إعجابي بعلم عظيم من أعلام الفكر بعامة، وأعلام الدرس الأدبي والنقدي بخاصة، أخذت أنقب للحصول على باقي مؤلفات د.الراعي، فعثرت على كتابه “فن المسرحية”، الصادر عن سلسلة كتب للجميع التي كانت تطبع بمؤسسة دار التحرير في العام ١٩٥٩(دار الجمهورية للصحافة التي أعمل بها حاليا)،
وكتاب مسرح برنارد شو، وهو في الأصل أطروحته للدكتوراه، بإشراف البروفيسور ألارديس نيكول صاحب موسوعة المسرح العالمي، والتي يؤرخ فيها لتاريخ المسرح منذ بذوره الأولى وحتى العصر الحديث، وقد صدرت ترجمتها العربية على يد المترجم المرموق الراحل د.شوقي السكري وآخرين، وهي ضمن مكتبتي أيضا، ثم أقتنيت بعد ذلك كتابه ” المسرح في الوطن العربي”، الصادر عن سلسلة عالم المعرفة بدولة الكويت، وحين شرعت في إعداد الدكتوراه وقعت على بقية مؤلفاته: دراسات في الرواية المصرية، الصادر عن لجنة التأليف والترجمة والنشر ، الرواية في الوطن العربي، والرواية في نهاية قرن، والصادران عن دار المستقبل العربي، وأخيرا كتابه عن القصة القصيرة، الصادر عن سلسلة كتاب الهلال.
والحقيقة أن علما مثل علي الراعي، يصعب تكراره، سواء على صعيد التأليف، أو التأثير الكبير في الإسهام في بناء صرح النقد العربي والثقافة بعامة، ففي الوقت الذي كانت تتوجه فيه جُل الدراسات صوب دراسة علاقة الادب بالواقع، والناحية الاجتماعية فحسب، فإن الباحث يلمس بجانب اهتمامه بتلك النواحي، أو ما يطلق عليه المنهج الاجتماعي الموضوعاتي، اهتمامه أيضا بالجانب الجمالي والتقني للعمل الأدبي المدروس، سواء كان مسرحية، أو رواية، أو قصة، فكان يولي البناء الفني للعمل أهمية كبيرة، من حيث الشخصية وتحولاتها، والزمان وأيضا المكان، وباستطاعة الدارس الرجوع لأعماله من مثل الكوميديا المرتجلة، وفنون الكوميديا، وشخصية المحتال، وكذلك كتابه دراسات في الرواية المصرية وحديثه عن كتاب حديث عيسى بن هشام لمحمد المويلحي، والذي رأى فيه رواية مكتملة الأركان بالمفهوم الفني للرواية الحديثة، في الوقت الذي رفض كثير من الدارسين إدراجه ضمن الفن الروائي، وكذلك حديثه عن رواية زينب لمحمد حسين هيكل.
كان الراعي مشتبكا مع النص، قراءة ومعايشة، رؤية مبنية على أسس منهجية، بغية الكشف عن جماليات النص، وبنياته، لغة وأسلوبا وشخصة ومؤلفا، وأستطيع القول، من دون مبالغة، إن ما أشار إليه هانس روبرت ياوس في جمالية التلقي، ولوسيان جولدمان وغيره في البنيوية التكوينية، وغيرها من مناهج الدراسة النقدية، نجدها مبثوثة في أعمال الراعي التطبيقية، على وجه الخصوص.