د. علي خليفة يكتب: صورة الطفل في مسرح السيد حافظ للطفل (١)
المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات
ـ
السيد حافظ غزير الإنتاج في كتاباته للطفل – إلى جانب كتاباته للكبار أيضا التي يغلب عليها المسرح والرواية – وأكثر كتاباته للطفل تتعلق بمسرح الطفل، وعلى الرغم من كثرة مسرحيات السيد حافظ التي كتبها للطفل فإن حضور الطفل بشخصه ليس كثيرا فيها، بل إن بعض مسرحياته التي كتبها للطفل الأنسب لها أن توجه للكبار – كمسرحية أولاد جحا، ومسرحية علي بابا – وذلك ليس فقط لأن كل الشخصيات فيها من الكبار، ولكن أيضا لآن القضايا التي تعبر عنها يكون من الأنسب أن تعرض للكبار، وليس للأطفال من خلال مسرح الطفل.
والسبب الأساسي الذي جعل شخصية الطفل يقل حضورها في مسرح السيد حافظ للطفل هو أن أكثر مسرحيات السيد حافظ للطفل مستوحاة من حكايات وقصص شعبية أبطالها من الكبار، كما نرى هذا في مسرحية عنترة – التي استلهم المؤلف أحداثها من السيرة الشعبية لعنترة – ومسرحية أبو زيد الهلالي – التي استلهم المؤلف أحداثها من السيرة الهلالية – ومسرحية قميص السعادة – التي استلهم المؤلف أحداثها من حكاية قميص السعادة الشعبية – والأمر كذلك في استلهام السيد حافظ كثيرا من مسرحياته التي كتبها للطفل من حكايات وقصص شعبية عربية وعالمية، مثل: مسرحية سندريلا، ومسرحية سندريلا والأمير، ومسرحية علي بابا، ومسرحية حمدان ومشمشة، ومسرحية أحلام بابا نويل.
ولا شك أن السيد حافظ يبث في تلك المسرحيات – التي يستلهمها من حكايات وقصص شعبية – كثيرا من القيم التربوية والسلوكية للطفل، كما أنه يحرص في هذه المسرحيات على أن تكون ممتعة للطفل، ومثيرة له عند تلقيه إياها بالقراءة أو بالمشاهدة.
ومن الملاحظ أن المسرحيات التي كتبها السيد حافظ للطفل، وحضر فيها الطفل بشخصه كانت معالجة قضايا الطفل المعاصرة واضحة فيها عن تلك المسرحيات التي لم يكن للطفل حضور فيها، وكان المؤلف يستلهم فيها حكايات وقصص شعبية.
وسيتضح هذا ونحن نعرض المسرحيات التي كتبها السيد حافظ، وكان الطفل حاضرا فيها بشخصه.
(٢)
وقد عبر السيد حافظ في المسرحيات التي كان الطفل حاضرا بشخصه فيها عن بعض مشاكل الطفل في عصرنا، ومن ذلك مشكلة إهمال بعض الآباء والأمهات تربية أطفالهم؛ لانشغالهم بأمورهم الخاصة، وترك تربية هؤلاء الأطفال لبعض الخدم، ويظهر لنا السيد حافظ هؤلاء الخدم مقصرين هم أيضا في رعاية هؤلاء الأطفال؛ مما قد يتسبب في حدوث بعض المتاعب – وأحيانا الكوارث – لهؤلاء الأطفال، كما نرى هذا في مسرحية ننوسة والعجوز، ففي هذه المسرحية ينشغل والدا الطفلة ننوسة عنها بأمورهما الخاصة، كما أن الخادمة تهمل في رعايتها.
ويحدث في ليلة عاصفة أن تشاهد ننوسة وحدها فيلما مرعبا، وتشعر بشدة الخوف، وتخرج خارج البيت خائفة، وتسير في الطريق الذي أمامها، وهي تشعر بالخوف والوحدة، وترى فيلا أمامها، فتدخلها، وتتعرف على صاحبها المسن عم كمال، وتأنس به ويأنس بها، تشاركه في الاحتفال بعيد ميلاده، وتقوم خلال وجودها في فيلته بتعريفه بما يدبر له قريبان له سمعت حوارهما في بيته دون تعمد منها، ويشكر عّم كمال ننوسة على حرصها عليه، ويتمكن بعد جهد من الاتصال بوالديها؛ ليأتوا ويأخذوها، ويعرفهما عم كمال حين حضورها لفيلته بأهمية رعاية ابنتهما ننوسة، كما يطلب إليهما أن يزوراه، مع ننوسة كل جمعة ليأنس بننوسة، ولتعلمه القراءة والكتابة.
وكذلك نرى السيد حافظ في مسرحية فستق وبندق يعيد الطرق على هذه القضية، فينبه الآباء والأمهات فيها للاهتمام بأطفالهم، وعدم تركهم وحدهم أو مع الخامات، كذلك ينبههم فيها لعدم الكذب على أطفالهم؛ حتى لا يقتدي أولادهم بهم في ذلك السلوك السيئ.
(٣)
ونرى السيد حافظ في بعض مسرحياته التي كان للطفل حضور فيها بشخصه يعبر عن بعض أحلامه، كما نرى هذا في مسرحية سندس التي نرى فيها الطفلة سندس تحلم بتحرير بيتها – الذي يرمز للأرض المحتلة – وهي تحاول بكل جهدها أن تسترد هذا البيت من سارة وأمها اللتين احتلتاه منها، وصارت هي كأنها غريبة فيه.
ولا تجد سندس من يساعدها، لعودة بيتها إليها؛ فتقوم بكسر الإيهام في هذه المسرحية، وتطلب إلى الجمهور الموجود في الصالة أن يقدم لها المساعدة؛ لتحقيق حلمها في عودة بيتها إليها.
أيضا نرى السيد حافظ في مسرحية أحلام بابا نويل يقدم لنا المغني المتجول فينو وهو متنكر في ملابس بابا نويل يحقق للأطفال – في مدينة مكسيم من خلال ثروة حصل عليها بطريق الصدفة – أحلامهم، ولا يكتفي بذلك، بل إنه يدعو الأطفال في هذه المدينة لكي يكونوا مثله محبين لعمل الخير، وأن يقدموه لمن يحتاجوه، دون أن يعرفوا من قدموه إليه بأنفسهم.
(٤)
ونرى في مسرحية سفروتة في الغابة المؤلف يهتم بذكر قدرات الطفل الكبيرة التي قد يغفل البعض عنها أو لا يهتم بها، ففي هذه المسرحية تشارك الطفلة سفروتة أخاها عبد الجبار في صيد بعض الحيوانات في إحدى الغابات، وينقذها أخوها من ثعلب غادر لم يكافئها على إخراجها له من القفص الذي حبس فيه، ولكنه أراد بعد ذلك أكلها، ولولا تدخل أخيها عبد الجبار وإنقاذه لها لأكلها هذا الثعلب الغادر.
وترد سفروتة لأخيها معروفه لها بأن تنفذه هي أيضا من حفرة وقع فيها، وكان قد حفرها لصيد بعض الحيوانات في هذه الغابة.
(٥)
وهكذا رأينا أن المسرحيات التي كان للأطفال حضور فيها بأشخاصهم في بعض مسرحيات السيد حافظ بأنه عرض فيها بعض مشاكل هؤلاء الأطفال وأحلامهم، وأشار أيضا في بعضها إلى قدراتهم الكبيرة.
وقد كان دور الأطفال أساسيا ومؤثرا في هذه المسرحيات، كما رأينا من عرضنا لها.
وأخيرا فإنني آمل أن يكثر كاتبا الكبير السيد حافظ – وغيره من كتاب مسرح الطفل – من كتابة المسرحيات التي يكون الطفل حاضرا فيها بشخصه؛ لتتم فيها معالجة مشاكله واهتماماته ولتعبر عن قدراته وأحلامه.