“ذاكرة قصيرة” .. عرض مسرحي تونسي قائم علي ” اللعب الحر” ويستثي “الروح الطفولية”
المسرح نيوز ـ القاهرة| متابعات
ـ
قال وحيد العجمي مخرج العرض التونسي ” ذاكرة قصيرة ” الذي يعرض غدا ضمن عروض المهرجان العربي للمسرح أن تجميع فريق العرض لم يخضع للعشوائية أو الارتجالية،بل تم وفقا لمحدد اساسي مهم وهو وحدة الثقافة والتلاقي في الافكار والهموم والتوجهات، والتلاقي في أكثر من مجال، وعليه تم التاليف والإعداد والإنتاج حتى تقديم العرض في نسق جماعي متكامل .
وأضاف العجمي في المؤتمر الصحفي للعرض اليوم الجمعة11 يناير في قائمة المؤتمرات بفندق جراند نايل تارور، والذي حضره من فريق العرض الممثلة لبنى نعمان، والممثل ربيع إبراهيم،إنه لا يفصل في عمله بين أدوارالمؤلف والمعد والدراماتورج وأنه وفقا للصيغة غير الكلاسيكية التي يعمل بها فإن هذه الأدوار غير قابلة للفصل،
وشدد المخرج التونسي على أن عملية التأليف هي عملية مستمرة ، على خلاف الطريقة الكلاسيكية التي يمكن الفصل فيها بين التأليف والعناصر المسرحية الأخرى، مشيرا إلى أنه يقوم بتوزيع النص أو بالأحرى تخليق النص من خلال الممثلين وما يتوصلون إليه خلال الحوار والمناقشة ، مؤكدا أن الممثل هو العمود الفقري الحي للعملية المسرحية ، وحين يعطى الفرصة ليعبر عن نفسه في العرض فإنه يجعل المسرح عملية حية .
وأضاف أن الممثل لا يمكن إلغاؤه، لأنه حامل نبرة العرض، وأن المسرح – لذلك – يختلف عن أو وسيط إبداعي آخر ، فهو ليس الرواية، ولا الشعر ولا اي نشاط آخر يقوم على التأليف الفردي، وإن ما يميز المسرح هو جماعيته،
وأكد أن الكتابة الجماعية بديهية في المسرح وليست قرارا، منوها إلى أن الممثل لديه وجهة نظر ورؤية وحياة شخصية وقابلية لأشياء مختلفة وقدرات متعددة ، ولا بد أن يتيح العرض الفرصة لكي يتواجد هذا الممثل بشكل متكامل .
و قالت الممثلة لبنى نعمان إحدى بطلات العرض أن أكثر ما تبحث عنه في العروض التي تشارك بها هو المتعة، والتي تتحقق لديها عبر استثارة الروح الطفولية التي تعيد من خلالها اكتشاف ذاتها ، من خلال منطق اللعب ، مشيرة إلى أن ذلك ما حققه اشتراكها في العرض ، وما أتاحه مخرجه لجميع المشاركين فيه.
وأشارت لبنى إلى أنها قدمت الكثير من الأدوار من قبل ولكنها لم تشعر بالمتعة التي شعرت بها في عرض ذاكرة قصيرة ، وأرجعت ذلك إلى تحكم الفكر الأحادي والديكتاتورية التي يفرضها بعض المخرجين ، وتنفيذهم رؤاهم بصرامة دون السماح لفريق العمل بأن يحضر بما لديه من أفكار وتجارب .
وأضافت أنها تحب أن تلعب مع الشخصية، تضيف إليها وتحذف، وأن تقترح، تحب وتكره، وأن منطق اللعب الجماعي وحده هو الكفيل بتحقيق ذلك.
وشددت لبنى على أن المسرح قائم على اللعب الحر، فإلى جانب المهام الدقيقة فهناك أيضا المتعة واللعب الذي من شأنه اكتشاف طفولتنا وإعادتها لنا، ومن خلالها فإن الممثل يلعب بكل شيء.
وأكدت ممثلة ذاكرة قصيرة إن الرتجال الذي يمارس في العرض ليس عشوائيا ولا مطلقا ،وليس مقيدا أيضا ، إنما هو خاضع فقط للمناقشة الجماعية حول كل تفصيلة ، ومن الضروري الاتفاق حول الرؤية الجمالية في النهائية.
الأمر نفسه هو ما ذهب إليه ربيع إبراهيم أحد ممثلي العرض، حيث قال إن الرهان كان قائما في الأساس على إنتاج عملية مسرحية وليس إنتاج مسرحية فحسب، وهو ما حتم وجعل من الضروري اختيار مسار معين، والاتفاق على مجموعة من الأسئلة منها مثلا : ماذا نريد أن نقدم وكيف؟
وأضاف: الفريق اتفق أولا على ضرورة الخروج عن الموروثات، والخروج عن ذواتنا نفسها وأرواحنا المسبقة وبناء طرق مختلفة لرؤية الحياة.
وتابع: تم تحديد اختياراتنا أولا، ومن ثم اختيار المجموعة المؤمنة بهذا الخيار، والمحدد الأهم هو وحدة الذائقة، طرق التفكير، ووحدة الرهان.
وأشار ممثل عرض ذاكرة قصيرة إلى أنه انضم إلى الفريق الأساسي متأخرا ولكنه لم يشعر لحظة بذلك، حيث كان حاضرا في كل تفاصيل العرض مسبقا وجزءا من تكوينه.
وردا على سؤال عن وجهة النظر التي طرحها فريق العرض واعتبارها وجهة نظر متمردة رد وحيد العجمي مخرج العرض بأنه لا يعتبر أن ما يقوم به تمردا ، إنما يمكن تسميته تواصلا، وإنه يؤمن بالتواصل ، وهي فكرة اجتماعية طبيعية ، مشيرا إلى أنه يؤمن بتجاوز الماضي بموروثاته ، ويؤمن بكسره وتحطيمه والبناء من خارجه ، وهو ما يعتبره أمرا طبيعيا والطريقة المهمة للتقدم ، مشيرا إلى أن التاريخ مشكوك فيه وإن احترام التاريخ هو كسر الماضي ، والتقدم باتجاه التاريخ الذي تريده.
وفي مداخلته أشار الكاتب والمخرج غنام غنام إلى أن من الظواهر التي اصبحت عادية في تونس التمرد على فكرة النص الجاهز ن واستبدال به العمل الجماعي، والسعي نحو ما اسماه بالدراماتورجية المتكاملة التي تتيح لكل عنصر مشارك في العرض أن يقدم ما لديه ، ثم يأت دور الدراماتورج العام ، ليقوم ببلورة ما تم التوصل إليه ،
وأكد غنام على أن هذه الظاهرة أصبحت سمة مستقرة للمسرح التونسي ، لذلك فإن النصوص المؤلفة والموضوعة على ورق سابق التجهيز تعاني بشدة في الآونة الأخيرة في المسرح التونسي، وإنهم ينمون بدلا منها نصوصا مهمة جدا يتم تأليفها أو صياغتها على الخشبة،
وفي نهاية المؤتمر أشارت لبنى نعمان إلى أن مخرج العرض حول الممثلين إلى متفرجين يراقب بعضهم بعضا على الخشبة، وهو ما يفيد في زيادة التركيز على الأداء وتبادل الخبرات، لذلك فالممثلين لا يخرجون من خشبة المسرح إنما يبقون ، من يؤدي ومن لا يؤدي ، ومن خلال ذلك أيضا يمكن إعادة كتابة المشاهد .
فيما أضاف ربيع إبراهيم إلى أن مخرج العرض أوجد أيضا ما اسماه بالممثل المواطن ، أي الممثل الذي لا ينفصل عن حمولاته الاجتماعية .