إصدارات

صدور الكتاب التوثيقي لـمهرجان الكويت الدولي للمونودراما.. (الدورتين الأولى والثانية 2014 – 2015م)


المسرح نيوز ـ القاهرة ـ إسلام نور

ـ

 صدر مؤخرا .. الكتاب التوثيقي لـمهرجان الكويت الدولي للمونودراما (الدورتين الأولى والثانية 2014 – 2015م) من إعــــداد دكتور محمود سعيد وهو أكاديمي – ناقد مسرحي – عضو اتحاد كتاب مصر والذي يقول عن مضمون الكتاب:

انطلقنا في هذا الكتاب من تساؤل ضروري حول ضرورة التوثيق أو هل للتوثيق ضرورة وجاءت الإجابة جلية في شتى أركان الحياة فمن منا لا يعتمد على توثيق كل شيء في حياته “شهادات الميلاد – وثيقة الزواج – شهادات التخرج – حتى شهادات الوفاة يتم توثيقها لكن الموثق في هذه الحالة هو شخص آخر غير الموثق له” وبناء على هذه الفرضية كانت الانطلاقة الأولى حيث مرحلة التفكير في توثيق الدورتين الأولى والثانية من مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، ليس توثيقاً بغرض التفاخر بقدر ماهو نوعاً من تساؤل النفس في أي مرحلة نقف وإلى أي مرحلة تتقدم خطواتنا، نحن يا سادة نحاول أن نسجل اللحظة الماضية والآنية سعياً وراء لحظة سعيدة في المستقبل؛؛؛

فلسفة المونودراما

اتخذت المسرحية بوصفها نمطاً من أنماط الفنون والآداب أشكالاً فنية مختلفة بما يتناسب وطبيعة المضمون والجوهر الفكري الذي تتبناه المسرحية، في كل مرحلة من مراحل تطور الأدب المسرحي، منذ زمن الإغريق وحتى ظهور التيارات والاتجاهات المسرحية الحديثة في القرن العشرين.

“وإذا كان الأدب المسرحي قد عرف في مراحله التأسيسية شكلين من أشكال الدراما وهما (التراجيديا) و(الكوميديا) واللتين عكستا حاجة فنية ونفسية وفكرية محددة للمواطن الإغريقي في تلك المرحلة، وبما يتناسب مع طبيعة المجتمع الأثيني ومع الفلسفات الدينية السائدة آنذاك، نقول إذا كانت الدراما قد اقتصرت على شكل الدراما التقليديين في مرحلة الريادة المسرحية والدرامية عند الإغريق (التراجيديا، والكوميديا)”.

فإن التطور الاجتماعي والحضاري اللاحق للمجتمعات التي أخذت عن الإغريق الفنون الدرامية، قد أفرز حاجة إلى ظهور أشكال فنية تحمل معالجات جدية على صعيدي الشكل والمضمون، لتبتعد عن أحادية الشكل وأحادية المضمون الذي طغى على (التراجيديا الخالصة) التي اقتصرت على المأساة المركزة النقية، وعلى (الكوميديا الخالصة) التي اعتمدت ملهاة نقية من كل شائبة، فكان أن ظهرت (الميلودراما) التي اعتمدت الصراع المباشر والواضح بين الخير المطلق والشر المطلق، مثلما عكست رغبة الجمهور في مراحل معينة في حسم هذا الصراع الأزلي لمصلحة الطرف الخير، لتحقيق نوع من العدالة – التي ربما يفتقدها الجمهور على أرض الواقع.

ومع حلول القرن العشرين، وبفعل التطور الحضاري والعلمي والاجتماعي، وظهور النظريات الحديثة في ميدان علم الاجتماع وعلم النفس، فقدت الميلودراما تأثيرها الفني والنفسي السابق، مثلما فقدت الكثير من المذاهب المسرحية – كالرومانسية مثلاً – اهتمام وحماس الجمهور والكتّاب، فتميز الأدب المسرحي بالجمع بين المعالجة التراجيدية والكوميدية في الوقت نفسه، لتعكس طبيعة الظواهر الاجتماعية والثقافية وطبيعة الحياة اليومية التي بات الفصل فيها صعباً بين ماهو مأساوي وملهاوي، فظهرت المسرحية (التراجيكوميك) التي جمعت بين المعالجة الجادة والتناول الساخر في مزيج درامي مركب يعكس ازدواجية حياتنا اليومية في جمعها بين الجد والهزل، وفي طبيعتها الاغترابية الناجمة عن تعقيد الحالة السيكولوجية للإنسان المعاصر والمحاصر بالأزمات والضغوطات.

لقد عبر النتاج الإنساني الفكري والفني دوما عن حاجات الإنسان النفسية والإنسانية، وعن طبيعة حياته الاجتماعية والسيكولوجية وعلاقته ببيئته ومحيطه وأزمات عصره.

“وفي العصر الحديث صار الاغتراب سمة جوهرية للإنسان المعاصر، فكان أن عكس شعوره بالاغتراب من خلال نتاجه الفكري والفني والعلمي، وقد انعكس ذلك جلياً في ميدان الدراما والأدب المسرحي الذي شهد ظهور اتجاهات ومذاهب درامية ومسرحية تعبر عن غربة الإنسان المعاصر في عصر الأيديولوجيات والحروب والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والحضارية، فجاء بريخت بدراماه الملحمية ليجعل من فلسفة الاغتراب تقنية درامية ومسرحية، نقل فيها فعل الاغتراب من الشخصية الدرامية إلى المتفرج من خلال ما أسماه بـ(التغريب) Alienation، وبذلك يكون بريخت قد حول فلسفة الاغتراب إلى تقنية مسرحية ملائمة، وقرن المضمون بالشكل المقترح (الملحمي)”

وهكذا يبحث الاغتراب عن شكل فني يحتويه ويقدمه في جوهره منسجماً معه ومتداخلاً به، فكان مسرح العبث الذي ظهر في أوائل الخمسينيات، وقدم لنا مسرحيات قصيرة من شخصيتين وعدداً من المسرحيات من شخصية واحدة، كما عند بيكيت ويونسكو وآخرين. وبذلك فإن الاغتراب بوصفه فلسفة واتجاهاً فكرياً ونفسياً، قاد نفسه نحو الصوت الواحد والشخصية الواحدة (المستوحدة)، سعياً للمطابقة بين الشكل الدرامي والمضامين الإنسانية والفكرية الاغترابية التي سادت وتسيدت العصر الحديث.

ونتيجة لمجمل العوامل النفسية والفلسفية والتأثيرات الفنية التي أسهمت في بلورة الشكل المونودرامي والتمهيد لمرحلة تأسيسية متقدمة له، كان الظهور الطبيعي لـ (المونودراما) شكلاً درامياً عصرياً، رغم وجود جذور تاريخية له تمتد في عمق تاريخ الدراما والفن المسرحي.

وفي الفصول التالية من الكتاب الثاني والثالث، بدأ الباحث في توثيق الدورتين الأولى والثانية 2014- 2015م، توثيقاً كاملاً من خلال رصد الرؤى النقدية والثقافية لضيوف المهرجان ولأعلام المسرح الكويتي والعربي مع رصد للشهادات الفنية لبعض القامات المسرحية العربية، وأيضاً قمنا بتقديم رؤية نقدية للعروض المسرحية المشاركة.

د. محمود سعيد

ـ


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock