وجوه مسرحية
كارزمة النجومية الشاملة.. الفنان العراقي محمود أبو العباس أنموذجا
المسرح نيوز ـ القاهرة| وجوه مسرحية
ـ
بقلم – عدي المختار
كاتب ومخرج عراقي مايميز المبدع الحقيقي عن غيره مقومات تبدأ بالوعي ولا تنتهي عند حدود المسؤولية الابداعية بل تتخطاها الى حيث الخلود في ذاكرة المتفرج العراقي والعربي كايقونة فذة الايقاع والمعنى , وهذا تحديدا ماميز اجيال عديدة من الفنانيين العراقيين لازالت تحتفظ بهم ذاكرة الابداع كمبدعين عضويين لا تنتهي ابداعاتهم او تهدأ او تستكين بل هم في حالة ابداعية متجددة الاستمرار .
الفنان البصري الكبير محمود ابو العباس واحد من ابناء هذا الجيل العصي على الافول او النسيان في ذاكرة العراقيين والعرب , فنان خبرته المعاناة وصهرته التجربة وتفرد كظاهرة فنية فريدة المعنى والابداع , مايميز هذا الفنان انه موهوب حد اللعنة , ومهووس في اتقان الشخصيات التي تسند له, منتمي للابداع الحقيقي حد النخاع , يعرف جيدا مايريد, قادر وباريحية ان يستحوذ على اهتمام ومشاهدة المتفرج العراقي والعربي سواء دراميا او مسرحيا , فهو يثبت لك من دور لاخر في اي عمل فني انه يمتلك تقنيات الممثل المحترف الذي يقرأ الشخصية جيدا ويعيش تفاصيلها ويفكك معالمها بحرفية عالية , اثبت وبجدارة انه فنان تعب على نفسه كثيرا , من تتبع المسيرة الحياتية والابداعية له يعرف كيف صنع هذا المبدع نفسه دون ان يسوق له احد بل موهبتة الفخمة كانت جواز سفره للاخر .
ولد ابو العباس في 27 مايو من عام 1956 في أحد الأحياء الشعبية بمحافظة البصرة جنوب العراق ، وحسب قوله في احد اللقاءات المتلفزة ان بواكير تعلقه بالعمل المسرحي كانت حينما قرر ان يقدم اعمالا مسرحية في بيته وجمهوره هم ابناء الجيران , أنهى دراسته الابتدائية والثانوية في البصرة ودفعه حبه للتمثيل للانتقال إلى العاصمة بغداد والالتحاق بكلية الفنون الجميلة قسم المسرح, ليصقل موهبته بالدراسة الأكاديمية فينال شهادة البكالوريوس بدرجة جيد جداً , ليتخرج الأول على مجموعته في الإخراج المسرحي., وبعد إنهائه للدراسات العليا عام 1982 تعين في دائرة السينما والمسرح ليعمل مع الفرقة القومية للتمثيل، كما عمل مدرسا لمادتي التمثيل والإخراج في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، إلى جانب عمله في قسم الدراما في التلفزيون العراقي. كتب ومثل وأخرج أكثر من ثلاثين عملا مسرحيا،
ومثل العديد من الاعمال الفنية في السينما والمسرح والتلفزيون .كما قدم خلالها العديد من الأعمال والمسلسلات التلفزيونية التي لازالت في ذاكرة العراقيين حتى الان , غادر العراق في عام 1998 بعد أن قدم مسرحية “يا طيور” تاليف واخراج الدكتورة عواطف نعيم والتي حملت مضامين فكرية مشاكسة في زمن النظام السابق وتعرض للمساءلة والاستجواب مما اضطرره للرحيل إلى الإمارات العربية المتحدة ليعمل هناك في مسرح الطفل وأسس العديد من الفرق المختصة بعروض الأطفال وبقي هناك لاكثر من عشرة أعوام هناك, وشغل منصب سكرتير تحرير مجلة (كواليس) المسرحية. شارك في العديد من المهرجانات المسرحية العربية والدولية ونال جوائز تقديرية كأفضل ممثل عراقي, وألـف مسرحيات للأطفال منها (ميراث القطط) و(نور والبئر المسحور)
وكان آخر أعماله المسرحية مسرحية (بقعة زيت) والتي شارك بها في مهرجان أيام عمان المسرحية، , والتي تتناول فيها معاناة المغتربين العراقيين بأسلوب كوميدي ساخر , كتب اكثر من نص مسرحي جسد على خشبات المسرح العربية, يعد احد ابز ابناء جيله في بناء منظومة فن المونودراما عراقيا وعربيا. عرفه العراقيين في مسلسل ذئاب الليل تأليف صباح عطوان واخراج حسن حسني وتحديدا في شخصية ( ستار كوسج ) الشخصية الاشهر التي بقيت في ذاكرة العراقيين ,
عاد مؤخرا الى العراق 2019 ليشارك في مسلسل الفندق تأليف حامد المالكي واخراج حسن حسني ايضا , ومن ثم مسلسل احلام السنين تأليف شوقي كريم حسن واخراج علي ابو سيف وايضا مسلسل يسكن قلبي تأليف باسل الشبيب واخراج اكرم كامل . ان المتتبع لمسيرة الرجل الابداعية يكتشف ان ابو العباس كان في كل مرة يتفوق على العمل نفسه بمايتميز به من كارزمة نجومية واداء ساحر , هو العارف بهموم شعبه ومعاناتهم فجسدها بحرفية عالية وباسلوب اخاذ , شموليته كنجم في التمثيل والكتابة والاخراج جعلت منه النجم الاشهر بين جيله ولازال يواصل نجاحاته حتى الان , محمود ابو العباس كارزمة نجومية لم تستغلها عجلة الدراما العراقية لتسويقه عربيا , وشخصيته المهنية تسمو على تسويق نفسه بالمجاملات العربية , بل بقي يراهن على احترافيته كبدع حقيقي لتجعل منه فنان عراقي عربي بامتياز .