مقالات ودراسات

كمال سلطان يكتب: جويا .. صرخة أنثوية صامتة ضد تسلط الرجل


كمال سلطان | ناقد مصري

ـ

على قاعة صﻻح جاهين بمسرح البالون ومن انتاج مسرح الغد ، يعرض حاليا العرض المسرحى الجديد “جويا” او “كراكيب السحارة” ويناقش العرض المشكﻻت والصعاب التى تواجهها المرأة المصرية والعربية بداية من مرحلة الطفولة وحتى وصولها إلى أعلى المناصب ، وذلك من خلال أربعة نساء من طبقات مختلفة تدفعهم الظروف للتواجد فى مكان واحد أشبه بإستراحة على الطريق تديرها إمرأة غريبة اﻷطوار وتحاول بشتى الطرق اليطرة على النساء اﻷربع وذلك من خلال المخدرات التى تضعها لهن فى مشروب القهوة .
وتستعرض كل منهن مشكلتها التى تعانى منها مع رجلها ، فهذه “أروى” التى تحلم بانجاب طفل ولايشغلها سوى هذا اﻷمر فيما تهمل بيتها وزوجها ، وتردد دائما بأن هذ اﻷمر هو الهدف الرئيسى من الزواج، كما نعلم من خﻻل حديثها ان لها طفل مات بعد وﻻدته لنكتشف فى النهاية ومن خلال مواجهتها مع زوجها “رامى” أنها عاقر لم ولن تنجب فى يوم من اﻷيام.
وهذه “إيناس” التى ترأس إحدى الشركات وتتعامل بمنتهى الجدية والحزم مع مرؤسيها من الرجال ، ولكنها من داخلها تحمل إعجابا ب “اسكندر” الذى يعلم ذلك جيدا ويحاول ايقاعها فى حبائله.
وتلك هى “نانيندا” التى تعلم بخيانات زوجها “منير” لها طوال الوقت وتتعجب كيف يستطيع أن يعاشر كل هؤلاء النساء ، فيما أنها لا تطيق حتى أنفاس رجل آخر وﻻ تنجذب إليه مهما كانت وسامته أو جاذبيته.
أما أصغرهن وهى “يمنى” الفتاة المسترجلة رغم جمالها والتى نعلم فيما بعد أن سبب ذلك العنف والعداء ضد الرجال سببه تعرضها للتحرش فى طفولتها من أقرباء لها ، والذى مازالت تعانى من آثاره النفسية حتى اليوم ، ومازالت تعانى أيضا من تحرشات الرجال فى كل مكان تذهب إليه مثل المواصﻻت العامة ، وهو مايجعلها ترفض تماما محاوﻻت “ماندو” فى التقرب إليها أو اﻻرتباط بها .
يمثل العرض صرخة مكتومة ضد اﻻنتهاكات التى تتعرض لها المرأة ، ومدى معاناتها الصامتة مما تواجهه من تحكمات وتسلط الرجل سواء أكانت مرتبطة به أم غير ذلك.
النص نتاج ورشة كتابة نسائية وصاغه بحرفية شديدة د. ياسر عﻻم وجاء معبرا تماما عن كافة المشاعر الانسانية التى تعترى المرأة.
أفضل مافعله المخرج الواعد هشام على هو أنه لم يعمد إلى اختيار نجم جماهيرى ليضمن به إيرادات الشباك ، وإنما جاء اختياره للفنانين المشاركين بالعرض وفق معاييره الخاصة والتى اعتمدت على مﻻئمة كل ممثل وممثلة لدوره بالعرض وتميز أدائهم جميعا بالطزاجة .. ان صح التعبير .. حتى المحترفون منهم مثل نجاح حسن ولبنى ونس ووليد أبو ستيت ومصطفى سليمان تشعر وانت تراهم أنهم مختلفون تماما عن أدوارهم السابقة.
جاءت موسيقى حاتم عزت معبرة تماما عما يدور فى أذهان العرض وأثات الكثير من التعاطف مع بطﻻت العرض.
الممثلون…
نجاح حسن .. عودتنا على الطابع الكوميدى فى أدوارها السابقة ، ولكنها فى هذا العرض تعلن بقوة عن نفسها كممثلة شاملة تستطيع تجسيد جميع اﻷدوار التى تسند إليها ويبدو أنها روح مسرح الغد او روح هشام على.
لبنى ونس .. عاشقة المسرح التى بادلها عشقا بعشق .. مبدعة كبيرة وعلى الرغم من قلة حوارها إﻻ أنها أبدعت فى مشاهدها الصامتة ويجدر اﻹشارة إلى أنها تشارك فى العرض متطوعة بديلة للغائبة الحاضرة .. عبير عادل شفاها الله رافضة أن يكتب اسمها فى الدعاية او تتقاضى أى مقابل بل أنها تتهرب من تحبة الجمهور .. تحية كبيرة لموقفها اﻻنسانى النبيل.
هند فتحى .. فنانة متميزة استطاعت اﻻمساك بخيوط شخصية إيناس والتعبير عنها ببراعة سواء فى مشاهد القوة والجدية أو فى مشاهد الحب والضعف .. وهى فنانة تهوى اﻹحتراف أظهرت من خﻻل العرض موهبتها التمثيلية والاستعراضية أيضا.
كاميليا صﻻح.. أدت دور أروى بتلقائية غريبة جعلتنا نتخيل أن ماتقدمه على خشبة المسرح ليس تمثيلا وإنما كأننا أمام مواقف انسانية طبيعية ، وأتمنى أن تظل محافظة على تلقائيتها وطبيعتها فى التمثيل فى جميع أعمالها القادمة.
تغريد عبد الرحمن .. لعبت دور يمنى بأستاذية تحسد عليها ومنحها وجهها الطفولى الفرصة للتعبير عن براءة الدور وشقاوته فى بعض اﻷحيان وهى ممثلة موهوبة ينتظرها مستقبل كبير.
ياسمين فرج .. مفاجأة العرض المذهلة كوميديانة من طراز فريد ، تمتلك موهبة متفردة وطاقة كوميدية يحتاجها المسرح وهى بالمناسبة دراماتورج وكاتبة أشعار العرض.
محمد عبد الرحيم، أحمد التركي، وليد أبو ستيت أدوا أدوارهم ببراعة واستطاع كل منهم التميز والتألق فى دوره رغم طابع العرض النسائى.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock