نصوص

مسرحية (زعامات) تأليف: محمد عبد الخضر الحسيناوي ـ العراق


المسرح نيوز ـ القاهرة: نصوص

ـ

مسرحية

زعامات

محمد عبد الخضر الحسيناوي

 

إهداء خاص

إلى الذين

لم يكتبوا يومًا بيانًا سياسيًا،

لكنهم كتبوا أسماءهم بدمائهم على جدران البيوت المهدّمة

إلى

أمٍ ظلّت تبحث بين الركام عن ضفيرتين صغيرتين،

وطفلٍ فقد ضحكته في درج مدرسته المقصوفة،

وشهيدٍ نام وحيدًا في كفنٍ بلا اسم

إلى غزة،

التي علمتنا أن نولد من جديد رغم الموت،

وأن نغني رغم الحصار،

وأن نرفع دمية محترقة كأنها راية وطن.

إلى فلسطين

كل فلسطين،

حيث تنكسر الكاميرات وتبقى الحقيقة حيّة في وجه الأطفال.

لكم وحدكم

هذه الصرخة المسرحية.

 

في عالمٍ تُدار فيه الحروب بريموتٍ مخفي، ويُوزَّع الموت كحصصٍ تموينية على الشعوب المنكوبة، تغدو الحقيقة عبئًا، ويصبح العدل “مؤتمرًا مؤجلًا” إلى أجلٍ غير مسمى.

هذه المسرحية، ليست بيانًا سياسيًا، ولا صرخة من بطن التاريخ، بل هي مجازٌ دامٍ لعصرٍ لم يعد يميّز بين القاتل والمذيع، ولا بين الجلاد والحكيم، عصرٌ يتواطأ فيه “الزعماء” على حساب من لم يبق لهم إلا الله… أطفالٌ، شيوخ، نساء…يُقصفون باسم الأمن، ويُداسون تحت أعلام حقوق الإنسان.

زعامات” هي سخرية سوداء من مشهد دولي عبثي، قاعة اجتماعات لا تناقش سوى لغة المصالح، مهرجانٌ للجبن والتواطؤ، فيه تتحول المقاومة إلى تهمة، والدم إلى صفقة، والطفولة إلى مشهدٍ عابر في نشرة الأخبار. أبطال هذه المسرحية ليسوا الزعماء، بل الطفل، والدمية المحترقة، والصوت الوحيد الذي لا يملك شيئًا… لكنه يقول كل شيء. كتبت هذا النص، لا لأجل خشبة مسرح… بل لأجل ضميرٍ يتهاوى في قاعة انتظار القرار.

زعامات” مسرحية تنتمي إلى مسرح العبث، وتتناول موضوعًا سياسيًا شديد الحساسية: الحرب على غزة، وما يرافقها من صمت عالمي، نفاق سياسي، وتواطؤ واضح من قِبل القوى الكبرى، في مقابل دماء الأبرياء الذين يُقتلون تحت صمت “القاعة العالمية”.
تدور المسرحية داخل قاعة اجتماعات دولية وهمية، تُمثل هيئة الأمم أو محفلًا أمميًا مزيّفًا، يجتمع فيه زعماء الأرض لـ”مناقشة” مأساة غزة، لكنهم يفشلون في الاتفاق على أي حل، لأن الحقيقة الوحيدة التي تسيّر الجلسة هي: العبث، الكذب، المصالح، والنفاق السياسي.

المؤلف

 

الشخصيات

  1. الزعيم: ممثل القوة المطلقة
  2. الوالي: يمثل القادة الأوروبيين، متذبذب
  3. سوزان: نائبة الوالي، امرأة لعوب، تخلط بين السياسة والإغواء،
  4. سعود: يمثل خونة العرب، خائف، متملق.
  5. روزان: تمثل الموقف الروسي، متأرجحة
  6. ممثل: يمثل “جامعة الدول العربية”، خاشع صامت،
  7. كوهين: ممثل الحكومة الإسرائيلية، وقح، ساخر
  8. طفل: ناجٍ من القصف،

ناشطون وناشطات من منظمات حقوق الإنسان،

 

المكان: قاعة اجتماعات كبرى، ديكورها فاخر، مليئة بالميكروفونات، شاشات تعرض “الإحصائيات”، رايات دولية، وطاولة دائرية ضخمة.

الزمان: الآن… في قلب جريمة مستمرة.

(إظلام تام، يُسمع صوت انفجار ضخم، يتبعه صراخ أطفال، صفارات إنذار، ثم صمت ثقيل…)

صوت طفل: (من خلف الستار، هامس، كأنّه آتٍ من قبر) هل يسمعني أحد؟ … لقد كنتُ ألعب بالكرة حين سقطت القذيفة… ماتت أمي، وأخي، وحلمي…

(ضوء باهت يسلّط على طفلٍ صغير يجلس أرضًا في ركن المسرح، ملطّخ بالتراب والدم، يضم دمية محترقة بين يديه. صامت تمامًا.)

(تتحول الإضاءة فجأة إلى بهجة مصطنعة، موسيقى كلاسيكية مرحة، يظهر الزعماء الواحد تلو الآخر كأنهم في عرض أزياء، يتثاءبون، يضحكون، ينفضون رماد الضحايا عن أكتافهم كغبار مزعج.)

الزعيم: (ينقر على الطاولة بملعقة ذهبية) أيها السادة المحترقون — أقصد المحترَمون… نبدأ جلسة اليوم تحت شعار: لا نسمح بالموت إلا بموافقة دولية.

(ضحكات ساخرة في القاعة)

الوالي: (يرتدي بدلة بريطانية ونظارات بلا عدسات) إنّ الوضع في غزة… مؤسف جدًا… ومثير للقلق… ومربك سياسيًا… وقد قررنا إصدار بيان مشترك نستنكر فيه الاستنكار.

سوزان: (تمضغ علكة وتلعب بخصل شعرها) مممم… غزة؟ أين تقع هذه؟ في الشرق؟ أم على الخريطة القديمة؟

سعود: (يرتدي عباءة فاخرة ونظارات سوداء) علينا النظر للأمور من زاوية “المصالح المشتركة”. نحن ضد العنف، طبعًا، لكن… دعونا لا ننسَ أن الغاز الطبيعي ينتظر تحت التراب.

روزان: (تُمسك سيجارًا، تتحدث ببطء) روسيا… لا تؤيد القصف… لكنها لا تعارضه كثيرًا أيضًا. نحن نراقب. ندرس. ننتظر.

ممثل: (واقف، يغمض عينيه، يهمس) اللهم اغفر لنا تقاعسنا… اللهم ثبتهم في الأرض… اللهم اجعل غزة آخر أحزاننا… آمين.

(ثم يجلس ساكتًا كأنه أدى دوره المسرحي الوحيد.)

(تدخل فرقة “حقوق الإنسان”، تحمل ملفات، لافتات، تصرخ بالحقائق، لا أحد يلتفت إليهم)

ناشطة: لدينا 1784 طفلًا قتيلًا خلال أسبوعين فقط!

كوهين: (يصفق) جميل. جميل جدًا. إحصائية دقيقة. نحن نهتم بالجودة. لسنا قتلة عشوائيين، نحن فنّانون في الإبادة.

(القاعة تصفق لكوهين، سوزان تلوّح له بقبلة، الزعيم يرفع كأسًا نخب القتلى)

الزعيم: (بهدوء قاتل) الحياة… لعبة. والغزاة… دائمًا يفوزون.

(الطفل ينهض، يتقدم إلى وسط المسرح، يواجه الجميع بصمت، يرفع يده اليمنى، مضرجة بالدم)

الطفل: (بهمس ينفجر في الوجدان) من سيلعب دوري حين أموت؟

(صمت. ثم تنهار الجدران. تتساقط أوراق الاتفاقيات. الشاشات تنطفئ. الموسيقى تتحول إلى عواء بشري. الجميع يختبئ تحت الطاولة)

الزعيم: (يضحك بجنون) انتهى الوقت… ننتقل للفقرة القادمة: مأساة الغد.

(إظلام. صوت قنبلة أخرى. صرخة جديدة. ثم… صمتٌ ثقيل)

(نفس القاعة، لكن تم تحويلها عبثيًا إلى “قاعة محكمة دولية”. الطاولة المستديرة أصبحت منصة قضاة مع أضواء باهتة تتأرجح بين الأحمر والرمادي ولحن كلاسيكي بطيء يُشبه أناشيد الجنائز).

(في المنتصف: الطفل مقيّد اليدين! القضاة: الزعيم، كوهين، الوالي، وسعود. الحضور: سوزان، روزان، الممثل، ناشطو “حقوق الإنسان”، الجمهور يصفق بناءً على إشارة خفية)

الزعيم: (يطرق بمطرقة عملاقة على رأس طاولة من الجماجم) نعلن افتتاح جلسة محاكمة الطفل الذي نجا… وسبّب لنا صداعًا عالميًا.

كوهين: (ضاحكًا) نجا من القصف؟! هذه خيانة واضحة للمنظومة العسكرية! (ينظر للطفل): هل تعلم كم كلفنا صاروخك؟!

الوالي: هذا الطفل يشوه صورة التوازن الدولي… من سمح له بالنجاة دون إذن مسبق من مجلس الأمن؟!

سعود: (بتردد) أنا فقط… كنت أظنه قد مات… أقسم أنني لم أوقّع على نجاته.

روزان: (تمسك نظارتها) نحن في روسيا… لسنا معكم ولا ضدكم… الطفل ليس مشكلة، المشكلة أنه بكى أمام الكاميرا.

سوزان: (بغنج) دموعه شوهت مكياج الدبلوماسية… هذا غير مقبول دوليًا.

الممثل: (واقفًا بخشوع) اللهم احفظ قاعاتنا، وامسح دموعه، وامنحه الصبر على العقوبة…

الزعيم: (صارخًا) كفى بكاءً يا ممثل! نحن في محكمة، لا في محراب!

الطفل: (بصوت هادئ مزلزل) هل موتي ضرورة؟ هل دمائي بطاقة عبور لمؤتمراتكم؟ هل دمي يُنعش حساباتكم البنكية؟ (صمت. ثم يهمس) أنتم لستم زعماء… أنتم تجار نعوش.

(تسود القاعة همهمات، قهقهات، تصفيق متردد. الناشطون يحاولون الحديث، لكن يُمنعون من الكلام بوضع أقنعة على وجوههم مكتوب عليها “حياد.)

الزعيم: (ببطء) بعد النظر في جرائم الطفل… قررنا ما يلي: يُمنع الطفل من البكاء دون إذن. تُصادر دميته المحترقة باعتبارها أداة تحريض. يُرسل إلى “مخيم تأهيل”… ليحب القتلة.

الطفل: (يبتسم ببراءة موجعة) حتى الموت… صار ممنوعًا؟

(تسقط أوراق المحكمة كأنها رماد. تبدأ شاشات القاعة ببث صور جثث الأطفال، دون تعليق. يقف الجميع مذهولًا… ثم فجأة يبدأون الرقص كأنهم في حفل استقبال.)

الزعيم: (يصفق) نحن نعيش زمن الإنسان القابل للتفاوض! من يعيش… يخضع. ومن يموت… يُكرّم في نشرة الأخبار.

(إظلام تدريجي… الطفل وحده يبقى تحت بقعة ضوء صغيرة، يغني بصوتٍ مكسور أغنية طفولية فلسطينية).

(القاعة نفسها، لكنها متصدعة، الجدران تميل، الطاولة تذوب كالشمع، الشاشات تنبض كقلوب مريضة مع بياض فوضوي كأن المسرح في حلم سريالي ونبض قلب الطفل).

(الطفل لا يتحرك. ما زال في بقعة الضوء. فجأة، الدمية المحترقة بين يديه تبدأ بالاهتزاز… ينبعث منها صوتٌ خافت. كأنها تتنفس!)

الدمية: (بصوت أنثوي/طفولي مشوّه) كفى صمتًا… كفى طاعةً… كفى لعبًا بلحمي.

(تهتز الأرض. ترتفع الدمية وتطير في الهواء، مشتعلة لكنها لا تحترق. تتحول إلى كيان رمزي – نصف دمية، نصف إنسان – يقود المشهد.)

الدمية: (تدور في الهواء، تصرخ) أنتم لا تحكمون العالم… أنتم تبيعونه بالتقسيط! أنتم لا تصنعون القرار… أنتم تنفذون رغبة القتل بثياب أنيقة!

(تسقط الزينة من الجدران، تنكسر الكراسي، المايكروفونات تُلجم أفواه الزعماء. تُحبس سوزان داخل مرآتها. يُعلق الوالي بين أعلام الدول. سعود يُغرقه البترول. كوهين يتكاثر ويتحول إلى آلاف النسخ، تذوب في بعضها كالسرطان.)

الطفل: (واقفًا، يفتح ذراعيه) أعيدوا لي أمي… أعيدوا لي صورتي… أعيدوا لي ذاتي قبل أن تمسحوها بأحبار مؤتمراتكم.

(تُضاء القاعة بالكامل، الناشطون يخلعون أقنعتهم. يواجهون الزعماء. لا سلاح، فقط نظرات. الزعماء يتراجعون واحدًا تلو الآخر، تتحول وجوههم إلى مرايا تعكس الجمهور.)

الممثل: (ممزق الثياب، يسجد في وسط القاعة) الحق… ضاع بين الركوع والتوقيع… الهيمنة وجهها مكشوف، والرضوخ صار عقيدة رسمية.

الدمية: (تحترق بالكامل، آخر صرخة) أنا الموت الذي فشلتم في اغتياله… أنا الضحية التي صارت رمزًا…

(الزمن ينهار. عقارب ساعة ضخمة تسقط من السقف، تُفتّت منصة الزعماء. الألوان تذوب، وتتحول الأرض إلى بحيرة دم.)

الطفل: (آخر من يبقى على المسرح، يقول جملته الأخيرة) حين تصبح الجريمة قانونًا… تصبح الطفولة تمردًا.

(إظلام كامل. صوت قصف. ثم صمت مطبق. تظهر عبارة بيضاء على شاشة سوداء:)

“في عالم تسيّره الزعامات… تصبح الحياة عرضًا مسرحيًا لجريمة بلا نهاية.”

(يصبح المكان ما يشبه القبو العميق أو خندق تحت الأرض، مجهّز بشاشات عملاقة تعرض صورًا من كل العالم: حروب، مجاعات، اجتماعات الزعماء، قصف، أطفال يبكون، أعلام، بيانات، وقود، تجارة سلاح، الإضاءة خافتة وخضراء، كأنك في غرفة تجسس)

(في وسط المسرح مجموعة من الكائنات الغريبة ترتدي أقنعة بلا وجوه، تتحرّك كأنها روبوتات أو عرائس خيطية. يسمّون أنفسهم: “المجلس الأعلى للعبث.)

(واحد منهم يتحدث، صوته معدني بارد، كأنه يخرج من داخل آلة عملاقة.)

العقل المدبّر: (بصوت ميكانيكي) نحن من يدير اللعبة. نحن من يحدد من يعيش… ومن يُمحى. الزعماء؟ مجرد موظفين. الضحايا؟ أرقام في دفتر الأرباح. فلسطين؟ ساحة اختبار.

(يظهر الزعماء الذين شاهدناهم في المشاهد السابقة، لكنهم الآن في حالة غيبوبة، يُشحنون بالكهرباء، تبرمجهم الشاشات، يُحقن سعود بالبترول، سوزان تُغسل بمساحيق الإعلام، الزعيم تُشحَن جمجمته بأوامر جديدة.)

عضو: (من المجلس يقرأ وثيقة ضخمة) المرحلة القادمة: زيادة نسبة الموت في الشرق الأوسط. إلهاء أوروبا بأزمات اقتصادية. تشتيت أمريكا بالمجتمع المدني. ترويج العدالة عبر منصات إلكترونية كاذبة.”

عضو آخر: (يضحك) هل رأيتم الطفل الذي نجا؟ لقد أفسد المعادلة… لننهيه في الموسم القادم!

(تظهر شاشة كبيرة تُعرض عليها صورة الطفل، وحده، في خرابة، يلعب بصمت.)

(فجأة… تسود القاعة موجة من التشويش، تنطفئ الشاشات، وتظهر على الجدران عبارة واحدة بلون الدم: “الحرية تبدأ حين تتوقف الطاعة.”)

(الكائنات/الجهات تبدأ بالذوبان، تتحول إلى دخان أسود يتسرب من المسرح، وتبقى الشاشة الأخيرة تقول):

من يحكم هذا العالم؟ من لا يُنتخب، لا يُرى، لا يُسأل لكنه يكتب نصّ حياتك.

(إظلام تام… ثم صوت الطفل، هامسًا من بعيد:)

حين أفهم من قتلني… أكون قد بدأت الحياة.”

(الإنارة تعاد تدريجيا، يصبح المكان ركام بيت مهدّم. الجدران مفتتة. لا سقف. لا شبابيك فقط بقايا حجارة وألعاب أطفال محترقة المسرح تحوّل إلى سيرك! سيرك دموي، فيه خيمة، مشاهد هزلية، طبل، مهرجون، وخناجر).

(مجموعة من الفلسطينيين، رجال، نساء، أطفال، يرتدون ملابس بالية ممزقة، وجوههم بيضاء مشوهة كالمهرجين، يرقصون وهم يعرجون، يغنون وهم ينزفون. الموسيقى: موال فلسطيني ممزوج بإيقاع مهرجاني مشوّه.)

مُعلّق السيرك: (يصرخ في ميكروفون مكسور)

مرحبًا بكم أيها السيّاح الكرام!

مرحبًا بكم في سيرك فلسطين الكبير!

هنا… تشاهدون أعظم عروض البقاء تحت القصف!

هنا… نعيش كل ليلة فقرة من ينجو هذا الأسبوع؟!

تفضّلوا… خذوا صورًا معنا… نحن نحب أن نبتسم ونحن نُدفن.

(تدخل “أم الشهيد”، تبيع الخبز على عربانة من بقايا صاروخ، تغني بصوت رخيم)

أم الشهيد: (بسخرية جارحة) خمسة أولاد… صاروا نجوم على الراية… والسادس؟ منتظر الدور ببطولة العالم في النزف.

(طفل صغير يحمل طائرة من الورق، ملوّنة بأعلام الدول المتآمرة، يقول بفرح مصطنع)

الطفل: (يتحدث باللهجة الفلسطينية) أنا طيّار… بس لازم أطيح عالأرض كل مرة، علشان يعطوني فرصة بالحل السلمي القادم.

(شاب يحمل صورة أخيه الشهيد، يُقدّم عرضًا ساخرًا)

الشاب: (اللهجة الفلسطينية) جثته اتأخرت يومين… كانت في الزحمة مع باقي الجثث، ما لحّقنا نحجز موعد في “مشرحة العدالة الدولية”.

(جوقة أطفال تغني بصوتٍ مشوّه، كأنهم روبوتات معطّلة)

نحن الجيل اللي وُلِد وسط الحصار

نرضع البارود… وننام في الأنقاض

نضحك لما نصاب… ونحتفل بالشهادة

لأن الحياة… صارت مزحة سوداوية

(يظهر كوهين، وسوزان، والزعيم، في زيّ جمهور السيرك، يصفقون بحرارة، يلقون بالمال، يأخذون صورًا سيلفي، يضحكون بينما القصف في الخلفية مستمر)

الزعيم: (بسخرية) مهرجان ممتاز! دم طازج، وألم أصلي… والأهم: لا مقاومة تُفسد العرض.

(تُقصف الخيمة فجأة. ينهار كل شيء. لكن الفلسطينيين ينهضون… يجمعون الركام… يضعونه فوق رؤوسهم… ويرقصون مجددًا.)

المعلّق: (وهو يحترق ببطء) العرض مستمر… طالما العالم يصفّق… والقاتل يرعى المهرجان.

(إظلام تدريجي. تبقى فقط دمية محترقة على المسرح، تُحرّكها الريح، تصدر ضحكة قصيرة… ثم صمت.)

عبارة على الشاشة:

في فلسطين… حتى الموت صار استعراضًا والنجاة مزحة لا تحدث مرتين.”

(ستار النهاية)

محمد عبد الخضر الحسيناوي


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock