مسرحيون مصريون يرصدون.. دور المسرح فى مكافحة الفساد، وزيادة وعى الجمهور
المسرح نيوز ـ القاهرة| أخبار
ـ
تحقيق: كمال سلطان
يتميز الفن المسرحى بأنه الوسيلة الأسرع وصولاً للمتلقى، والأكثر تأثيراً عليه، ولا يكاد يخلو أى عمل مسرحى من وجود رسائل إنسانية هامة، تحث على قيّم الخير والحب والجمال، وتنبذ كافة أشكال الشر والكراهية .
وبالتزامن مع احتفالات العالم باليوم العالمى لمكافحة الفساد والذى يجئ فى التاسع من شهر ديسمبر، بعد إقراره من الأمم المتحدة عام ٢٠٠٥ ، نرصد لكم من خلال آراء عدد من مبدعى المسرح إلى أى مدى نجحت العروض المسرحية فى التصدي لظاهرة لفساد بجميع أشكاله المختلفة، وما هى أبرز المعوقات التى تحول بينهم وبين التعبير عن تلك الموضوعات، وما هى نسبة تأثير ذلك على المتلقى وزيادة وعيه تجاه تلك القضية الشائكة .
د. عايدة علام: نأمل أن يكون للعروض الجديدة تأثير إيجابي لزيادة وعي الجمهور ودفعه لتغيير سلوكياته للأفضل
كانت البداية مع الدكتورة عايدة علام التى طرحنا عليها تلك التساؤلات فأجابت قائلة: اذا اعتبرنا سوء التربية داخل الأسرة وهى نواة للمجتمع الكبير فساد-للأسف- للأبناء فإن أفضل عمل نموذجي تم تقديمه مؤخراً ويتصدى لهذه المشكلة هو عرض “استدعاء ولي أمر” من إخراج زياد هاني كمال وأيضا عرض “ليلة القتلة” من إخراج صبحي يوسف .. وهناك أيضا عرض (الرجل الذي أكله الورق) لفرقة “جروتسيك” من إخراج محمد الحضري كنموذج لغياب تحقيق العدل في المجتمع وفساد الضمير مما يؤدي إلى ضياع واهدار حقوق الطبقة العاملة الكادحة .
وهناك أيضاًعرض “بنت القمر” تأليف وإخراج محمد السوري والذى يكشف بقوة تأثير الميديا على العلاقات الأسرية بوجه خاص والانسانية بوجه عام وتشويهها وافسادها .
اعتقد ان تلك العروض التي ذكرتها كنماذج وطرحها من خلال الدراما قضايا اجتماعية تمس كل مواطن نجحت في جذب الجمهور لمشاهدتها ونأمل أن يكون لها تأثير إيجابي لزيادة وعي الجمهور ودفعه لتغيير سلوكياته ونمط تفكيره للأفضل، فالمسرح بحكم انه فن للحياة فهو مؤثر قوي على بناء الشخصية ولذا ينبغي الاهتمام باختيار النصوص الدرامية القوية للكتاب المعروفين أمثال يسري الجندي وأبوالعلا السلاموني وسعد الدين وهبة وألفريد فرج ومحمود دياب ونجيب سرور وغيرهم سواء التي سبق تقديمها من قبل ومحاولة إعادة قراءتها من منظور آخر أو من خلال تشجيع الكُتاب المبدعين من الشباب الواعد .
واختتمت قائلة: أتمنى أن يهتم البيت الفني بتخصيص يوم يتم فيهإ قامة ندوة بعد العرض لإحداث تفاعل ما بين الجمهور وفريق العمل المسرحي ككل .
أكرم مصطفى: الدور التنويري الذى يلعبه المسرح أهم عامل لمقاومة الفساد
ويقول المخرج أكرم مصطفى:المسرح طوال الوقت له دور توعوي وهناك نماذج مسرحية يكون التوجه الخاص بها واضح أنه توجها إرشاديأ و تعليمي مثل المسرح الكنسي والمسرح المدرسي وتوجه مخرجي الثقافة الجماهيرية لهذا النوع من المسرح، وهذا يتم فى الأقاليم البعيدة، لكن ذلك لا يعنى أن تلك النوعيات من العروض تقاوم الفساد على الأقل لا يتم ذلك بشكل مباشر، وبصفة عامةأ نا أرى أن الدور التنويري الذى يلعبه المسرح أهم كثيراً في مقاومة الفساد في مُطلقه سواء كان فسادا اجتماعياً بمعنى التعرض لقيم فيها عنصريه مثلاً ومحاولة خلخلة جذورها أو طرحا اشكاليات لها علاقه بفهم ما أسهم في تدني القدرات العامة للمجتمع دون أن نطرح حلولاً، وكأنها معادلة كيميائية وهكذا .
ويضيف أكرم مصطفى: لاشك أن الرقابة قد أصبحت عائقاً كبيراً وسوراً من المستحيل تجاوزه في موضوعات وقضايا بعينها يمنع الرقيب الاقتراب منها على الإطلاق، واظن ان رفع سقف الحرية في تناول المواضيع المسكوت عنها اجتماعياً وسياسياً وفي كل جوانب حياتنا سيجعل المسرح أقرب بكثير للناس وسيصبح هناك إمكانية فعلية لمقاومة كل ماهو فاسد فى المجتمع .
عبد الرحيم كمال: ليس مطلوبا من المسرح أن يقاوم الفساد، فمجرد مشاهدته تحصين ضد الإرهاب والفساد
ويقول الكاتب عبد الرحيم كمال: المسرح فن عظيم، وأرى أن الجمهور المصري عاشق للمسرح، بدليل إقباله الشديدعلى كل العروض، حتى تلك النصوص العالمية المترجمة، ووجود المسرح في حد ذاته شيئ ايجابي جداً، حتى المسرح التجاري .
والشباب الذى يذهب لمشاهدة العروض المسرحية هو في النهاية شباب مُحصن ضد الإرهاب والفساد، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يعود فيه المسرح بكثافته وقيمته كما كان قبل ٤٠ سنة وأكثر .
ويؤكد كمال: ليس المطلوب من المسرح أن يكافح الفساد، ولكن المطلوب أنيكون موجود كفن فرجة عظيم بجانبيه الجماهيري والتجاري والجاد التنويري .
ياسمين فراج: تطوير التعليم ورفع سقف الحرية هما السبيل الوحيد لمكافحة الفساد
وتقول الدكتورة ياسمين فراج: فى البداية يجب علينا تعريف الفساد، وهو كل خروج عن المنظومة القانونية الموضوعة فى كل الدساتيرالملزمة للمؤسسات والمجتمع، الأمر الثانى بعد تعريف الفساد هو أنه لا يوجد دولة فى العالم لأ يوجد بها فساد ولكن بنسب متفاوتة، وللأسف أن نسبة الفساد فى مصر عالية جداً، على مستوى التجار والمؤسساتوكل شيئ، والمسرح لأ يستطيع وحده أن يلعب دورا فى مواجهة الفساد، فيجب أن يتقبل المجتمع نوعية العروض التى تسهم فى تعديل سلوكه، كما يجب أن يكون التعليم جيدا حتى نستطيع تقديم عروض مسرحية تحارب الفساد، كما يجب أن يكون سقف الحرية مرتفعا حتى يستطيع المؤلف أن يكتب بحرية ومن المفترض أن يتم إلغاء الرقابة على التفاحة نستطيع مواجهة الفساد وتعرية المجتمع وكشف سلبياته، وكما طالب مثقفون من قبل أن يقتصر دور الرقابة على تحديد سن المتلقى للعمل الفنىوهذا لم يحدث، وهناك عروض تم إغلاقها بسبب تأويل خاطئ رغم إقبال الجمهور عليها، مثل عرض “المعجنة” تأليف د. سامح مهران، وإخراج أحمد رجبوهو عرض كان يُعرى شريحة معينة من المجتمع، وتعرض للعديد من القضاياالمجتمعية وتم أغلاقه بعد أقل من شهر واحد من عرضه، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر .
وتضيف ياسمين: كما قلت سابقاً يجب أن يمنح المبدع قدراً أكبر من الحرية حتى يستطيع التعبير عن الفساد فى مختلف فئات المجتمع، وقبل ذلك يجب أن يتم الاهتمام بالتعليم، ولا أقصد التعليم الجامعى، وإنما التعلم والثقافة، وهذا ما نفتقدهولذلك فليس لدينا متلقى واع، ولكن لدينا متلقى يحب نوعية واحدة من العروض أو نسبة كبيرة من الجمهور، لذا فيجب أن يكون هناك تعليم جيد حتى نحصل على متلق واع.
ورداً عن مدى تأثير العروض المسرحية التى قدمت مؤخراً فى زيادة وعى المتلقى، قالت: كم عرضاً جاداً يناقش أوضاعنا الاجتماعية خلال السنوات العشر الأخيرة .. اثنان أو ثلاثة على الأكثر، وأغلب العروض اتجهت للتراث، مثل “زقاق المدق”، “ياسين وبهية” وغيرهاومن أجل مواجهة الفساد يجب تقديم عروض تناسب مجتمعاتنا فى الوقت الحالى، وهناك من يتجه للنصوص الأجنبية مثل “الحب فى زمن الكوليرا” الذى حصد الكثير من الجوائز خلال الدورة الأخيرة من المهرجان القومى وعفوا فى ذلك أنا لا أرى فى هذا العرض ما يستحق أن ينال جائزة فالنص لا علاقة له بالمجتمع المصرى، فلماذا نعود قرونا للوراء، ولماذا أصبحنا سلفيي التفكير حتى فى الفن، وأعتقد انتى أفهم جيداً فأنا ناقدة، ومثلت ووضعت موسيقى للمسرح، فكيف لنا أن نقدم عروضاً من أزمان مختلفة، ونحارب من خلالها الفساد دون حتى أن نقدمها برؤية جديدة، وهو ما شاهدناه فى عرض “هاملت بالمقلوب” .
وتختتم ياسمين فراج حديثها: مقترحاتي لحل تلك الاشكاليات، هو تطوير التعليم لزيادة وعى المتلقى كما ذكرت، فالتعليم الجيد يقلل نسب الفساد فى المجتمعات،ويزيد من وعى المتلقى، والأمر الثانى هو رفع سقف الحريات لمواجهة الجمهور بسلبياته،فعندما يحدث ذلك يستطيع المجتمع أن يطور من نفسه ويؤثر فى المحيطين به .
شاذلي فرح: فكرة محاربة الفساد تقتصر على المسرح التوعوي الذى تنتجه بعض الهيئات الحكومية
ويقول الكاتب شاذلي فرح: المسرح عبارة عن دهشة ومتعة وتحريك أفكار أما فكرة أن يحارب الفساد، فهذا الأمر يمكن أن تجده فى العروض التوعوية وهى العروض التى كانت تنتجها هيئة قصور الثقافة بميزانيات قليلة وكانت تتناول قضايا مثل الانتخابات ومناقشة الدستور وغيرها وذلك من سنوات عندما كانت ثقافة القرية كانت تلعب دورا فى وجود تلك النوعية من العروض لمحاربة الفساد والبيروقراطية، ختان الإناث، الزواج المبكر، تنظيم الأسرة وغيرها من القضايا، أما فكرة القدرة على التغيير وتعديل سلوك الفرد فلا أرى أن ذلك قد حدث، ولعل السينما كانت سباقة، فعندما أنتج فيلم “أريد حلاً”تم تعديل قانون الأحوال الشخصية، وكذلك فيلم “كلمة شرف” التى سمح القانون للسجين بزيارة أقربائه من الدرجة الأولى فى حالة مرضهم الشديد أو حالة الوفاة، وللفنان الكبير فريد شوقى تجربة أخرى من خلال فيلم “جعلونيمجرماً” حيث صدر قانون بإسقاط السابقة الأولى، لكن المسرح لم يسهم فى ذلك، إلا من خلال المسرح التوعوي أو بعض العروض التى تنتجها وزارة الصحة بمشاركة اليونيسيف واليونسكو.
ويستطردشاذلي فرح قائلاً: مسألة أن يكون للمسرح دور فعال فى تشكيل وعى المتلقى مسألة تحدثنا فيها كثيراً وتعود فى النهاية إلى ضمير المخرجين ومديرو المسارح، حتى لو أنك أحببت أن تقدم عرضاً بأحد المسارح يتناول إحدى قضايا الفساد،فسيكون الرد أن الفكرة مباشرة ويفضل تقديمها من خلال إحدى الجهات المختصة فى تقديم المسرح التوعوي .
د. نبيلة حسن: زيادة وعى الجمهور يحتاج إلى تغيير النمط السائد فى مسارحنا
وتقول الدكتورة نبيلة حسن: أرى أن كلمة فساد كلما واسعة جداً، ولو أن المواطن يدرك ماله وماعليه وقتها سيكون طبيعياً أنه سيكون حارساً لحقوقه، وقائماً بواجباته، فلو تحدثنا سنتحدث عن دور المسرح فى زيادة وعى الجمهور، نحن لدينا طريقاً طويلاً يجب أن نسير به مع القائمين على العمل المسرحى، ويجب فتح منافذ أكثر على العالم حتى نرى ما وصل إليه المسرح لديهم بعد الطفرة التكنولوجية الحديثة، وهل أدى ذلك إلى تعامل مختلف مع المتلقى، وأعرب لك مثالاً عندما كنت فى إسبانيا لفت نظرى التركيز على العروض التفاعلية، والتى تشرك المتلقى معها وتقوم بعمل احصائيات على الجمهور، فقبل الدخول إلى قاعة العرض يمنح كل مشاهد لينك للدخول على موقع العرض للإجابة على بعض الأسئلة، التى تؤهلهم لمشاهدة المسرحية، وقد كانت هناك عرضا بعنوان “الفصل” يتناول ظاهرة العنف فكانت الأسئلة تدور حول نفس الأمر ورأيك فيه، وتبدأ أحداث العرض بشكل به عنف وضغط على المتلقى،
ويتم منح الجمهور الفرصة لتحديد نهاية العرض كل حسب وجهة نظره، ومن خلال تصويت الجمهور ينتهى العرض كما اختاره أغلب الناس، وقد اكتشف القائمون عن العرض أن رأى الجمهور الذى يجلس فى مقدمة المسرح يختلف كثيرا عن رأي من يجلسون فى الصفوف الخلفية، وبذلك فإننا نخلص إلى أن تنمية وعى الجمهور يحتاج إلى تغيير النمط السائد فى التعامل مع الجمهور، وإلى تغيير فى نوعية النصوص المقدمة، فنحن مازلنا نعيش على النصوص التى ترجمت فى الخمسيناتوالستينات وليس هناك حركة ترجمة حقيقية أفرزت لنا عروضا جديدة فليس هناك رصد حقيقى للحركة المسرحية فى العالم، ويجب أن نهتم بجودة المنتج المسرحى قبل أن نناقش دوره، فالمنتج لم يعد بخير وهذا ليس تقصيراً من المبدع ولكن هناك الكثير من الأدوات التى تنقصه، فنحن بحاجة لتغيير النظام الذى توارثناه من جيل لجيل وتتحرك بصورة مختلفة لكى نطرق أبواب العالم، ونفتح لهم أبوابنا.
السعيد منسى: “خطة كيوبيد”و”ليلة القتلة” عروض ناقشت الفساد الأسرى والسلطة الأبوية
ويقول المخرج السعيد منسى: لا شك أن المسرح هو خط الدفاع الأول للدولة، والمسرح يناقش بالفعل قضايا الفساد بكل أنواعه من خلال العروض التى يقدمها والفساد ليس المقصود به الفساد السياسى فقط وإنما هناك فساد إجتماعى مثل ما قدمه عرض “خطة كيوبيد” إخراج أحمد فؤاد ويناقش أحد أنواع الفساد الأسرى، وكذلك عرض “ليلة القتلة” للمخرج صبحى يوسف والتى ناقش فساد السلطة الأبوية، وهناك العديد من المسرحيات التى ناقشت الفساد على مدار السنوات الماضية.
ويضيف منسى: دائماً يساهم المسرح فى زيادة وعى الجمهور، وهو ما نراه متمثلاً فى مسرح المواجهة أو مشروع حياة كريمة الذى تنظمه وزارة الثقافة بالتعاون مع البيت الفنى للمسرح ويقوم بعمل العديد من الحالات بالعروض المسرحية فى مختلف قرى ونجوع مصر، وكذلك العروض التى تنتجها الهيئة العامة لقصور الثقافة والتى تعتبر الذراع الطولى لوزارة الثقافة والدولة فى وصول المنتج الثقافى لكل الناس وهذا الأمر هو ما يؤدىلزيادة الوعى وزيادة المعرفة ويسهم فى اكتشاف المواهب وتقديمها فمن المهم أن نتوجه لكل هؤلاء الناس .
داليا همام: عروض المسرح الجامعى والثقافة الجماهيرية ناقشت الفساد بصورة أكثر جرأة من غيرها
الناقدة داليا همام: لا شك أن المسرح دور فى مواجهة الفساد، فهو نوع من الفنون يطرح ويناقش العديد من القضايا الاجتماعية، ويلقى الضوء عليها بشكل درامى يتفاعل معه المشاهد، لكن الفكرة أن هذا الأمر دور وظيفى أكثر منه دور فنى، فهو يقدم ذلك للجمهور المهتم بالمسرح، والمسرح يفتقد الدعاية لعروضه بشكل مناسب مثل السينما الذى يراها شريحة أكبر من الناسوأنا لا أقصد السينما مدار عرض وإنما أتحدث عن التأثير بعد العرض التلفزيوني مثلما حدث مع فيلم ضد الحكومة على سبيل المثال، فعندما يقدم المسرح عروض مثل ليك النوعية فلا يشاهدها سوى شريحة معينة وعدد محدود من الجمهور .
وتضيف داليا قائلة: أستطيع أن أقول أن هناك عروضاً ناقشت الفساد ولكن بشكل كوميدي نظرا لطبيعة العرض، فيتم الأمر من خلال مشهد أو افيه ولا يكون العرض بالكامل يتناول فكرة الفساد، وأن كنت أرى أن هناك عروض فى المسرح الجامعى ناقشت قضايا الفساد بشكل واضح جدا، فهناك عروض ناقشت مشكلة سرقة الأعضاء ومناقشتها بجرأة وهى سمة تتميز بها عروض الجامعة، وهناك بعض عروض من نوادى المسرح ناقشت الفساد، أما لو تحدثنا عن العروض السائدة فإن الأمر يتم على استحياء ويقدم فى بعض أجزاء العرض.
وتستطرد د. داليا همام: المستهدف من أى عرض مسرحى هو زيادة وعى المتلقى، ولكى يكون له دور فعلى يجب أن يتم التنوير عليه بشكل أكبر وزيادة الدعاية والإعلان فيكون هناك حالة انتعاش وهناك عروض جيدة لم تأخذ حقها من المشاهدة أو العرض بسبب قلة الدعاية، وأتمنى أن يتم تصوير العروض وعرضها تلفزيونيا حتى يراها القاع الأكبر من الجمهور.
ياسر أبو العينين: لكى يكون للمسرح دور فى مكافحة الفساد يجب رفع يد الرقابة عنه
الفنان ياسر أبو العينين: لن يكون هناك دور للمسرح فى مواجهة الفساد إلا بعد رفع يد الرقابة عنه، لأنها أصبحت متشددة جداً فى السنوات الأخيرة ومعظم النصوص إما يتم رفضها أو حذف العديد من المشاهد مما يخل بالنص، وهذا الأمر لم يكن يحدث فى عهود سابقة، فلكى يكون للمسرح دور فيجب أن تمنحه مساحة من الحرية، والرقابة حاليا لا تشاهد العرض لتقييمه فنياً لتجهيز العروض الجيدة وترفض إجازة العروض الضعيفة أو ما دون المستوى، فتلك ليست قضيتهم وإنما أصبحت قضيتهم الأساسية الا يتعرض النص لأى محاذير، بالأحداث السياسية أو الإخوان حتى لو كان النص ضدهم، فبعد خروج الإخوان من الحكم مباشرة كانوا يجيزون النصوص التى تتناول التطرف الدينى وما إلى ذلك، ولكن حاليا لم يعد ذلك مسموحا به .
ويستطرد أبو العينين: هذا لا ينفى أن هناك قضايا أخرى مسموح للمسرح يتناولها، ولكن الحرية لا تتجزأ، فمن الممكن أن نجد فسادا فى المنظومة التعليمية، أو الصحية، ويسمح لك بالحديث فى ذلك، ولكن الملاحظات الرقابية فى نصوص المؤلفين تؤكد أن الرقابة متشددة حتى فى بعض الكلمات والمصطلحاتوهناك نصوص لألبير كامى، و”ماكبث” لشكسبير، و”الرهائن” لعبد العزيز حمودة تم تقديمها أكثر من مرة ورفضت، رغم أنها نصوص غير تحريضية، هذا التشدد الى قلبى لا يفرز مسرحا يحارب الفساد، وهذا ما أدى إلى أننا نرى عروضا تتمركز حول الدراما النفسية مثل “استدعاء ولى أمر” و”سالب واحد”و”المطبخ” المونودراما “فريدة” لأكرم مصطفى فكلها تتناول حالات ذاتية وفردية تكاد تكون نادرة وشاذة، هى بالفعل حالات موجودة فى المجتمع، لكن انتشارها بهذا الشكل هو أن ذلك النوع من المسرح لا يقابل أى اعتراضات أو محاذير رقابية .
إميل شوقى: المسرح يحارب الفساد منذ نشأته وهو أحد الروافد التى يستمد منها الجمهور ثقافته
: المسرح منذ بدايته قائم على الصراع بين الخير والشر المتمثل فى الكراهيةالسرقة والرشوة والمحسوبية والقتل وهذه الصفات كلها تندرج تحت كلمة الفساد، والمسرح منذ نشأته وهويناقشها فى كل العروض التى يقدمها وهو بذلك يقاوم الفساد، فعلى سبيل المثال وسأتحدث عن عروضي التى قدمتها خلال السنوات الأخيرة، فعرض “العسل عسل” من أشعار بيرم التونسى ناقش الفساد الذى كان موجوداً فى تلك الفترة وقدمناه فى إطار فنى غنائى استعراضي، حيث أنفسنا غلاء الأسعار وفساد المحليات، وكذلك عرض “المسيح يصلب فى فلسطين” والذى ناقشنا خلاله فساد حكم الرومان وفساد رجال الدين، والفساد موجود منذ الأزل، وكذلك مسرحية “سلقط فى ملقط” التى ناقشت فساد الحاكم من خلال “جساس” الحاكم بإحدى قرى الصعيد ومدى فساده وظلمه للناس .
ويؤكد شوقى أن المسرح قد ساهم فى زيادة وعى الناس فهو أحد الروافد التى يستمد منها الجمهور ثقافته بجانب التعليم، والمسجد والكنيسة ووسائل الاعلام، كل هذه الجهات لها دور فى زيادة وعى الجمهور، وعندما يرفض الجمهور الفساد فإن المسرح والثقافة بشكل عام قد نجحت فى زيادة وعى المتلقى .
لكن هذا الأمر يتطلب بأن يكون هناك حرية فى الرقابة وكذلك شجاعة من المنتجين سواء الدولة أو القطاع الخاص، وأن يكون لديهم وعى بأهمية المسرح فى حياة المجتمع، وسيظل المسرح هو المنارة الحقيقية للحرية وبدون حرية لن يكون هناك مسرح، ويجب أن يكون ارتياد المسرح عادة لدى الجمهور .
نقلا عن مجلة المسرح عدد شهر نوفمبر 2022