مهرجان البقعة المسرحي الدولي بالسودان في دورته الـ 16 ينشر كتاب “الثورة المهدية في المسرح المصري” للدكتور سيد علي اسماعيل
المسرح نيوز ـ القاهرة ـ إسلام نور
ـ
منذ أيام صدر كتاب (الثورة المهدية في المسرح المصري)، وهو أحد منشورات مهرجان البقعة المسرحي في السودان – الذي ستبدأ فعالياته اليوم – وبمشيئة الله سأقوم بتوقيع نسخه الأولى – وتم الاحتفال بصدوره – يوم الجمعة الماضية في المسرح الوطني بأم درمان. والكتاب من تقديم الإمام الصادق المهدي، وتصدير المسرحي السوداني ومدير مهرجان البقعة المسرحي الدولي الفنان علي مهدي ..ويقول أ. د. سيد علي أما مقدمتي فقلت فيها الآتي:
هذا الكتاب هو نتيجة طبيعية للترابط الوثيق بين مصر والسودان أرضاً وشعباً وتاريخاً .. إنها كلمات صادقة، تخرج من القلب؛ تعبيراً عن سعادتي بزيارتي الأولى للسودان في العام الماضي 2015؛ عندما اشتركت في مهرجان البقعة الدولي للمسرح في دورته الخامسة عشر. وتمثلت مشاركتي في بحث ومحاضرة: والبحث كان بعنوان (الثورة المهدية في المسرح المصري)، وقدمته في الملتقى الفكري الدولي الثاني عشر (أصوات جديدة .. جمهور جديد .. هذا وقت الحوار) يوم 28 مارس في مركز الفيصل الثقافي بالخرطوم. أما المحاضرة، فكانت بعنوان (صورة السودان في المسرح المصري)، وقدمتها في حلقة البحث العلمية الأولى يوم 30 مارس في كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.
والجدير بالذكر إنني كتبت البحث، وألقيت المحاضرة؛ وفقاً لمشروعي – العلمي الأكاديمي – القائم على اكتشاف المجهول، وإعادة كتابة تاريخ المسرح العربي وتوثيقه؛ وفقاً لأدواتي البحثية المعتمدة على المخطوطات والوثائق ومقالات الصحف القديمة.
فعلى سبيل المثال، تحدثت في المحاضرة عن أمور مجهولة، تتعلق بالمسرح السوداني – تأريخاً وتوثيقاً ونصوصاً ورجالاً ودارسين – مثل: وجود فرقة مسرحية كوميدية سودانية، كانت تعرض فصولاً مضحكة في نهاية العروض المسرحية المصرية في القاهرة عام 1910. كذلك تطرقت إلى مسرحية (مصر والسودان) – أو الهجرة – التي قدمها الشيخ أحمد الشامي عام 1919. كما تحدثت عن مقالة (عاذر وردي) من الخرطوم، الذي نشرها عام 1923 في مصر، وفيها يرفض المسرح الهزلي – الكوميدي – ويوجه الأنظار إلى مسرحيات توفيق وهبي الأدبية، التي اقتدى بها نادي المدارس بأم درمان. كما إنني أسهبت في الحديث عن مسرحية (محمد علي وفتح السودان)، التي كتبها بديع خيري، ومثلتها فرقة أولاد عكاشة عام 1925. كذلك تحدثت عن تكوين فرقة مسرحية من الطلاب بالنادي السوداني، تحت قيادة الأستاذ جمعة عبد الرحمن إدريس، وعرضها لمسرحية (الأب الجاني) عام 1936. وأخيراً أشرت إلى وجود طالبين سودانيين، يدرسان في المعهد العالي لفن التمثيل العربي بالقاهرة عام 1950.
أما البحث، فقد تطرقت فيه إلى الحديث عن أول مسرحية عربية، تناولت الثورة المهدية، وهي مسرحية (المهدي وفتح السودان)، التي كتبها نجيب الحداد، ومثلتها فرقة إسكندر فرح في القاهرة عام 1896. وهذه المعلومة، كانت مجهولة ولم يذكرها أي باحث من قبل! بل إن الدكتور محمد يوسف نجم، جمع مسرحيات نجيب الحداد، ونشرها عام 1964، دون أن يذكر شيئاً عن مسرحية المهدي!! وكم كانت المفاجأة سارة على جميع الحاضرين، عندما عرضت عليهم عدة صفحات من مخطوطة هذه المسرحية، التي لم تُنشر منذ 120 سنة؛ حيث شاء القدر أن تكون نسختها المخطوطة الوحيدة والنادرة ضمن مقتنياتي الخاصة!!
لم تكن مخطوطة مسرحية (المهدي وفتح السودان) أولى مفاجآت بحثي؛ حيث كشفت النقاب عن مفاجأة ثانية، عندما تحدثت عن مسرحية (تحت العلم)، التي ألفها عبد الرحمن رشدي المحامي، ومثلتها فرقة رمسيس – ليوسف وهبي – عام 1926، وهي مسرحية تتناول أيضاً أحداث الثورة المهدية! وبلغت سعادة الحضور مداها، عندما عرضت عليهم نماذج من صفحات المسرحية، ووثائقها الرقابية الرسمية المخطوطة، بوصفها مسرحية غير منشورة!!
وفي ختام البحث، تمنيت أن أتفرغ لنشر مخطوطتي مسرحيتي (المهدي وفتح السودان) و(تحت العلم)، مع الحديث عنهما تاريخياً وتوثيقياً من أجل اتاحتهما للباحثين، وجعلهما في كتاب واحد منشور؛ بوصفه اكتشافاً مسرحياً وإضافة إلى مكتبة المسرح العربي عامة، والسوداني خاصة. وبعد إلقاء البحث، كلفني الأستاذ علي مهدي – رئيس المهرجان – بسرعة إنجاز هذا الكتاب؛ ليكون ضمن إصدارات مهرجان البقعة في دورته القادمة 2016، ويكون عنوانه هو عنوان البحث نفسه (الثورة المهدية في المسرح المصري)!
والحمد لله أن وفقني الله في إتمام المهمة، واستطعت أن أنهي الكتاب في الموعد المحدد، مع إضافة اكتشاف جديد لم يكن موجوداً من قبل – ولم أذكره في البحث – تمثل في: خمس قطع مسرحية صغيرة عن الثورة المهدية، منشورة – باللهجة العامية المصرية الدارجة وباللغة الفرنسية – في باريس بين عامي 1890 و1899 … وبناءً على ذلك، قسمت الكتاب ثلاثة فصول:
الفصل الأول بعنوان الثورة المهدية في اللعبات التياترية المنشورة في الصحف العربية في فرنسا. وهذه الصحف، كان يصدرها (جمس سنووا) في باريس باسم (أبو نظارة)، واللعبات المُكتشفة خمس لعبات، هي: (يالله بنا على السودان) عام 1890، و(فتح بربر) سنة 1897، و(فتح خرطوم) سنة 1898، و(يا مسكين يا سوداني) سنة 1899، و(وحشنة الإنجليز وعدم مرحمتهم) سنة 1899. وقد مهدت لهذه النصوص بما تمّ نشره من أخبار وأحداث ورسومات عن الثورة المهدية في صحيفة (أبو نظارة). ثم نشرت نصوص اللعبات التياترية كما نُشرت في الصحيفة – وكما كُتبت بخط اليد – عن طريق تصوير صفحات الجريدة، وتكبيرها! وفعلت الأمر نفسه في نشر ترجمتها المنشورة في الصحيفة باللغة الفرنسية. وفي نهاية هذا الفصل، نشرت ملحقاً به الأعداد الخمسة كاملة من صحيفة (أبو نظارة)، المنشور بها اللعبات التياترية الخمس؛ لتكون متاحة بين أيدي الدارسين. والجدير بالذكر إن الدكتورة نجوى عانوس سبقتني في اكتشاف أول لعبتين – من اللعبات الخمس المكتشفة في هذا الفصل – ونشرتهما في كتابها (اللعبات التياترية) عام 1987.
والفصل الثاني، كان بعنوان المهدي وفتح السودان .. أول عرض مسرحي جماهيري عن الثورة المهدية عام 1896. وفيه تتبعت الأخبار المنشورة عن عرض المسرحية؛ بوصفها أول عرض مسرحي عن الثورة المهدية، يتم في مصر جماهيرياً. ثم قمت بمقارنة الأخبار المنشورة في الصحف مع نص مخطوطة المسرحية وأحداثها؛ للتأكد من أنها مخطوطة المسرحية بالفعل! حيث إنها مخطوطة منزوعة الغلاف، وليس بها أي توثيق، يوضح عنوانها أو اسم مؤلفها!! وفي نهاية هذا الفصل، نشرت النص الكامل لمخطوطة المسرحية، بعد تحقيقه.
وجاء الفصل الثالث بعنوان تحت العلم مسرحية أسقطها الشعب المصري عام 1926. وفيه تناولت كافة الوثائق الرقابية المرفقة مع نص المسرحية غير المنشور – والمكتوب بالآلة الكاتبة – ونشرت صور الوثائق. ثم تتبعت أغلب الإعلانات والأخبار التي نُشرت قبل تمثيل المسرحية والتعليق عليها. وقمت بالأمر نفسه بالنسبة للكتابات النقدية، التي نُشرت بعد عرض المسرحية. وفي ختام هذا الفصل، نشرت ملحقاً به نص المسرحية.
والملاحظة العامة، التي لاحظتها على جميع الاكتشافات المنشورة في فصول هذا الكتاب، سواء كانت اللعبات التياترية، أو نص مسرحية (المهدي وفتح السودان)، أو نص مسرحية (تحت العلم)، بما تشتمثل عليه من وثائق رقابية رسمية، بالإضافة إلى إعلانات الصحف، والمقالات النقدية .. إلخ، كل هذا وجدته يصرخ تصريحاً وتلميحاً، ويقول: إن الشعبين المصري والسوداني شعب واحد، وأن الجيش المصري لم يحارب شقيقه السوداني، ولم يقاوم الثورة المهدية إلا بضغط من الاستعمار الإنجليزي، الذي كان يسعى لفصل السودان عن مصر!! وأن أي تجاوز – غير مقبول – قام به الجيش المصري ضد أشقائه أثناء الثورة المهدية؛ كان سببه النظام المُستسلم للاحتلال الإنجليزي، أما الشعب المصري؛ فكان رافضاً لهذه التصرفات، وصفحات هذا الكتاب تشهد بذلك