نموذج البطل الذي يتهافت عليه الجميع.. إسماعيل ياسين .. أسطورة الكوميديا المصرية
المسرح نيوز ـ القاهرة ـ متابعات
ـ
ولد إسماعيل ياسين في شارع عباس بمدينة السويس ، وتوفيت والدته وهو لا يزال طفلاً صغيراً. التحق بأحد الكتاتيب ، ثم تابع دراسته في مدرسة ابتدائية حتي الصف الرابع الابتدائي ، وأفلس محل الصاغة الخاص بوالده ودخل السجن لتراكم الديون عليه ، اضطر الفتي الصغير للعمل مناديا أمام محل لبيع الأقمشة ، فقد كان عليه أن يتحمل مسئولية نفسه منذ صغره. هذا قبل أن يضطر إلي هجر المنزل خوفا من بطش زوجة أبيه ليعمل مناديا للسيارات بأحد المواقف بالسويس .
عندما بلغ أسطورة الكوميديا من العمر 17 عاما اتجه إلي القاهرة في بداية الثلاثينات حيث عمل صبيا في أحد المقاهي بشارع محمد علي وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية.
التحق بالعمل مع الأسطي “نوسة” ، والتي كانت أشهر راقصات الأفراح الشعبية في ذلك الوقت. ولأنه لم يجد ما يكفيه من المال تركها ليعمل وكيلا في مكتب أحد المحامين للبحث عن لقمة العيش أولاً.
عاد إسماعيل ياسين يفكر مرة ثانية في كيفية تحقيق حلمه الفني فذهب إلي بديعة مصابني ، بعد أن اكتشفه توأمه الفني وصديق عمره وشريك رحلة كفاحه الفنية المؤلف الكبير أبو السعود الإبياري والذي كون معه ثنائياً فنياً شهيراً وكان شريكاً له في ملهي بديعة مصابني ثم في السينما والمسرح ، وهو الذي رشحه لبديعة لتقوم بتعيينه بفرقتها وبالفعل انضم إلي فرقتها ليلقي المونولوجات في الملهي .
استطاع إسماعيل ياسين أن ينجح في فن المونولوج ، وظل عشر سنوات من عام 1945- 1935 متألقا في هذا المجال حتي أصبح يلقي المونولوج في الإذاعة نظير أربعة جنيهات عن المونولوج الواحد شاملا أجر التأليف والتلحين ، والذي كان يقوم بتأليفه دائماً توأمه الفني أبو السعود الإبياري.
وبعد تألقه في هذا المجال انتقل الي السينما إلي أن أصبح أحد أبرز نجومها وهو ثاني إثنين في تاريخ السينما أنتجت لهما أفلامًا تحمل أسماءهما بعد ليلي مراد ، ومن هذه الأفلام (إسماعيل ياسين في متحف الشمع – إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة – إسماعيل ياسين في الجيش – إسماعيل ياسين في البوليس ، وغيرها من الأفلام ” .
ولا ينسي أحد لهذا العملاق الكبير كيف أسهم في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكون فرقة تحمل اسمه وظلت هذه الفرقة تعمل علي مدي 12 عاما من عام 1954 حتي عام 1966 .
يروي المعاصرون لإسماعيل ياسين كيف بدا حلمه بتكوين مسرحه الخاص عام 1953 حيث تحمس للمشروع عدد من الصحفيين منهم الأستاذ موسي صبري ، والأستاذ عبدالفتاح البارودي ، وبدأت الفرقة بعدد من نجوم الفن ـ آنذاك ـ من بينهم تحية كاريوكا ، وشكري سرحان ، وعقيلة راتب ، وعبدالوارث عسر ، وحسن فايق ، وعبدالفتاح القصري ، واستيفان روستي ، وعبدالمنعم إبراهيم ، وسناء جميل ، وزهرة العلا ، وفردوس محمد ، وزوزو ماضي ، وزينات صدقي ، ومحمود المليجي ، وتوفيق الدقن ، ومحمد رضا ، ومحمد توفيق ، والسيد بدير ، ونور الدمرداش. ونجح إسماعيل ياسين في إقناع الأستاذ وجيه أباظة بأن يتوسط عند صاحب دار سينما ميامي “سولي بيانكو” ليحولها إلي مسرح ، واستطاع وجيه أباظة إقناع الرجل بقبول إيجار شهري قدره 450 جنيها ، وكان هذا مبلغا ضخما بمقاييس تلك المرحلة ، وتكلف تأثيث المسرح وتجهيزه مبلغ 20 ألف جنيه (!) ، حيث استعان إسماعيل ياسين بمهندس إيطالي متخصص في بناء المسارح المتنقلة ، وهو نفس المهندس الذي صمم مسرح البالون في مصر ، وأصبح لفرقة إسماعيل ياسين مسرح يحتوي علي 700 مقعد ، بالإضافة إلي سبعة بناوير وسبعة ألواج ، ورفع الستار في 11 نوفمبر 1954 بمسرحية “حبيبي كوكو” التي استمر عرضها لمدة 80 ليلة ، وهو أيضا زمن قياسي في تلك المرحلة ، كما انطلق إسماعيل ياسين بعدها ليقدم العديد من المسرحيات الناجحة منها “عروس تحت التمرين” ، ”الست عايزة كده” ، ”من كل بيت حكاية” ، ”جوزي بيختشي” ، و”خميس الحادي عشر” ، ”راكد المرأة” ، ”أنا عايز مليونير” ، ”سهرة في الكراكون” ، ”عفريت خطيبي” ، والمدهش أن كل هذه العروض قدمت في الموسم الأول لافتتاح المسرح ، وظل مسرح إسماعيل ياسين علي تألقه طوال فترة الخمسينيات ، وللأسف تراجع في الستينيات ولم يتح له أن تسجل أعماله المتألقة في التليفزيون ، ولا توجد في مكتبة التليفزيون إلا مسرحية واحدة. يشاركه البطولة فيها محمود المليجي ، ولا يظهر فيها نجم الكوميديا بما عهدناه من تألق.
ومضت السنوات كان فيها إسماعيل ياسين نموذجا لبطل الكوميديا الذي يتهافت عليه الجميع ، حتي تحالفت عليه الأمراض والمتاعب في عام 1960 فخرج الي لبنان التي اضطر فيها الي تقديم أدوار صغيرة، ثم عاد إلي مصر ، ليعمل في أدوار صغيرة أيضاً قبل أن توافيه المنية بأزمة قلبية في مايو 1972.
ــــــــــــ
الهامي سمير ـ مسرحنا